الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قراءة في مسرحية الكرسي لـ مصطفى لغتيري - سعدية باحدة
الساعة 12:00 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

نص المسرحية:

 

- المكان: مقهى موحش في مكان منعزل يطل على أمواج المحيط... على امتداد أرضية المقهى تتوزع مناضد تحيط بها كراس من الخوص... في إحدى الزوايا، يقتعد الزبون كرسيا .. أمامه على المنضدة كتب وجرائد وآلة التصوير.
 

- الزمان : أصيل يوم خريفي.
 

النادلة تلمح الزبون الجديد، تحمل صينية.. تتقدم نحوه بخطوات رشيقة مبالغ فيها.. تتوقف أمامه، وابتسامة رحبة تستلقي على شفتيها: ماذا تطلب سيدي؟
الزبون : قهوة سوداء من فضلك.
النادلة : هل ترغب في أي شيء آخر بالإضافة إلى قهوتك السوداء؟
الزبون "مندهشاً" : ماذا تقصدين؟
النادلة : فقط كنت أتساءل إن كانت نفسك تشتهي أي شيء آخر؟
الزبون "في تبرم" : قلت لكِ قهوة سوداء، هل هذا لايكفي؟
النادلة "تتسع ابتسامتها أكثر.. محاولة أن تتخذ هيئة مغرية" : لا ياسيدي، القهوة تكفي.. لكن ألا ترى معي أن تحملك كل هذه الطريق للوصول إلى هذا المكان النائي من أجل قهوة سوداء يعد ضرباً من الحمق؟
الزبون .."يلتفت حوله ،فلايرى أحدا.. ينظر مليا إلى النادلة" :
- في رأيك ماذا يمكنني أن أطلب أكثر؟
النادلة "بصوت متغنج" : أن ألتقط لك مثلاً صورة.. أليس هذا المكان الجميل مغرياً بالتقاط الصور التذكارية؟ فخلفية البحر لا تعوض..
الزبون "غاضبا" : وما دخلك أنتِ في هذا الأمر؟ أرجوك أحضري كأس القهوة بسرعة، وإلا شكوتك إلى صاحب المقهى.
النادلة : أنا ياسيدي صاحبة المقهى.. يبدو أنك غريب عن هذا المكان.. بالطبع أنت غريب، فأنا أراك هنا للمرة الأولى.
الزبون : يبدو أنني أسأت الاختيار، لا أرغب في أية قهوة.. سأغادر حالاً.
يحاول الزبون الوقوف، لكنه لا يستطيع ذلك.. الكرسي يلتصق بظهره، يقوم بحركات اعتباطية، تشي بارتباكه وتضايقه.. فيما تستغرق النادلة في قهقهة متواصلة، وهي تتطلع إليه بنظرات ساخرة.
الزبون : ماذا يحدث؟.. ماهذا المكان الغريب؟ كيف يلتصق هذا الكرسي اللعين بي؟
النادلة : ألم أقل لك بأنك غريب؟.. لكي تتخلص من الكرسي لزاماً عليك أن تطيعني.
الزبون "دهشته تتحول تدريجياً إلى خوف..يحملق في النادلة بوجل" : ماذا تريدين مني؟.. بماذا تأمرينني؟.. أرجوك أبعدي عني هذا الكرسي.
- النادلة "تكاد تطير من الفرح.. تضع الصينية جانباً".. فجأة تنخرط في سورة من الغناء والابتهاج، وهي تردد : "لقد وقعت.. لقد وقعت.."
الزبون "يدور حول نفسه في وضع مزر.. وهو لا يكاد يصدق مما يحدث شيئاً" : من أنتِ؟ وماذا تريدين مني؟
النادلة "بطريقة استعراضية تتخلص من ملابس النادلات.. تصفف شعرها.. تتناول مرآة وتشرع في تزيين وجهها" : إذا أردت أن أخلصك من الكرسي، سترقص معي.. لقد مر زمن طويل دون أن يراقصني أحد.. يبدو أن الجميع فطن إلى حيلتي، فلم أعد أحظى بفرصتي.. لكنك وقعت بين يدي لأنك غريب، ولن أفلتك من قبضتي أبدا.
الزبون : إذا كان الأمر يتعلق بالرقص، فيمكن أن أستجيب لطلبك دون هذا الكرسي، أبعديه عني، وسأراقصك حتى الصبح، فأنا أحب الرقص.
النادلة : لا أبدا.. أنا لا أصدقك.. بل لا أصدق أحدا.. كل الرجال كذابون وخائنون.. ما إن أخلصك من الكرسي، حتى تهرب مني، أنا أعرفكم جيدا.. "تنخرط في البكاء بصوت مرتفع".
الزبون "تظهر على ملامحه سيماء التفكير".. ولكن كيف سأرقص وأنا على هذه الحال؟
النادلة "تضحك فجأة" : إنك تستدرجني.. اعترف.
الزبون : لا أبداً .. أنا فقط أرغب في تلبية طلبك بشكل سليم.
النادلة "علامات الغضب تبدو على ملامحها.. تتناول سوطاً، وتضرب الرجل" : أنت تكذب.. كلكم كذلك.. كذابون وخائنون.
الزبون "متألماً" : أي.. ما هذا.. أنا لا أكذب.
النادلة "تضربه مرة أخرى" : اعترف وإلا أشبعتك ضرباً.
الزبون : بماذا أعترف؟
النادلة : بأنك تكذب.
الزبون "متألماً" : أي أي.. يكفي.. يكفي.. نعم نعم أكذب.
النادلة : وأخيراً اعترفت... "ترقص فرحاً.. تتوجه نحوه.. الرجل يرتعد خوف" : كلكم هكذا.. أنا أعرفكم جيداً... "فجأة تكف عن ضربه.. ثم تنخرط في بكاء مرير.."
الزبون : ولكن يا سيدتي كيف سأرقص والكرسي يلتصق هكذا بظهري؟
النادلة : أنا بالضبط أريدك هكذا.. أريد أن أراك ترقص على هذا الشكل.. سأمتع نفسي بمنظر رجل مضحك.
الزبون : ولكن ياسيدتي.. أنا لم أخطئ في حقك، فلم تعاقبينني هذا العقاب القاسي؟
النادلة "حزينة" : لو كنت مكانه، لما تورعت عن معاملتي كما عاملني ذلك الخائن.
الزبون "يظهر علامات التعاطف" : ماذا فعل بك سيدتي؟
النادلة "تشعر بنوع من الاسترخاء" : لقد أهانني ثم هجرني.
الزبون : لم لا تحكين لي قصتك، أنا مستعد للاستماع.
النادلة "يومض في عينيها الفرح.. تدنو منه بخطوات هادئة وكأنها مستلبة" : إنها حكاية طويلة.
الزبون "ما إن تصبح النادلة في متناول يده، حتى يرتمي عليها.. يمسكها من شعرها بقوة" : الآن وقعتِ في يدي..
النادلة "باكية" : أرجوك أرجوك لا تؤذيني.
الزبون : خلصيني من الكرسي، وإلا لن أفلت شعرك من قبضتي.
النادلة "باكية" : كيف سأخلصك منه، وأنت تمسكني من شعري.. أي أي.. إنك تؤلمني.
الزبون : أبداً لن أتركك قبل أن أتخلص من هذا الكرسي اللعين... "يدور حول نفسه، والنادلة تدور معه وهي تبكي"
فجأة يتعثر الزبون.. يسقط أرضاً.. يتخلص من الكرسي.. تقف النادلة أمامه في وضع بئيس، وهي تصرخ مستعطفة : أرجوك لا تعاقبني.. انتظر انتظر، سأحضر لك القهوة حالاً...
تركض خارجة من باب المقهى.. منذهلاً يقف الزبون في مكانه يشيعها بنظرات شاردة.. ودون وعي منه يتقدم بخطوات متعبة نحو الكرسي.. يجلس.. فجأة وكأنه يستفيق من حلم عميق، ينتفض، يحاول الوقوف للانصراف... فيكتشف أنه عالق في الكرسي من جديد!
- يسدل الستار -

 

 

قراءة في المسرحية بقلم الأديبة السعدية باحدة
 

تقديم
ـــــــــــــــــــــــــ

 

 

يتميز الكاتب مصطفى لغتيري بحضوره الدائم والمستمر على الساحة الثقافية ، فهو أديب ديناميكي ونشيط لا تنقصه الجرأة في خوض التجارب الإبداعية ولا تثنيه عزيمته في السفر عبر أجناس أدبية متنوعة .
ومصطفى لغتيري قاص تستهويه البدايات ، حيث أطل من خلال مجموعتين في القصة القصيرة ، خاض بعدها غمار القصص القصيرة جدا في مجموعته الجميلة ( مظلة في قبر) ليركب صهوة الرواية حيث صال وجال بـ : « رجال وكلاب « - ليحط رحاله في رحاب المسرح بمسرحية من فصل واحد بعنوان : الكرسي .

 

فإلي أي مدى استفادت هذه التجربة الجديدة من ذلك اليم المتدفق من الإبداعات السالفة ؟ وما هو سر "الكرسي "الذي تزخر به الأعمال الإبداعية للأدباء كعناوين لأعمالهم ؟ وما هو هذا اللغز الحضاري الكبير الذي تكشف عنه مسرحية الكرسي؟
في البداية حدد الكاتب المكان والزمان الذي ستدور خلاله إحداث المسرحية ' فكيف وظفهما؟
ـــــــــــــــــــــــــ

 

 

المكان
ـــــــــــــــــــــــــ

 

أول ما نلاحظ أن التعريف بالمكان جاء بصيغة النكرة 'وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على قصديةالاختيار سواء بالنسبة للزبون أو بالنسبة للكاتب . فالزبون يحتاج إلى مكان خال ليجالس كتبه وجرائده , وهذا ضرب من الجنون والحمق أدمنه المولعون بالتمعن في النفس وعلاقتها بالكون.
في حين أن الكاتب أراد أن يوصل إلى القارئ من خلال التنكير والتعريف ، مقاربة مهمة انبتت عليها المسرحية من البداية ، وهي تتمثل في الزبون : بـ الـ ( التعريف ) الذي يرمز إلى الذات في علاقتها مع الأشياء الخارجية'التي تتسم بالتنكير 'وهي علاقة غربة وغرابة وعزلة ووحشة، وما انتقاؤه للمفردات الموحية'بصيغة التنكير إلا خبر دليل على ذلك : ( مقهى- موحش – مكان منعزل- مناضد- كراس-كتب- جرائد). 
ـــــــــــــــــــــــــ

 

 

الزمان
ـــــــــــــــــــــــــ

 

اختزل الكاتب الزمن في : أصيل يوم خريفي . فماذا يريد بذلك؟
نعرف أن اليوم في فصل الصيف يتميز بالطول بالمقارنة مع قصر يوم خريفي . والأصيل الذي يعني الغروب والأفول ، فهو أيضا يختلف من لآخر . فغروب شمس أيام الصيف تتسم بالجمال والصفاء والحبور، في حين أن غروب فصل الخريف يوحي بالكآبة والحزن . إذن لماذا اختار الكاتب أصيل يوم خريفي ؟
رأينا أن قصر اليوم الخريفي هو قصر المدة الزمنية التي تظهر من خلال الزمن بنوعيه : زمن الحكي والزمن النفسي
ـــــــــــــــــــــــــ

 

1- زمن الحكي
ـــــــــــــــــــــــــ

 

قلت أن قصر أيام الخريف قد يريد به الكاتب قصر المسرحية زمنيا ، فزمن الحكي في مسرحية من فصل واحد ، ضيق جدا فهو لم يعمد إلى جمالية استرجاع والاستباق، التي قد تطيل النص وتتطلب زمنا أطول بل إنه قد عمد إلى تقنية تكثيف الحكي واختزال الجمل وتسارع وتيرة الأحداث في حيز زمني قياسي ، وهو ما يؤكد جمالية صيرورة السرد عند مصطفى لغتيري الذي ميز قصصه القصيرة ، وبذلك استفادت منها مسرحيته هاته .
ـــــــــــــــــــــــــ

 

2- الزمن النفسي
ـــــــــــــــــــــــــ

الزمن النفسي تأثر بالقصر والاختزال والتكثيف، ويظهر ذالك من خلا ل قصر الإشادات التعبيرية التي توجه القارئ ، والتي غالبا ما يختزلها في كلمة واحدة ، بدون وصف للملامح أو الحركات ، مثل : باكية – حزينة – متألما – مندهشا .
ـــــــــــــــــــــــــ

 

3- السرد
ـــــــــــــــــــــــــ

إذا تأملنا المسرحية جيدا وأعدنا قراءتها من خلال الأسلوب النثري فقط، وأبعدنا الأسلوب الحواري ، فإننا سنجد أنفسنا أمام قصة كاملة لا ينقصها إلا بعض الروابط بين الجمل.
والعكس أيضا ، إذا أعدنا قراءة النص من خلال الحوار فقط ، سنجده يؤدي معناه التام لا ينقصه إلا جملة من مثل : ومصيبتاه . لقد علقت مرة أخرى هذه الجملة المبتورة التي جاءت صامتة وتركها المؤلف للجمهور لينطقها ، هي قمة الدراما المسرحية ، لأن الخلاص المطلوب جاء بعد صراع واستماتة ومعاناة ، أتت بعدها مباشرة لحظة شرود ولامبالاة ليعاود ارتكاب الخطأ، فيعلق نتيجة فعل، ربما يكون اختياريا أو مجازفة أو تقصيرا في أخذ الاحتياط . والكاتب هنا عمل بقولة أمبرتو إيكو : إن المؤلف يقدم للمفسر والعارض والمخاطب عملا عليهم استكماله .
أما المساحة الورقية فكانت فيها الغلبة أيضا للنص النثري . لماذا جاء النص النثري أكثر طولا؟ لماذا تكلم الراوي أكثر من الشخصيات؟ ألآن المؤلف تحكمه نزعة السرد القصصي؟ أم لغاية في نفس يعقوب؟.
لكن الشيء الجميل في النص هو عندما يتظافر السرد مع الحوار فيتقاسمان توصيل الصورة صوتا وحركة ، حينذاك يتمخض الموقف المسرحي عن كاريكاتورية صادمة تكشف عن فظاعة الموقف الدرامي ، مثل:يحاول الزبون الوقوف ، لكنه لا يستطيع ذلك .الكرسي يلتصق بظهره ، يقوم بحركات اعتباطية ، تشي بارتباكه وتضايقه .
-الزبون : ماذا حدث؟. ما هذا المكان الغريب؟ كيف يلتصق هذا الكرسي اللعين بي ؟
لقد ارتفع بالواقعية إلى الخيال ، فإدمان الجلوس على الكرسي ، يعني الالتصاق به كما تظهر الصورة الخيالية في النص ، وفي ذلك يقول : عبد الفتاح الحجمري ( الكاتب المحنك هو الذي يعيد اكتشاف ما هو خفي و منسي فيما نحياه يوميا ) .
الوظيفة اللغوية قي أدب القص كان لها تأثير كبير من خلال توظيفه فن الحوار والتوجيهات المسرحية مع الاهتمام بالعلاقة بين اللغة المنطوقة واللغة غير المنطوقة، وزادها نكهة ذلك التبذير اللغوي في كلمة : غريب . التي تكررت بطريقة مباشرة وصريحة عن طريق الحوار ، فهي تفيد الشك في عبارة" يبدو أنك غريب" . وتفيد اليقين في عبارة "بالطبع أنت غريب". وتفيد الإثبات عن طريق الاستفهام الاستنكاري في عبارة " ألم أقل لك بأنك غريب ؟" .
هذا الحوار على لسان النادلة. لكن هاته الكلمة خرجت من إطار التخصيص إلى إطار التعميم على لسان الزبون .فجاءت تحمل بين طياتها معاني الألم والارتباك والتساؤل والتعجب في قوله : "ما هذا المكان الغريب" ؟
ناهيك عن المفارقات التي يزخر بها النص ، وهي مفارقات سبق أن كشف عنها الأستاذ : عبد الرحمان مولي . في دراسته لبعض نصوص "مظلة في قبر" و هي مجموعة قصصية للكاتب . حيث قال عن المفارقات التي تثير الدهشة : هي مفارقة فيها إشارة إلى جزء من معاناة الإنسان المعاصر الذي يجهد نفسه كثيرا في العمل من أجل تحقيق أمل يكبله بقيود كان يمكن أن يتجنبها بسهولة.
إن التعبيرات النفسية أو الإشارات التعبيرية قد صاحبتها تحولات في العواطف و مفارقات الدهشة والخوف . دهشته تتحول تدريجيا إلى خوف . الفرح يتحول إلى بكاء . الغناء يتحول إلى صراخ . تحول الزبون من موطن ضعف إلى موطن قوة .تحول النادلة من قوة الحضور والتسلط إلى وضع شديد البؤس ، فانسحاب .تحول من الرفض والمقاومة من أجل الانعتاق إلى الاستسلام والارتماء في أحضان المرفوض .

 

إذن فالتشكيل الرمزي الذي انبثق من علاقة المكان بالذات،' وهي علاقة التصاق والتحام الشيء الذي يكشف عن حقيقة مؤلمة وعارية 'يكون خلالها الكاتب واثقا من بلوغ رسالته لأنه يوجهها إلى متلقي متواطئ ضمنيا معه' وذلك بوجود عنصر التواطؤ الذي يمثله الكرسي كمعنى قدحي والكرسي كمعنى مجازي/كقيد للجسد وفي نفس الآن يسمح للروح بالانطلاق والحرية للتأمل والتفكير في الحياة والوجود بنوع من القلق الوجودي . هو الدازين عند هايدجر . أو كسجين مرفوض ومفروض لا خيار لك فيه ولا محيد لك عنه . ولأن العيش في حضنه حياة والبعد عنه عدم.
وهذا ما تؤكده العلاقة التفاعلية بين الكرسي والنصوص الإبداعية لأدباء آخرين . كـ : الكرسي الأزرق . لـ : عبد الله المتقي . و ديوان : الكرسي . لمحمد اللغافي . وأقصوصة : الكرسي . لـ : عبد النبي داشين .

 

أصبح الكرسي هو انطولوجيا الإنسان المعاصر بحيث يصعب أن ينفطم عن إدمانه إلا بمصيرين مؤلمين : المرض أو الموت. كما وقع لـ : عبد الصمد . بطل أقصوصة : عبد النبي داشين . فحين لفظه كرسي الوظيفة بعد أربعين سنة عوضه بـ : كرسي مستعمل ، وراح ينتظر في برودة من وراء زجاج النافذة ، وعندما يهرع الحفيد يجد حضن الكرسي فارغا . فلولا الموت لما غادر عبد الصمد الكرسي.
 

إذن فقد كشف النص المسرحي عن سر الالتصاق بالكرسي ليرمز به إلى سر الارتباط والالتصاق بالوجود، وتحول هذا اللغز المنكشف الذي كشفت عنه دراما النص إلى لغم كبير ..وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على"أن الإنسان ضحية القدر 'وعبدا لظروفه ولنوازعه النفسية التي تحكمه بقبضة فولاذية تحكم السيطرة عليه .
 

فجميع فئات المجتمع وجميع طبقاته. فالمثقفون يدمنون كراسي المقاهي والصالونات الأدبية. والعاطلون يفنون أعمارهم على كراسي الأحلام في الحانات ومقاهي اليانصيب حالمين بضربة حظ لن تأتي . وشباب في عمر الزهور بدؤوا يقيمون علاقات غرامية مع كراسي الإنترنت من أجل الشات وأشياء أخرى . ناهيك عمن أدمنوا الجلوس على كراسي الحكومة. ولكم واسع النظر.
ـــــــــــــــــــــــــ

 

 

ختاما
ـــــــــــــــــــــــــ

 

فالكاتب قد عكس من خلال الكتابة النصية الكراسي الاجتماعية بلغة درامية حية، وجعلها مأساة الإنسان المعاصر في قالب كاريكاتوري ساخر نابع عن قلق وجودي وصدق فني.فتصوروا لو علق الكرسي بظهور كل مدمني الكراسي . فكيف ستجدون الشارع؟ لا نملك آنذاك إلا الضحك ، تكون آنذاك قيمة الإنسان تتحدد من خلال نوع الكرسي الذي يلتصق به .أليس كذلك؟

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً