- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
-
حصاد العام الأول لحكومة بن مبارك13 قراءة
سمير البياتي مبدع من العراق الشقيق ، فهو شاعر و فنان تشكيلي ، سلك السبل الوعرة غير عابئ بالعقبات الآتية من كل حدب و صوب .. فهو قد رفع عصا الطاعة في وجه "قدامة بن جعفر" صاحب كتاب "نقد الشعر " و تمرّد على "ابن رشيق القيرواني" و بم يقنع بالعمدة في محاسن الشعر و آدابه ...تسكنه رغبة جامحة في رفض "أدب الكاتب"
لابن قتيبة .. و اجتهد في التخلص من "معيار الشعر" لابن طباطبا..
و عموما رجّ سمير البياتي اِيوان الخليل بن أحمد الفراهيدي ، و فتح لنفسه باب "التجريب في الشعر العربي ".
لم يكن التجريب غريبا عن فضاء الشعر العربي و لم يكن هبّة من نفحات الغرب على بلادنا العربية مثل عديد الحقول التي عرفناها في هذا العصر المتحوّل دائما و المتغيّر باستمرار..في تراثنا العربي خرج الشعراء عن المألوف تجسيدا لمهاراتهم، و تظاهرا بقدرتهم على امتلاك ناصية الشعر دون "الوعي بالشعرية" لأنها محتضنة في بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي حسب اعتقادهم ، فكتبوا بل قل نظموا : شعر التأريخ و لزوم ما يلزم ، و تلاعبوا بالألفاظ، و شطّروا و خمّسوا لكن وعيهم بالشعرية كمصطلح حديث و مفهوم أزلي لم يقطن وعيهم الّا بعد اطلاعهم على الثورة اللسانية التي ابتدأت بالفتوحات اللسانية التي قادها " فرديناند دو سوسير" ..
في فجر القرن العشرين تطورت مع حلقات الشكلانيين الروس .. ثم كانت كتابات
"كلود"و "لفيستروس" و "درومان جاكبسون" و "داريدا" و"رولانبارت" و غيرهم..
و رفعت اليافطات مثل موجة النقد الجديد و البنيوية و الحداثة و ما بعد الحداثة و تعددت الكتابات فقال "ألبرتو مرافيا": "لكن الأدب، أعذرني قد أمسى شيئا باليا، انه من نتاج الصناعة اليدوية و الحال أننا نعيش في عصر صناعي بكل ما في الكلمة من معنى .."
فهذا التأمل و التفكير في ماهية الشعر و العصر يجعل "غارسيا ريتشارد" يحلم بشعر يذاق و يشم و يشترى بالأرطال.. شعر يخرج عن نطاق الطباعة" و لا غرابة في القول بمثل
هذا، لأننا في عصر ثورة الأمفوميديا، لذلك تفاعل سمير البياتي مع العصر و اختار التجريب في قصائده ..
كانت قصائد سمير البياتي صراعا بين الألوان ..بين الأبيض و الأسود..حطمت المعتاد في تصفيف السطور و وضع الكلمات على الورقة ، الخط يترنح ، مرة يكون دقيقا و مرة أخرى سميكا .. يكون مستقيما كما يكون معوجا و الألوان حينا تكون ناصعة و مرة فاترة أنهكتها تأملات الشاعر..
أما الدلالة في الحقل الذي شكله الشاعر فهي تؤكد كثافة المضمون و تبرز الاِيحاء والتأويل، و تترآى لك "المصاحبات الدلالية".
خاتمة: لا أدعي أنني سأحيط بهذه التجربة التجريبية التي خطها سمير البياتي ، لكنني رغبت في الاضاءة على بعض الجوانب من هذه الكتابة التي ذكرتني فعلا بتجربة الشاعر الأمريكي "كيمنغز 1894-1962".
لتجربة سمير البياتي أهمية تتطلب كتابا خاصا بها .. لذلك ندعو له بالتوفيق، و تبقى الحداثة مشروعا لم يكتمل كما يقول "يورغن هابرماس".
مدير دار القلم للنشر و التوزيع
التهامي الهاني
سيدي بوزيد في 3 جوان 2015 .
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
حصاد العام الأول لحكومة بن مبارك13 قراءة