الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
تغطية لاحتفاء غاليري الأدب بالمبدع الحكيم حسن بويريق يوم 29 نونبر 2015 بالدار البيضاء.. " يوم الحكيم.. يوم وفاء ومحبة " - حسنة أولهاشمي
الساعة 11:42 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

بفضاء نادي الهمداني لرجال ونساء التعليم بمدينة الدار البيضاء، يوم 29 نونبر 2015 تجمعت قلوب سخية لتحتفي
 

بقلب شاسع وأكرم، كان الغاليري في الموعد وكان أهله على العهد لتقديم ولاء الحب والإخلاص لأحد أبناء صرح متين الأسس، هو حسن بويريق الإبن البار وهو الغاليري البيت الدافئ العتيد..في جو تسوده السعادة استهل منسق عام المجموعة الأديب القدير مصطفى لغتيري وهو من سير اللقاء بإتقان- قلت استهل الحفل بكلمة ترحيبية مرتجلة ، رحب فيها بالمحتفى به وبالحضور الكريم، كعادته يبرع أديبنا في صياغة الكلمات النفيسة التي تلائم الحدث، فجاءت سلسبيلا من المعاني الإنسانية التي تنفذ قوتها إلى الكيان، وترتبت كلمة الترحيب وتراصت كحبات عقد متلألئ يستحق الحكيم وكل الحاضرين نوره ووهجه.. بعد كلمة الترحيب  تناولت رئيسة غاليري الأستاذة السعدية بلكارح الكلمة، تدفق الرقي والعمق بين ثناياها، بعطرالنبل دونت وتحدثت عن مكانة المحتفى به في الغاليري وفي أرواح كل الغاليريين ودوره البارز والفعلي إبداعيا وعلى المستوى الإنساني والقيمي ،بخبرتها وتمكنها نسجت الرئيسة القديرة باقة شعور جميل ووفاء مميزونبل فريد..في كلمتها قالت:
"إلى حكيمنا الحسن..

 

لن أحكي عن لقاء روتيني..مألوف..مع حضور كريم وقراءات بديعة..لا ولن أتحدث عن مناقب المحتفى به التي تناطح العلا..أو إنجازاته المضمخة بعشق الأدب والإيثار حد الوجع..أبدا ولن أقول شيئا عن الصدى الجميل الذي يحدثه هذا الرجل حين يعود إلينا حاملا كل الشغف لغاليري وآل غاليري..مخلفا بصماته العميقة محدثا صليله المدوي في عمق الدلالات والسيميائيات..ولا مواقفه النبيلة التي تتم خلف الشاشة من وراء حجاب..ولا سعيه الحثيث لاستبيان الحقائق لدرء أي شائبة تحوم حول الأدب والأدباء...ولا دفاعه المستميت برباطة جأش رائعة وثابتة عن غاليري الأدب وأدبائه الأكارم ضد كل من يحاول در الرماد في عيون الحقيقة ونشر القلاقل الخاوية..
سأقف هنا بينكم وأستحث رهافة الحس لديكم..لتتأملوا معي أشياء أخرى جميلة ومواربة .جوانب أخرى تكاد تكون مخفية أو مستترة في حياة سي حسن بواريق..فإلى جانب روح النقد التي تتلبسه والتي تكشفنا أمامه فيسافر بنا فينا..حين ننثر من يراعاتنا نصوصا شعرية أو سردية أو مقالة او أي منتسب إلى العرق الأدبي..فإن مبدعنا يتماهى مع اللغة..يعزف لها فترقص له..ينتشيان معا فننتشي بانتشائهما..نحب الكتابة حين يقرأها حسن بواريق..ونعشق حروفنا حين يداعبها قلم حسن أو قلبه..
إنه يقرؤنا بحب الأديب العاشق للكلمة..للنص الأدبي المكتمل والمتكامل..يصوغ أجمل التعابير ليختزل البهاء في قراءاته..يضمنها نبضه فيصلنا حقيقيا سائغا دافئا..

 

سأنثر إلى جانب هذه المحاسن حسنى أخرى تحسب له..هو صدقه في التعامل مع الأشخاص والأحداث كصدقه في معالجته النصوص الأدبية..
وهذا لعله ما جعلنا جميعا نحترمه ونقدره..هو تصديقنا له..إنها الثقة..تلك التي نفتقدها في كثير من الأحيان بيننا وبين من في محيطنا..فعندما تجد أحدا تثق به كثقتك بحسن بواريق فعض عليه بقلبك لأن النواجد ربما تؤذيه..ولا تفوت عليك فرصة التعامل معه لأنك هنا وهنا فقط تلمس الإنسان اللامع الألمعي الخالص..أنك في رحاب المبدع الإنسان حسن بواريق الذي لا يمكن أن يكون إلا هو..يمتص الشنآن والخلافات بصدقه..يجعلها وأهلها تتقزم حتى الاندثار..

 

رجل من الزمن الجميل..ربما قل نظيره في زمان كثر فيه المكر وحب الذات واستغلال طيبة الآخرين وجهودهم لبلوغ المآرب الخاصة.. دون عرفان ولا تقدير..رجل يعمل في صمت..بحب واستماتة..وهذا الأجمل في هذا الرجل..لن أتحدث عن الجانب الصحي..فالسي حسن بخير..بيننا بخير وسط هذه القلوب البيضاء كبياض قلبه..
 

سي حسن أنت بخير..هنيئا لنا بك وهنيئا لك بحب هؤلاء الرائعين..
إنه غاليري الأدب..صانع الروائع..شاحذ الأقلام..
إنه غاليري المحبة..والصمود والتحدي والإصرار..غاليري الإبداع المتفرد بالتميز..
فلك أيها الرجل العملاق ألقي أروع التحيات..
وبك يطول الفخر حتى يعانق السماء..
باسم غاليري ادبا وإنسانية نقف وقفة تقدير لهذا الرجل النبيل.."
بعد ذلك تناول الأديب مصطفى لغتيري ورقته النقدية، كانت مداخلة عميقة وغنية، أضافت لدوائر الدهشة قطع جمال وعمق لافتين، مداخلة تنم عن تمكن الأديب من لمس وملامسة الخفي والظاهر في السرد والمحكي، فكانت الورقة جلية الثراء قال فيها الأديب المتعدد الأستاذ مصطفى لغتيري: 

 

"التكثيف وتجلياته في دوائر الدهشة للقاص حسن بواريق.
مصطفى لغتيري

 

مع بروز جنس القصة القصيرة جدا أصبح الحديث متواترا عن"التكثيف" كألية كتابية مستحبة لدى مبدعي هذا النوع من الكتابة، خاصة وأن كثيرا من النقاد اعتبروه ركنا ركينا في كتابة هذا الجنس الأدبي الوليد، وقد تعددت مفاهيمه وتسمياته لدى النقاد، بل واختلف بعض منهم في تحديد تعريف له، إذ منهم من آثر استعمال مصطلح الاختزال، ومنهم من فضل الإيجاز انسجاما وإخلاصا للنقد العربي القديم، الذي راج فيه هذا المصطلح، وعده البلاغيون من وجوه البلاغة والفصاحة، ويمكن تعريفه ب" أداء معان كثيرة بأقل عدد ممكن من الألفاظ".
وقد جاء ذكر التكثيف في أرجوزة القصة القصيرة جدا التي نظمها نبيل المرجلي، ووردت في كتاب د

يوسف حطيني" القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق":
سرد قصير متناه في القصر 
كالسهم بل كالشهب تطلق الشرر 
قد ميزتها خمسة الأركان 
حكاية غنية المعاني 
وبعدها يلزمها التكثيف 
ووحدة يحفظها حصيف 
واشترط الناس لها المفارقة 
وأن تكون للحدود فارقة 
وجملة فعلية، بها كمل 
بناؤها، وحقه أن يكتمل. 
وقد استعمل النقاد والبلاغيون واللغويون مصطلح الإيجاز بعبارات مختلفة، وظهر ملموسا في الخبر والمثل وآيات القرآن الكريم وغيرها. كما لمعت في هذا الاتجاه عبارة البلاغي الكبير عبد القاهر الجرجاني الذي عبر تعبيرا مجازيا جميلا عن البلاغة حين اعتبرها" إجاعة اللفظ وإشباع المعنى" كما أن المتصوف النفري أطلق عبارة سارت بذكرها الركبان، توحي بهذا المعنى حين قال" كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة"، فلا أفهمها سوى أنها تدل على أن اتساع الحكمة في عقل الأدب والمفكر، تجعله يعبر عنها فيما قل ودل، حتى وإن اعتبر البعض أن العبارة تدل على أن اللغة قاصرة عن تمثل شساعة الفكرة، فيما اعتبر الآخرون أنها دعوة للصمت أمام جبروت الفكرة وقوتها.
والتكثيف ليس مفهوما مجردا بل ملموسا، يتمظهر ويتحقق وجوده من خلال تقنيات معينة، كما سنلاحظ من خلال نماذج من المجموعة القصصية "دوائر الدهشة " للمبدع حسن بواريق، وقد

حصرناها فيما يلي:
 

- اللغة:
 

إن التكثيف كأسلوب كتابة يبرز أكثر ما يبرز في لغة الكاتب معجما وتركيبا وأساليب، فالكاتب الحادق يتخير ألفاظا بعينها لأنها تغنيه باستعمالها عن كلمات عدة، فمثلا عبارة"لوحدهما" التي افتتح بها الكاتب قصة "عربون صداقة، تكتنز في ثناياها كثيرا من الكلمات المضمرة، كان من الممكن للكاتبأان يجود بهما إذا ما كان القصد كتابة في جنس آخر غير القصة القصيرة جدا، كما أن هذا التكثيف يظهر بملامحه بارزة في تركيب الجملة التي تنحو في القصة القصيرة جدا نحو الاختزال والضمور والرشاقة، مستغنية عن النعت والعطف والحال إلا للضرورة القصوى، يقول القاص في قصة"احتجاج" الصفحة 23:
 

"على مائدة وطنية، أضرب الزيت والدقيق عن الطعام، تنديدا بارتفاع حرارتهما".
 

-الحذف:
 

وهو من التقنيات الرائجة في الكتابة الحديثة عموما والقصة القصيرة جدا على الخصوص، إذ يعمد القاص إلى استعمال نقط الحذف بأشكال متعددة أهمها استعمال النقطتين المتتابعتين، ولعمري يعد ذلك دعوة للقارئ من قبل الكاتب للمشاركة في بناء دلالة القصة، حتى يتخلص من سلبيته، ويكتسب صفة القارئ النموذجي، الذي لا يكتفي باستقبال المعنى بل يساهم بشكل فعال في بنائه، يقول القاص في قصة"لوحة": 
"وقف طويلا يتأمل لوحة لحمامة وديعة تحمل غصن زيتون..فكك البرواز.. قص الخلفية.. طارت الحمامة.. صوب فوهة بندقيته نحوها.

 

- الشخصيات
 

ووعيا منه بضيق مجال قصته، يستغني كاتب القصة القصيرة عن ذكر أوصاف الشخصية، وتحديد ملامحها الفزيولوجية والنفسية، بل يكتفي بالتلميح والإشارة وغالبا ما يشيح النظر حتى عن الاسم أو الصفة أو تدقيق الهوية، ويعمد الكاتب بالمقابل إلى استعمال الضمير فقط، ولعل ذلك يعد من آليات تحقيق التكثيف كذلك، وهذا ما لاحظناه في عدد من قصص دوائر الدهشة، ومنها "مأتم- تكريم- زغرودة...وغيرها"، يقول القاص في قصة "تكريم":
"حملوه إلى حفرة وانفضوا.. كانوا كرماء، منحوه ثوبا ناصعا وقنينة عطر..."

 

- الزمان والمكان:
 

من الألية التي فطن لها كاتب القصة القصيرة من أجل تحقيق درجة علية من التكثيف إهمال الزمان والمكان، فتبدو القصة نتيجة لذلك غير مرتبطة بحيز معين أو فترة معينة بل صالحة للتعبير عن كل زمان ومكان، وحتى حينما يضطر كاتبها لذكرهما فإنهما غالبا ما يكونان زئبقيين، لا يحيلان على زمان ومكان بعينهم وكأنهما أصبحا والرمز سواء بسواء، ومن نماذج توظيف الزمان ما جاء في

قصة" حكاية" الصفحة 14:
"في الليلة الثانية بعد الألف..."
أما زئبقية المكان فنبرهن عليها بنموذج من قصة كرامة الصفحة17 التي يقول فيها القاص:"هناك في السماء..."

 

-الرمز:
 

يعد توظيف الرمز من الآلية المستحبة لتحقيق التكثيف في القصة القصيرة جدا، فقد يغني رمز واحد بحمولة معرفية وإيديولوجية كبيرة عن صفحات من الكلام، وهذا ما انتبه له المبدع حسن بواريق في كثير من قصصه، فنجده مثلا قد رمز الشمعة في قصة جبروت، التي يقول فيها:" كانت الشمعة تسير أمام جحافل من التائهين، تقودهم منيرة لهم الطريق تحت أشعة الشمس... عاكستها ريح صرصر عاتية... خبأت شعلته...فحل الظلام في واضحة النهار."
 

كما اعتمد على رمزية الحرف في قصة "رقابة " الصفحة15
التي يقول فيها:
" في حركة لولبية، أفلت الحرف من قبضة المقص... قبل أن يستدير، عبثا حاول البحث عن كلمات تأبين للجمل المشنوقة".
وقد اتخذ التكثيف أشكالا عدة، وعبر عن نفسه من خلال تقنيات متنوعة، منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير ذلك كالتناص واستدعاء شخصيات جاهزة من التراث كشهرزاد مثلا،والإشارة إلى أحداث تاريخية بعينها تغني القارئ عن ذكر التفاصيل لأنها معروفة لديه. 

 

كل ذلك وغيره مما يجل القصة القصيرة جدا فن التكثيف والاختزال، فن إجاعة اللفظ وإشباع المعنى، أو فن ما قل ودل بامتياز."
بعد ورقة الأستاذ مصطفى لغتيري جاء دور المبدع العميق والنشيط مصطفى مزارى الذي أبى إلا أن يفعل رقيه وروعة روحه بحضوره ومشاركته آل غاليري فرحة الحكيم سي بويريق، فكان حبره كريما كقلبه ،دثر الدوائر بقراءة نقدية ضاجة بالتحليل الرصين و الواعي.. في قراءته قال الأستاذ مزارى :

"الخوض في قراءة دوائر الدهشة للمبدع جسن بواريق يبقى مغامرة , ذلك لأن المقاربة النقدية للعمل تجعلنا بين مطرقة الشكل نمط القصة القصيرة جدا , والتي تراهن دائما على التكثيف الذي يحيل دلاليا على الحجم , وسندان المضمون الذي يحيطه الكاتب بكثير من الايحاء , والذي يجعل القراءة تعريه لنكون أمام اندهاش أو دهشة حارقين .
ان اكراه الشكل يبدو لي متجاوزا مادامت الكتابة القصصية برمتها وبمختلف أشكالها ما تزال في طور التجريب ..الا أن الجانب الابداعي يبقى هو الفيصل في العملية القرائية النقدية , وحسن بواريق نجح ابداعيا في ادخالنا الى دوائره لنعيش معه تلك الدهشة . 

 

يحيل العنوان على مرجعية فلسفية , فالدهشة ليست تلك الحيرة , أو القلق أو التعجب , بل هي حالة توتر ذهني / نفسي واذا ارتبط '' بالدوائر '' نكون أمام عمل يقوم على التفاعل القائم بين المضاف ( الدوائر ) والمضاف اليه ( الدهشة ) التي خلق لها الكاتب محفزها الدلالي وهو الانغلاق الذي يميز الدائرة , فمنذ أول دائرة '' الى ابنتي هند '' نجد أن رأسي الدائرة التقيا : '' وقف مشدوها أمام حيرة السؤال أيهما الماغنوليا " (ص 10) , وهذه الدوائر منغلقة في نظري بين (( الكان )) و(( الآن )) , ذلك أن رأس الدائرة يبتدئ زمنيا من التواريخ التي يمكن القبض عليها في بعض القصص والتي تعود الى 1965 مرورا بسنة 1981 وصولا الى 2012 تاريخ محرقة ليساسفة في رمعمل روزامور , ذلك أن " حسن بواريق "وهو يؤشر على بعض من هذه التواريخ يحلينا على باعث / بواعث الدهشة , فتاريخ 32 مارس 1965 أوحى بقصة " رصاصة في الذاكرة " وقصة " فلاش باك 1 و2 و3 4 " تحيل على أحد أيام 1981 , ولنا أن نستحضر معا ما تحمله هذه المرحلة من دلالات , فيما أصبح يعرف بسنوات الرصاص , وليغلق الكاتب دائرته وصل الى 2012 ليوقفنا على تلك الدهشة الممتدة في الزمان وكاننا لم نبرح بعد مكاننا من مظاهر الفساد والافساد المجتمعيين , فقد خيل الي وأنا أقرأ دوائر المبدع حسن بواريق أنني أمام مناضل ' ماوي ' أو ' غيفاري ' وسرعان ما تبدد التخيل الى تأكد وانا أتمعن "دوائره " ذلك أننا نجد أنفسنا بالفعل أمام رجل ملتزم بقضايا مج

 

أنفسنا بالفعل أمام رجل ملتزم بقضايا مجتمعية , لأنه كان ذلك الناقد الراصد بمرارة لبشاعة الواقع التي يمكن رصدها من خلال التيمات التي اشتغل عليها لرسم دوائره :
- الأحكام الجائرة كما في قصة " زغرودة " ( ص 31 ) 
- القضية الفلسطينية كما في قصة " نقطة " ( ص 18 )
- العدالة الاجتماعية ومسألة الحكم , كما في قصة " وصفة سحرية " ( ص 22 ) 
- انعدام الحرية كما في قصة " حرية " ( ص 27 ) 
- الاعلام المغشوش كما في قصة " شارة النصر " ( ص 33 ) 
- روتين الادارة والبيروقراطية كما في قصة " شهادة الحياة " ( ص 40 ) 
- الفقر كما قصة " خصاصة " ( ص 29 ) 
- الاهمال للانسان كما في قصة " خدمة طبية " ( ص 45 ) 
- الاعتقال التعسفي كما في قصة " فلاش باك 1" ( ص 46 ) 
- البطالة كما في قصة " فلاش باك 2" ( ص 47 ) 
- السكن كما في قصة " فلاش باك 3" ( ص 48 ) 
- الهجرة السرية كما في قصة " لقمان " ( ص 37 ) وقصة " فلاش باك 4" ( ص 49 ) 
- عبث البترودولار كما في قصة " المقامة القصيرة " ( ص 51 ) 
- الاغتناء اللامشروع كما في قصص " شئ من الألم " بأجزائه الثلاثة ( ص 53 - 54 - 55 ) 

 

ان هذه التيمات في نظري هو ما أبدع هذه الدهشة بكل دوائرها , والتي وظف فيها معجما خاصا بالادهاش يمكن تصنيفه كما يلي : 
 

1- الأشياء المدهشة : المرآة - خاتم روحاني - العكازة - رسم - أصفاد - صور - قنوات - الدخان - فقاقيع ملونة - كلمات متقاطعة - لوحة - بندقية - مسدس ...
2 - الكائنات المدهشة : الحمامة - الحوت - الحورية ...
3 - الأحداث المدهشة : الزغرودة - انفجارات - عواء - طرق الباب - لحن - موسيقى صاخبة - دوي ااصطدام - قهقهة ... 

 

ان هذا المعجم مثير للدهشة , لكن عنصرا حضر بشكل محتشم وهو معروف بادهاشه الا وهو الضوء , اذ حضر مرتين : الشمعة - شعاع لازوردي , وهذا يحيل على العتمة التي طبعت الدوائر التي رسمت في شبه الظلام وما يحيل عليه من دلالات ... 
وبالعودة الى شكل القصة القصيرة جدا في كتابة حسن بواريق , نجد أن التكثيف قد وصل الى أقصر درجاته ذلك أن عملية احصائية لكلمات نصوصه تجعلنا نقف علي : 

 

* 11 كلمة في نص " تكريم " 
* 14 كلمة في نص " وصفة سحرية " 
* 15 كلمة في نص " حلم " 
* 16 كلمة في نص " نقطة " ونص " عكازة " 
* 19 كلمة في ثلاثة نصوص " رقابة " - " مأتم " - " لوحة " 
فيما أغلب النصوص تتراوح ما بين (20 و34 كلمة ), ولعل اتساع الدوائر في بعض النصوص الطويلة نسبيا مرتبط باتساع دائرة الوصف الدقيق بنفحة سردية تروم تعرية واقع مريض كما في نص " خدمة طبية " ( 45 كلمة ) و" ليلة بيضاء" (80 كلمة ) و " جدول الضرب " ( 68 كلمة ) و " انضباط " ( 73 كلمة ) و " الحجاج أمام القبة " ( 39 كلمة ) و " المقامة القصيرة " ( 51 كلمة ) .

 

ولعل تسمية هذه الأخيرة بالقصيرة ( المقامة القصيرة ) , دليل على تلك الرغبة الثاوية عند الكاتب في مزيد من التشريح لعالم أجدر بالنقد ألا وهو عالم البترودولار .
ولعل حضور الحوار المركز في بعض القصص يبرر ذلك الطول كما في قصة " الحجاج أمام القبة " .
وبكلمة واحدة أقول ان " دوائر الدهشة " لحسن بواريق قد حققت في نظري خصائص القصة القصيرة جدا في ابداعية جميلة ونقد للواقع في مختلف تجلياته الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والثقافية .

 

أملي أن أكون قد لا مست ولو نسبيا هذه الدوائرالمدهشة والتي كلما عاودت ( عاودنا ) قراءتها الا وتحرك في ( فينا ) عنصر الادهاش . "
بعد قراءة الأستاذ مصطفى امزارى جاءة كلمة الحكيم حسن بويريق التي تفيض مشاعر سامية ومحبة متقدة ،يكنهما لبيته العامر غاليري ولكل الغاليريين،كلمات بل درر مؤثرة كتبتها روح الحكيم وبللها قلبه النقي برذاذ الأخوة الصادقة والإخلاص والصفاء..حروف من ماس دونتها حكمة ناطقة جاء فيها: 
" السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته 

 

سعيد بكم وسعيد معكم أحبتي وأشكر لكم حضوركم هذا اليوم لمشاركتي فرحتي .
أشكر الغاليري على هذه المبادرة النبيلة التي أثرت في نفسي أكبر تأثير والتي جاءت بتصميم من السيدة الفاضلة الشاعرة القديرة رئيسة الغاليري سعدية بلكارح وصديقي الغالي الأديب القدير السي مصطفى لغتيري مدير عام المجموعة اللذين يصران على أن يجعلا من الغاليري صرحا للأدب الراقي وموسوعة للثقافة والفكر , الشكر لهما على هذه الالتفاتة والتي تعتبر تكريما منهما لأقلام الغاليري وأعضائه في شخصي , والشكر موصول لكل أعضاء الادارة بدون استثناء والذين ساندوا المبادرة وساهموا فيها بأفكارهم ومجهوداتهم حتى يمر الحفل في أجواء تليق بالغاليري وسمعته , كما أشكر كل أعضاء هذا الصرح الأدبي العتيد على ما قاموا به لأجل تكريمي ليغمرونني بكرمهم ونبل كلماتهم الطيبة ليجعلوا من تاريخ 29 نونبر 2015 يوما تاريخيا في مسيرتي ،لهذا فأنا أعتز بهذا اليوم الفارق في حياتي الذي أعتبره كما قلت تكريما لأعضاء الغاليري وأقلامه الذين يستحقون أكثر مني هذا التكريم وهذا الإطراء، كما أشكر كل الحاضرين الذين تجشموا عناء الحضور ومن مدن بعيدة ليشرفوني بذلك وليشاركونني فرحتي فرحتهم . 

 

شكرا للسيدة رئيسة المجموعة سعدية بلكارح على كلمتها الراقية , شكرا للغائبة والحاضرة بقوة الشاعرة والناقدة حسنة أولهاشمي ولكل من الأعزاء الشاعرة والناقدة رحيمة بلقاس والأديب والناقد مصطفى امزارى والروائي القدير والناقد مصطفى لغتيري على مداخلاتهم القيمة التي احتفت بدوائر الدهشة بتسليط الضوء عليها بمداخلاتهم الغنية والقيمة .
 

اخوتي الأعزاء أرى دائما في المطر فاتحة خير وأجد معه راحة نفسية عجيبة وكلما ضاقت بي نفسي ألجأ بعد الله الى البحر أو أسير تحت المطر لتذهب كل الهموم , ان لأبسط التفاتة نبيلة سحر وسلطان يستولي علي فكيف بهمر نبل من سماء لا تعرف الى أن تنهمر بروعة وسحر كل حين (سماء الغاليري) . 
 

أحيانا يجد المرء نفسه وسط محيط حالك يصارع الأمواج العاتية سواء دخله برغبة منه أو انه القي فيه بفعل فاعل أو بقوة خارجة عن ارادته ويبحث عن أصغر قشة يتشبث بها ولا يهمه اين ستقوده الأمواج المهم ان يبقى طافيا لينجو من الغرق فكيف به ان وجد قاربا بمجدافين ؟ أكيد أنه سيكون سعيدا , فمابالك ان صادف في طريقه سفينة بربان وطاقم وركاب ؟ حينها لن تسعه الفرحة وقد وجد الأمان واطمأن على نجاته .
 

الغاليري كان بالنسبة لي تلك السفينة , قبل ثلاث سنوات دخلت في عزلة قسرية هروبا من نظرات الشفقة وغدر الزمان وخذلان البعض وذلك نتيجة ظروف لا دخل لي فيها وكانت فرصة اختلاء مع النفس أعدت فيها النظر في علاقاتي مع المحيط ومع من كنت أظنهم أصدقائي وقسوت فيها على نفسي بمحاسبتها كما انها كانت فرصة للتقرب أكثر من خالقي , غير ان العزلة طال أمدها شعرت فيها بالتيه والغربة وأخد اليأس من عدم عودتي الى حياتي الطبيعية يسيطر على تفكيري وأصبحت كمن يصارع الأمواج العاتية للخروج من حلكة المحيط الى نور اليابسة ووجدت بعد مدة في بعض الأوفياء القلائل جدا السند المعنوي للخروج من عزلتي تدريجيا للرجوع الى مكاني الطبيعي بينهم والاندماج من جديد في عالم الأدب والثقافة والكتابة بعد ان كنت أظن بأنني طلقته طلاقا لا رجعة فيه اذ أنني انسحبت من الجمعيات والمواقع الأدبية التي كنت أنشط فيها ورفضت العودة للانضمام اليها من جديد للحيف الذي طالني منها وبسببها , لا أمن على أحد ولن أمن على أحد 
 

لأن ما قمت به اتجاهها كان بمحض ارادتي وبرغبة مني وكنت سعيدا بذلك ولم أطلب منهم جزاء ولا مقابلا ورغم ذلك كنت أتمنى لو انها خففت من وطأة ما تسببت فيه بخذلانها بالتفاتة بسيطة تشعرني بأنني موجود وفي خضم بحثي عن محيط يناسبني صادفت مجموعة الغاليري التي أعجبت بها وآمنت بعد ذلك بفلسفتها الساعية الى خدمة الأدب والثقافة ولم اتردد لحظة في الانضمام اليها دون ان ادري بأنني وجدت السفينة التي ستأخدني الى حيث أجد السلام مع نفسي .
نعم الغاليري كانت سفينة الانقاذ وكانت بر الأمان وجدت فيها الراحة والأهل ووجدت فيها ما لم أجده في أماكن أخرى وجدت فيها الحب والتقدير والاحترام وجدت فيها حسن بواريق من ج

 

بواريق من جديد . فاليها يعود الفضل بعد الله في استقرار نفسيتي التي كانت مهزوزة , وجاء ت لحظة تحقيق حلم كنت أظنه بعيد المنال وهو اخراج مجموعة دوائر الدهشة لترى النور على يدها بعد أن يئست من ذلك فالمجموعة كان مقررا ان ترى النور قبل أربع سنوات من تاريخه وكانت الأمور تسير كما كنت أرغب , لكن لله الأمر من قبل ومن بعد ( يا عبدي انت تريد وانا اريد ولا يكون الا ما أريد ) وسبحانه يفعل مايريد لحكمة هو الوحيد الأعلم بها وقدر الله ماشاء وجاءت ظروف بعثرت كل حساباتي وبعثرت حياتي ونسيت أمر المجموعة الى أن اتصلت بي الفاضلة القاصة القديرة سعدية باحدة تطلب مني أن أبعث لها نصوصي القصصية بدعوى انها تريد ان تتطلع اكثر على تجربتي في القصة القصيرة جدا الا انني فطنت الى الغاية الحقيقية من طلبها وهي طبع المجموعة وأخدت اماطلها لأنني لا أرغب في أن أكون عبء على أحد رغم المكانة التي يحتلها كلانا في نفس الأخر الى أن فوجئت بالقدير السي مصطفى لغتيري يدرج اعلانا بأن مجموعة الغاليري وفي اطار أنشطتها الداعمة للابداع والمبدعين ستطبع المجموعة القصصية وكأنه يضعني امام الأمر الواقع ولن أستطيع الرفض بعد أن أعلن الخبر على العام وهنا أنتهز الفرصة لأجدد شكري لكل من ساهم في تحقيق الحلم .
 

دائما أقول بأن الأشياء الجميلة التي وقعت في حياتي وقعت في وقت لم أسع فيه اليها ولم أطلبها , تحقق حلم اصدار المجموعة في وقت لم أكن أتوقعه بفضل الغاليري وهاهي سماؤه الندية تأبى اليوم الا أن تمطر نبلا و أن تحتفي بدوائر الدهشة وصاحبها رغم أنه لم يقدم لها أي شئ موازاة بماقدمه لجهات أخرى سوى الحب لأنه لم يعد باستطاعته تقديم غيره ولا يملك غير عضلة صغيرة تنبض بين ضلوعه لكنها كبيرة بفضلكم لأنها تسعكم .
 

أحبتي أشكركم على هذا الوقت الذي سعدت به بينكم والذي كان من أسعد أيام حياتي , فاليوم بالنسبة لي كله فرح كقوس قزح .
دام الغاليري منارة للأدب الراقي ولرسالة التسامح والحرية والابداع .
لأرواحكم النقية آيات النرجس ."
استمتع الحضور الكريم بقراءة المحتفى به لنصوص من إصداره " دوائر الدهشة" وتلاه بعد ذلك جمع من المبدعين،

 

أمتعوا كذلك الحاضرين بنصوص بهية ومتنوعة، من هؤلاء المبدعين نذكر: 
الشاعرة السعدية بلكارح ،الشاعرة حنان زاد، الشاعر صلاح الدين بشر، الشاعرة فوزية أمين، الأستاذة زبيدة بوريجات، الزجال عبد الله العذراوي، الزجالة خديجة السرغيني، الشاعرة سعاد فهمي والشاعر مصطفى امزارى والشاعر أحمد باباس.
 كتبت في حق الحكيم شهادات كثيرة ، عميقة وبليغة ومليئة بالنبل والكرم الروحي والإنساني، لوفرتها ارتأت الإدارة نشرها على صفحات الغاليري وحضرت الأرواح التي نقشت هذا النبل على أديم القلب في اللقاء، وسمت أخلاقهم في رحاب الهمداني ، كتب هذه الشهادات كل من : الأستاذ القدير سي محمد المنوني، الأستاذة النبيلة رشيدة خزيوة، الأستاذة البهية زكية الزيناتي،الأستاذة وفاء الكنوني و الأستاذ الفاضل صلاح الدين بشر الذي حضر من مدينة مراكش خصيصا لمشاركة الحكيم والأحبة سعادتهم..أيضا كُتبت مداخلات نقدية وقراءات في دوائر الحكيم ،كتبتها كل من حسنة أولهاشمي والأستاذة العميقة رحيمة بلقاس لكن لكثرة مواد اللقاء كان للوقت كلمته وتعذر عرض كل مواد البرنامج..في الحفل ارتجلت القلوب شهادات جميلة بطعم الوفاء، فابتهجت النفوس وانشرحت الصدور، وكانت الأديبة والأخت الراقية السعدية باحدة في الموعد كعادتها وعبرت عن حبها وأخوتها ودعمها الدائم للحكيم وللغاليري ولكل الغاليريين وارجلت أيضا الأخت الكريمة سمية أرها ملمة تعبر فيها عن فرحها مشاطرتها سي بويريق والغاليريين هذا الاحتفاء ..تخللت الحفل لحظات استراحة شيقة شنف فيها فريق موسيقى متناغم برئاسة الشاعر الزجال القدير بوجمعة جرجاني الحضور بمعزوفة رقيقة وأغنية طربية أرق وأبهى، تحتفي بمحبة المحتفى به العزيز..وبلحظات أخرى مميزة تم إهداء مجموعة من الهدايا للحكيم، حملتها قلوب جاءت من كل حدب وصوب لتترجم عمقا إنسانيا جليلا.. تناول الجميع حلويات ومشروبا محلى بالرقي والوئام، وتبادل الكل صورا تخلد شموخ الغاليريين وتؤبد عهد الإخلاص والإبداع والعطاء داخل هذا الصرح الفريد..

 

شكرا لك ريستنا الجليلة السعدية بلكارح، شكرا لك قديرنا مدير مجموعتنا الأبية غاليري الأدب مصطفى لغتيري ، شكرا لكل الأعضاء فردا فردا، شكرا لكل المنخرطين ولكل المتتبعين لحلم هذا الصرح، أقول شكرا لاحتفائكم احتفاؤنا ببسمة الغاليري الأبدية : حسن بويريق..حقا إنه يستحق ويستحق.
دام الرقي لغاليري المحبة
وتأكدوا أن الآتي مع غاليري سيكون دوما أجمل.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً