الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
ذاكرة شعبية - سود معمى أو الغناء بضمير الجماعة - الحلقة السابعة -علوان مهدي الجيلاني
الساعة 20:41 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


الاشتغال على التوثيق في سياقات فنية ..أو كل جديد في خدمة الشعر
 

-1-
 

في شريط سود هذا توثيق واسع لمتغيرات مر بها المجتمع .. مثل سقوط أسر وشخصيات بعد قيام الثورة.. وارتفاع أسر وشخصيات أخرى صارت لها اليد الطولى في أحداث المجتمع وقيادته .. يقول: 
لَمّا صَبَحْنَا جَمَاهِيْرْ
الْيَوْمْ نَاسُ رَفِيْعَهْ( 1)
كما يوثق لبدء استعمال الناس للآلات في استخراج الماء .. والإنارة .. فيقول: 
أنَا اسْمَعْ رْعِيْدَ امّوَاطِيْرْ
وَامْكَرْهْبَا مْقَابِلاَ لِي( 2)
وهو ينطق لفظ (الكهرباء) (كرهبه) كما كان الناس ينطقونها آنذاك وكما لا يزال الكثير منهم خاصة الكبار من الرجال والنساء غير المتعلمين..
وفي أول السبعينيات شاع استعمال الموتورات (الدراجات النارية) .. لدرجة أن المشايخ وأعيان الناس في المنطقة استبدلوا حميرهم وخيولهم بها .. فكان الشيخ عبد شوعي عويدان شيخ كشارب آنذاك يركب موتوراً.. وكان الشيخ/محمد بن علي قوزي شيخ مشايخ صليل يركب موتوراً.. وكان الأستاذ/ عثمان زين مسؤول هيئة التعاون الأهلي بالقناوص يركب موتوراً... وكان السيد يحيى الخطيب الأهدل وهو من وجهاء المنطقة يركب موتوراً وهكذا .. وقد احتفى سود بذلك المتغير المثير .. بأكثر من قول منها ما جاء في هذا الشريط: 
أنَا الْيَوْمْ عَلَى المُتْرْ سَوّاقْ
وْخَلاَصْ هَعْلَمْ دُرُوْبِيْ(3 )

 

 

وكان الناس في مطلع السبعينيات قد اعتادوا على استعمال التكسيات خاصة حين يذهبون إلى المدن كالحديدة أو صنعاء أو جدّة... وقد جاء تعامل سود مع هذه الآلة ليدل على اعتياد الناس عليها وأنها لم تعد شيئاً جديداً.. إنه لم يتعامل معها من باب التباهي بمعرفتها.. أو الاحتفاء بها كظاهرة كما فعل مع (المتُر) .. ولكنه تعامل معها كما يتعامل مع الإبل.. والبز.. والأسلحة وغيرها فقد استعملها كناية عن خفته عندما يشتاق لأصدقائه وسرعته، وعزمه حين يصمم على لقاء محبوبه كما يظهر ذلك من هذا السياق: 
أنَا اْلبُعْدْ وَالْقُرْبْ رُوْحَهْ
وَذَا الْوَانْ هَاجَمْتْ سَارِي(4)
وْمِنْ كَانْ مَتْوَلْعُوْ بَهْ
مِحِبّةَ الْقَلْبْ سِرّاً( 5)
وْوُاللهْ مَا مَخْلُوْقْ دَارِي( 6)
وُوْمْحَمّدْ بَلَحْ بَيّا لِيْ الْقَوْمْ
وْسَمِّعْ حَبِيْلَ الْنّهَارِيْ( 7)
ذَا الْوَانْ فِي ذَا اللّيْلْ سَارِيْ
شَرْكَبْ عَلَى تَكْسْ نَارِيْ( 8)
وْكَمْ يَا مْحِبّيْنْ بَاكَنْ
وْكَانَنْ عَلَى انْتْظَارِيْ( 9)
زَخْمِهْ امْكِبَاشِهْ امْعَذَارِيْ( 10)

 

 

كما استعملها كناية عن غنى ممدوحه ماطر.. وأصالة منبته.. من جهة.. وكناية عن تخيره هو لمن يمدح وبحثه دائماً عن خيار الناس أصلاً وكرماً.. يقول: 
وَمَاطِرْ يْخَرِّجْ أسَاطِيْلْ
وَنَا قْبَيْلْ حِتّ الْبْوَاخِرْ( 11)
يّهْ قْبَالْ عَيْنِيْ تْبَارِيْ( 12)
وَهَبْ لِيْ ذَنَا تَكْسْ ثَانِيْ
مَا شَاشْ مِنَّ امْتْجَارِيْ( 13)
أنَا بَعْدَ امْأسَاسْ وَامْذَرَارِيْ( 14)
وإذا كان بوسعنا أن نقول إن ظهور آلة التسجيل كانت من التقنيات التي خدمت كثيراً الشعراء المغنين في بلادنا وحفظت شعرهم من الضياع.. فإن سود معمى كان واحداً من هؤلاء المغنين الذين استفادوا فائدة كبيرة من هذه التقنية منذ النصف الثاني من الستينيات، فقد تسابق الناس على تسجيل (سواريهم) أو جلساتهم..فذاعت أشرطته وتبادلها الناس بشكل واسع... حتى أن بعضهم كان يدعوه ويقيم له سارية معدة إعداداً جيداً لأجل أن يسجله ولكي يتناسخ الناس ذلك التسجيل الذي يذكره فيه الشاعر ويذكر أهله وأصحابه، وأن السارية تمت في بيته...
وبعد منتصف السبعينيات لعب الفنان الكبير عبد الرحمن البكري الذي كان يملك استريو الأشواق بجدة (حي الكويت) دوراً كبيراً في عمل تسجيلات نقية لسود تباع وتنتشر بين الناس .. فقد فطن بحسه الفني إلى شعبية سود معمى الواسعة، وحثه طلب الزبائن دائماً لأشرطة سود معمى إلى أن يوليه عناية خاصة، فكان يستغل فرص وجود سود معمى في جده بين سنة وأخرى ليعمل له مجموعة من التسجيلات، لكل ذلك كان من الطبيعي أن يشير سود إلى هذه الآلة (آلة التسجيل).. بأساليب مختلفة في أشعار كثيرة تجاوز بها مسألة التوثيق إلى الرمز والكناية والتشبيه.. كما فعل في المقطع الرابع

والعشرين من هذا الشريط حين قال: 
وَنَا الْيَوْمْ لاَ امْزَخْمْ مَمْلُوْكْ
وَقَلْبِيْ عَلَى انْتَظَارَهْ( 15)
وَنَا الْيَوْمْ قَلْبِيْ وْقِدْ نَارْ
وَمَا تَنْطَفِيْ لِيْشْ نَارَهْ( 16)
وْعَبِّيْ شَرِيْطَ امّسَجّلْ
وْتَقْدَرْ تْبَدِّلْ حِجَارْهَ( 17)
فقوله: (وعبي شريط امسجل) يصير في هذا السياق كناية عن امتلاء القلب بعذاب الحب.. وقوله: (وتقدر تبدل حجاره) كناية عن البحث عن دواء لهذا الحب.. 
أما قوله في المقطع الثالث: (خل الشريط بينا يدور) فهو كناية عن الأخذ بأطراف الحديث الذي لابد أن يقود إلى مزيد من البث والنجوى والأخذ والرد.. والشجون المتعلقة بمختلف شؤون الحياة.
بل إن التكنولوجيا الحديثة في عمومها بما تعنيه من قدرات يجتمع فيها الإبداع والقوة والسرعة والإدهاش.. تصير عند سود كناية عن قدراته الشعرية الخارقة.. كما في هذا القول: 
وْمَا دَامْ وَامْزَيْلَعِيْ بَيْنْ
شَكْتُبْ ذَنَا خَمْسْ كِلْمَاتْ( 18)
وْلَزْمَنْ مَا وَصّيْ بْهَا لَهْ( 19)
عِنْدِيْ مْكَايِنْ وَآلَهْ( 20)
أنَا عِنْدِيْ مْكَايِنْ وَآلَهْ
وكما في قوله: 
وْهَاجْسِيْ كَا امْصَوَارِيْخْ
جَرَّدْ هِنَا مِنْ قُبَالِيْ( 21)
* * *

 

 

كما أن هناك إشارات إلى متغيرات سياسية.. مثل تعيين عبد العزيز عبد الغني رئيساً للوزراء.. لأول مرة.. وزيارته آنذاك للسعودية .. فيقول سود: 
وْهَيَّا نْبَيِّيْ اهْلْ صَنْعَا
عَبْدُ الْغَنِيْ وَالْوْزَارَهْ( 22)
وْهُوَ الّذِيْ حَجّ مَكّهْ
وْتَاكَ الْمْدِيْنِهْ الزّيَارَهْ
كذلك يشير إلى حرب الوديعة التي حدثت قبل ذاك بين حكومة عدن .. والسعودية: 
كِدْ هَاجَمَ الْقَوْمْ مَاطِرْ
بْثَوْرَهْ كْثَوْرَةْ وْدِيْعِهْ( 23)
ويشير إلى التطورات الاقتصادية .. ومظاهر .. التعامل مع الثروات التي بدأ يجنيها المغتربون حيث ظهر في تلك الفترة أحد التجار الذين احتكروا تقريباً عمليات تحويل أموال المغتربين في جدة لأهلهم في تهامة .. وكان ذلك يتم بحوالات مكتوبة يدوياً .. وكان اسم هذا التاجر (محمد حربان) وهو من المنيرة.. وإليه يشير سود بقوله: 
وْعِنْدِيْ أنَا بَنْكْ حَرْبَانْ
وْجُدّهْ وْسَوْقْ السّقَالَهْ( 24)

 

 

وكان المغتربون كما أخبرني جدي (عم والدي) مهدي بن مهدي.. يدفعون لمحمد حربان عشرة ريالات سعودي مقابل تحويل ستمائة وخمسين ريال سعودي... يعطيهم فيها سنداً، فتصل النقود إلى المنيرة، حيث إبراهيم حربان النائب في المنيرة، الذي يكلف بدوره عبد الرحمن الوشلي بإيصال تحويلات المغتربين إلى قراهم، فيأتي على حمار ويوزعها في القرى من خمسة ومن عشرة ومن عشرين وهكذا.
والملاحظ أن سود معمى لا يوثق لغرض التوثيق عنية وتقصداً .. ولكنه يوظف كل ما يصل إلى علمه لخدمة نصه الشعري .. فهو يخدم صيغه القولية الثابتة المكررة التي هي من سمات الشعر الغنائي المرتجل.. بهذه المعلومات الواسعة عن الأحداث والأشخاص والمتغيرات السياسية والاقتصادية .. وتقلبات الحياة المختلفة، إضافة إلى قدرته الواسعة .. على الاستفادة من كل شيء، فهو مثلاً يستفيد من إحدى قصص التراث الشعبي المشهورة وهي قصة (المياسة والمقداد) في مدحه لماطر حين يقول: 
وْمَاطِرْ بَطَلْ مِثْلْمَا مَوْرْ
مِنْ دَارْ قَبْلَهْ يِْشلّهْ( 25)
وْفِيْ كُلّ بُقْعَهْ وْضَعْتَاهْ
مِقْدَادْ مَا حَدْ يْذِلّهْ( 26)
فسود معمى يتمتع بقدرة هائلة على التقاط أسماء الرجال .. والحوادث والمصطلحات الجديدة والمتغيرات الاجتماعية كما يبرع في التقاط أسماء المناطق وما ينسب إليها من منتجات زراعية.. وهو يستعمل كل ذلك في كناياته وتشبيهاته ومجازاته وصوره المختلفة التي يتقلّبُ فيها شعره غزلاً وهجاء ومديحاً ورثاء .. وحكمة.. إلى آخره.. 

 

 

-2-
 

وفي هذا الشريط نستطيع أن نقرأ أشياء كثيرة.. 
يرصد الشاعر ((بدء الناس في استعمال بعض الألفاظ الحجازية مثل (يزهم) بدل (يدعي) أو (يداعي) أو (يشغب) المستعملة عندنا في تهامة خاصة في بلاد صليل كما في قوله: 
مَاطْرْ يْكَلّمْ عَلَى زْبَيْدْ
وْيَزْهَمْ عَلَى بُلْعُجَايِهْ( 27)
وفي أماكن أخرى من شعره في هذا الشريط سنجده يستعمل ألفاظاً أخرى مثل (أبغى بدل شا.. كما في قوله: 
وْعِنْدَكْ مْشَايْخْ بَنِيْ قَيْسْ
وْكَمْ لَكْ وْكَمْ مِنْ مْشَايْخْ
حِيْنْمَا أتَيْتْ يَفْرَحُوْا بِيْ( 28)
أبْغَى مَعَكْ بَايْكُوُبِيْ( 29)
ومثل (امبزوره) إلى جانب امزقي اللفظة التهامية التي تعني الأولاد كما في قوله: 
تَعْبَ الدّنَايَا أتَى بِيْ
وْتَعْبَ امْزِقِيْ وَامْبْزُوُرَهْ( 30)
وكلها ألفاظ حجازية.. 

 

 

-3-
 

في فترة الستينيات والسبعينيات كان الناس يعتقدون– ولا يزال بعض المسنين والبعيدين عن مشارب الثقافة والوعي- يعتقدون أن الصواريخ مثل الطائرات تركب .. وسود في هذا الشريط أحياناً تتداخل عنده مهمة الصواريخ فهي سلاح .. وهي مراكب.. 
وْلَزْمَنْ نْهَاجِمْ ضَروري
مِثْلَ امْصَوَارِيْخْ جْوّيْ( 31)
وَالْفَيْنْ هَاسَلْمْ امْنَوْلْ( 32)
وفي الكلام لفظة يذكرها سود كان الناس قد هجروها منذ منتصف نهاية الثمانينيات إلا النادر.. وهي (النول) أي الأجرة أو الكراء وهي فصيحة من (النوال).. وقد كان الانشغال إبان الستينيات والسبعينيات بمصاريف السفر وضرورة تأمينها.. شاغلاً جداً.. وكان ذلك في وقت لم يكن فيه سهولة مواصلات.. ولا سهولة تواصل مع من يغيب مثل اليوم.. فكان الناس بسبب عزلتهم والأمية الغالبة كأنما يسافرون إلى أصقاع مجهولة.. فكان النول تحدياً كبيراً.. ولذلك كان يكثر الحديث عنه وعن طرق تأمينه بالتوفير أو بيع أرض أو دواب أو ذهب وقد يتم تأمينه بالرهن أو الدين، وهذا يفسر التحدي المتكرر في شعر سود بالقدرة على تسليمه هو أو غيره... فسود يترجم ثقافة الناس ويوثق لمجرياتها.. كما في قوله أيضاً.. 
تْقْدَرْ تْسَلِّمْ نَوَالِيْ( 33)
وقوله: 
وْلَكِدَهْ عَلَى العَزْمْ نَاوِيْ
وَدّ امّسَافِرْ زَوَادَهْ( 34)
مرفق ثلاث صور تعبر عن مفردات من الحياة تغنى بها الشاعر سود معمى

 

 

الهوامش:
 

(1 )لَمّا صَبَحْنَا جَمَاهِيْرْ الْيَوْمْ نَاسُ رَفِيْعَهْ: بعد أن جمهرنا تغير الحال بأناس فارتفعوا.. الشاعر هنا يوثق للتبدلات الاجتماعية التي حصلت في المجتمع بعد قيام الثورة.. حيث ارتفع مع الثورة أناس لم يكن لهم شأن من قبل، وسقط أناس كان لهم شأن.. وهذا من سنن الحياة، فلكل دولة رجال.
 

(2 )أنَا اسْمَعْ رْعِيْدَ امّوَاطِيْرْ: أسمع ضجيج الموتورات (يشبه صوت الموتورات التي تنطق في اللهجة مواطير، جمع ماطور بصوت الرعد (الرعيد).
وَامْكَرْهْبَا مْقَابِلاَ لِي: والكهرباء أمام عيني (مقابلا لي= مقابلة لي).

 

(3 )أنَا الْيَوْمْ عَلَى المُتْرْ سَوّاقْ: أصبحت أجيد سواقة الموتور(الدراجة النارية).
وْخَلاَصْ هَعْلَمْ دُرُوْبِيْ: أستطيع معرفة دروبي ومسالكي.

 

(4 )أنَا اْلبُعْدْ وَالْقُرْبْ رُوْحَهْ: لدي همة للوصول إلى البعيد والقريب.
وَذَا الْوَانْ هَاجَمْتْ سَارِي: وها أنا أفعلها في هذا الوقت.

 

( 5) وْمِنْ كَانْ مَتْوَلْعُوْ بَهْ:والذي أنت مولع به.
مِحِبّةَ الْقَلْبْ سِرّاً: تحبه وتخلص له ولا تكشف سره.

 

( 6)وْوُاللهْ مَا مَخْلُوْقْ دَارِي: ولا تجعل أحداً يدري بما بينك وبينه.
 

( 7)وُوْمْحَمّدْ بَلَحْ بَيّا لِيْ الْقَوْمْ: أخبر القوم يا محمد بلح.
وْسَمِّعْ حَبِيْلَ الْنّهَارِيْ: وسمع الجهات المجاورة حتى يصل الخبر إلى حبيل النهاري...

 

( 8)ذَا الْوَانْ فِي ذَا اللّيْلْ سَارِيْ: في هذا الأوان المتأخر من الليل سأسري.
شَرْكَبْ عَلَى تَكْسْ نَارِيْ: سأستقل سيارة سريعة.

 

 

ملحوظة:

الشاعر في الأبيات السابقة يجري مجرى شعراء سبقوه في التراث العربي الفصيح... فهو يعلن أن حب المحب لحبيبه يجب أن يكون محفوظ السر.. لا يجب إعلانه ولا يجب أن يعرف به أحد.. ثم يطلب من محمد بلح أن يخبر بحبه القوم حتى تسمع الجهات المجاورة كلها... وهو هنا يذكرنا بقول جميل بثينه: 
لا لا أبوح بحبّ بثنة إنّها ... أخذت عليّ مواثقاً وعهودا
فهو ينفي أنه يمكن أن يبوح بهذا الحب فيما يبوح به.

 

(9 )وْكَمْ يَا مْحِبّيْنْ بَاكَنْ: كم من محبي ذهبوا (باكن مفردها باك=ذهب).
وْكَانَنْ عَلَى انْتْظَارِيْ: وكانوا قبل ذلك ينتظرونني.

 

( 10) زَخْمِهْ امْكِبَاشِهْ امْعَذَارِيْ: جميلة هي الكباش العذاري (نوع من الضأن طيبة اللحوم، موصوفة ومحبوبة) وهو هنا يكني بها عن جمال المحبوبات.
 

( 11) وَمَاطِرْ يْخَرِّجْ أسَاطِيْلْ: ماطر يرسل الأساطيل.
وَنَا قْبَيْلْ حِتّ الْبْوَاخِرْ: أنا قبل قليل رأيت البواخر (حت/حدت=رأيت).

 

( 12)يّهْ قْبَالْ عَيْنِيْ تْبَارِيْ: نعم رأيت البواخر بعيني وهي (تباري) تغادر المرسى. (الكلام كله في الشطرات الثلاث كناية عن كرم ممدوحه ماطر).
 

( 13)وَهَبْ لِيْ ذَنَا تَكْسْ ثَانِيْ: قدم لي سيارة ثانية. 
مَا شَاشْ مِنَّ امْتْجَارِيْ: لا تكون سيارة تجارية (مقلدة).

 

( 14) أنَا بَعْدَ امْأسَاسْ وَامْذَرَارِيْ: إنني أبحث عن الأصول وعن المتحدرين من أصول (كان يكني بالتكسي عن حاضرين في ساريته ليسوا من كرام الناس).
 

( 15) واَنَا الْيَوْمْ لاَ امْزَخْمْ مَمْلُوْكْ: لقد أصبحت أسيراً للجمال (امزخم=الجميل/الحسن/المليح).
وَقَلْبِيْ عَلَى انْتَظَارَهْ: فقلبي دائماً يهجس به ويتوق إليه.

 

( 16)وَنَا الْيَوْمْ قَلْبِيْ وْقِدْ نَارْ: لقد أشعل حب الجمال قلبي.
وَمَا تَنْطَفِيْ لِيْشْ نَارَهْ: وأنى لنار قلبي أن تنطفي.

 

( 17)وْعَبِّيْ شَرِيْطَ امّسَجّلْ: تستطيع أن تضع في آلة التسجيل شريطاً جديداً.
وْتَقْدَرْ تْبَدِّلْ حِجَارْهَ: ولكنك لا تستطيع تبديل حجارته (بطارياته) الكلام كله كناية وضحناها في المتن.

 

( 18) وْمَا دَامْ وَامْزَيْلَعِيْ بَيْنْ: ما دام الزيلعي موجوداً (الزيلعي أحد ممدوحيه في هذه السارية).
شَكْتُبْ ذَنَا خَمْسْ كِلْمَاتْ: سأكتب له بعض الكلمات.

 

( 19)وْلَزْمَنْ مَا وَصّيْ بْهَا لَهْ: لا بد أن أرسلها له.
 

( 20) عِنْدِيْ مْكَايِنْ وَآلَهْ: المكاين والآلات كناية عن قدراته الشعرية.
 

( 21)وْهَاجْسِيْ كَا امْصَوَارِيْخْ: يشبه هاجسه الشعري في قوته بالصواريخ.
جَرَّدْ هِنَا مِنْ قُبَالِيْ: جرد بمعنى ظهر وانطلق... وهو كناية عن قوة حضور هاجسه في تلك السارية.

 

( 22)وْهَيَّا نْبَيِّيْ اهْلْ صَنْعَا: لا بد أن نخبر (نبيي) أهل صنعاء.
عَبْدُ الْغَنِيْ وَالْوْزَارَهْ: عبد العزيز عبد الغني ووزارته... والشاعر في هذا البيت والذي بعده يستعرض ويفتخر بمعارفه ومعلوماته شأن الشعراء الشفاهيين في كل مكان.

 

( 23) كِدْ هَاجَمَ الْقَوْمْ مَاطِرْ بْثَوْرَهْ كْثَوْرَةْ وْدِيْعِهْ: (كد= قد) يشبه الأصداء الضخمة لمواقف ماطر البطولية بالأصداء الضخمة لحرب الوديعة.
 

( 24)وْعِنْدِيْ أنَا بَنْكْ حَرْبَانْ وْجُدّهْ وْسَوْقْ السّقَالَهْ: استحضاره هنا لثروة حربان وبنوكه، وغنى جدة وأسواقها.. كله كناية عن ثروته الشعرية، وبحره الذي لا ينضب من القول الشعري.
 

( 25)وْمَاطِرْ بَطَلْ مِثْلْمَا مَوْرْ مِنْ دَارْ قَبْلَهْ يِْشلّهْ: يشبه شجاعة ممدوحه ماطر وكرمه وقدرته على التفوق على أقرانه واجتياح كل منافس باجتياح وادي مور لما في مجراه من بشر وحجر وشجر وغيرها.
 

( 26)وْفِيْ كُلّ بُقْعَهْ وْضَعْتَاهْ مِقْدَادْ مَا حَدْ يْذِلّهْ: في أي موقعة وضعت (وضعتاه) ماطر فهو بشجاعته يشبه المقداد...لا يستطيع أحد أن يهزمه.
 

( 27) مَاطْرْ يْكَلّمْ عَلَى زْبَيْدْ وْيَزْهَمْ عَلَى بُلْعُجَايِهْ: زبيد منطقة مجاورة للعطاوية (العطاوية بلاد ماطر) وبلعجاية إحدى قرى زبيد... وكون ماطر (يكلم على زبيد) أي له كلمة نافذة عليهم (ويزهم على بلعجايه) أي تستجيب لداعيه بلعجاية، فإن ذلك كله يصير كناية عن اتساع نفوذ ماطر خارج قبيلته وامتداده إلى قبائل أخرى.
 

( 28) الشطرات الثلاث كناية عن اتساع شهرة الشاعر ورواج شعره وكثرة محبيه حتى أن مشائخ بني قيس (مديرية من مديريات محافظة حجة) وغيرهم من المشائخ في مناطق أخرى يحتفون به حينما يجيئهم كما احتفى به شيخ العطاوية ماطر في هذه السارية... وهذا الإدلال والاعتزاز بالنفس يعرفه الشعراء الكبار دائماً، ونموذج المتنبي أشهر من أن يذكر.
 

( 29) أبْغَى مَعَكْ بَايْكُوُبِيْ: أريد أن أرافقكك ومحتم عليك أن تأخذني معك (بايكو بي= بايك بي أي ذاهب بي معك لا محالة.. هذا معناها في سياقها هذا).
 

( 30)تَعْبَ الدّنَايَا أتَى بِيْ: متاعب الدنيا وتقلباتها هدت حيلي، وارضختني لمطالبها.... وْتَعْبَ امْزِقِيْ وَامْبْزُوُرَهْ: وأيضاً تعب الأولاد (الزقي/ البزورة) هد حيلي وأتعبني.
 

( 31)وْلَزْمَنْ نْهَاجِمْ ضَروري: يلزمنا أن نصل بأي شكل كان.
مِثْلَ امْصَوَارِيْخْ جْوّيْ: ويجب أن يكون وصولنا سريعاً سرعة الصواريخ... لأن الوضع لا يحتمل التأخير.

 

( 32)وَالْفَيْنْ هَاسَلْمْ امْتَوْلْ: ولأجل هذا الوصول فإني مستعد أن أتكفل بتكاليف الانتقال ولو كانت ألفين ريال.. وكانت بقيمة ذلك الزمن مثل مليونين ريال اليوم (النول: الأجرة).
 

( 33) تْقْدَرْ تْسَلِّمْ نَوَالِيْ: هل تستطيع تحمل تكاليف سفري (الكلام كناية عن كبير شأنه).
 

( 34) وْلَكِدَهْ عَلَى العَزْمْ نَاوِيْ: وإذا قد نوى السفر.
وَدّ امّسَافِرْ زَوَادَهْ: ساعده على ما يريد وزوده لسفره بما يحتاج (كناية عن مطاوعة ذوي العزم على ما يريدون وعدم تثبيط ذوي الهمم عما هموا به).

 

الصورتان من جلسة توثيق في بيت الفقيه الخشمي بقرية المدافن سنة 2005م.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً