الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
الروائية الكتلانية كارمن رِييرا والكتابة ضد الخوف - عبدالله الساورة
الساعة 21:46 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

الكتابة ضد الخوف.. ذاك هو الهاجس الكبير للروائية والأكاديمية الكتالانية كارمن رِييرا، التي فازت مؤخراً بالجائزة الوطنية للآداب لسنة 2015، وهي من أهم وأرفع الجوائز الإسبانية على الإطلاق، تم الإعلان عنها في بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. 
 

أن تمنح الجائزة لهذه الروائية في هذه الأوقات العصيبة التي تعيشها إسبانيا ورغبة كتالونيا الملحة في الانفصال، تطرح أكثر من علامات استفهام؟ ينظر لتقديم هذه الجائزة كعملية استرضاء للشخصيات الفكرية والنخبة المثقفة التي تدعو ضد الانفصال.
 

نالت الروائية والأكاديمية المايوركية (نسبة لجزيرة مايوركا) التي تكتب باللغة الكتالانية للجائزة الوطنية للآداب لسنة 2015 التي يقدمها وزير التربية والثقافة والرياضة. 
حسب لجنة التحكيم منح هذه الجائزة جاء عن «الجودة العالية لأعمالها بالقشتالية (إلكستيانو) والكتالانية، التي تمزج فيها بين الإبداع الفني مع البحث والتوعية. وهو عمل متعدد الأوجه ذو تأثيرات عالمية». حصلت الكاتبة على جائزة مادية قدرها أربعون ألف يورو، عن مجموع أعمالها باللغة الإسبانية، رغم أن مؤلفاتها في غالبيتها مترجمة للإسبانية ( إلكستيانو). 

 

يبقى السؤال ما الذي تعنيه هذه الجائزة لكاتبة حصلت على أكثر من 24 جائزة؟ وما الذي ستضيفه هذه الجائزة لكارمن رييرا؟ وهي الحاصلة على الجائزة الوطنية للسرد عن رواية «الأزرق الأخير» (1995).
ابتدأت هذه الجائزة سنة 1984 وتمنح لأرفع الكتاب الإسبان عن مجموع أعمالهم، وقد فاز بها الكاتب خوصي بيسِينتي فواكس (1984)، وفي سنة 2013 فاز بها خوان غويتصلو، تم فاز بها سنة 2014 الكاتب إيمليو إييدو. 

 

تواجه الكاتبة الحياة كما الطفلة التي في مذكراتها «زمن البراءة» (2013)، حينما كانت تنظر عن قرب، تجيب، تلمح، تبدو كأنها تريد أن تهرب من المخاوف. هذا الخوف يأتي من بعيد مرددة «من كل المخاوف، الخوف من الجحيم الذي يعذبها في مرحلة الطفولة… ما يقع معي أنني أخشى أن تموت حفيدتي، أولادي، زوجي، الأشخاص الذين أحبهم… لا يمكنني تفادي هذا الخوف». ليس لها خوف آخر «أخشى من مرض الزهايمر، والأسوأ من الشيخوخة، وهما أمران خطيران» تعرب عن هذا الخوف الكامن في دواخلها، الذي تحاول التغلب عليه، لكن عليها أن تتحمل وأن تستمر في مجابهة المرآة «مجابهة المرآة أمر صعب، عرض عليَّ خوان غارسيا أورتلان تناول الفطور معه». هل يمكن أن تأتي؟ قال وسألته: لماذا تستيقظ مبكراً جداً؟ 
 

أجاب : أستيقظ في هذه الساعة لمواجهة المرآة تدريجيا. الأمر نفسه يحصل معي، التدهور الجسدي يُخيفني، خلافاً لذلك ليس لدي خوف معين». وتضيف «أواجه هذه المخاوف، في كل الحالات، بإرادتي، فأنا من مواليد برج الجدي، يساعدني عملي الشاق في تجاوز ذلك، وإذا لم أفعل ذلك يزعجني». 
 

للكاتبة سلسلة من الكتابات… من آواخر السبعينيات من القرن الماضي حتى اليوم، تتنوع بين الأعمال النقدية والصحافية والروائية، 13 كتاباً، هي عبارة عن قراءات في مجموعة من الدواوين والحساسيات الشعرية الإسبانية، من بينها ذاك المؤلف الذي أثار ضجة كبرى «دون كيشوت انطلاقا من الوطنية الكتالانية (2005)، ترفض فيه اعتبار شخصية دون كيشوت باعتباره ممثلا للعرق القشتالي والأسبنة (من كلمة اسبانيا) والذي هو تجاهل للمحيط ليس لها. كما أن لها ستة أعمال لكتب الأطفال والشباب مابين (1980) و (2008) من أشهرها كتاب الأطفال الشهير «السفر الرائع لمريم في بلاد زهور الأقحوان». 
 

من بين أعمالها الروائية «ربيع من أجل دومينكو جواريني» (1980)، «مسألة لحب خاص» ( 1987)، «في الأزرق الأخير»، «من أجل السماء وما هناك» (2000)، «نصف الروح» ( 2004)، «صيف الإنكليزي» (2006)، «بعيون أمريكية» (2009)، «طبيعة ميتة تقريباً» (2011)، وهي رواية سوداء، ثم رواية «زمن البراءة» (2013)، الذي تتحدث فيه عن طفولتها في مدينة مايوركا الإسبانية، كمدينة منفتحة على كل شيء. 
 

الكاتبة كارمن رييرا (جزرالبليار، من مواليد 1948)، روائية وكاتبة للمقالات باللغة الكتلانية، وجميع أعمالها تقريبا ترجمت للغة القشتالية، حاصلة على الدكتوراه في الفلسفة الإسبانية وأستاذة للأدب الإسباني في جامعة برشلونة. وهي أيضا عضو في الأكاديمية الملكية للغة. معارك الكاتبة هي الدفاع عن حقوق الكُتاب، فهي رئيسة المركز الإسباني لحقوق إعادة الإنتاج. تكتب بلغة طفولية بليغة «أكتب كما الطفلة التي كنت.. هذه الطفلة التي تسافر معي» تعلق الكاتبة عن الحس الطفولي الذي تتحسه في كل اللحظات. تضيف «أن تنمو يعني البلوغ، أن تكون ناضجاً، وأن تكون كذلك.. عليك أن تتركه خلف الطفلة التي كنت. لا تنظر إلى الخلف كثيراً، حتى لا يأخذك الحنين». تلك هي النظرة والثقب الذي تنظر من خلاله لبوتقة الحياة.. أن تمنح الجائزة الوطنية للآداب عن مجموع أعمالك.. ذاك هو التقدير للكاتب وللإنسان الذي يحمله وليس بعد مماته، حين تكثر الشهادات ويحمل الرفات إلى المآوى الأخير كما يحدث في الوطن العربي.. وتلك هي اللعنة التي يحملها الكاتب معه..

 

كاتب مغربي

منقولة من القدس العربي..

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً