الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
"زنبقة المحيط ""رواية المطاردات البوليسية التي تكشف القناع عن بعض بؤر الفساد في المجتمع - سعدية بلكارح
الساعة 11:33 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

ليست الرواية عند الأستاذ مصطفى لغتيري مجردَ جرْدٍ لأحداث متماسكة تتخللها فواصل تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية فقط بلْ هي أيضا زجّ المتلقّي جوانيّاً داخل منظومة تأثيث النسيج السردي بخلق تشنجات وانفعالات تأخذ نَفَسَه ولُبّه إلى آخر قطرة حبرٍ من الرواية...لاهثاً متربصا...مع تذويب الحاجز الذي يصنعه الكاتب بينه والقارئ..حين يتم استقراء مايؤمن به الروائي لغتيري من أفكار بنيوية، وما يشغَله من هموم تجاه وطنه..بكشف الغطاء على الوجه المختبئ خلف البرقع,, لتتعرى الحقيقة وتظهر جلِيةً لللمتلقي قصد إشراكه في عمليتيِ التقييم والتقويم..
 

ففي رواية "زنبقة المحيط" نلمس بصمةً أخرى على غرار الأفلام الهوليودية (البوليسية)الحافلة بــالــ" ACTION" الحركة والمطاردة والتنقلات عبر المكان والزمان والأحداث المنسوجة بين القارتين الجارتين ..إفريقيا وأوروبا..تحديدا بين الدار البيضاء وباريس..
 

ويتأتى ذلك عن دراية قصوى بمجال السرد ونباهة حاضرةٍ في البناء والتأثيث..وذكاء مفعَمٍ بالخبرة والحِرفية التي تنبري في تضمين الدقة في التصوير والتوصيف والإنارة والإثارة برَجّ المشاعر وتأليبها..وكأننا في قاعة سينما أو أمام خشبة مسرح كبير، حيث تأخذنا "زنبقة المحيط " إلى عوالِم متناحرة يسيطر فيها الثالوث التالي:
 

"حب المال والشهرة والمرأة.".هذه الأخيرة التي استعملها البطل "كمال" أحد شخوص النص الرئيسية كوسيلة لكسب المال والشهرة بمعنى انها تحتل المرتبة الثالثة في اهتمامه او الأخيرة في قاموس أصحاب الكباريهات وكازينوهات القمار الفخمة المترامية في ضواحي العاصمة الفرنسية.. 
التي يملك هذا الثري التركي "كمال" إحداها,,, و يستغل "سارة" بطلة الرواية الرئيسية استغلالا مَهيضاً..في انمِحاءٍ لهويتها التي نسيتها بفقدانها الذاكرة إثر حادثة سير، قضتْ فيها أسرتُها وبقيتْ هي على قيد بَعْضِ حياةٍ...حيث حصل عليها الثري كمال بطريقة ما في فرنسا، غيَّب كينونتها.. وغسل دماغها باستعباد جسدها كراقصة في كباريهاته تدرُّ عليه الأموال من رجال الأعمال والأثرياء..العاشقين للرقص الشرقي..هناك..

 

 

وتكشف الرواية أيضا عن هَمّ الكاتب في الإصلاح وحمولته الوطنية في إشارة قوية إلى التركيبة المعقّدة لبعض ضعاف النفوس من عَبَدة المال على شاكلة "كمال"والتسلط الاجتماعي والاقتصادي والفني...وأشياء أخرى...تتموقع في مستنقعٍ واحد هدفه الوصولية والانتهازية والجري وراء المكاسب المربِحة ولو على حساب سمعة الوطن...والمبادئ الإنسانية..فالشخوص المتنافرة داخل الرواية ماهي إلا صورة مصغَّرة للمجتمعات التي تؤُمُّنا..
 

والسبب هو تفشي الفساد وحب الذات...واستغلال الآخر بصورةٍ بشِعة مَقيتة ووأد آدميته,,من أجل تحقيق مآرب خاصة وإشباع شهوات لا تنتهي..
كما هو الحال بالنسبة لبطلة الرواية "سارة" التي يتم استغلال جسدها البضّ وأنوثتها الصاخبة لدَرّ الأموال على مُشَغِّلها,,وبعضها اليسير عليها..مما تنفقه على أناقتها وعطورها الباهضة..
تتناسل الأحداث في دراما مثيرة تتمثل في مطاردة يائسة بين كمال وخالد زوج ليلى صديقة دراسة مع سارة والتي اكتشفت وجودها واكتشفت أيضا فقدانها الذاكرة فعملت جاهدة لتخلصها من قبضة تلك العصابة التي يتورط فيها زوجها خالد مع كمال..الذي يُرضِخه لأهوائه مقابل التهديد بدفع شيكات بيضاء سُحِبَتْ منه رغما عنه لتسديد ديون قمار..

 

يوسف أخو ليلى مخرج سينمائي، شاب، تُقحِمه أخته في اللعبة ليخلّص سارة من قبضة كمال..بالتقرب منها وعرض التمثيل عليها..وإقناعها بذلك بعدما يوقِعها في حبه...وبعدها يهرب بها إلى المغرب بترتيب مع الناشطة الحقوقية السيدة رحمة صديقة ليلى..
 

تتشابك الخيوط..ويكتشف كمال ذلك متأخرا لتتم المطاردة..في حبكٍ متقنٍ من الكاتب وصياغةٍ مكينةٍ..تترتب عنها مفاجآت وانفراجات أحيانا أو توترات معقدة أحايين أخرى..
 

والرواية فضحٌ لما يحدث خلف الكواليس من فسادٍ أخلاقي باسم الفنّ السابع واحتكار أصحاب المال والمحسوبية للساحة الفنية بإغراء الممثلين الشباب..واستغلالهم استغلالا سيئا..وتلفيق ملكية النصوص والسيناريوهات بالخِداع إلى غير أهلها..مما يشوّه صورة البلاد والعباد..ووجه هذا الفن الجميل..

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً