الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
جدوى الأدب وجاذبيته اليوم - مصطفى لغتيري
الساعة 17:49 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


في عصرنا هذا الذي عرف طفرات نوعية على جميع المستويات تقريبا، وخاصة في المجال التكلونوجيا والمعلوميات والتواصل هناك من يرفع عقيرته مدعيا انتهاء صالحية الأدب شعرا وقصة ورواية، ومعتقدا بأن العالم بزخمه التكنولوجي قد تجاوز رومانسية الأدب، فأضحت جماليته –نتيجة لذلك- جديرة بمتاحف التاريخ، فيما هناك من لا يزال يدافع عن راهنية الأدب مقتنعا بجدواه باعتباره حمال قيم جمالية وإنسانية قادرة على تشذيب المشاعر والأحاسيس، وكبح جماح موجة تسليع الإنسان، أو الرمي به بين براثن التطرف والكراهية. 
 

ورغبة منا في استمزاج أراء أعضاء غاليري الأدب الشغوفين بالأدب كتابة وقراءة طرحنا عليهم السؤال التالي:
- هل حقا مازال للأدب جاذبيته؟ ولماذا؟
في ردها على السؤال وظفت الشاعرة سعدية بلكارح رئيسة غاليري الأدب سؤالا استنكاريا يغني عن كلام كثير، حين قالت بأن الأدب هو الحضارة والتاريخ والقيم..فكيف نتنكر لحضاراتنا ونمسح تواريخنا و نتدنى تحت القيم؟..

 

أما المبدعة زبيدة أوبحو فاعتبرت انتشار ثقافة الصورة بشكل مرعب من شأنه أن يجعلنا غير متفائلين، ونقبل مقولة عدم صلاحية الأدب خاصةمع كل هذا التقدم التكنولوجي،لكن أعتقد-تضيف الأستاذة زبيدة- أن كل هذه التكنولوجيا وهذا الجدال أضافا نفسا جديدا للإبداع والتعريف بالأدب بكل أشكاله، كما أنه أبرز هذا التنوع القائم على التخصص في كل مجال إبداعي على حدة ..
فيما ذهبت المبدعة زكية زيناتي إلى أنه رغم الزخم التكنلوجي ، تبقى للأدب جاذبيته الخاصة حتى وإن تناقصت عن ذي قبل، إلا أن الأحاسيس المرهفة لا تشبع نهمها إلا في التلذذ والاستمتاع بالأدب ..ويبقى الذوق أوالتذوق كمقياس يرقى بكل من يستهويه الأدب بأجناسه المختلفة..

 

وتواصل الأستاذة زكية قائلة بأن وسائل التواصل والمجموعات الفيسبوكية قد ساهمت في تفجير طاقات ..وأبانت عن اهتمام فئات متعددة بالأدب. 
وفي رده عن سؤالنا انطلق الأستاذ علي سالم النجار من تأكيده على استمرار جمالية وجاذبية الأدب، موضحا بأن
التكنولوجيا الحديثة كما أثرت على الأدب، فإنها ساهمت كذلك في انشاره. ويختم الأستاذ علي رأيه بقوله إن جاذبية الأدب منوطة بالأدباء المبدعين الذين لا تخلو الساحة منهم ، وذكر منهم تحديدا مبدعي غاليري الأدب.

 

أما الشاعر جمال العامري فقد كان أكثر تشاؤما حين اعترف بأن السؤال المطروح قد أصابه في مقتل وحِيرة وألم ، محاولا من خلال رده أن ينعى لنا الأدب حين أضاف "وأقولها بصراحة عظّم الله أجر الأدباء أينما كانوا فقد توارى القراء والمتابعين للأدب بكل أنواعه ولا أظن حتى واحد في المائة تقرأ الكتب الأدبية في وطني اليمني التعيس، أما في وطني العربي الكبير لا أظن نسبة القراء تتجاوز ال 5 % ".
أما الشاعر صلاح الدين بشر فتوسع في الإجابة حين قال 
إن أشد ما تحتاج إليه البشرية اليوم هو الاغتراف من معين الأدب الذي هو رافد كل القيم الجمالية والأخلاقية. فالإنسان اليوم –يضيف الأستاذ صلاح- في حاجة ماسة لتربية ذوقه الفني والقيمي،خاصة أمام هذا الزحف غير المتزن لتكنولوجيا متوحشة حولت الإنسان من حيوان ناطق إلى حيوان مستهلك فارغ من كل خصال النبل الإنساني.فشرط التقدم الحضاري-في رأيه- غير رهين بالبعد المادي فقط ،وإنما حتمية وضرورة الأبعاد الروحية والهوياتية والتراثية ،وكلها حاملات قيم جمالية وفنية وأخلاقية، يجد فيها الأدب المادة الخصبة لتحصين الإنسان ضد المسخ الحضاري الجارف والقاتل لكل نزوع نحو الجمال والرقي الحضاري.

 

فيما رأى الأستاذ سعيد لعريفي أن الأشكال يطرح تحديدا حول مادة الكتاب الورقي كمحتوى للإبداع، خاصة بالنسبة لمستقبله في ظل التطور الرقمي. ويتساءل في نفس الوقت إن كان الأدباء اليوم قد قاموا بحملات كي يتسع نطاق الكتاب الرقمي ويتم اعتماده كأداة حاملة للمعرفة والأدب.
وقد ركزت المبدعة أمينة فارس باهي في ردها على دور التعليم في الرقي بالأدب، فلاحظت أن ضياع الإبداع الأدبي تتقاسم مسؤوليته الحكومات التي لا توليه الاهتمام المستحق بل هي تعمل جاهدة على قتل روح الأدب في النشء،بعدم احتضان طرق ناجعة للتعليم الأصيل.. وبين شعوب اغتيلت وهي جاحظة العيون.. لتخلص إلى سؤال حارق قالت فيه"أين لهذا الأدب أن يزدهر وهو محاط بالأعداء؟"..
أما الأستاذ صابر الشرقاوي الصالحي فقد حلق بجناحي التفاؤل في رده حين اعتبر أن سؤال الجاذبية والجدوى مطروح منذ عرف الإنسان الكتابة، وأن كل ما نراه اليوم من تقدم تكنولوجي لم يأت إلا من رحم الأدب و تنبؤات خياله وأضاف أن أن الإنسان لن يصل إلى سرعة الضوء ودروب المجرات والشموس المنتشرة عبر الكون إلا بجاذبية الأدب و خصوبة خياله وجمالياته. 

 

ففن الخطابة –يضيف الأستاذ صلاح- نراه يتطور في الحملات الانتخابية الرئاسية يجذب الأسماع من خلال مرجعيته الأدبية .كما أن الأفلام و المسلسلات العالمية الناجحة هي روايات و قصص أدبية رائعة أخرجت في صور مرئية.
إضافة إلى أن عبارات الوصلات الإعلانات الجذابة نقتبس من أقوال الشعراء والأدباء.
ويواصل الأستاذ صلاح مرافعته عن الأدب قائلا بأنه ربما يتحول الكتاب الالكتروني أو الرقمي إنما الإنسان يبقى دائما يحب بالأدب ويتعلم بالأدب و يكبر بالأدب و ينجح بالأدب و يؤرخ بالأدب .
من جانبه طرح الأستاذ هشام البخاري قبل إجابته على الإشكال المطروح عددا من الأسئلة حول الإنسان والمعضلات التي تواجهه في عصرنا الحالي، ليخلص في نهاية المطاف إلى أن اﻷدب حاجة إنسانية وليس ترفا كي نستغني عنه متى شئنا، فاﻷدب-يضيف الأستاذ هشام- باق ما بقي اﻹنسان وسيملأ هذه اﻷواني الفارغة التي تدعى وسائل اتصال حتى تصير ذات معنى وقيمة وحضارة !
فيما انطلق الأستاذ محمد الطرحوسي في دفاعه عن الأدب والفن عموما من اعتبار الفن رفيق الإنسان منذ الأزل، وقد مارسه الإنسان البدائي الذي لم يكن يعرف الكتابة، إذ وجدت رسومات في الكهوف والأكواخ تعود للعصور الحجرية..و هذا يدل على العلاقة الجدلية العميقة بين الإنسان والفن..و سيظل الفن بكل أشكاله وتجلياته حاضرا في حياة الإنسان إلى الأبد..

 

وقد كان الأستاذ الطرحوسي متناغما في رأيه مع الأستاذ أحمد غازي، الذي أورد في رده أحد حوارات الموسيقار محمد عبد الوهاب التلفزيونية، الذي اعترف فيه بأنه تعلم من الألمان أن الموسيقى والفن عموم هو مقياس رقي الأمم والحضارات وليس العلم ( المقصود التكنولوجية) والأدب طبعا فن، وكأنه بذلك يقول لنا بأننا لن نحوز التطور الحضاري دون اعتنائنا بالأدب خاصة والفن بصفة عامة.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً