الخميس 28 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
تناسل الخطايا - أحمد جابر
الساعة 18:11 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


في كهف الظلمة يتربع على سديم الزمن رقمان مبهمان متلازمان في الحضور ، وفي أبجدية الوجود تستقر المعاني مغلفة أغصانها في معجم الغيب ، كحرفين أجردين يركضان على صفحات الحياة ، يتأبطهما الخوف ويسكنهما الأرق ، عند شجرة وارفة الظل سقطت تفاحة من غصنها الأصفر ، أكلا دون أن تنبس منهما أي كلمة ، اختفى الجوع غارا في قاع الخطيئة ، العيون المطبقة بدأت ترسل فرشاتها لتمسح غبار العتمة عن هذا الجسد ، بدأت الألوان شاخصة في تباينها ، وتضاريس الجسد تخلع عنهما ثوب الستر ، انزلق ماء وجهيهما ليغمر وجه الأرض ، طفقا يبحثان عن أوراق تغطي سوءاتهما ، لملم الحزن ما تبقى من خجلهما ، تساقط الحياء ، السماء مشدوهة والأرض واجمة ، والغيمات تبكي بدموع كالجمان ، هاج البحر واضطربت أمواجه،غرقت الجزيرة بخطيئتها ، نطف تنمو في مياه راكدة ، ترضع من حليب التين ، تنمو كأشجار سامقة ، حرفان آخران تجري فيهما روح مقدسة سكنت هذا الهجير من الجسد ، فاض الحقد الأسود ، وشرعت الخطايا تتناسل من رحم الحياة ، تتوحش الطبيعة ، ينساب الدم لتنزف كل أوردة الوجود ، تنعق الغربان وتسقط اللعنات محاصرة هذا الغريب الذي كبل نفسه بالدم ، تستيقظ الحياة على فاجعة جديدة فتعض على أناملها البكر ، بدأت ألحان غريبة تعزف موسيقا سوداء ، أسراب من الغربان في جوقة تردد أصواتها النشاز ، يخرج لسان من الأرض كي يبتلع أساه ويلتهم الخطيئة، يهال التراب ليدفن كل قيمة هنا ، ويغوص في بحر الظلمة سر أجوف مخلفا وراءه قطعان من الذئاب، عند كرمة تلك الشجرة يتساقط التفاح ويدور الزمن من جديد وغربان سوداء تستعد لتعزف ألحانها الصاخبة، وفي مرايا الوجع تصلب الحقيقة ويولد من معجم النسيان كائن أخرق يسمى إنسان

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً