الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
متى نكافح التخلف؟ زينب البحراني
الساعة 18:22 (الرأي برس ـ أدب وثقافة )

كشخصٍ مريضٍ يقترب من الفناء، لكنه رغم ذلك يرفض علاجًا يساعده على الشفاء وإضافة أعوام طويلة إلى عمره بعنادٍ لمجرد أن أجداده لم يتناولوا مثل هذا العلاج؛

نرى بعض مجتمعاتنا العربية ترفض أي بادرة من بوادر التطوير أو التغيير إلى الأفضل. لا شك أن كثيرين سيرفضون كلامي، وربما يهاجمونه ويحاربون كل كلمة منه كما كانوا ومازالوا يفعلون، لكن إصرار هؤلاء على التعامي عن الثقوب الإنسانية والفكرية والسلوكية في السفينة التي نعيش فيها، ومحاولاتهم المستميتة لتكميم أفواه الكتاب والمفكرين الذين يسلطون الضوء على تلك الثقوب بشفافية ومصداقية من منطلق إيمانهم بمسؤوليتهم الإنسانية والمُجتمعية لن يؤدي إلا إلى الغرق والخراب.

كثيرون يُكافحون مجرد الحديث عن حقوق المرأة وضرورة إرساء منظومة إعلامية وفكرية جديدة تتقن عملها في الدفاع عن تلك الحقوق، وكثيرون يكافحون أي اقتراح للإصلاح الاقتصادي بحجة ما يُسمونه "الهدر" بينما لا يُصنفون أجورهم الكبيرة تحت هذا المُسمى، وكثيرون يقفون سدًا منيعًا في وجه أي تطوير ثقافي، أو فني، أو أدبي، وإذا زعموا أنهم يناصرون هذه المبادئ فإن كل ما يدعمونه هو حفنة من الأفكار منتهية الصلاحية، لا تقدم ولا تؤخر، لا تليق بمتغيرات عصرنا الحاضر وظروف العالم الراهنة، ولا تعطي إلا حلول وهمية صورية أشبه بذر الرماد في العيون، لأنهم – ببساطة- لا يعانون ما تعانيه امرأة بسيطة، ولا رب أسرة فقير، ولا مثقف مخلص، ولا فنان أو أديب عاشق لإبداعه.

لا يمكننا تجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة أكثر رقيًا وتقدمًا إلا حين نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية بعيدًا عن التلفيق، وإلباس الباطل ثوب الحق، وغير الممكن ثوب الممكن، وحين نعترف لأنفسنا بأننا في زمن مختلف، متسارع الوتيرة، لم تعد تصلح له قوانين الأزمان السابقة ما لم تتم دراستها مجددًا وفق ظروف التغيرات الجديدة والتعديل بما يتلاءم معها، فالمجتمع كالإنسان الذي لا يبقى طفلاً أو مراهقا إلى الأبد، وإذا عومل معاملة الطفل والمُراهق بعد شبابه ونضجه لا بد وأن يتمزق قميص الطفولة الضيق على جسده وتبدو مساوئ عدم الوعي بضرورة أخذ مقاسات نموه في الوقت المناسب لحياكة قميص يليق بحجم تطوراته الفكرية والعقلية الجديدة.

سُنة الكون هي التقدم إلى الأمام وليس التقهقر إلى الوراء، ومادام العالم كله يتقدم بينما نحن متشبثون بمكاننا دون مواكبة لخطواته المتسارعة فسنجد أنفسنا في ذيل قائمة الحضارة البشرية، أي بكلمة صريحة واحدة: "مُتخلفون"، ولا شيء يغسل هذا المصير إلا "التنوير"، حيث النهوض بالفكر المجتمعي المتخلف والارتقاء بمستواه بدلاً عن دعمه، وتكريسه، والترويج لبقائه.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً