الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مقدمة ديوان "ومضات متلألئة" بعنوان "سمير البياتي و التجريب"- الدكتور التهامي الهاني
الساعة 13:33 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


سمير البياتي مبدع من العراق الشقيق ، فهو شاعر و فنان تشكيلي ، سلك السبل الوعرة غير عابئ بالعقبات الآتية من كل حدب و صوب .. فهو قد رفع عصا الطاعة في وجه "قدامة بن جعفر" صاحب كتاب "نقد الشعر " و تمرّد على "ابن رشيق القيرواني" و بم يقنع بالعمدة في محاسن الشعر و آدابه ...تسكنه رغبة جامحة في رفض "أدب الكاتب"
 

 لابن قتيبة .. و اجتهد في التخلص من "معيار الشعر" لابن طباطبا..
و عموما رجّ سمير البياتي اِيوان الخليل بن أحمد الفراهيدي ، و فتح لنفسه باب "التجريب في الشعر العربي ".

 

لم يكن التجريب غريبا عن فضاء الشعر العربي و لم يكن هبّة من نفحات الغرب على بلادنا العربية مثل عديد الحقول التي عرفناها في هذا العصر المتحوّل دائما و المتغيّر باستمرار..في تراثنا العربي خرج الشعراء عن المألوف تجسيدا لمهاراتهم، و تظاهرا بقدرتهم على امتلاك ناصية الشعر دون "الوعي بالشعرية" لأنها محتضنة في بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي حسب اعتقادهم ، فكتبوا بل قل نظموا : شعر التأريخ و لزوم ما يلزم ، و تلاعبوا بالألفاظ، و شطّروا و خمّسوا لكن وعيهم بالشعرية كمصطلح حديث و مفهوم أزلي لم يقطن وعيهم الّا بعد اطلاعهم على الثورة اللسانية التي ابتدأت بالفتوحات اللسانية التي قادها " فرديناند دو سوسير" ..
 

في فجر القرن العشرين تطورت مع حلقات الشكلانيين الروس .. ثم كانت كتابات
 "كلود"و "لفيستروس" و "درومان جاكبسون" و "داريدا" و"رولانبارت" و غيرهم.. 
و رفعت اليافطات مثل موجة النقد الجديد و البنيوية و الحداثة و ما بعد الحداثة و تعددت الكتابات  فقال "ألبرتو مرافيا": "لكن الأدب، أعذرني قد أمسى شيئا باليا، انه من نتاج الصناعة اليدوية و الحال أننا نعيش في عصر صناعي بكل ما في الكلمة من معنى .."

 

فهذا التأمل و التفكير في ماهية الشعر و العصر يجعل "غارسيا ريتشارد" يحلم بشعر يذاق و يشم و يشترى بالأرطال.. شعر يخرج عن نطاق الطباعة" و لا غرابة في القول بمثل
هذا، لأننا في عصر ثورة الأمفوميديا، لذلك تفاعل سمير البياتي مع العصر و اختار التجريب في قصائده ..

 

كانت قصائد سمير البياتي صراعا بين الألوان ..بين الأبيض و الأسود..حطمت المعتاد في تصفيف السطور و وضع الكلمات على الورقة ، الخط يترنح ، مرة يكون دقيقا و مرة أخرى سميكا .. يكون مستقيما كما يكون معوجا و الألوان حينا تكون ناصعة و مرة فاترة أنهكتها تأملات الشاعر..
 

أما الدلالة في الحقل الذي شكله الشاعر فهي تؤكد كثافة المضمون و تبرز الاِيحاء والتأويل، و تترآى لك "المصاحبات الدلالية".
 

خاتمة: لا أدعي أنني سأحيط بهذه التجربة التجريبية التي خطها سمير البياتي ، لكنني رغبت في الاضاءة على بعض الجوانب من هذه الكتابة التي ذكرتني فعلا بتجربة الشاعر الأمريكي "كيمنغز 1894-1962".
 

لتجربة سمير البياتي أهمية تتطلب كتابا خاصا بها .. لذلك ندعو له بالتوفيق، و تبقى الحداثة مشروعا لم يكتمل كما يقول "يورغن هابرماس".

 

 

مدير دار القلم للنشر و التوزيع 
التهامي الهاني         
سيدي بوزيد في 3 جوان 2015 .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً