- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- مركز ابحاث: يكشف تغييرات الحوثيين للمناهج الدراسية لغسل أدمغة ملايين الطلاب والطالبات (تقرير)
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
"إن قلب الإنسان ليتألم حين تمطر ، ويجب أن لانلومه على ذلك. .!"
نيكوس كازانتزاكي/ زوربا
أحاول انتشال تلك الكومة من اللحم والدم التي أسميها جسدي ،بعد أن أصبح رخوا جداً، ثقيلا جداً،وأعجز تماماً عن فعل ذلك ..
هل حقاً كانت تمطر في الخارج، أم أنني كنت أحلم؟
أحاول أن أتذكر ..أكان الوقت حينها عشية، أم في الصباح الباكر.
لو أنني فقط أتذكر لون ملابسي حينها، عنوان الكتيب الذي كنت أقرأه ،
أحاول جاهداً العودة بذاكرتي خطوة إلى الوراء ..
كنت في الفناء الخلفي للدار أطارد بعض الفراشات اللاهية تحت دفء أشعة الشمس ، تتكىء دراجتي الهوائية على عتبة الباب الخلفي ، يحرسها نعلاي المتخاصمان..
- سأمسك بتلك ؛ صاحبة البقع الصفراء الفاقعة ..
محدثاً قطيَ الصغير ، المضطجع في بقعة من الظل تحت النخلة التي لم تحبل أبداً، وفقاً لإرشيف ذاكرتي ..
بمخلابه الأيسر ؛يحك أنفه غير ملتفت صوبي ..
ركضت خلف تلك الفراشة من غصن إلى آخر .
أكنت حينها ألهو بمطاردتها ، أم هي من كانت تلهو بي ، مستمتعة بعنادي ، وسذاجتي ..
ويصلبني في مكاني صوت أمي الباكية ، والريح تحمله صوبي . ركضت في اتجاه الصوت .تعثرت بإطار دراجتي الهوائية ، متحاملاً على ألمي .. جرجرت قدمي ، وركضت مرة أخرى ..ألفيت أمي مسجية على الأرض ..وبضع كدمات داكنة تغطي وجهها، وخيط رفيع من الدم ينساب يسار شفتها السفلى ..
حين رأتني جذبتني في اتجاهها، وضمتني بقوة إلى صدرها ، فتشبع يومها جسدي برائحة الدم والألم.
نسمات الرياح في الخارج تتحرش بأوراق الشجر ،فتصدها الأخرى مثيرة جلبة كبيرة ،قطرات المطر تلعق زجاج نافذتي اليتيمة، وقطيَ الصغير يموء خلف باب الحجرة ،ومن أقصى الدار كان يأتِ صوت أبي ، مخاطباً أمي ، بلهجة آمرة :
- اغلقي النوافذ..
فأسمع خطوات أمي العجلى تغادر المطبخ ، وترتطم إحدى النوافذ بالجدار ، فتصدر صوتاً مدوياً..
يتبعه صوت أبي منفعلاً:
- ألم أقل لكِ يا امرأة اغلقي النوافذ..
خطوات أمي تجوب الدار جيئة وذهاباً، من حجرة إلى أخرى .
هل حقاً سمعت حينها نبضات قلبها الواجفة ، أم أنني كنت أتوهم؟
ومرة أخرى تحمل الريح صوت أمي المتوسلة ، المستنجدة ..
ويمر الصوت من خلالي ،يتجاوزني وجعاً/ تمزقاً..يتشظى في المدى ،ويرتد في اتجاهي أنين وتوسلات.
وأسيح أكثر على أرضية الحجرة .
يومها وقبل أن ينتصب ظلي . رأيت أمي وقد نبت لها جناحان، تحلق خارج الدار. لم تلتفت صوبي لتودعني بنظرة حانية كعادتها كلما خرجت ، فأدركت حينها بأنها لن تعود أبداً.
ورأيت كل الفراشات تلتحف جناحيها وتغادر الفناء الخلفي .
وأخذت الريح تصفر في أعماقي ، وتلوك أغاني المطر ..
مطر أكثر ..
بحنق تصفر الريح في الخارج ،وينقر المطر بعنف على زجاج نافذتي اليتيمة . تتكاثف العتمة في زوايا غرفتي ، وأغرق تماماً في بحر لجيّ من الظلمات..
يضطرب خافقي لصرير النافذة ،بدا لي كأن أحدهم يحاول فتحها، وأسمع خطوات حذرى تذرع الظلام صوبي ، وتتريث عند حافة السرير..
ونسمة باردة تلسع قدمي ، أشد الغطاء إليّ فاستشعر أنفاس دافئة تلفح قفاي ،وتسري القشعريرة في جسدي ، كدبيب جيش من النمل..
تماوتت كحشرة حاذقة ، قبل أن يوخزني الصوت هامساً في أذني :
. - الآن وإلا فلا.
انتفخت رئتي، تسارعت خفقات قلبي، وشعرت بالدم يندفع من جميع أجزاء جسدي يصعد إلى رأسي دفعة واحدة.
أردف الصوت هامساً أيضا :
- الكراهية ياصديقي شعور إنساني متأصل منذ القدم، فقط بعض الحسابات النفعية والروابط والعلاقات تبقيه مترسباً في الطبقات السفلى منا ، لهذا يأتي المطر.
صمت برهة ، ثم أضاف :
- نعم لذلك يأتي المطر .. لكي يوقظه ، فينهض دفعة واحدة ، كبيرة جداً،كوحش كاسر -
سحبت الغطاء إلى أعلى ،وتكورت على نفسي ، لافا" ذراعي حول ركبتي عند مستوى صدري، ومازال الصوت يصلني ، واهنا هذه المرة..
- أنت لم تغفر له ، أليس كذلك؟
ثم أنك لست مضطرا أن تغفر له ، حتى الله لايغفر كل شيء .
تقبض يمناي الملطخة باللون الأحمر القاني، على مقبض نصل سكينة ،لم تفقه بعد ماذا فعلت بها ؟
تفوح مني رائحة الدم ، الكراهية ، الأحقاد ،الندم والألم ..
ركضت إلى الفناء الخلفي للدار ، انتصبت تحت المطر ، مرسلا يديّ صوب السماء .
أدركت حينها ، لم كان أبي يركض خارج الدار كلما أمطرت ..!
خرج خلفي قطي الصغير ، نظر إليّ مشمئزا، وهرول في اتجاه سفح الوادي .
أفرك يديّ بشدة ،محاولاً إزالة ذلك اللون عنهما ،وكلما فركت أكثر تكاثف اللون زاحفاً، مسترسلاً..إلى بقعة أخرى من جسدي .
ويتوقف المطر .. وقطرة أخيرة تسقط على رأسي ،تحيلني إلى كومة من لحم ودم ..
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر