الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قراءة نقدية في المجموعة القصصية تأسره كعادتها للقاصة . أسماء عبد العزيز- بلقيس كامل
الساعة 05:37 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


يطل علينا الغلاف بصورة فتاة تمسك  زهرة الفخ كما تسمى التي تتغذى هنا على الفراشات و نرى تساقط قطرات الدم نتيجة الأشواك التي تنهش في عنق و أنامل تلك الفتاة وهي تأبى إلا التمسك بها فهي ترى الجمال و تتغاضى عن القبح ... تشعر بالتفاؤل و تتغاضى عن الفراغ القاتل المحيط بها فهي تسمو فوق السحاب و تترقي بالأمل و تتمنى النجاة لتزرع تلك الأرض الجدباء خلفها و تسيقها بدمائها لتزهر ورد جوري يعبق فرحا ً و ينشر السعادة . 
 

أسماء سطرت لنا ثمان عشر قصة قصيرة بعناوين لافتة مثل مشاعر كهربائية  كناية مأساة انقطاع الكهرباء وما خلفته على العائلات  و دورة تدريبيه كناية عن أعذار الخيانة و ممنوح للغاية كناية عن المنع التام بمفردات بسيطة و تراكيب لغوية سهلة تحمل رغم بساطتها معاني كبيرة و تسلسل منساب كالشلال من قصة الى أخرى بنغمات مختلفة . من الملفت عدم إطلاق أسماء علم للشخصيات في القصة و كأن الكاتبة قصدت ذلك لتعبر عن وجود أي فتاه و كل فتاه في قصصها باستثناء أسم " أسماء " في قصة " عرض وزير" حيث ان الكل يعرف أسمها فقط و هي لا تعرف أي شخص في تلك الدورة التدريبية الي اقل ما يمكن وصفها بالغرابة التامة .... 

 

نبدأ مشوارنا ب قصة " تأسره كعادتها " تحكي عن طغيان السلطة وسواء استعمالها و مدى براءة و سذاجة القادمين من خارج المدينة و استغلالهم و يحضر هنا لقب الوزير و يعاود الظهور في قصة "عرض وزير" لتعكس نفاق ما يحدث خلف الستائر والوجوه الباسمة في الظاهر مجاملة لأصحاب السلطة و تملقهم و شرارة النظرات في غيابهم  ... واقع مرير يتكرر من يؤدونه في كل دائرة حكومية ... وللمرة الثالثة يحضر الوزير في قصة " قطع و سكر" بكبريائه و يتصرف بتعال و يتجاهل الآخرين ... في القصة الثانية بعنوان " ممنوح للغاية " تلخصها أغنية فيروز أهواك بلا أمل  والحكمة القائلة إرضاء الناس غاية لا تدرك . ثم تنقلنا الكاتبة الى عنوان جديد" تفاصيل "  حيث نجد فيها نقد للمعاملات الحكومية و مدى سخريتهم من الأشخاص و كذلك قصة "تفاصيل " التي تتحدث عن الثيم ذاته المتعلق بالدوائر الحكومية و كيفية قتل الوقت لنقاشات تافهة ... هناك خيط متصل بالقصة الأولى حيث شبهت البطلة بالبصلة ( طبقات و طبقات من الأقمشة كناية عن طريقة ارتدائها لملابس كثيرة , وهنا في قصة "تفاصيل " ناقشت قضية النقاب ) ... 
 

في قصة " غياب " تحكي عن المختفين قسريا ً  و مأساة المختطفين و التقطت لنا لحظة رجوع طفل الى حضن امه بعد طول غياب وامتزاج مشاعر الفرح بالحزن  ... في قصة " لحظة " نرى شخصيات متعددة في كبينات الهاتف حيث لخصت حيوات المتصلين ف بين ثأر يبحث عن فريسته و بين فتاة تخون أسرتها مع عاشق خفي و طفل يسرق ثواني مع ابيه و عجوز تبحث عن مأوى بعد تقدمها في العمر ... قصص مؤثرة تحكي واقع مرير .. و منها الى قصة " بيتزا " التي تحكي عن ثورات الربيع العربي و كيف ان تقليد الآخرين بدون وعي يصل بنا الى نهايات لا تحمد عقباها .. ف الطباخين هم صناع القرار و البيتزا سياسة الدولة و نظام حكمها العتيق والاجتماع كناية عن حوارات السلم التي لا تنتج سواء مزيدا ً من الحروب و ثلاثة عقود رمزية حكم بائد و في الاخير اذا كثر الطباخين فسد المرق .. ويجب نقل كل شيء ... " "مشاعر كهربائية " تحكي عن مأساة انقطاع الكهرباء و رصد لحظات عائلية في غيابها و سؤال يُطرح لو كانت الكهرباء كائن حي بماذا تشعر بعد كل هذا الهوان و الاعتداءات المتكررة الإجابة بالتأكيد الانتحار ... أما في قصة " جريمة  " سوء الظن و محاولة قتل الجمال و طمس ملامح العلم بسبب إشاعة و رؤية الأمور من منظور واحد ضيق للغاية .. "شارع الخوف " من أجمل القصص التي اعجبتني فعلا .. حين تضج افكارنا و تطفو اكبر مسببات القلق .. حين نشعر بالخوف و نتخيل تواطؤ كل الأشياء ضدنا و نتذكر أخطائنا و نلوم ذواتنا و نكون اقرب للصراحة و المكاشفة لمحاسبة الذات ... و نتفاجأ انه لم يكن هناك داع لكل ذلك لو امتلاكنا الجرأة و توقفنا لنواجه تلك المخاوف 
 

"شمس الحور " تحكي عن سوء اختيار شريكة العمر و التسرع في الارتباط و مشاكل عائلية تثقل الهموم و تنهي العمر 
"شبح " تناقش قضية عمالة الأطفال و كيف تقضي على مستقبلهم و تجعلهم لا مرئيين بالنسبة لنا 
"معروف " ومضات عن الأشخاص الذين نعرفهم و نقابلهم في مواقف مختلفة في حياتنا اليومية مثل الباص ...
" خادم" كما تدين تدان  نظرتنا الدنيوية للمظاهر و تحجيم الشخوص في مقابل كسر وقتل البراءة بالرسائل السلبية و عدم رؤية الجمال الحقيقي  فالجمال جمال الروح ...
"دورة تدريبية"   تلخص أعذار المتزوجون لزوجاتهم و تناسيهم للحاسة السادسة عند المرأة قتل بطئ لكل شيء جميل 

 

"مرآة " الاهتمام بالمظهر الخارجي و تجميله على حساب جمال الروح مصيبة الجيل الجديد واتهام المرآة و تحميلها الوزر و الجناية عليها بالتكسير لإظهارها الحقيقة  ...
في الأخير أتمنى لقلم الغالية أسماء الحياة..!! 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً