الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قراءة نقدية لقصة إيثار للكاتب مصطفى لغتيري
الساعة 20:36 (الرأي برس خاص - أدب وثقافة)


قراءة نقدية في القصة إيثار للكاتب مصطفى لغتيري

بقلم سعدية بلكارح

أولاً النص


إيثار


بكثير من الحسرة لاحظت الزوجة الصغيرة إغداق الزوج عطاياه على "شريكاتها" الثلاثة، فلم تبد أي رد فعل.
انتبه الزوج إلى ذلك فقال لها مطمئنا :
- سيأتي دورك..لا تحزني.. 
بكثير من اليقين ردت عليه:
- لا تشغل بالك .. أنا أحب "شريكاتي" وأوثرهن على نفسي..
سمع ذلك فابتسم، وقال في نفسه:
- لا أصدق إيثار الشريكات، يبدو أن الصغيرة تخطط لكي" تجمع حب وتبن".

 

ثانياً القراءة.
"إيثار" كاسمٍ نكرة يطرح سؤالا بديهيا يتراءى للقارئ، أي نوع من الإيثار هو؟؟وفيمَ يتجلى هذا الإيثار؟.. كلمة تقُودُ لاكتشاف مكنون متنٍ يستهله السارد المتمكن من أدواته.. بحسرة الزوجة الصغرى التي لقيت من زوجها تهميشا لحق من حقوق التعدد (العدل) بصريح النص القرآني الذي حصر هذه "المنحة" بتحقيق العدل "المفقود" وإلا سقطت أو تكاد هذه الشرعية..

يعرج بنا وبذكاء عميق، السارد القدير الأستاذ مصطفى إلى تلميح دقيق جدا 
بين مزدوجتين كلمة الشريكات كمصطلح شعبي متداوَلٍ ليصدم إدراكنا بعمق الدلالة وبعدها الغائر.. ويخلخل مفاهيمنا المكتسبة بدهشةٍ فائقة الحبكِ.. لوضع أكثر من علامة استفهام حول هذا المضمون العميق..
فيم يشتركنَ؟؟ ما طبيعة الشراكة بينهن؟؟ إنه الزوج..
معادلة صعبة.. وموخزة..

رغم عدة تحسبات أخرى تجيزها.. اجتماعية.. واقتصادية.. وأخلاقية..
لكنها تظل معضلةً نفسيةً للمرأة تجلجل توازنها الطبيعي وتخلخله..
قد تتعايش معه.. وقد لا تفلح..
فالترميز إلى نفسية المرأة بالحسرة الكثيرة والصمت بقبول الوضع رغم نشازه.. يضعنا أمام أمرين لم يغفلهما السارد أستاذ مصطفى داهية السرد وخبيره: الأول دهاء المرأة بإظهارها التجاوز لبعلها على مضض.. ب"ادعاء" محبة شريكاتها وإيثارهن على نفسها..(وهذا مستبعد جدا في الواقع وقد أشار له الأستاذ مصطفى بكلمة "الحسرة ".


الثاني: استعمال ورقة الاستجابة للزوج المثلى وطاعته فيما يقول أو يعمل لكسبه إلى صفها (لأنها طبيعة الأزواج) الخلود إلى المسايرة وعدم إثارة المشاكل.. وهذا دهاء تتميز به بعض من قبِلن بمغامرة التعدد.. كبطلة النص هنا.. هي حرب باردة في معركة حياتية شديدة المِراس.. تقودها الغيرة وحب التملك..
النص بمقارباته العديدة يحقق مفارقة قوية تشد أنفاس المتلقي إلى قفلة صادمةٍ بتضمينٍ دراماتيكي ساخرٍ.. وهنا تكمن عبقرية السارد في تحريك عناصر السرد داخل النص بتقنية جميلة جدا.. الدراما تتحقق في التصوير الدقيق للحالة النفسية المهزوزة لشخوص النص من توجس و ريبة..
وتوقعات متوترة..
والسخرية في مضمون الجملة التي ذُيِّل بها النص.. وهي ب"المنطوق الشعبي"..
النص يختزل ثقافة في الموروث الإسلامي.. برؤية نقدية ذات دلالة عميقة..
تكشف ما خلف المفهوم "التعددي".. بتبئير يدعو للوقوف طويلا عنده...
أحيي القاص المبهِر أستاذ مصطفى.. متمنية له المزيد من التألق والإبداع الفذ..

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً