الخميس 28 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 28 نوفمبر 2024
لن يلدغها البعوض - عبدالعظيم الصلوي
الساعة 13:49 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

عاد مساءً من العمل منهكاً في نهاية الدوام الرسمي، كان قد تأخر كثيراً تقريباً خمسة وعشرين دقيقة،وهووقت كافٍ بالنسبةٍ له كي يقطع مسافة الطريق إلى السوق القديم بالنسبة للمدينة التي يعيش فيها.
 

طرق الباب ثم دخل الغرفة الصغيرة التي تنام فيها ( رنا ) الفتاه التي تبلغ من العمر التاسعة،وكان الإرهاق يتملكه بعضاً من الوقت،  أرخي رأسة قليلاً على الوسادة الخضراء القطنية فسمع البعوضين الصغيرين يئزان حولهما كزمارين في ليلة عرس .
كانت ( رنا ) نائمة، أضاء الغرفة،لاحظ البعوض واقفاً على شكل زاوية (45 ) على جفنها 
يمتص دمها، قطبت حاجبها أثناء اللدغ،وكأنها غضبت من شخص ما في المنزل، فكر قليلاً،
فأمسك بناصيتها،ووجنتيها ويدها بكلتا يديه الكبيرتين  لماذا؟
هل المنطقة سهلة الاختراق  أم أن الدم زائد السكر آه...........آه.....حقاً .

 

الجهاز لا يعمل فلذلك لم أستنشق رائحة الطارد،ظل يضرب ويصفق بيديه الجدران طوال الليل ثم ألقى بنفسه على الفراش وخلد إلى النوم،استيقظت ( رنا )  الساعة السابعة صباحاً ولم تقل سوى :بابا......بابا.......بابا.......
طول الليل أُصفق على المزمار وابنتي الأمورة نائمة، ارتسمت على وجهها علامات الدهشة، ذهبت (رنا ) المدرسة معكرة الفكر،وذهب الوالد إلى العمل أيضاً،وظل عندما يسمع صوتاً خفياً يصفق تصفيقتين، الزملاء يضحكون ويتساءلون عن السبب .
السكرتير:لماذا يصفق المدير؟
هل هذه طريقة حديثة لجمع الموظفين؟
لا......لا.......لا.......ربما......
يالها من لفتة ازدراء .

 

سأغير شبك النافذة،سأشتري جهازًا آخر، الآن :( رنا )  لن يلدغها البعوض .
مضت بضعة أيام على التوالي، ارتفعت درجة حرارتها بشكل سئ جداً.
سأتصل بطبيب فوراً : دكتور رنا مريضة ارتفعت درجة حرارتها .
أحضرها الآن إلى هنا .
المشفى يبعد عن المنزل مسافة مشي قصيرة تقريباً ربع ساعة،غرفة الطبيب مفتوحة،الصالة ممتلئة بالأمراض، ((رفع يده محيياً وبادله الطبيب  التحية )). 
ابنتي ما الذي  يؤلمك؟
بصوت خافت للغاية حرارتي مرتفعة، وأشعر بألم في عضلاتي،وأشعر بالضعف والدوار، أحس أني أموت .
استخدمي هذه الكبسولاّت بانتظام بعد هذه الحقنة التي ستحقن حالاً،بعد برهة من الزمان انخفضت درجة حرارتها وهدأ  رأسها وصفت عيناها وانتصبت واقفة، وفي عصر اليوم التالي ارتفعت درجة حرارتها مجدداً لمدة ساعة ثم تصبب العرق من جسمها لمدة ساعة،بلل قميصها في منطقة  الظهر والكتفين مما غيَّر لونه وأكسبه رائحة منتنة ثم اشتدت عليها برودة وقشعريرة شديدة،دثرت بكل الأغطية الصوفية، فلم تعد واعيةً تماماً،جلبت لها هدايا جدتها من القرية، كانت تتمني أن تأتي جدتها من أجلها،أكلت القليل منها تقيأت فوراً،أخذت إلى المشفى مرة أُخرى لذلك جاءت جدتها وأصرت على أن تكون برفقتها،وكانت جدتها تتمتع بإصرارها وقوة لقراراتها لا تتوافرلعجوز مثلها أبداً،كان والدها يرتعد والرعب قد ملأ قلبه .
يا دكتور ررررنا .....ررررنا ...
رنا لم تتحسن شيئاً، حكى للطبيب كل شئ  بعد أن سمعها من والدته منذ لحظة وصوله من العمل .
لماذا لم تقصوا لي هذه الحالة من قبل؟
هل البعوض متواجد في المنطقة؟
إن وجد يا دكتور استخدم دائماً طارداً للبعوض ماعدا في منتصف الشهر الماضي  فقد كان الجهاز معطوباً، حينها شاهدتٌ البعوض واقفاً على جفنها،كنت أنظر إليه بعينين مفتوحتين .
أخرج الطبيب قلمه الأحمر وكتب على ورقةٍ  بيضاء تحمل عنوان المشفى المكون من ثلاث كلمات باللغة الإنجليزية ليس لي بها علم، أخذتها وحاولت قراءتها فهمت الكلمة الأخيرة ـ المختبر ـ فعلمتٌ  أنها للمختبر .
رنا كيف الحال؟
آه.......آه........آه......

 

أخرج قطعة القطن المبللة بالمعقم ومسح على ذراعها وبحركة حلوة أدخل رأس الحقنة في وريدها المخضر الذي لا يزال نابضاً بالدم . 
عودا إلىّ  بعد ساعة .
ينادي : رنا ........رنا .......رنا .......
أنا والدها .
هذا التشخيص، أعاد الورقة إلى الطبيب، قرأها، نظر قائلا : من سيبقي بجانبها  حالتها خطيرة،ماذا !!
أنا ووالدتي،تكلم يا دكتور بصدق .
ملا ريا .
آه .....ملا ريا .....
اطمئن الأمر بسيط ستأخذ الجرعة وبعدها سوف تتحسن حالتها . 
أصابها ما أصابك ياولدي في صغرك وكُنت كما أنت الآن؟
رنا : المٌدرسة شرحت لنا أن الناقل الحشري لطفيل الملا ريا أٌنثى بعوض الأنوفلس .
ولدي إذهب إلى عملك أنا سأبقى هنا حتى تعود إلينا ...فؤادك يا فؤادي أمان .........................

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص