الاربعاء 25 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
حمَّى.. - سليم المسجد
الساعة 13:18 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

    عقاربُ،ثعابينُ،حيَّات...هوامٌ مختلفة،اندلعتْ من ثقوب،
هاجمتني من جميع الإتجاهات،
فارتعدتْ أوصالي،طار قلبي مفجوعاً،طرتُ من مكاني هرباً..أرفسُ كل شيءٍ تجاهي دون آبه،أتخبطُ خبطَ عشواء،تتلاحق أنفاسي وأحياناً تتوقف للحظة قصيرة..اعتراني إعياء ودَّوار،أشعر بإرهاقٍ شديد..حاولتُ التماسك لكني لم أتمالك نفسي،فترديت على وجهي أرضاً.

 

    استجمعتُ أنفاسي...ثم تحاملتُ نفسي ونهضتُ على مضضٍ..أشعر بمقاريض تقطِّع بطني،سكاكين حادة تمزِّق مفاصلي..فتَّحتُ عينيَّ الملتهبتين ،فالتقتْ عيناي بجبلٍ يناطح السماء واقفاً على رأسي،
سحبتُ نظراتي الزائغة،فاهترأ الجبل وتساقطت أحجاره راجمة...،
وضعتُ يدي على رأسي،أفرُّ ذات اليمين وذات الشمال،أنزوي هنا وهناك،وأتحاشى الخطر،فيلاحقني الخطر.."أين المهرب؟حتى الحجارة..!!حقاً إن البيئة واحدة..الحياة واحدة..الرصاصة واحدة..."
وبيننا كذلك..أنفتح باب صغير بأسفل الجبل،فركضتُ  نحوه مسرعاً،حشرتُ نفسي مع الباب وأدْلَجتُ..استقبلني جوٌ جنائزي تلفعَُ شحوب الحزن ثوباً،فأشتدت أوجاعي..ركضتُ في جنباتٍ-مهترئة-بحثاً عن العلاج الناجع،وفي جنباتٍ-بعيدة متطاولة-أنظرُ شزراً؛علَّي ألمح مسعف،لكن دون جدوى.أوجاعي مزمنة،أرهقني الداء،بات الخطر يحدقُ بي..الأمر أكبر مما تتوقع..!متى أجدُ الدواء؟.
حينها غزاني همسٌ خفي،قائلاً:

 

((الدواء مكتوب،ومضمون الروشتة:لن تبرئ أوجاعك حتى تؤمن أن ريح الغروب نسفتْ غبار"تقطرنوا"منذُ عهدٍ غابر،ولقد فهمت الأجيال سرُّ الحكاية.لن تبرئ علَّتك حتى تتجذر المبادئ السامية في الأعماق حاضرة،فتُنَكْسُ أخشاب الشحوب والإستبداد،وترفرفُ أعلام الضمير الحي على سارية(السعيدة).الدموع العالفة على أهداب الوطن تمسحها حنو كفٍّ رحيمة،ويختفي الشحوب.
إبتسامات العيد تلوح على الشفاه وترتسم في الخفايا..وفي ساحة العصا المستقيمة تتساوى الخصوم.
تخضَّرُ شجرة الأصالة وتتسامى قيماً مثمرة،فتؤتي أُكلها كل حين..ومن كل كوةٍ ضوءٌ يشرقُ،وعلى كل شبرٍ جرحٌ يلتئمُ..هذه الوصفة...)).
هذا دوائي،لكن متى سأجدُ الدواء؟!.

 

    تشعبتْ الطرق..تاهتْ خطاي مشدوهة وأدَّلَجتُ..ثم أدْلَجتٌ..وأدَّلَجتُ..استفحلت الأوجاع بي أجَّ عاهة مستديمة،وناقوس الخطر يدق أجراساً ممزقة خريطة كياني،والدواء طي المجهول..ودنياهم خرساء،غير أشباحاً تتحرك كما في أفلام الكرتون.
نورٌ"خافت"ترامى من مصباحٍ بيد الخارج من دورة المياة المجاورة،
خطفني من هذا ال...،وأخو الدهليز جالساً عند رأسي،وبيده منديل مبلول يمررهُ على جبيني المتصدع وأطرافي المفتتة..جذبتُ يده وقبَّلتها،فتلفظَ بنبرةٍ مؤانِسة:
((أهْدأ،حمًّى وستنطفي نيرانها)).

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً