الاربعاء 25 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
صديقتي المشردة - مروان الشريفي
الساعة 11:35 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

قالت:
 

أبي غاب عنا سنين طويلة في الغربة.. لم نعرف ملامحه جيداً.. كان يكد، يشقاء، يتحمل نار البعد لأجل يوفر لنا ما قيمته حياة كريمة وكوخ ينمو رويداً كل فترة حتى أصبح منزلا متواضعا. منزلنا بناه أكثر من بان.. سمعت أنه مات منهم ثلاثة. كان عمري حين وضعنا أول حجر ثلاث سنوات هكذا قالت لي أمي، الآن دخلت ربيعي السابع عشر.. حين أكملنا بنائه كان منظره جميلاً...؟ صور أبي معلقة على جدرانه فيما يوحي انه مالك هذا البيت لكثرة غيابه. كل صباح أقوم بتنظيفه دون كلل أو ملل.. أفتح نوافذه الجميلة، تدخل أشعة الشمس الحمراء لتدفئ جدرانه، كنت أتمنى اليوم الذي نجتمع بداخله للابد دون غياب أحد منا. وقعت الحرب في محافظتي، كنت اسمعهم بأن عصابة تفجر البيوت انتقاما للمواقف الوطنية من أصحابها ضد عبثية تلك العصابة، كنت أجهل ماذا يعني أن تفجر جماعة منزلك لسبب كهذا، فاخلاقنا أكبر من عمل إجرامي كهذا، اعترف لك أنني كنت استبعد أمرا كهذا، فمنزلنا بمثابة الجنة التي سندخله.
 

-نبرات صوتها تغيرت فجأة.. وقع دموعها يخترق السماعة، غصة ما تكاد تمنعها عن النطق،حين هدأت من حالها.. همست بألم عميق:
قبل أيام كان يقف خلف الباب رجال مدججين بالسلاح، حين فتحت مد لي أحدهم بورقة قرأتها لأمي "الأمية" كان لزاما علينا أخلاء المنزل، أتى ما كنت لا أتخيله يوما.. عمي الذي في صفوف المقاومة كان السبب في نظرهم وأبي من يمده بالمال.. كان هذا سببا كافيا لإخلاء المنزل ليحل به غضب أحفاد رسولنا الكريم.. بعد يوم تطاير حلمنا في ثوان.. أصبح ركاما، الرصيف وحده مأوى لا نخشى أن يأمرونا اخلائه، أبي يتصل منذ تلك الحادثة، أنا متعبة جدا، لا استطيع كبس زر التليفون، مالذي سأقوله لأبي؟
أيعقل أن أقول له أن تعبه أصبح بين الركام.. وعرق جبينه برائحة البارود.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً