الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
ثورية اللون في الفضاء المفتوح - سمير مجيد البياتي
الساعة 14:49 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

 إن التعبيرفي الفضاء المفتوح أو المغلق تعتمد على الفكرة أولا، واللون ثانيا، والجداران ثالثا، وهو الحامل لتلك العناصر التي يثبت فيها الفنان على البوح بما يدور في خلده، ومنذ (بدأ العصر الحجري القديم مع ظهور الإنسان على سطح هذه الأرض، التي استمرت حتى مئة الف عام قبل الميلاد كان الإنسان يعيش متنقلا من مكان لآخر يبحث عن الصيد، يجمع الثمار البرية، ويصنع أدواته من العظام والحجاره) (1)، وعبر العصور كان يخط تلك الرموز على الجدران والسقوف في داخل الكهوف التي انتشرت في كافة بقاع المعمورة والتي تم إكتشاف قرابة 350 كهفا منها في فرنسا  ككـهف " لوسكا " Lucca وعمره 15 ألف عام قبل الميلاد ، وفي إسبانيا كهفـ" كويفا دي لاس مونداز " Cueva de Las Monedas  و" وال كاستيلو" Cave of El Castillo الذي يقع في شمال إسبانيا واثبت وجوده منذ أكثر من 40 الف عام وكهف "التاجرا"و"تاسيلي" التي تقع ما بين الحدود الليبية والجزائرية شمال الصحراء الكبرى وغيرها ،وقد كانت منتشرة في أعالي الجبال التي سكنها الإنسان لدرء الخطر من الوحوش الضارية والتشجع على التحدي لتلك الحيونات المفترسة بقتلها بالرماح والسهام من خلال الرسوم. ومن هنا كانت فكرة أنتصار إرادة الإنسان على خوفه.

علما كان التحدي ما بين الإنسان وغريمه الحيوانات الشرسة، كالثيران والأرخص وهو(ثور بري اوروبي) والأسود والذئاب.أو كان يتمنى صيدها كالوعول والأبقار والغزلان والماعز، إذن كان الفن متاح للكل في التعبير عن مناظر الصيد وقد تعددت الرسوم وتنوعت أشكالها إنها من الأعمال الفطرية البدائية وقد حققت هدفا معنويا وتزينيا للمكان. علما أن أدواتهم هي شظايا الحجارة وحزوز العظام كانت هي أقلامهم في تحديد الأشكال المرسومة واستخدام الألوان من بعض الأعشاب والحجارة.

وشحوم الحيوانات وفحم المحروقات، ويعتبر اللون الأحمر المستخرج من مادة "الهيماتيت" الماخوذه من أوكسيد الحديد من الطبيعية، وهي تشبه الدم أو من العصارة الحمراء لشجرة الخزم (دم الأخوين) من هنا بدأ التاريخ يسجل بدايته التعبيرية الرمزية . (إذ تمكن العلماء بواسطة فحصهم بالنظائر المشعة وآشعة الكاربون من التعرف على المراحل التي مرت بها الصناعات الحجرية خلال مختلف العصور بدا بالعصر الحجري القديم حتى العصر الحجري الحديث) (2).

 

 

عصر النهضة
 

 بدأ عصر النهضة في مطلع القرن التاسع عشر وهي حركة ثقافية أثرت بعمق على الحياة الفكرية ، بدءًا في إيطاليا وانتشره إلى بقية اوروبا وقد تنوعت ثقافاتهم ما بين الفلسفة والأدب والفن والموسيقى والسياسة والعلوم والدين . فقد خلد لنا التاريخ موروثًا ادبيًا زاخرًا ولوحات جدارية مرسومة بإتقان وحرفية كلاسيكية عالية. لقد زينت جدران وسقوف القصور الملكية بمواضيع من حياة البذخ التي كانوا يتمتعون بها، حيث كان الحكام والملوك مهتمين بتشيد المباني والقصورالعظيمة الفارهة، بعضها بغرض الدفاع والتحصين والبعض الآخر الفخر والعلو في الأرض ومنها قصر " فرساي أو شاتودي فيرساي" في فرنسا وقصر بانجهام وغيرها.

 

مايكل انجلو )  Michel Anglo 1475-1564) 
 

أنجز الفنان والنحات الإيطالي مايكل انجلو رسم كنيسة "سيستينيا" لفترة تراوحت الأربع سنوات متواصلة منذ (1508-1512) والتي تعتبر إحدى قمم فن عصر النهضة ،حيث استطاع (الفنان تصوير قصة "سفر التكوين" وتم تقسيمها إلى 3 أقسام (خلق الله للأرض)، (خلق الله لادم وخروجه وحواء من الجنة)، وأخيرا (حالة البشر كما يمثلها النبي نوح وعائلته). كانت الجدارية وسقفها تجمع ما بين المعنى العميق وجمال التصوير حيث رسم انجلو مساحة غطت بـ ( 12 الف قدم مربع) إي ما يعادل ( 1,100 متر مربع)(3) وهي الكنيسة الموجودة بالقصر الباباوي الذي يعتبر المقر الرسمي للبابا في مدينة الفاتيكان. وكان الفنانون والنحاتون والموسيقيون والادباء والعلماء لهم مكانة وأحترام كبير من قبل الملوك والأمراء ولهم رفعة في المجتمع.وقد تربع الفنان.

 

 

جاك لويس دافيد Jacques Louis David  ( 1748-1825( 
 

 في المشهد الفني الذي يمجد الفن الملتزم ويبحث عن الأنتصارات والأمجاد التاريخية كما رسمها في لوحة "قسم الأخوه هوراس" 1784 و"تتويج نابليون بونابرت" 1805-1807 وغيرها حيث كان صارما وحازما بين الفنانين في من يستحق أن يكون فنان فعليه الألتزام بالشروط الفنية الكلاىسيكية.

 

 

الثورة المكسيكية
 

 خرج الفنان من طوق الملوك والأمراء والدكتاتوريات وتغيرات المواضيع التي كانت ترسم في تلك القصور التي كانت تمجد الملك وحاشيته  من رسوم وجداريات. خرجت تلك الأنامل من تلك القصور الفارهة لتلامس حياة الفقراء وتجسد معاناتهم وبعد الإطاحة بالرئيس "بورفيريو دياز" الذي تفرد بالحكم الطويل ولم يكن مسموحا أن يتوجه الفن إلى عامة الشعب بل كان يريد أن يكون الفن يعكس إحلامه المتضخمة كحاكم مطلق حيث حكم البلاد بقبضة من حديد، ومن هنا أنطلقت الثورة المكسيكية في عام  1910 حيث شهدت نهضة ثقافية انعكست منذ عام (1910-1940) على الفن فمنحته حقبة ذهبية، وكان من أبرز روادوها "دييغو ريفيرا فريسكوت( 1886-1957) الذي عاش حياة المجتمع بكل ما يحمله من حياة البؤس والفقراء ما بين الفلاحين والعمال، وقد جسدها بعدة أعمال خالدة. وكان الفنان خوسيه كليمنت اروزكو Jose Clemente Orozco (1883-1949)، وخوزيه شافيز مورادو  فنانون جسدوا أعمال من واقع الحياة اليومية، و(ديفيد الفارو سيكيروس ( 1896-1974) الفنان الثوري حين رسم جدارياته المنتفضة حيث رسم في القاعات الكبيرة تلك الجدرايات المهمة ومنها (النار والهواء والماء)، (دفن العامل الضحية)، (إجتماع عمالي)، (موت الغازي) و(أغنية من أجل المساواة العنصرية) (4).وتبقى تلك الجدران الخارجية الطويلة التي رسمت عليها ملاحم التطور الصناعي والزراعي بإشكالها الكبيرة والمبالغ في تفاصيلها. كانت  تمتاز بقوة الطرح الفني والتعبير الجمالي مما أكسبها صفة العالمية وريادة في مجال الفن البيئي. والغاية الأسمى هو التعبيرعن حال الشعوب الثائرة ضد الظلم والأستبداد.


روبرت بانكسي
 

 أن الفنان الأنجليزي "روبرت بانكسي" 1974 يركز على المفردة في بناء أعماله كما فعل برسمة لزهرة عباد الشمس حين خط بلونه تلك المسافات الطويلة، وأنت تتبع ذلك الخط السميك المرسومة على حافة الشارع المحاذي لرصيف المشاة ويتجاوزها صعودا لكي يسير الخط المرسوم ليعتلي الجدار من إسفله ويرتفع ليشكل فكرته وبعد الدوران والإنحناءات والتعرجات يهبط إلى ألاسفل ويقطع الرصيف ليذهب إلى الشارع ثانيا ليوازي الخط الأول. تلك هي رحلة الخط السميك، وكما فعلها برسمة أخرئ تصور تلك الطفلة التي تتارجح على الحبل القادم من الشارع ليصعد الجدار لتلعب وهي ممسكة بإحدى أطرافه إنه (يخط أثره الفني ببلاغة الإيجاز عبر تقنيات القالب الورقي والبخاخ، فيحول وجهته من الوظيفة الإستعمالية إلى الوظيفية التعبيرية التوصيلية بحس فني.وأن العمل الفني لدى بانكسي هو فن الموقف داخل الموقع في فن المواجهه وإنه يركز على بعض المفردات القريبة من حياة الشارع حين رسم عامل النظافة، الشرطي، أطفال، طائر، جرذ، علامات مرورية.وهو يجعل أعماله مندمجة في المشهد البصري للشارع شكلا ومضمونا) (5).إنها فكرة إختزالية لحدث بسيط وعميق للمشاهد العابر وله موقف متميز من القضية الفلسطينية حينما رسم على جدران الفصل العنصري وهو يشجب تصرف الصهاينة إتجاه شعبنا المحتل.

 
 

المشهد الفني العراقي
 

فائق حسن(1914-1992)


 لقد شهد تاريخ فن الجداريات في العراقي تنوعا ما بين الرسم والنحت والخزف ، حين رسم فائق حسن جدارية "السلام" التي تم تنفيذها عقب (ثوره 14 تموز1958) وهي عبارة عن رموز ومشاهد من كفاح الشعب العراقي ضد الإستعمار، إنها قصة نضال العراقيين من أجل الحرية والتحرير والسلام، وقد ذكرها الشاعر العراقي سعدي يوسف بقصيدية بعنوان " تحت جدارية فائق حسن".

 

جواد سليم (1921-1962)
 

 نفذه الفنان والنحات جواد سليم جدارية "نصب الحرية"1959 والتي تتالف من أربع عشره وحدة برونزية موضوعة على إفريز يبلغ طوله خمسون مترًا وبإرتفاع ثمانية أمتارًا وتعتبر من أضخم النصب وأكبرها في العراق لما تحمله من معاني معبرة عن رحلة نضال شعب له إرث وتاريخه المشرق والتطلع لبناء مستقبل واعد .وانها مستوحاة من فكرة الختم الأسطوني السومري. ولقد تنوعت الجداريات التي كانت تنم عن حب العراق أرضا وتاريخا ومستقبلا .

 

 غازي السعودي
 

 كما أنجز الخزاف غازي السعودي واجهاته عند مداخل البوابات الرئيسية لمنتزه الزوراء والبالغ عددها 6 التي تغنى بجمال وتاريخ العراق.

 

سهام السعودي (1941- ؟  )
 

 عرضت الخزافة سهام السعودي جدارية معرض بغداد الدولي وعددها 4 جداريات إجمالي أطوالها 112 مترا مربعا. كانت تركز على الموروث الشعبي من خلال الرموز ودلالاتها العراقية.

 

بانوراما القادسية الأولى
 

 الذي إنشى لها مبنى ضخم على شكل دائري، رسمت على جدار دائري وكان محيطها 110 م وبإرتفاع 15 م وبمساحة 1650 مترا مربعا تمثل تلك الأيام الأربعة التي أنتصر العرب فيها على الفرس المجوس، فقد رسمت على الجدار البعيد أرض المعركة والمقاتلون من كلا الطرفين فاذا ما اقترب المشهد وجدته ينقلب إلى شخوص مجسمة وأشكال ديكوراته بارزة طبيعية  كالشجر والصخور والرمال المتموجة التي تنتشر فيها السهام والرماح، ويشعر المشاهد أنه أمام معركة حقيقية وأحداث جارية كوجود بعض المؤثرات الصوتية كصهيل الخيول وضجيج الجند وصليل السيوف.

 

 

البوستر الجماهيري
 

 ظهر في ثمانينات من القرن الماضي فن الرسم على الدفاتر الكبيرة من ورق المقوى التي تشاهد في المهرجانات والأحتفالات الوطنية والقومية التي تقام في ستاد ملاعب كرة القدم الرياضية الكبرى وكانت ترسم فوقها مواضيع مختلفة وبعدة أشكال وقد يصل عدد المشاركين لعدة عشرات من الأشخاص مكونين صفوف متقاربة بالعدد، وكانت ترسم برسوم بسيطة تتخللها شعارات ونماذج مختلفة من خلال توزيع الألوان وبهجتها المشرقة وكانت سهلة الفكرة والتعبير بحيث تفهم من غالبية شرائح المجتمع، حيث تفتح تلك الصفحات المتقاربة في آن واحد من قبل أشارة المشرف المنظم لتلك الفعالية، وكان لصاحب هذه السطور أن يكون أحد الملونين في تلك الفعالية.

 

 أكاديمية الفنون الجميلة
 

تعتبرواجهة مبني أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد مثالا للإبداع والتنويع والتجديد المستمر حيث ترسم مشاريع التخرج للطلبة على تلك الواجهات الكبيرة والواسعة ومتظمنة أيضا السور الخارجي، لرسم الحياة العراقية من الأسواق الشعبية كدكاكين والمحلات وأزقتها القديمة التي فيها عبق ذلك الزمن الجميل.
 

 لكن للأسف قد تحولت جدران وشوارع العراق متشحة بالسواد وذلك لكثره لافتات القماش الأسود الذي ينعى أسماء الشهداء التي أمتدت منذ الحرب العراقية الإيرانية 1980 ولغاية 2015. الآن كل يوم يسقط العشرات من الشهداء الضحايا والمغدورين حتى باتت الجدران تحفظ أسماء شهدائها من كثرة الوغز بالمسامير في جسدها المهترء.
 

 

المشهد المغربي - أصيلة
 

عندما شاهد الناس الأهتمام الكبير لما يفعله الفن الغرافيتي من رسوم على الجدران ومدى الجذب الشعبي له، تطور إلى الأهتمام بتزين واجهات ومناطق إتفق عليها مسبقا أن ترتدي كل سنه حلة لونية بأنامل مبدعين عرب وفنانين محليين وأطلق عليها مهرجان" أصيلة" منذ عام 1978 لتصبح أهم معالم المشهد الثقافي المغربي حيث تتداخل الألون في كل الأمكانة وتتزين الأبواب والشبابيك مكونة لوحة فنية مجسمة يتجول المارة في أكبر فضاء لوني كبير، وهناك عدة تجارب استثمرت فيها الجدران.حيث يعتبر ملتقى للمبدعين والمفكرين وفضاء للتواصل مع الثقافة الإنسانية من كافة أنحاء العالم وتصبح لمدة شهرا كاملا مدينة للفنون ومتحف في الهواء الطلق . وبعدها يتم طلاء جدرانها باللون الأبيض إنتظارا لفنانيين آخرين في دورة العام المقبل، وهكذا هي دورة الألوان والإبداع في نبض مدينة تعيش على اللون والحب.


 

 المشهد الفلسطيني
 

 وكان للجرح الفلسطيني العميق جدران لم تندمل جراحها ولا تزال تنزف وبعدد طول تلك السنين، والأسوار جاثمة فوق صدورهم، تحاصر أهلنا وتحبس أنفاسهم بتلك الجداران الإسمنية التي حولت المدينة إلى سجنًا كبيرًا فاذا بالفنان يخترق تلك الجدران الكئيبة ليحولها إلى شواهد ورسائل تدين الإحتلال الصهيوني لقد تحول الجدار الفاصل بين مدينتي رام الله والقدس المحتلة إلى لوحات فنية  فيها الكثير من الرموز المعبرة عن الرفض التام للإحتلال الإسرائيلي البغيض، وقد رسمت صورللعلم الفلسطيني والحمامة التي تحمل الزيتون وهي تدعو للسلام، إما صورة القائد الرئيس ياسرعرفات الرجل الرمز وهو مرسوما أمام الثكنات العسكرية الصهيونية، وهو يعتمر الكوفيته ولباسه العسكري إنه التحدي الكبير الذي قام برسمة الفنان الفرنسي وكتب على الجدار ذاته (تحيا فلسطين حره) إنه تضامن مع القضية الفلسطينية وشعبها المناضل ضد التعنت والأحتلال الصهيوني. وهكذا يتلوى الجدار الأفعى الكونكيريتي في جسد الأراضي ليصادر دور وممتلكات الشعب المضطهد ويقسم ويعزل ويفصل الأهل والعائلات والأصحاب ليصبحوا شتات وذلك تطبيقا لمخططات بني صهيون الغازي.حيث يمتد بطول يتراوح بـ 700 كم على الحدود الشمالية والجنوبية الغربية للضفة المحتلة.وكان رأي الفنان (خالد جرار يرفض ما يقوم به بعض الفنانين من رسومات على الجدار. الأمر الذي يجعل مزارا، والمطلوب أن لا نحول الجدار إلى منظر جميل يجعل منه أمرا مقبولا). لكن هناك بعض الفنانين أرادو أن يكون فسحة من الأمل في أن ياتي يوما وتهوى تلك الجدران الصلبة كما تهاوت من قبلها جدار برلين.

 

 المشهد الفني المصري
 

انتشر فن الشارع Street Art الفن الغرافيتي أثناء ولادة ظاهرة الحراك الفني مع إنطلاق ثورة 25 يناير2011 مظاهرات "الربيع العربي" في الساحات العامة وأمتلاءه الجدران بكتابات تنم عن رسائل موجهة، تدعوا إلى التحرير الفكري من قمع الأنظمة البائدة المتربعة على عروشها وكانت متحكمة بكل شيء فقد قمعت التعبير بكل وسائله فما كان منها إلا أن تنتفض وتتحرر الشعوب من قيد الحاكم المتجبر، وكان الشارع المصري يغلي بالشعارات وأنطلقت أصوات الأحتجاجات الثورية بحب الوطن، لقد سالت الدماء على الإرصفة والجدران فما كان من الفنان إلا أن يعبرعن غضبه وتحفيزه وأستذكارا لإبطاله من الثوار والشهداء حتى أن بعض تلك الرسوم كانت تتخللها بعض القصائد والأبيات الشعرية ومنها :
( يانظام خايف من فرشة وقلم
وظلمت وبتدوس ع اللي انظلم
لو كنت ماشي في السليم ما كنت خفت من اللي اترسم
آخرك تحارب الحيطان
تتشطر ع الخطوط والألوان
لكن أنت من جواك جبان
عمرك ما تبني اللي إتهدم) (6).

 

من هذا الإنفعال وتلك الأصوات خطت رسوم كانت أفكارها الوطنية والقومية  شاهدا، وكانت صورة رايات العلم الوطني المصري هو الأعلى والأغلى، حيث أفردت له المساحات الواسعة في رسومهم ، وزينت صور الشهداء بالورود، وقد كان الجدار السجل اليومي لانتفاظاتهم . وأنتشرت العبارات الثورية في كل مكان وعلى سبيل المثال: ( بحبك يا بلادي)،(عاشت أسود مصر)،(مصري وأفتخر) وغيرها... وأخيرا أن الفن في مصر ما بعد الثورة إرتقى وأصبح وسيلة شعبية للتغيير والإحتجاج وهكذا هو الوطن العربي زاخرا بالإبداعات الفنية وشاهدا على ذلك كثير من طلبة جامعة صنعاء حين حولوا سورها إلى إعلانات معبرة عن روح الغضب والتغير والطموح المطلوب لمسقبل يمن سعيد.
 

 

المشهد الفني بتونس 
 

كان التميز الجديد الذي طوره الفنان التونسي بإنتاج أعماله الجدارية وأضحة، حيث إبتكر خامة وتقنية جديدة غير مألوفة، وغير معمول بها سابقا، لم تلون بالألوان والأصباغ المائية أوالبخاخ الملون كما هو متعارف عليها، بل كان هناك فنانون أبدعوا في هذا المجال حين أنجز كل من الهادي السلمي (1934- 1995) وعبد العزيز القرجي (1928- 2008) بتنفذى أعمالهما باستخدام الحديد البارز والتي كانت عبارة عن مفردات بسيطة تمثل خطوط وأشكال تم تنفيذها بألواح الصاج المحفور وتيوبات الحديد المختلفة، إن تلك الجدارية المختزلة بعدة خطوط أعطت المعنى الكامل لوحدة الموضوع في واجهة مبنى "صندوق الأسكان" بالعاصمة . أما وأجهة مبنى "البريد" في ساحة باستور التي نفذها القرجي وهي تطرز ذلك الجدار الأبيض بأشكاله وتعدد مفرداته الملونة باللون الأسود، كانت بارزة، وعند تسلط  ضوءأشعة الشمس عليها ينعكس ظلها وكإنها تتحرك أمام الناظر . وهناك رأي أخر اطلقه الناقد علي اللواتي حول أعمال قرجي حين قال : اهتم (بمقاولات التزويق في البناءات لإنجاز أعمال ذات أهمية زخرفية بحت، مما أثر بصورة سلبية في مردوده الإبداعي). ونحن مع الفنان بكل ما ينجز هو إبداع، أما جدارية الخزف التي تتداخل مفرداتها ورموزها مكونة ايقونة شعبية مرصوفة وكأنها سجادة تراثية منسقة ومنسجمة حيث قام برسمها رشيد القريشي (1947-  ) ونفذها الخزاف خالد بن سليمان في شارع فرحات حشاد أعطت طابعاً محلياً من واقع التراث التونسي الجميل.


 

 لقد خرج شباب طلبة وخريجي معاهد الفنون الجميلة أبان ثورة التغييروالتحرير وأسقاط العروش للتعبيرعن ذلك الغضب، مجموعة شباب اطلقوا على أنفسهم (أهل الكهف) وهم يرسمون ثورة الشعب المقهور وإستيقاظهم من الكهف ليرسمو تلك الحرية الشماء بكافة صورها. أما جمعية (كيف كيف) والتي كانت غايتها تجميل الشوارع وإكسائها بالألوان المشرقة وتحت شعار توثيق ثقافة الشارع، وهناك جمعية آخرى أهتمت بكافة الإبداعات والطاقات الشابة وتضمنت ما بين الرسم والتنصيبات التي تتضمن الفن المفاهيمي المعاصر وقد اشترك فيها ومن كافة البلدان العربية والغربية وتحت مظلة  بعنوان (الشارع فن).


 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) أحمد سعيد قشاش.
 (2) نفس المصدر السابق.
 (3) من يكيبيديا، الموسوعة الحره.
 (4) طاهر البني : سيكيروس دافيد الفارو.
 (5) برهان بن عريبيه : فن الشارع رؤية مغايرة بانكسي نموذجا،  مجلة فنون، العدد8 سنه 2013 ، ص59.
(6) هانا روبيلين: ت: هبة شلبي، بحبك يابلادي، مجلة فكروفن، العدد100، ص63.
 (7) علي اللواتي: الفن التشكيلي في تونس، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 1996.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً