الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
"25 قاصا وقاصة" نافذة على السرد اليمني القصير- مصطفى لغتيري
الساعة 14:51 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


من حظي السعيد أن لي أصدقاء رائعين في كثير من الدول العربية، يمدونني تباعا ببعض الكتب الإبداعية التي تصدر في بلدانهم، تجعلني في تماس دائم مع الإنتاجات الإبداعية العربية ولو في حده الأدنى، ومن اليمن السعيد أفخر بصداقة القاص البشير زندال والروائي الكبير محمد الغربي عمران صاحب "مصحف أحمر" ، اللذين كلما حطا الرحال ببلادنا جاءاني محملين بكم هائل من الإصدارات الجديدة لمبدعي اليمن باختلاف أجيالهم وحساسياتهم والأجناس الأدبية التي يكتبون فيها.
 

ومن بين الكتب الجميلة التي توصلت بها من صديقي الجميل الغربي عمران خلال زيارته الأخيرة للمغرب كتاب"25 قاصا وقاصة" الذي يضم بين دفتيه نصوصا قصصية لخمسة وعشرين قاصا وقاصة من المبدعين اليمنيين ويضم تحديدا ثلاثة عشر قاصا واثنتي عشرة قاصة، قامت بتجمعها وإعدادها للنشر القاصة المتألقة عضوة غاليري الأدب النشيطة انتصار السري.
 

وقد قدم لهذا الإصدار المهم الدكتور عبد العزيز المقالح الغني عن التعريف، مما يعد اهتماما طيبا وجميلا من هذا الكاتب الكبير بالقصاصين الشباب وهمومهم الإبداعية، وقد جاءت مقدمته عبارة عن نوع من سوسيولوجية الأدب، تحدث فيها عن الظروف الصعبة التي عرفت انبثاق النصوص القصصية الأولى في اليمن، كما ركز عنانعتاق المرأة من ظلومات البيوت لتنتقل إلى نور الإبداع القصصي، من خلال نصوص مميزة ، تبرهن على أن المرأة كائن فاعل في المجتمع والإبداع والحياة.
بعده مباشرة نصادف مداخلة نقدية مهمة بقلم الدكتور ابراهيم أبوطالب، الذي نوه فيها بهذه التجربة الفريدة التي تظهر -حسب رأيه- أصواتا قصصية متنوعة، تعبر عن روح الفريق في ورشة سرد، أو عرض قصصي يقدم خمسا وعشرين قاصة وقاصا في نوع مختلف من الاختيارات التي تحكي عن تجارب أصحابها بدون ادعاء أو زخرفة أو تنميق متكلف، بل أشبه بباقة مقتطفة من بساتين أصحابها مختلفة الألوان والرائحة.

 

وقد لاحظ في قراءته الشاملة للنصوص بروز الذات الساردة بهمومها وموضوعاتها وتنوعاتها اللغوية ورؤاها الفكرية والأدبية التي عرضت تلك الذات فيها واقع الحياة الخارجية والداخلية للإنسان اليمني المعاصر.
 

وفي تقديمه هذا تناول الدكتور ابراهيم أبو طالب بكثير من التركيز كل قصة على حدة، محاولا استجلاء أهم الموضوعات التي شغلت القاص أو القاصة خلال كتابته لها، وتكنيك الكتابة التي تتميز بها، فلاحظ مثلا أن "أجراس العودة" لأسماء المصري تعالج قضية الإرهاب، فيما تعبر"سبع قصص قصيرة" لانتصار السري عن التقاطات ذكية من مفردات الحياة اليومية، بينما تجسد ثلاث قصص لبشير زندال اهتمام القاص بالموضوعات الاجتماعية ونظرة المجتمع السلبية لبعض العادات، فيما يغلب على قصص حامد الفقيه اللغة المجازية التي تكاد تقترب من الشعر، بينما يظهر تنوع في الموضوعات في قصص زيد الفقيه، ويميل سامي الشاطبي إلى مزج اليومي بالخيال الفانتازي في قصصه، فيما تحتفي قصة محمد الغرباني بامتداد فلسفة الكتابة عما بعد الموت برؤية جديدة للدعوة الدينية بقالب قصصي تخيلي، فيما تتميز قصة نبيلة الشيخ بالرمزية مما يجعلها قابلة لكثير من التأويل ويميز صاحبتها برؤيتها الفنية العميقة.
 

وباختصار يعد هذا الكتاب الذي أعدته انتصار السري للنشر نافذة على السرد اليمني القصير، تمنح للقارئ لحراك القصصي في هذا البلد، الذي عرفناه شاعرا أكثر مما عرفناه قاصا وساردا.

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً