الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قراءة في نص " حضن أمي" للكاتب والمبدع المغربي أيمن منصف - محمد دريوش
الساعة 12:59 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

 

النص:
 

حضن أمي
 

وهو مستلق تحت تلك الشجرة الهرمة...سمع أصواتا مخيفة تتعالى هنا وهناك، فر هاربا، مفزوعا... يستجدي الأمن والأمان...فجأة، لاح له شعاع يتلألأ في الأفق، لم يتوان في اللجوء إليه، لما اقترب منه وجد بابا رسمت عليه شمس ذهبية، فتحه...وضع رجله اليمنى...احتضنته ام الدنيا.

 

 

القراءة:
 

يعتبر هذا النص من أجمل النصوص التي قرأت للأستاذ أيمن وأمتعها، نص يزاوج بين الخيال والأسطورة.
 

يبدأ النص بعنوان عادي جدا ولكنه مخاتل يلعب على وتر حساس (الأم) لكي يدفع المتصفح الى قراءة النص.
 

ثم ينطلق الكاتب في لعبة السرد او لعبة الحظ كما أسميها، وذلك لأن النص يمكن ان يأخذك في الى حيث يريد هو لا إلى حيث تريد انت، ويرى الكثيرون ومنهم القاص الكبير (هوراسيو كيروغا) أن الكاتب يجب عليه ان يعرف الى أين يريد ان يذهب من خلال تنامي أحداث النص، فيقول:
" لا تبدأ الكتابة دون ان تعرف الى أين تريد ان تذهب"

 

وبرأيي الشخصي، فقد وفق الأستاء أيمن في الإمساك بعنان نصه وإيصاله إلى ما يريد منه بسهولة وسلاسة، فقد استعمل ضمير الغائب كشخصية رئيسية، وهو ما منحه مساحة من التحرر من رقابة الأنا وجبروتها، فتحدث عنها الكاتب ووصف حالتها (حالة البدأ) التي تميزت بالسكينة وبالاحتماء ب"الشجرةالهرمة" مع ما يوحي إليه ذلك من تجذر في القدم ومن عنفوان وشموخ، ثم تتلو ذلك الهدوء حالة من الجلبة والضوضاء التي انبثقت من من "نون" أو الخواء كما يترجمه البعض، وهو كتلة لم تتشكل بعد وبداخله بذور الحياة الكاملة، هذه الجلبة والصوت المفزع للحظة "البينغ بانغ" تدفع الشخصية الرئسية للنص إلى الشعور بخوف منقطع النظير، فيهرع في كل اتجاه باحثا عن الأمن والأمان.
 

ولم يستعمل الكاتب المتألق "أيمن منصف" كلمة "لما" عبثا عوض "عندما" أو "حينما"؛ فلما ظرف زمان يدخل على الفعل الماضي، واستعمال الماضي هنا دليل على أن امتداد الفعل زمنيا قد انتهى، ولأن ظرف الزمان "لما" يقتضي جوابا، فالجواب سيأتي مباشرة وبشكل مباغت دون تردد، فيقول الكاتب " وجد بابا رسمت عليه شمس ذهبية"، فماذا يقصد الكاتب يا ترى؟
 

لكي نستطيع فهم مراد الكاتب وما يريد من جوابه، كان لزاما علينا استحضار أسطورة "رع" إله الشمس، فكما سبق وأشرنا إلى ذلك سابقا، أدت الجلبة التي استوطنت الخواء "نون" إلى ميلاد الشمس "رع" بطريقة مجهولة، وإلى إعلان "رع" إله الشمس لنفسه حاكما للكون.
 

وتذهب الأسطورة إلى أن هذه هي الطريقة التي بدأ بها الخلق والعودة إلى عالم الأحياء، فبعد تولي "رع" إله الشمس حكم الكون، بدأ بإرسال أشعته الذهبية إلى الأرض، لتبدأ الأمواج في الانحسار، وتنزل الأشعة على أول تل يظهر على سطح الأرض، لتتخذ الأشعة أبعادا مادية مكونة حجرا مرتفعا باسم "بن بن" في مدينة "أون"، ليصبح بعد ذلك محل تبجيل في مصر كلها لأنها مهد الخليقة.
 

هكذا أخذنا الكاتب المتألق أيمن منصف من خلال نصه المائز، ليجعلنا نسافر عبر الزمن ونقتفي آثار "رع" إله الشمس، ولنحتفي بمصر مهد الخليقة وأم الدنيا التي تفتح حضنها لأبنائها ولأبناء الوطن العربي والإسلامي جميعا، ولنشاركها فرحتها بافتتاح قناة السوس الثانية.
أتمنى أن أكون فد وفقت

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً