الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أدب المقاومة.. ضد القهر والاستبداد كتاب للسيد نجم - محمد الغربي عمران
الساعة 10:30 (الرأي برس - أدب وثقافة)



قرأت فيما مضى أكثر من مقالة تتحدث عن أدب السجون.. وأخرى حول أدب الحرب. وهذه المرة الأولى التي أقراء عن أدب المقاومة.. كتاب صادر عن دار الهلال في القاهرة للكاتب والروائي السيد نجم بعنوان "أدب المقاومة.. المفاهيم والمعطيات" 2014 .. الكتاب يتكون من 256صفحة.. ويعد إضافة نوعية ومهمة للمكتبة العربية. بذل فيه الكاتب جهدا كبيرا معتمدا على أكثر من ثمانين مصدرا ومرجع ليقدم لنا نشاط إنساني يتمثل في الصراع ودوافعه .. كما يتعمق في الإبداع المناهض والمقاوم للاستبداد والظلم .. مركزا على الأدب المقاوم.. ليس في عصرنا فحسب بل في أزمنة بعيدة. 
 

 

ويبدو جليا لمن يتتبع نتاج السيد نجم بأنه مهموم بقيم العدل والخير.. وبمستقبل الإنسان وما يعتمل في حياته.. فلم يقتصر الكتاب الذي بين يدينا على ما يخص مصر والوطن العربي .. بل تجاوز ذلك ليقدمه في ثوب إنساني فريد.
 

وقد وزع الكتاب إلى قسمين.. القسم الأول ويضم خمسة فصول. والقسم الثاني أفرده للفصل السادس والأخير.
وقبل ذلك سطر لنا الكاتب مدخلاً جامعاً بعنوان "لماذا أدب المقاومة" أوضح فيه أسباب اختياره لهذا الموضوع.. وضرورته.. مبديا وجهة نظرة حول أهمية الأدب المقاوم .. موضحا تنوع خصائصه وحالاته. ودور الأدب والإبداع بشكل عام كوسيلة إنسانية لمقاومة الظلم والاستغلال.. مع أهمية الإبداع الفني كنشاط مقاومي.. موضحا ضرورته من خلال إبراز أهم عناصره.

 

 

ونبدأ استعراض هذا الإصدار الهام بالقسم الأول الذي حمل عنوان "مفاهيم المقاومة وهويتها" والمحتوي على خمسة فصول.. الأول بعنوان "إطلالة في تعريف المقاومة" تطرق فيه إلى تعريف المقاومة لغوياً.. واصطلاحياً.. ثم أنتقل إلى توضيح أهمية الوعي بقيمة الحرية والإحساس بالكرامة.. معرفا للحرية بشكل مباشر.. وعلاقة الأديان بها.. خاصة الإسلام.. محددا بداية مفهوم الحرية الذي جاء به عصر التنوير"التخلص من التعصب للعقيدة والفكرة والتخلص من التعميم والأحكام المسبقة" حسب" ايما نويل كانط" بما يعني خروج الإنسان من سباته العقلي الذي وضع نفسه فيه عن طريق استخدام العقل. ثم ينقلنا إلى مفهوم الحرية في الوجودية . وما قيل عن الحرية من أكثر من مفكر. بعد ذلك يعرف العدوان وصوره التي جاءت في القرآن الكريم من غير القتل.. ومنها العدوان اللفظي .. التهكم والسخرية والشماتة...الخ . إضافة عوامل تزكية العدوان ومنها: النفسية والأيدلوجية. 
 

 

موضحا بشكل مختصر تعريف العدوان لغويا ونفسياً.. وكذلك أنواع العدوان.. والمصطلحات التي تتداخل معه . ثم موقع المقاومة بين الحرية والعدوان. مبينا أنواع المقاومة .. التي قسمها إلى قسمين أساسيين .. المقاومة السلبية والإيجابية. مختتما الفصل الأول بتوضيح أهم المرتكزات التي ترتكز عليها المقاومة.
 

الفصل الثاني "الحرب والثورة صورة الصراع والمقاومة" وينقسم إلى قسمين.. الأول "ما الحرب" والثاني"ما الثور ة " معرفا الحرب وتطور المفهوم عبر التاريخ الإنساني.. من خلال ملامحه وطقوسه.. و كفعل إنساني أو صورة من صور المقاومة.. شارحا الصلة بين الصراع والحرب في الأديان السماوية: اليهودية.. ثم المسيحية.. وفي الإسلام. من خلال ملامح تطور التجربة الحربية. وما قيل فيها..ثم تطرق للقانون الدولي للحرب.
 

أما القسم الثاني من الفصل الثاني.. فبدأه بالثورة في التاريخ الإنساني.. ملامحها.. الثورة كفعل من أفعال المقاومة.. تعريف الثورة كمصطلح سياسي.. وتقليدي. ثم التعريف الحديث للثورة. مستعرضا أنواع الثورات والتي منها الشعبية.. والعسكرية.. ثم معددا لخصائص الثائر الذي يمثل حجر الزاوية فيها.
 

منتقلا إلى أنشطة إنسانية من المقاومة كالعصيان المدني والإضراب والتظاهر والاعتصام .. شارحا مدلول العصيان المدني كفعل مقاوم ذا نهج سلبي وآخر إيجابي.. معرفا ببدايات نشأة مفهوم العصيان المدني.. مفندا خصائصه .. وشرعيته.. ثم تناوله في رؤية نقدية مختصرة.. أعقبها بنقد عام للعصيان المدني بأشكاله وأساليبه.
 

وقد تناول مصطلحا موازيا جديد "العصيان المواطني.الذي استخدم في فرنسا مع نهاية عام 1996
خاتما الفصل بأمثلة من العصيان المدني في اليونان والولايات المتحدة كنماذج إنسانية ناجعة. وبذلك أنتقل الكاتب إلى فصل مهم وهو الفصل الثالث "أدب المقاومة: ملامحه وتعريفه" بادئا بأهداف أدب المقاومة في إذكاء روح المقاومة والوعي في أوساط الشعب.. من خلال أعمالا أدبية ينتجها المبدع مركزا على عدم الاكتفاء بالتصريح حول أهمية قيم العدالة والحرية . مؤكدا خطأ الكاتب في موضوع أدب المقاومة إذا ما جعل الحرية حالة ذهنية ومشاعر دون أن يتجاوزها إلى الإيحاء بالوسائل الفنية لتحقيق الهدف. بحيث يقوي أدب المقومة للناس وحثهم على العمل المقاوم والاستشهاد بإحداث التاريخ.." ويشير التاريخ الأدبي إلى أن الآداب والفنون رافقت الإنسان طوال تاريخه... ويمكن أن نقسم التعبير المقاوم إلى : فترة ما قبل الصراع.. أثناء الصراع ..ما بعد الصراع" 
وأختتم الكاتب هذا الفصل بالتعريف الموجز "هو الأدب المعبر عن الجماعة(الواعية بهويتها)و(المتطلعة إلى حريتها),في مواجهة (الآخر العدواني) محافظا على كل ما تحفظه الجماعة من قيم عليا.. وساعية إلى الخلاص الجماعي "

 

الفصل الرابع"محاور أدب المقاومة" أفسح الكاتب لهذا المحور ثمانين صفحة. توزعت على عدة عناوين منها.
أولا: الآخر.. رؤية تاريخية..الآخر في القريحة الإبداعية العربية.. الآخر في المنطقة العربية حديثا.. الآخر الذي نعني.. الآخر العدواني.. تعريفه وملامحه.. الإبداع في مواجهة الآخر العدواني. 
ثانيا:أدب المقاومة والهوية.. تعريف معجم لا روس.. خصوصية الثقافة.. الهوية/ الوطن/الأرض/ ما هوية الوطن.. الأرض.. الهوية/ الوطن/ المرأة.. الهوية/ الوطن/ التاريخ.
ثالثا:أدب المقاومة والحرية.. ماذا عن الجهاد؟ المجال الأول.. المجال الثاني....القواعد المنظمة للجهاد في مجملها.

 

رابعا: أدب المقاومة والانتماء.. ضرورات الانتماء.. تعريف الانتماء.. تعريف عام للانتماء.. إبعاد الانتماء.. الانتماء الوطني.. تعريف الانتماء الوطني.. أهمية الانتماء الوطني..الانتماء ومصطلحات ذات علاقة في معنى الولاء الوطني.. الانتماء والانتساب للوطن.. عوامل نقص الولاء...الانتماء والمواطنة (الوطنية, المواطنة).. صور الانتماء.. الانتماء إلى: العقيدة, الأخلاق, اللغوي, العاطفي, الاجتماعي, الأسري. الانتماء الحقيقي.. الزائف.. انتماء لفئة معينة. ثم تطرق إلى تصنيف آخر للانتماء.كالسياسي. 
 

مختتما هذا الفصل بمظاهر الانتماء الوطني منها: الاعتزاز بالرموز الوطنية .. القوانين والأنظمة.. الحفاظ على ممتلكات الوطن وثرواته.. التمسك بالعادات والتقاليد.. تشجيع المنتجات الوطنية.. المشاركة في الأعمال التطوعية .. المشاركة في المناسبات الوطنية .. التضحية دفاعاً عن الوطن.
 

الفصل الخامس"الدعوة للسلم.. مقاومة أيضاً" استعرض الكاتب على أحدى عشر صفحة السلام كمطلب أنساني في كل زمان ومكان.. وأساليب المقاومة السلبية والإيجابية .. مستشهدا بما قام به غاندي في مقاومته للاحتلال البريطاني للهند. ثم ما يحمله الدين الإسلامي من مبادئ إنسانية لصيانة السلم والسلام الإنساني.
 

القسم الثاني من الكتاب "صور المقاومة وإبداعاتها" وقد أحتوى هذا القسم على فصل وحيد وهو السادس والأخير بعنوان "(أدب المقاومة) إبداع تجربة الشعوب الأولى" والذي جاء في سبعة وخمسين صفحة.. توزعت على المحاور الفرعية التالية . أولا " المقاومة في الأدب المصري القديم" من خلال رصد وتمجيد الانتصارات الحربية.. كملمح من ملامح المقاومة.. وقد أورد المؤلف عدة أناشيد قديمة تتغنى بالأبطال. مستشهدا بملحمة قادش. ثم محور الدعوة من أجل استرداد الحق المغتصب. مستعرضا مقاطع من نصوص قديمة منها"قصة الفلاح فصيح"و "قصة حور, وست" ثم أدب الحنين إلى الوطن. كفعل مقاوم. 
 

 

ثانيا:المقاومة في الأدب العربي قبل الإسلام. وبعد الإسلام. والتي قسمها الكاتب إلى : مجال الفرد والدفاع عن الوطن والعرض والمال. وإلى الجهاد والدعوة إلى الله. مستشهدا بالعديد من الآيات القرآنية والأبيات الشعرية التي تدعوا أو تمجد السلام والسلم.. مستعرضا عدد من معارك العرب القديمة وما قيل فيها من شعر. ثم تطرق إلى المقاومة الروحية .. وإدراك الفرد الفرق بين عبادة الأوثان وعبادة خالق الكون.
 

وأخيرا أستشهد الكاتب بالكثير من الحوادث والمعارك في أيام العرب.. وما قال فيها شعرا ونثرا.. منها ما يخص إعلاء شأن القوة.. والدعوة للسلم ونبذ الحرب موردا قصائد شهيرة تدعو للمحبة والتسامح .
 

 

يقول الكاتب في إحدى صفحات هذا الكتاب كخاتمة" يجب إبراز أهمية الوعي بمفهوم المقاومة بالوعي بحيل الآخر.. وكيف أن الأدب والثقافة عموما يلعبان دورا لا يهمل ولعه الدور الرئيس في التمهيد إلى كشف حيل الآخر العدواني في قهر الحرية واستلاب الهوية.. والتمهيد لشيوع الفساد والاستبداد في البلاد.. حيث يُنظر إلينا كالمفعول به دوما .. بينما الوعي قادر على تهيئة العقول بالتعرف على الآخر لعلنا نستنتج أفاعيله"
 

 

كتاب"أدب المقاومة" جهد استثنائي لكاتب تميز بالمثابرة والتجدد بنتاجه المتنوع والغزير.. يرصد لنا هنا دور أدب المقومة كفعل أنساني هادف.. مركزا على التجربة العربية كتجربة إنسانية لها خصائصها.. والتجربة المصرية على وجه الخصوص بعراقتها.
 

الكاتب تناول عدة محاور هامة وكان أبرزها التعريف بجذور تلك المفاهيم.. ثم الصراع من الثورة إلى المقاومة.. وأبرز الأحداث الإنسانية في هذا المجال. إلى العلاقة بين الأديان السماوية وذلك الأدب الذي يهدف إلى السلام والتسامح .
 

كما يقدم لنا السيد النجم تلك الصلات بين القوة وما فطر الإنسان عليه من حب للحياة والتعلق بقيم الخير والعدل والحرية.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً