الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
ساعة من البهجة الخالصة فى مسرحية "ترام الرمل" - منير عتيبة
الساعة 09:37 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

كان ترام الرمل عربة تسير على قضيبين يجرها حصان، وتطور حتى وصل إلى الترام الأزرق بلون البحر وصفاء السماء، لا يسميه السكندريون سوى (ترام) ليكون اسمًا لهم ويخصهم مثلما يحبون أن يكونوا متميزين فى كل شيء.

جعل محافظ الإسكندرية الأسبق هاني المسيري مثار سخرية السوشيال ميديا عندما أقام به مشروعه (ترام كافيه) ونسى المشروع الأهم بالمدينة (الصرف الصحى)، ترام الرمل الذي كان سببًا فى توسع المدينة لتتحول به صحراء فيكتوريا إلى منطقة من أهم وأرقى مناطقها.

ترام الرمل نزهة الفقراء، ومتعة المصطافين، وسبيل التلامذة والموظفين، وبراح لقاء المحبين، ترام الرمل الباعة السريحة والشحاذين والمجاذيب، والكمسري خفيف الدم، والكمسري العصبي، والركاب الذين يصبحون أصدقاء بعد لحظات من ركوبه، فيفضفض كل منهم بأدق أسرار حياته، يريح همه واثقًا أن "سره فى بئر"، فقد ألقاه لدى من لن يلقاه بعد ذلك أبدًا.

تذكرتُ الأديب الكبير الراحل أحمد حميدة الذي كان مولعًا بكتابة قصص تدور فى ترام الرمل وقطار أبى قير وأنا أشاهدُ المسرحية الغنائية (ترام الرمل) التى ألفها وكتب أشعارها الصديق المبدع ميسرة صلاح الدين.

استطاعت المسرحية برؤيتها الموسيقية المتميزة للفنان محمد حسني، أن تأخذنا خارج الزمن الخانق الذى نحياه الآن، أن تسلبنا من أنفسنا لتلقي بنا ولمدة ساعة كاملة في زمنها الخاص الذي لا أستطيع إلا وصفه بأنه كان بهجة خالصة.

تاريخ المدينة الفني والمعماري، جغرافيتها، محطات الترام الرئيسية، القصص الشعبية، حكايات الواقع اليوي، النماذج التى يعرفها كل من يركب الترام، المشكلات المهمة فى واقعنا الحالي، الفن الشعبي السكندري، قصص الحب العابرة التي لا تتعدى نظرة وابتسامة وربما كلمة غير صريحة، محاولة التخلص من ضغط المجتمع على المرأة التى يرغب فى قولبتها.

كل هذا استطاعت المسرحية أن تقدمه لنا فى تتابع يلضم الحكاية بالأغنية بالنكتة بالسخرية التهكمية، جعلنا لا نتضايق سوى من إن العرض مدته ساعة واحدة فقط وأن هذه الساعة لن تدوم أكثر مما هو مقدر لها.

كان الترام بالنسبة للطالب الجامعي منير عتيبة هو الطريق الطويل الذي ينتهي خلاله من قراءة كتاب كل يوم وهو ذاهب إلى الجامعة ثم وهو عائد منها، الآن اتخذ الترام أبعادا أخرى بعد مسرحية (ترام الرمل)، لذا أتمنى أن تعرض هذه المسرحية مرات كثيرة ليستمتع بها أكبر عدد ممكن من المشاهدين.

كان الممثلون يؤدون بطبيعية ويعملون على أن يكون الجمهور أحد عناصر العرض أو بعض ركاب الترام، وقد نجحت هذه اللعبة فلم تنفصل الخشبة عن الصالة، وضح هذا بتوزيع اثنان من الممثلين الذين يرتدون ثياب كمسارى تذاكر على الجمهور، ثم بيع البائع السريح الشيكولاتة في الترام ثم نزوله إلى الجمهور ليبيعها لهم.

تألق غانم المصرى الشاعر والممثل فى أداء دوره بعمق وخفة دم، كما استطاعت الممثلة بسنت سلامة أن تعبر بقوة عن أزمة البنت التى يضغطها المجتمع ليسيرها كما يشاء لا كما تريد هى، وكان موفقًا جدًا إدماج أغنية "لديمس روسس" فى العرض مع تغيير الكلمات والحفاظ على اللحن، مع أغنيات من الفلكلور السكندرى ولبدرية السيد وعبده الإسكندرانى، حيث يعبر هذا عن الوجوه المتعددة للإسكندرية التى يمثلها هنا الترام، وحيث أعطى للمشاهد متعة كبيرة لأن كل هذا قدمه محمد حسنى كنسيج واحد لا تنافر بين أجزائه فضاعف من المتعة.

لم يضايقنى سوى إن بعض أجهزة الصوت كانت غير جيدة، وطلبت من الصديق ميسرة صلاح الدين أن تتكلم الطفلة التى كانت موجودة طوال العرض ترقص وتتحرك بين ركاب الترام فتشيع بهجة وكان الجمهور ينتظر أن يسمع منها ولو كلمة.

اسمحوا لى أن أذكر أسماء كل من شارك فى هذا العرض، لأنهم يستحقون ذلك، ولأنني أريد أن أشكرهم جميعًا على ما منحونا إياه: تأليف وأشعار ميسرة صلاح الدين، موسيقى ورؤية مسرحية ميسرة صلاح الدين، حكى وغناء بسنت سلامة، سندس محمد، تامر الشبراوى، كريم الأحمر، منة صلاح، خالد سعيد، نهى مجدى، غانم المصرى والطفلة جمينة عوض.

بيانو وكيبورد محمد حسنى، باص جيتار علاء الجيشى، جيتار أحمد درويش، كمان مايكل عاطف، باركشن بيشوى يوسف ومؤمن زكريا. سينوغرافيا أسامة السحلى، سينوغرافيا رقمية عماد مبروك، ستايلست داليا رفعت، إضاءة فيليب منير، هندسة صوتية منير وجيه، منسق فنى رانيا صالح عدوى، مخرج منفذ غانم المصرى.

 

منقول من بوابة الأهرام...

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً