الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
ذاك الحاكم وهذا الحاكم العربي - عبدالله الساورة
الساعة 07:57 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

     الحمد لله أن لنا في الوطن العربي خنازير قليلة وناذرة، حتى لايدعي البعض مثلي أن حاكماً عربياً مارس الجنس مع خنزيز في شبابه كما فعل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون كما أخبرت صحافته. فالحاكم العربي" من أهل الورع والتدين وحسن السبيل، لم يكذب على شعبه يوماً ولم يعجب يجوع شعبه نهاراً ولم يعبث بأرزاقه ويهرهبها ليلا، فهو صانع للمعجزات ولاينزاعه أحد في الحكم وفي الكرسي ".

نحمد الله أن حاكمنا لايشبه ذاك الذي مارس ذلك الفعل المشين والقبيح ولم تستطع صحف المعارضة وصحف المهجر رغم شراستها أن تنبش في تاريخه وتأتي بِما أتت به تلك الصحف من موبيقات وأعمال تندى لها الجبين.
 

فالحُكم  مراتب ودول، ديفيد كاميرون يركب القطار ليصل إلى أعماله وحدث ذات مرة أن لَبِس جورباً ممزقا وتم تصويره من طرف صحفي. ماذا ندون في التاريخ والأمم تسخر منا أن حاكما نزل عن صهوة فرسه ولبس جورباً ممزقا وركب القطار ليصل إلى مقر عمله، أليس هذا الأمر تبخيساً للحاكم العربي وهو الرجل ذو الحسب والنسب.
 

كيف ينزل الحاكم من التاج والصولجان ويخالط العامة وروائحهم الكريهة وزدحامهم ألم يصفهم ابن خلدون ب" العامة والغوغاء والدهماء". أي مرتبة تبقى الحاكم العربي بعد أن يخالط العوام في وسائل النقل العامة، فقد تكيف مزاجه على السيارات الفارهة والطائرات العملاقة.
 

أتعجب من حكام هولندا ووزارائها كيف يركبون على الدرجات الهوائية ليبلغوا وزارتهم!!! وكيف يسابقون الوقت.. تخيلوا معي فقط أن حاكما عربيا بضخامته يركب دراجة هوائية ويذهب بها إلى عمله، أليست سُبة لن تمحى من جبين هذه الأمة التي تحب السؤدد والعلياء في كل شيء.
 

وأستغرب من ديفيد كاميرون كيف يحقر نفسه كثيراً وهو يشد يد ابنته ويوصلها على قدميه حتى المدرسة، ما رأت العرب بأقسامها فعلاً مشيناً مثل هذا، أيعقل أن الحاكم العربي بجلال قدره وصولجانه وأبهته، يشد بيده اليمنى ابنه ويقوده إلى المدرسة العمومية فذاك ضرب من ضروب الخيال، فللحاكم العربي طقوسه الخاصة ولباسه الخاص ولأبنائه المدرسة الخاصة والأساتذة الخواص. سبحان الله على هذه المقارنة التي تقارن بين الرعاع وبين أسيادهم. فهل ذكر التاريخ العربي بطوله عن حاكم يعيش الفقر والحرمان والكبت؟!!!!
 

ديفيد كاميرون بنفسه يسكن شقة صغيرة رفقة أولاده وزوجته، مثله مثل رئيس البارغواي الذي له سيارة قديمة جداً ويلبس بدلة قديمة ويقطع طماطمه وأزهاره بنفسه. تخيلوا فقط مجرد خيال بعيداً أن يحدث هذا ولو بعد مليون عام أن حاكم عربيا سكن شقة من شقق السكن الإقتصادي، وأنه سكنها لمدة أسبوع وفي الليلة الأولى سمع من الجدار الموالي لشقته كلما يحدث من تنهديدات وزفير وطلوع وهبوط، وسمع في الصباح صراخ الأم والعيال، أليس الأمر مربكاً بعض الشيء وأمر لم يتعوّده الحاكم العربي الذي تربى في القصور الفسيحة والصالات والغرف الطويلة والعريضة. هل عرفتم شعوره وهو يبيث لمجرد ليلة واحدة طعم الكبرياء الذي خدش محياه. بالله عليكم لاستخروا من كريم ولد وفي فمه ملعقة من ذهب..
 

وكم من مرة تأخذني الدهشة وأنا أرى ذاك الرئيس الأسمر أوباما وهو يحمل بين يديه كتاباً في كل مرة في حله وترحاله، ماذا لو تأبط الحاكم العربي كتاباً في النازلة والطالعة وفي الغدو والترحال، ولأننا شعوب تحب حكامها سنقلده في حمل الكتب ونصبح من الأمم التي يحمل كل فرد من أفرادها كتاباً في يده.. أليست مسخرة أن نحمل الكتب ونحن أمة اقرأ التي تعودت على الجهل والأمية والتضبيع وتعايشنا مع الكبت والحرمان والحاجة، كيف سنشعر ونحن نغير من تقاليدنا المجيدة في البؤس والفقر.
 

لا تقولوا أن يجوع الحاكم لليلة واحدة، ماذا سنقول لأمريكا وأوروبا.. أن حاكمنا جرب الجوع والعطش.. وكيف سيكون احساسه...
 

ليس المطلوب من الحاكم العربي أن يكون ذكياً جداً ويفهم في السياسة والمجتمع ويخطط لمستقبل الأمة، فهذا عبء ثقيل تنوء بحمله الجبال، فالحاكم متخصص في هواية زينة القصور وصرف العملات وجوائز اختيار ملكات الجمال والفوز بها في كل مسابقة حتى وإن استدعى الأمر الخصام بين الأشقاء.
 

فالحاكم العربي يفعل ما يشاء وما أراد، في قلب الليل وفي واضحة النهار، فهو الحاكم فينا واعتدنا على ذلك آلاف السنين .
 

لماذا تأخذنا الحمية والمقارنة، فلا مجال للمقارنة بين ذاك وبين هذا، فالفرق شاسع والبون عظيم ولا تسألوا عن أشياء تضيعون فيها وقت الرعية، فهو يفعل كل شيء وذلك أضعف الايمان..

 

عبدالله الساورة: كاتب وناقد سينمائي من المغرب

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً