الجمعة 29 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 28 نوفمبر 2024
الشصر - علي القوطاري
الساعة 23:00 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

تأملت دجاجاتي الثمانية ومعها الديك صاحب العرف الأحمر والريش الملون,كانت تلقط الحب آن وآن تخربش الأرض بحثا عن الدود, هاهو قرص الشمس يدنو من الأفق , وعما قريب سيقتل زنجي الليل تركي النهار, وعلي أن أستحث طيوري على دخول بيتها قبل سيطرة غاشية الليل على كل شيء , دخلت الدجاجات ومعها الديك كوتها المخصصة أغلقت باب الكوة الخشبي ودخلت بيتي لأتوضأ وانتظر موعد أذان صلاة المغرب,ارتفع صوت المؤذن من مسجد القرية فباشرت صلاتي .

توسلت إلى الله أن يبعث لي زوجا أعيش معه في قصر! وبينما أنا كذلك طرقت الباب جارتي زينب وهي تزف لي خبرا سعيدا قالت زينب: لا أخفيك لقد جاء لخطبتي رجل يدعى نصر قادم من بلاد الحجاز, غير أني لا أريد الغربة ولم يشجع هذا القادم أني سبق لي الزواج ووجود عمرو معي , والواضح أنه يريد الصغيرة الجميلة البكر وهي أنت يا مريم! لم أشك أن الله قد استجاب لي صليت العشاء الآخرة وشردت في الصلاة غير أني رجعت استحث نفسي على التركيز . وبعد فراغي من الصلاة بدأت بإعداد طعام العشاء لي ولجارتي زينب , وبعد فراغنا من الطعام جاء الطفل المدلل عمرو ابن جارتي زينب بعد نفاد المائدة قمت بإعطاء عمرو علبة من البسكويت الغني بالكريمة اللذيذة ,جلسنا نتجاذب أطراف الحديث وعندما رميت ببصري نحو ابن جارتي عمرو لاحظته وهو يرمي البسكويت في وعاء به ماء مُعد لتشربه البقرة. قلت له: ألا يعجبك البسكويت؟ فقال عمرو: لقد أكلت الكريمة اللذيذة فقط والبسكويت سيذوب في الماء وتشربه البقرة, عاتبته بلطف لماذا صنعت هكذا يا صغيري قالت زينب ضاحكة :

لا عليك هكذا يفعل الصغار في جميع أنحاء العالم .ودعتني زينب قائلة : تصبحين على ألف خير أخذت مريم صغيرها عمرو وعادت إلى بيتها وما أن غادرت زينب حتى وضعت رأسي على المخدة . في تلك الليلة الظلماء وضعت رأسي على المخدة وتمنيت النوم حتى أقتل الوقت ويأتي الغد بجديده1غير أن أحلام اليقظة سرقت مني نومي فلم أنم في تلك الليلة عما قريب سأذهب مع زوجي إلى بلده وسأتحف صديقاتي لاسيما زينب بالكثير من الهدايا والعطايا فكرت بطيوري التسعة وبينما أنا كذلك سمعتها تستغيث بصوت ركيك (كيك..كيك.. كيك..كيك.. كيك..كيك..) لم أجرؤ على الخروج بمفردي لأنقذ دجاجاتي من المتسلل المحتمل لا بد أنه الثعبان .. لا الثعلب أيقظت جارتي زينب فقالت : ما الخطب فقلت لها أن دجاجاتي في خطر! قالت زينب علينا أن نسرع خرجت مع جارتي حاملة مصباحي اليدوي إلى حيث الدجاج كان صوتها قد خبا فرجوت أن تكون على ما يرام وعندما فتحت باب الكوة سلطت شعاع المصباح على الدجاجات يا للهول إنها كلها ساكنة لا تتحرك لم أجد أثر لأي دم! سمرتني المفاجأة وعندما نظرت جارتي إلى الدجاجات أغلقت باب الكوة قائلة: لا عليك يعوضك الله خير ثم ماذا تصنعي بالدجاج أنت مسافرة إلى السعودية لوت ذراعي واصطحبتني إلى البيت وعندما جلسنا سألتها لماذا لم يأكل الثعلب الدجاجات , قالت جارتي زينب إن المتسلل ليس ثعلبا بل هو حيوان آخر يمتص دماء الدجاجات ولا يأكلها يسمى بلهجتنا الدارجة شصر ويسمى بأبي عرس قلت لها الشصر بلهجتنا الدارجة هي الفتحة الصغيرة فقالت زينب : سمي شصرا لأنه يدخل من الفتحات الصغيرة جدا فهو يحدثها بمخالبه ويساعده جسمه الانسيابي على الدخول بسهولة تعجبت من هذا الشصر كم سيكون استهلاكه من الطيور. إنه يصنع بالدجاج كما صنع عمرو بالبسكويت يأكل الكريمة اللذيذة فحسب. آه لا علينا هكذا يفعل الصغار دائما.


في اليوم التالي جاء هذا القادم من الحجاز لخطبتي كما كنت أرجو سعدت بتلك الخطبة أيما سعادة كانت خطبة قصيرة فقد قرر أن يتزوجني في القرية ريثما يقوم بإعداد بيت جديد في الرياض , تزوجته في بيت من بيوت القرية استأجره بثمن بخس أقيم لنا عرس تقليدي بت مع زوجي ليلة واحدة أخبرني أنه سيسافر في صباح عرسنا . وبعد العصر جاء زوجي نصر ليخبرني أنه استخار الله وانه مطمئن إلى طلاقي ! ذهلت من هول المفاجأة إنه عرس أبي عرس تبخرت كل أحلامي, لقد أزال بكارتي وأدار ظهره لي حاولت أن أناديه ليعود : نصر..نصر.. نصر..شصر شصر جثوت على ركبتيّ منهارةً والدموع تنهمر بغزارة على خدي أردد :لا عليك يا مريم هكذا يفعل الأنذال..هكذا يفعل الصغار في جميع أنحاء العالم .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص