الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
محاولة لفهم رسائل"الأطلسي التائه "للكاتب المغربي مصطفى لغتيري - دعاء عناتي
الساعة 12:38 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


تروي رواية "الأطلسي التائه" حكاية عصر عاشه المغرب خلال فترة انتقال الحكم من دولة المرابطين إلى دولة الموحدين ؛ بطل هذا العصر ليس سوى الرجل الزاهد الصوفي " أبي يعزى الهسكوري" . 
 

أراد الكاتب مصطفى لغتيري لهذا العصر أن يعود إلى حاضرنا وأتاح لنا تقليب صفحاته بين أيدينا في شكل رواية خفيفة، محكمة،نسج فيها الكاتب شخصية بطله خطوة بخطوة دون أن يفلت منه شيء؛ محافظا على التسلسل الزمني للأحداث؛ فبدت وكأنها مشهد واحد يتدرج ليكتمل وتنجلي رؤية ملامحه فصلا بعد فصل؛ أظهر فيها الكاتب بأن لا شيء كتب في الرواية مصادفة ؛ فكل حدث في الرواية مقصود؛ ابتداء من اسمها الذي أكد على هوية البطل وصورة الغلاف المرتبطة بروحه وفكره؛ الى فصول الرواية الستة عشر التي ما هي إلا شواهد متتالية ومترابطة وفقا لحدث زمني عاشه "ابو يعزى " حتى نهاية حياته ؛ وكل حدث نقرأه كانت له إشارة مسبقه تحدث عنها الكاتب في فصل سابق. 
 

هيأ فيه الكاتب مصطفى لغتيري ملامح شخصية البطل منذ الطفولة من خلال إشارات متعددة تقاطعت مع فكر الشخصية التاريخيه " ابا يعزى الهسكوري " . 
ومن قرأ الرواية سيجد أن للكاتب إسقاطات متعددة حاول أن يرمز إليها من خلال صفحات الرواية التي عالجت قضايا إنسانية في الدرجة الاولى ؛
قدمت " الأطلسي التائه " رسائل عميقة يحتاج فهمها إلى كثير من التفكير والتدبر؛وقد تكون أعقد من لغة الرواية نفسها ، فمنذ أن بدأ "أبو يعزى" مخاطبة الكون والبوح عن أمنيته بأن يمتلك قلب امرأة لينشر الحب في أرجائه وبالحب وحده تنتهي قسوة الكون؛ كما أتضح في نص الرواية على لسان ابي يعزى نفسه "أرى في سلوك المرأة ولطفها علاجا لكل ما يحيط بنا من قسوة في القلوب " ؛ ارتبط هذا القلب الطيب الذي تمناه أبو يعزى من طفولته بوالدته التي أحبها بكل تفاصيلها؛ وقد انطلق صراعه مع العالم المحيط به انطلاقا من نظرته الخاصة للحياة مع والده والذي كان يمثل نقيضه في كل شيء..

 

 
التنحي عن السياسة والتقرب للعلم والطبيعه كان قرار البطل الذي لم يحد عنه حتى آخر حياته؛ 
فلم تكن النبتة في حياة الهسكوري شيئا مرتبطا بالقلة؛ بقدر ما كانت انسجام مع الطبيعه وحالة دهشة متكررة ؛ فكان لها تأثيرها القوي في استمراريتها لبقاء الكثرة. .
فبخبرته في النبات حافظ على روح فاطمة تلك الحبيبة الأولى التي حلم بها أبو يعزى وظلت مجرد حلمفي حياته.. 

 

كما أن النبتة في حياة البطل وتأثيرها مثلت الشرارة الأولى لاشتعال الخرافة من حوله وميزته عن غيره .
اكتفى الكاتب مصطفى لغتيري بالإشارة لفكر البطل من خلال طباعه التي تتقاطع مع الفكر الصوفي؛ ومن خلال محادثة الروح؛ روح رفيقه ابراهيم؛ ودهشته وارتياحه عند سماع الموسيقى "الناي "؛ وحالة التناغم التي أصابته حين التقى جسده وروحه في الرقص؛ تركنا الكاتب مصطفى لغتيري مع هذا الأطلسي في مائتين وثماني عشرة صفحة ؛ دون أن يترك القارئ تائها عن الفكرة الإنسانية الثمينة التي تستحق ـن تبقى امتداد لهذا الصوفي حتى وإن لم نكن صوفيين.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
1
2015/08/17
محمد بنات
نص ناضج يستحق الثناء
روايه جميلة تحمل العديد من الرسائل الانسانيه والمعاني الجميله التي نفتقدها في حياتنا الراهنه . تعرفت في هذه الروايه على شخصية مميزه تنظر الى الحياه بطريقه ايجابيه عميقه ومختلفه عن عامة البشر ومن هنا تم النظر الى هذا الانسان الطبيعي على انه ولي .
اعجبت كثيرا بنقد الاستاذه دعاء عناتي حيث نبهتنا الى تفاصيل مهمه ممكن للقارىء العادي ان لايلتفت اليها مثل السبب وراء تعلق الهسكوري الشديد بامه وحبه للطبيعه والنباتات .
ايضا اود الاشاده باللغه الادبيه الجميله المستخدمه في نقد هذه الروايه التي تعكس ثقافه واسعه وفكر ناضج وتقدم معلومه مبسطه ومفيده للقارئ
كل الشكر والاحترام
2
2015/08/17
نن
تت
نن
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً