المعرض الشخصي الثامن للفنان التشكيلي العراقي سمير مجيد البياتيى برواق علي القرماسي تونس العاصمة و تم الافتتاح بتاريخ 2 - 5...
 

في هذا المعرض الشخصي الثامن للفنان العراقي سمير البياتي والذي ضمّ نماذج من تجربته التي عالج فيها أكثر من موضوع، نلاحظ فيه اعتماد الفنان على تقنية الألوان والخطوط السوداء العمودية وعنصر الرسم الذي كان أساسياً في تجسيد الحدث، والتي ساهمت في توهّج اللون ..!
 

شارك الفنان في هذا المعرض باعمال كانت مقاساتها متوسطة وكبيرة ، جسّد في واحدة منها رؤيته حول مايدور في وطنه بمزاوجة(التراث بالمعاصرة) ، بينما عالج في ما تبقى منها نفس الموضوع «البورتريه»، ذلك الوجه الذي لطالما اعتمده دائماً كموضوع رئيس وعرف من خلال صياغاته التعبيرية الخاصة به والتي مازال يحاور من خلالها تلك الوجوه بنفس الرغبة ومتعة الاكتشاف لحالات جديدة ربما يضيف من خلالها أثراً أو تأثيراً مختلفاً من خلال تجريبه الدائم في الأدوات والمواد التي غالباً ما يحضـّرها بنفسه في مختبره التقني، ومستفيداً من ثقته بمقدرة ما تحتوي تلك الوجوه الإنسانية من تعبيرات متباينة بهذا الشكل من الإفصاح عن مكنونات كل وجه بتأثيرات غاية في الإدهاش، لما تشكله من عامل أساسي في تصعيد دراما المشهد لديه، بحيوية اللون والذي يبدو متماهيا في طبقات متأخرة من اللوحة، وحضور بعض علاماته أو دلالاته هناك، التي تفصح بالإشارة إلى المعنى والغاية والقصد.
 

أيضا في أعمال الفنان البياتي والذي يعتمد في اسلوبه نفحة تعبيرية ورغبة بانطباعية خاصة يسعى مجتهداً لتحقيقها من خلال إضاءات جريئة يقارب الحقيقة أو الواقع بشيء متحرّراً من بعض المفاهيم الأكاديمية التي تعلّمها، محلّقاً بخياله لإرضاء رغباته هو في تحقيق الجماليات البصرية التي تخدم لوحته باشكال وبتضاريس قاسية يمكن أن نتلمسها ببصرنا، وأمنيات ومشاعر نبيلة فهي تستغيث مستنجدة، وأحياناً حالمة ربما بوضع أقل بؤساً. 
 

انها تجربة غنية ومتمرّسة تعزّزها خبرة الفنان التقنية وتمرّسه الواضح في استخدامه للون وقدرته على اتفاق أكثر من متناقض في تكوين وبناء لوحة متحرّرة من أي نظم أكاديمية صارمة يمكن أن تؤطّر أو تحدّ من الحرية ، وكذلك تناغمها في فضاء من الغنائية التجريدية التي تراعي الجماليات البصريات الراقية وذائقة المتلقي العارف والمطّلع على فضاءات التشكيل والذي يُظهر تحوّلات كل لون لحظة اقترابه من مجاور آخر، مستفيداً من رمزية بعضها ومكتفياً بجمالية وتألّق بعضها بحسب تموضع كل منها في الكادر الملفت عموماً. غالباً ما نلاحظ اهتمام الفنان بتناغم شخوصه المنتصبة في الفراغ بعلاقتها مع الاخر من الايهام البصري ككتلة من خلال توليفها مع الكتل اللونية كمظهراً جمالية ذلك التناقض مابين الصمت والحركة في كل منهما بحيوية وانسيابية ..
 

في هذا المعرض سيطرت الموضوعات الإنسانية على لوحاته كما حرص على إظهار قضايا أبناء وطنه من الفقراء والبسطاء والبؤساء الذين عانوا الفقدان والحرمان، فلقد عرف الفنان البياتي بإحساسه العميق الذي تجلى بشكل واضح في أعماله. فعالمه التشكيلي كان مملوءاً بالأحزان والأشخاص المهمشين والمسحوقين مقدماً معاناتهم من خلال رسمه لوجوه تعكس الهموم والمشاكل عبر نظرات عيونهم وحركات أيديهم التي رأى فيها وسيلة للتعبيرعن حالاتهم الداخلية.
 

كما تضمّن المعرض أعمالاً جديدة والتي ركّز في معظمها على موضوع التشخيص و(البورتريه) بشكل غير مكتمل دليل الكآبة والألم والذي غالباً ما يبدأ فيه الفنان رسم اللوحة وبخاصة تلك التي جسّد فيها موضوع الرجال المعوزين والفقراء تضيف هي أيضاً قراءة أو توضيحاً لما يريد أن يقوله الفنان في تلك اللحظة من الرسم بأسلوب التجريد ، حيث نلاحظ تصادم تلك الألوان وكيف تتداخل من جديد للتصالح للحظة هنا وتتنازع في مكان آخر..
وفي الختام أقول إن عوالم الفنان في هذا المعرض جاءت معبرة مااراد الفنان قوله من خلال عنوانه كعتبة سردية فاضحة لما يريد ان يقوله كنص سردي شكّل بانوراما تلقي بعض الضوء على تجربة جديدة وثقافة تعتمد على كل ما يمكن الاستفادة منه تقنياً من ومواد ووسائل اتصال حديثة، كما تضيئ على ما وصلت إليه بعض التجارب الجديدة كممارسة وحضور استثنائياً.