الجمعة 29 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 28 نوفمبر 2024
طفل القدر - حامد الفقية
الساعة 16:34 (الرأي برس - أدب وثقافة)


زاحمت الأفكار عقلها الأنثوي الذي ظل يعيش واقعاً كما يقال عنه خيالي . تسرح إلى أزهار الحدائق , وزغردة العصافير في الجداول . تبتسم بطرب , وتحيك بإبرتها خيوط أحلامها الباسمة .
صوت الأب يقرع أذنيها (غرفتك هي دنيتك ..... وجنتك). ويذهب حاملاً مفاتيح (سجنها) بيده .
تغسل جدار غرفتها بعينيها ، تنظر إلى فراشتها المحببة , كيف تلبس ألوانها المفضلة , وترتدي البنفسج في جناحيها , وتلف جسدها الرشيق باللون الوردي الفاتح .

 

- أحسدك أيتها الفراشة . وبما أنك ما زلت ملكي فأنا سعيدة ؛ لأن جمالك من جمال نفسي .
يقبل الليل ليلبس العالم ثوبه الثقيل المصفد بالسواد ؛ فتفرح (سُها) للحظة المساواة بينها وبين الناس مما جعلها تبتسم لقدوم الليل , وتجرجر لسانها شاكرة الليل المنصف :
- (شكراً عدالة السماء .... أنا في شوقٍ إليك) .
تبقى في مناجاة الليل , وهو سلوتها , ولحظة ندائها يستلقي جسدها الممشوق على السرير ؛ فيهتز كردة فعل الخائف أمام غنجها الفاتن... تضطرب أعصابه المترابطة بعضها ببعض , وتلقي (سُها) النظر حول شباك غرفتها الوحيد.

 

صفير ريح تلك الليلة أشبه بشبابة الرِعاء ؛ لأن شباك غرفتها قد ثقبت زجاجَه حجرُ طفل الجيران ذات يوم (قبل عامين) فأرعدت (سُها) عليه بسخطها ؛ فذهب إلى بيته ناظراً لها بعين القهر .
أما هذه الليلة فقد تمنت أن ترى ذلك الطفل لتغزل له قبلة شُكر لصنيعه.. وتوصله رسالة حلمها الذي أصبح (فارسه) .
بات ثقب الشباك هو خيط اتصالها بالعالم من حولها , فصباح كل يوم يغازلها قرص الشمس فتنظر إليه بحياء فيه سحر قاتل .

 

صفير ريح المساء يموسق لها أغنيتها المفضلة (لتلتوي) بجسدها حول نفسه في دلال فاتن .
تنظر كل يوم في ثقب الشباك علّهُ يكبر ...
ترسل رسالة إلى طفل الجيران عبر الشباك , فحواها : (ترى كم صار عمرك بعد مرور عامين ) ؟ .
وتناجيه :-
(هيا افتح ثقب الشباك أكثر..أيا طفل القدر ).


13/7/2007م

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص