الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
فكرية شحرة .. القلم المسافر
الساعة 21:01 (الرأي برس ـ عبدالملك المثيل )

حائطها على الفيس ، أشبه بحديقة ورود جميلة ، تغرس فيه بكلماتها المتفحتة كعبّاد الشمس ، إبداعًا يسر القارئين ، ترويه كل يوم بحبر بلاغتها الفريد ، مداد سحر عطر ، ذو رائحة أخّاذّة ، تجذب القارئ لتلامس ببيان الأحرف ، كل حاسة تهوى الكلمة المزينة بأناقة الألفاظ وثراء اللغة .

أكرمتني ذات يوم بعد حوار على أحد منشوراتها ، بهدية نفيسة لا تقدر بثمن ، مصحوبة بكلمات متواضعة ، تمنت خلالها أن يروق لي فحوى الهدية الحامل لثلاثة كتب بتوقيع قلمها المضيئ ، كشمعة تخترق عتمة ليلنا اليمني المظلم بسواد تيه الكلمات وفوضى الأقلام العابثة .

آويت لركن الهدوء بعد تهيئة مراسم الإستقبال اللائق بتلك الهدية ، لتبدأ لحظات قراءة إمتدت لعدة أيام ، خِلْت نفسي خلالها في رحلة سفر ، توقفت بي في محطات عمر مختلفة ، حد أني مع كل كتاب شعرت أن نفسي عاشت أحداث الحروف ، وذلك حسب تقييمي قمة الإبداع لكل صاحب قلم ، يخترق حواس القارئ ، وكذلك كان قلم فكرية شحرة .

عبير أنثى ، رواية إرتدت ثوب ثراء لغوي ، تناسق بحلي زادته بهاء ، طرزته بنفائس إلتقطتها بعناية الخبيرة بحياة المجتمع اليمني ، لتقدمها بجراءة الحياء الأخلاقي المتحكم في العاطفة ، والداعي لتجاوز سلبيات البقاء تحت سقف الحياة التقليدية الخالية من أي تطعيم للعقل والروح .

المتميزون فعلًا يمتلكون القدرات على إضائة الشموع ، ورواية عبير أنثى تشعل شمعة أمنية علمية ، بمركز معلومات يحوي آلاف الكتب المتخصصة في كل المجالات البحثية ، والموفر لكل من يرتاده كل الإحتياجات ، لذلك كان كل العاملين فيه ذو عقول وأفكار مختلفة ، تستطيع أخذ البلاد نحو مرافئ الأمان ، لأنها تملك الإمكانيات والوسائل المرتكزة على أسس تنتهجها دول العالم الحضارية ، وحسب تقييمي الشخصي نجحت فكرية شحرة نجاحًا ملفتًا بتتويج روايتها بتلك الفكرة المكتملة الأركان .

غيبوبة مجموعة قصصية هي في الأصل ٢٧ لوحة فنية ، تحلق بقارئها بعيدًا على وقع لحن موسيقي جميل ، تعزفه أدوات موسيقية تتناغم على وقع إشارات مايسترو فنان ، يتنقل بأصابعه بين أنغام الحزن والفرحة والشوق والحب والإبتسامة .

قصص غيبوبة تخاطب ضمير القارئ لتؤنبه بأدب جم ، كاشفة له زلات لسانه في حق ( المعوقين ) المخلوقين بنقص ما في أعضائهم البشرية ، كما في قصة ( العرجاء ) لتوضح له الثمن المأساوي لأخطاء يرتكبها المجتمع ببلاهة عجيبة ، يجب عليه أمامها تنظيف الذات بشهادة قصة ( القلوب النظيفة ) .

غيبوبة بقصصها المتعددة ، تظهر الحكمة العالية لفكرية شحرة ، المسافرة بعيدًا حيث الإبداع المجتمعي العميق ، كما تبوح بذلك قصة ( الهاربة ) وتصرخ بذلك قصة ( حاج تهريب ) .

غيبوبة كما رأتها عيناي ، ٢٧ لوحة فنية معرضها حياة المجتمع اليمني ، تمثل رسمًا يكشف الأخطاء ، لكنه أيضًا ينادي المجتمع بقوة وبصوت عال وبألم ووجع ، نداء الأمل والأماني ليتجاوز مظاهره السلبية ليصل حيث القيم والإنسانية والإيمان بالإنسان .

قلب حاف رواية غاصت بعمق في تفاصيل الحياة المجتمعية اليمنية ، جلدت الأحرف والكلمات غرائز الرجل ، ونبهّت عاطفة المرأة ، لتقول لها ثقي فقط في نفسك ، واحذري الإندفاع خلف عاطفتك فالرجل في النهاية رجل ينسى مسؤولية الحب وحرمته عند إشباع غريزته التي تحركه دون أي محاذير لمعان الكرامة والإخلاص والوفاء .

ترتقي رواية قلب حاف بإنسانية الإنسان عبر مركز العفاف لذوي الإحتياجات الخاصة ، كشمس مشرقة حملت خيوطها المكنون الإنساني لفكرية شحرة المتناسق مع فكرها المتقد بقراءة شاملة لمجتمع أعاق ذاته بسلبياته التي تبرز كمرض يحتاج لدواء رحمة وعطف وإيمان بفئة من المجتمع ( ذوي الإحتياجات الخاصة ) أو المعوقين كما نسميهم ، يستطيعون إن بسطت الأيادي راحاتها لهم أن يكونوا رقمًا يتجاوزالأصحاء الغافلين بكثير .

فكرية شحرة تؤمن بتواضع شديد، أن هناك نقصًا في إبداعاتها الثلاث، يمثل لقلمها وقود إبداع عشمه الكمال في إصداراتها القادمة، وهي بذلك تؤكد لنفسها قبل القراء، أن فكرها العميق يتجاوز المألوف بكثير، لتثبت أن الوصول إلى القمة هدف سام تسعى إليه، وحتمًا ستصل وستكون كما هي صاحبة إبداع سيتجاوز بوهجه المتمدد الجميع ، ليصل ذات يوم إلى الجميع .

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً