الجمعة 29 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 28 نوفمبر 2024
خلف قضبان القصيدة - فيصل البريهي
الساعة 13:41 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

لا تَبْتَئسْ ، قُلْ للقصيدةِ : حاولي
أنْ تَشربيني كي تَجفَّ جداولي  

 

أنا واحدٌ مِن أنهُرِ المَعنى التي
ما ذاقَ يأسي غيرَ كأسِ تفاؤُلي

 

ودَعِي مُعلَّقةَ السَّحابِ فرُبَّما
تغدو غباراً حينَ يهطلُ وابلي

* ** *

 

أبحرتُ في لُججِ القصيدةِ لا أعي  
هلْ في الطويلِ أخوضُ أمْ في الكاملِ

 

وأنا ، أنا البحرُ الذي ما كانَ في
بالِ الخليلِ تجاوُزِي وتجاهُلي

 

كم أبحرَتْ فيَّ البحورُ وما دَرتْ
ماذا بأعماقي ... وأين سواحلي

 

ولقد جرَتْ سفُنُ القصيدةِ في دمي  
تجتاحُ أعضائي وكلَّ مفاصلي

 

وأنا بداخِلها أعيشُ مُراهِقاً
عمُري...كما تحيا القصيدةُ داخلي

 

ما عشتُ إلاّ في مناهِلها كما
هِيَ لمْ تَعِشْ في غيرِ نَبْعِ مَناهلي

 

هِيَ عالَمِي في الغيبِ ما طُوِيَتْ إلى
أفُقٍ سُواها في الحياةِ مَراحلي

* ** *

 

والشِّعرُ عالمُهُ الوسيعُ مُؤثَّثٌ  
بالضَّوءِ...كم ركَضَتْ إليهِ قوافلي

 

أَنَّىٰ اتَّجَهتُ وَجدتُهُ كالشمسِ مِن
حولي...ومِن كلِّ الجهاتِ مُقابِلي

 

وهو الذي في القلبِ مُتّهجٌ سنىً
بُكَري مُضَوَّءةٌ بهِ وأصائلي

 

وكأنَّما هو في الحياةِ وسيلةٌ  
للعيشِ إنْ قطَعَ الزمانُ وسائلي

* ** *

 

لِسُوى القصيدةِ ما خُلِقتُ كأنَّما
أضحتْ فروضي كُلَّها ونوافلي

 

هي كالضَّلالةِ والهِدايةِ...يستوي  
عندي أحَقِيَّاتُها وبَواطِلي

 

وكَرِعشةٍ مجنونةٍ في القلبِ كم
أذْكَتْ هُمومي في الحشا ومشاغلي

 

أوْلَيتُها عُمري فكنتُ لها وقد
رصَدَتْ جميعَ مَخارجي ومَداخلي

 

تحْتلُّني ظِلاًّ...يُلازِمُني الخُطى
بينَ انتصابي تنطوي وتمايُلي

* ** *

 

وأنا كأرقامٍ بِلا عددٍ وقد  
حَلَّتْ محلَّ قواسِمي وعواملي

 

أناْ في مَسائِلها مُعادَلةٌ بِلا
حلٍّ...كما هي حلُّ كلِّ مَسائِلي

 

كُلِّي جذورُ مُضاعفاتٍ وهْيَ في
ضَرْبي وجَمْعي في النتيجةِ حاصلي

* ** *

 

تجري ورائي لا تملُّ تَعقُّبي  
عند انتباهي بغتةً وتغافُلي

 

«بَحْثيَّةٌ» تبدو لدى استجوابها

مَسْؤولتي في حينما هي سائِلي

 

وكسُلطةٍ قمعيَّةٍ ما أنشأتْ
إلاَّ سُجوني فوقَها ومَعَاقِلي  

 

أنهكْتُ في جِدرانِها وصخورِها
زُبَرَ الحديدِ وأفْؤُسي ومَعاوِلي

 

وأناْ المحاصَرُ خلفَ قُضباني وفي
قَيدِي وأغلالي أجُرُّ سلاسلي

 

أحيا أسيراً للقصيدةِ وهْي في  
قلبي وروحي تستثيرُ تفاعلي

 

هي عَصرُ ما بعدَ الحداثَةِ إذْ أنا
في عالَمِ المُوضاتِ عَصرٌ جاهلي

 

تعتادُ فِيَّ تَخَلُّفاً فيلُوحُ لي  
في وجهِها عصرُ الدَّمارِ الشَّاملِ

* ** *

 

ما كنتُ أدري أنَّ مَن أحْيَيتُهُ
للدَّهرِ رُوحاً سُوفَ يُصبحُ قاتلي

 

وهو الذي ما زلتُ أحملُ مُرغماً
أعباءَهُ....كالصَّخرِ تُرهِقُ كاهِلي

 

كم عاشَ يحملُني ويحملُهُ الحشا
أضعافَ أضعافِ الذي هو حاملي

 

وكأنّني قلمٌ تُقلِّبُني أنا  
ـملُ مَن أقلِّبُ روحَهُ بأناملي

* ** *

 

 

ما زلتُ أحيا كاليتيمِ وليسَ 
لي 
أحدٌ سُوى وحْشِ القصيدةِ كافلي

 

كم حجَّمَتني كالأهَلِّةِ واكتفتْ
قبل اكتمالي باْحْتواءِ مَنازلي

 

قد كنتُ روضاً ليس في أفيائهِ
إلاّ هديلُ حمائمي وبلابلي

 

ضمَّختُها بشذى المحبَّةِ مِن ندى
زهري وعطرِ شقائقي وخمائلي

 

فيَّأتُها روحي وما قَطَفتْ سُوى
ما طابَ مِن ثَمَري لَها وسَنابِلي

 

وهي التي لي بالمُقابِلِ رجَّعتْ
بالسُّهدِ والقلقِ الذريعِ جَمائلي

* ** *

 

كلُّ الجهاتِ مَخالبٌ مسنونةٌ  
تعتادُ نَهشِي رَغْم طُولِ تحايُلي

 

إن كدتُ أنجو مِن تطاوِلِها اقتضى
حِقْدي عليها يستثيرُ تَطاوُلي

 

ما لُذْتُ مِنها هارباً إلاّ إلى  
فَمِها....لأنَّ نصيرَ حظِّي خاذِلي

 

لكنّني استنصَرْتُ مَن أطْعَمتُهُ
بيدي وفيما بَعد أصبحَ آكلي

* ** *

 

 

لم أشْكُ مِن ضنكِ الحياةِ مُحمِّلاً
أحداً هُمومي فوقَها ومَشاكِلي

 

ولكلِّ شخصٍ في الحياةِ همومُهُ
ونصيبُهُ مِن كلِّ شيءٍ زائِلِ

 

والموتُ آخرُ حاكمٍ ما مِثْلُهُ  
بينَ البَرِيِّةِ مِن إمامٍ عادلِ

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص