الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
متحف للفن الحديث والمعاصر في قلب عاصمة المغرب من انجاز : عبدا لله المتقي
الساعة 00:25 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



تقديم لا بد منه
 

يتميز التراث المغربي بتنوعه وثرائه ومكوناته التي تؤرخ لحقب تاريخية من هذا البلد العتيق ، وفي ظل اتساع وتنوع عطاءات الساحة الفنية وانفتاحها على العالم، وبروز قائمة طويلة من الفنانين من داخل وخارج المغرب، وكذا ولترسيخ عاصمة المملكة المغربية كمدينة للأنوار، وتعزيز الذاكرة الثقافية والفنية ، والحفاظ عليها حتى لا يبدأ أي جيل من صفره الخاص ، تم تأسيس المؤسسة الوطنية للمتاحف ، وهي مؤسسة وظيفتها تدبير إدارة المتاحف وشؤونها والمحافظة عليها لصالح الدولة ، كما تضلع بمهام المساهمة في تطوير وتنمية العلوم المتحفية ، تشجيع الابداع والمهنية في ثقافة المتاحف ، واسترجاع القطع المتحفية المهربة أو المعارة أو المباعة ...
ولتيسير مهامها وضعت المؤسسة للمتاحف تحديث المتاحف للمساهمة في التنمية البشرية ، والاجتصادية والثقافية ، تساوقا مع هذه الاستراتيجية الثقافية ، تم إنشاء متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر ، وهو أول مؤسسة متحفية في المملكة تختص بالفن الحديث والمعاصر ، والأجمل منه ، أنها تستجيب للمعايير المتحفية الدولية ، أما واختيار بلرباط عاصمة فلا لشيء سوى أنها مدينة عريقة و تزخر بتراثها الغني وحيويتها الثقافية والفنية، والمهرجانات والتظاهرات الثقافية الكثيرة التي تحتضنها، والتي جعلت منها عاصمة للثقافة عام 2003 هي مزايا كانت وراء اختيارها عام 2003 عاصمة للثقافة العربية، ثم اسما كونيا ومكانة في قائمة التراث العالمي للإنسانية منذ 2012، وذلك ضمن مجموعة محدودة من المدن عبر العالم .

 

البنية المعمارية للمتحف 
 

البناية ذات بنية خصوصية وبهوية التنوع الثقافي ، حيث التقاطع بين الماضي العريق والحاضر الملائم للنسيج الحضري لقلب العاصمة ، إنها هندسة ذات طابع عربي ، موريسكي ، حيث يندهش الزائر لهذه المعلمة بسحر استثمار الأشكال التقليدية وإعطائها أشكالا فنيا وبلمسات معاصرة ، وبذلك تستمر القدامة في الحداثة، والحداثة في القدامة .
 

وأنت تتجاوز عتبات ، المتحف تذهلك الأقواس المستوحاة من الطراز العربي الموريسكي ، ناصعة البياض ، تتكون من أعمدة مزدوجة الأقواس بمعية درابيز تستعيد زخرفة " الكتف والدرج "، كي تعكس صورتها الظلية تبعا للأضواء والفصول .
هي بمثابة بانوراما تاريخية لتطور الفن الحديث والمعاصر بالمغرب ، حيث تمكنك صالات العرض السفر عبر تحقيب زمني لأجيال مختلفة من المبدعين المغاربة تنتمي لأربع فترات زمنية .

 

 

فضاءات ساحرة وتواريخ تشكيلية ..
 

وأنت في فضاءات المتحف ، تحيلك لوحاته إلى عفوية التشكيل المغربي مع بدايات القرن العشرين وإلى نهاية الخمسينيات ، ومن أسمائهابن علي الرباطي ، مريم مزيان و...
في حين تهرب بك لوحات فريد بلكاهية ، أحمد الشرقاوي ، محمد شبعة وغيرهم إلى عوالم تشكيلية مختلفة ومائزة ، ميزتها أنها حداثية ، ويحركها البحث عن الهوية والخصوصية الثقافية ، في حين تحيلك أعمال نجية محاجي، محمد نبيلي ، عباس الصلادي ، مصطفى بوجمعاوي ، وعبد الرحيم يامو و...حيث التشظي والتنويع والفردانية ، وشساعة الابداع ، واكتشاف جزر فنية جديدة
ثم نهاية القرن العشرين إلى اليوم ، وتتعلق بعروش الفنانين الشباب الذين برزوا في نهاية القرن العشرين ومازالوا يساهمون في إثراء المغرب التشكيلي .

 

كما المتحف لم يهيأ ليكون فقط فضاء للعرض، أو للمحافظة على التراث الفني، بل صيغ للاضطلاع بأدوار متعددة، من خلال مرافقه المتكاملة، من قاعة متعددة الوسائط مجهزة لاستقبال الدارسين والباحثين، ومختبر، ووحدة استقبال للجمهور، ومنهجية جديدة في البرمجة، لا تتعامل مع المكان كبقالة تفتح وتغلق في ساعة محددة»، يقول السيد مدير المتحف.
مهام المتحف
يسعى متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر لأن يكون فضاء لتحفيز المواهب على الابداع ، وكذا فضاء ينسجم فيه الزوار مع إبداعات الذاكرة التشكيلية المغربية ، للمساهمة في وضع المغرب على محك التفاعل مع التحولات التي تعرفها خريطة الفن المعاصر بالمغرب ، وفي نفس السياق ، أوضح ال عبد العزيز الادريسي مدير متحف في تصريح بالمناسبة لوكالة المغرب العربي للانباء أن المتحف يكرس مرحلة جديدة من تاريخ التحافة بالبلاد، محققا طموح الفعاليات الثقافية الوطنية منذ ستينيات القرن الماضي. 

 

وفي نفس الآن ، فإن هذا الانجاز الجمالي مطالب بإنجاز مهمة تأسيسية لتشكيل رصيده الدائم من المعروضات،ومدعو الى انجاز مهمة تأسيسية متعبة لتشكيل رصيده الدائم من المعروضات. وإلى ان يكون واجهة للتحاور مع الفنانين ، من خلال الجمع بين ا الكلاسيكي للعرض وهوية مركز حي للفن والإبداع، عن طريق استضافة الفنان لانجاز عمل في عين المكان، بما يسمح للزوار بالاطلاع على مراحله في صيغة تفاعلية، تعتمدها أحدث المتاحف العالمية. تشجيع تطور الفن التشكيلي، وابتكار طرق جديدة لتوجيه وتأطير العمل الفني، هو الرهان الأساسي
 

 

خاتمة
 

وقبل أن نسدل الستار حول هذه المعلمة التاريخية التي تعتبر إنجازا تاريخيا ، من شأنه صيانة الذاكرة الفنية بالمغرب ، وهي خطوة لا يمكن أن يتحمل تبعيتها فرد لوحده، بل يسهر على حيويته وحياته فريق عمل مغربي شاب يملك من الطاقات ما يكفي ، متخصصة في علم التحافة ومتخصصة في مجال التاريخ والوساطة الثقافية ، وحتى تكتمل الرؤيا ، وحتى نكون موضوعيين اتصلنا بمجموعة من المهتمين ، وكانت شهاداتهم بخصوص هذه المعلمة الفنية كما يلي :
 

 

شهادات
 

متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر :
 

ما هو كائن وما ينبغي أن يكون
بوجمعة العـوفي / شاعر وناقد فني مغربي
شيء جميل أن يعرف المغرب تشييد متحف وطني للفنون الحديثة والمعاصرة بعاصمته : الرباط ( متحف محمد السادس )، كأكبر مؤسسة متحفية في البلاد مخصصة لاحتضان وعرض مختلف الإبداعات الفنية في مجالات الفنون التشكيلية من تصوير صباغي ونحت وغرافيك وتصوير فوتوغرافي، وغيرها من فنون المساحة والحجم. إذ ظل المغرب بالفعل ــ بالنظر إلى حجم ونوع التراكم الجمالي – البصري الحاصل في خرائط إبداعاته ــ في أمس الحاجة إلى مثل هاته المؤسسات التي تحفظ ذاكرته البصرية، وتُعَرِّف بها، وتجعلها ـ بالتالي ــ في متناول العين والمشاهدة. 

 

وإن كانت مثل هذه المبادرات، تؤكد أولا هذا الاهتمام المتنامي في السياسة الثقافية المغربية بهموم ذاكرة بصرية ظلت شبه مغيبة، وتشتغل في صمت أو في " عزلة "، ويشوبها الكثير من اللبس والحيف كذلك في الاعتراف الرسمي بهاته الممارسة الجمالية وصونها، فإن الهدف أو المطلب الأساسي من هذه الخطوة أو المؤسسة ينبغي أن يكون منصبا على تأكيد القيمة الحضارية والفكرية لهاته الفنون، هي القيمة التي لم تتأكد بعد ــ وبالحجم المطلوب ــ في المستهلك الثقافي الوطني وفى بنياته وقنواته المكونة أو المنتجة لحاجياته الأساسية من جهة، ثم لأن هذا النوع من الفنون أو الإبداعات لم يحصل بعد على اعترافه الاجتماعي الواسع وعلى مرتبة أو صفة الحاجة الأساسية في المجتمع، كغيره من أشكال المغذيات الرمزية ذات المنفعة الخاصة والعامة، من جهة ثانية.
 

حتما، لقد تحققت أيضا، في الرحم أو الأفق الملون للإبداع المغربي، العديد من التراكمات والإنجازات، بالرغم من المساحات الضيقة المخصصة عندنا في المغرب لمثل هاته الإبداعات، سواء فيما يخص علاقة الجمهور الواسع بالعمل الفني التشكيلي، ضمن مسائل وإشكالات قيمة هذا الفن ووظيفته في المجتمع، أو ما تعلق بحياة فنية ديناميكية يمكن أن تشكلها مجموع الشروط والظروف الضرورية لقيام مثل هذه الحياة، كضرورة توفر المتاحف الوطنية، وقاعات العرض، وسوق فنية منظمة، وتذوق الجمهور للفن وإقباله على استهلاك الأعمال الفنية ومشاهدتها، وتنظيم المعارض والبيينالات biennauxوالتظاهرات الفنية والفكرية الكفيلة، لمساعدة الجمهور الواسع على فهم الفن وتذوقه.

ثم مساعدة الفنانين وتجاربهم كذلك على التحاور والاستمرارية والتطور.. هذه الشروط والظروف التي يكون بوسعها أيضا ــ ضمن هاته المبادرة ــ أن تضمن وصول الفن إلى مستهلكه بالزخم المطلوب، ثم بالطرق والوسائل اللائقة أو الضامنة ــ بالأخرى ــ لكرامته ولأبعاده الجمالية والتعبيرية.
أما ما هو غائب حقا في علاقة هذه المؤسسة الحيوية والمهمة في البلاد، وجميع الفاعلين في حقول الفنون الحديثة والمعاصرة في المغرب، فيمكن إيجازه في ما يلي :

 

1 ــ كان من الضروري ــ قبل إنشاء المتحف ــ إطلاق مبادرة حوار وتشاور وطني واسع بين الدولة والقطاع الوصي على هذا المتحف، وكل الفنانين والباحثين والنقاد والمتخصصين والمهندسين المعماريين والهيئات والجمعيات التي لها علاقة وطيدة بمجالات هذا الإبداع الفني، لصياغة تصور شامل ومتكامل حول هذا المشروع : انطلاقا من بنيته المعمارية ومرافقه ووظائفه إلى الرهانات والأفاق والأهداف المرجوة أو المنتظرة منه. 
 

2 ــ الطريقة التي تم من خلالها اختيار جُل أو بعض الأعمال الفنية الحاضرة في هذا المتحف، تحكمتْ فيها ــ حسب علمنا المتواضع وشهادة العديد من الفنانين والفاعلين الفنيين المغاربة ــ الارتجالية والمحسوبية والوساطات والعلاقات الشخصية، مما جعل العديد من التجارب الفنية المغربية الجيدة، التي تستحق أن تكون ضمن معروضات الدائمة للمتحف، توجد خارجه، والعكس صحيح في ذلك تماما.
==============

 

 

د ام البنين السلاوي
 

باحثة وفنانة تشكيلية

البناية جميلة مجهزة بأحدث التجهيزات وأرقاها تستحق التقدير ، لكن مع كامل الأسف هناك غموض يسري في طريقة انتقاء الفنانين والأعمال المعروضة وعلى أي أساس قيموا وزنهم في تأثيت المتحف بهم. وبأي عذر تجاهل المسؤولون مبدعين لهم تاريخ في بناء صحن الفن التشكيلي البصري في الحقل الثقافي المغربي ، إذ كيف يعقل، مثلا، تهميشي ، إذا صح التعبير، ولدي حصيلة ما يناهز أربعين سنة من العطاء والمشاركات الفنية داخل وخارج المغرب وسبعة وثلاثون سنة من التدريس في المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان لتكوين أجيال وأجيال من الفنانين التشكيليين، وأعد أول دكتورة في الفنون الجميلة بالمغرب متخرجة من جامعة كمبلوتنس بمدريد وهي أقدم وأعرق جامعة عالمية . حصلت على جوائز وشهدات تقديرية وميداليات دولية من خلال مشاركاتي المتعددة في عدة مهرجانات قيمة، وما كان هدفي وافتخاري الدائم إلا الرفع بقيمة وطني وهز الراية المغربية الى الأعالي بعزة وكرامة بين الدول لا أريد اتهام أحد بالذات عن التلاعبات التي نلاحظها في العالم الثقافي وبالخصوص في الفن التشكيلي البصري وكل ما أطلب هو مزيدا من الحذر وعدم التطبع فالتاريخ لا يرحم ولا يمكن إطلاقا إقصاء جزء مما سجلوه بمداد الفخر الذهبي. 
===================================

 

 

بنيونس عميروش
فنان تشكيلي وناقد

يبقى افتتاح متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط مفخرة وربح كبير للمجال التشكيلي في البلاد، بالنسبة للمغاربة عموما والمهتمين والفاعلين في القطاع خاصة. بل ذلك يؤكد يقظة المسؤولين وذوي القرار بمدى فاعلية المتحف كواجهة ثقافية وسياحية وحضارية، لطالما دافع عن أهميتها الفنانون الرواد إلى أن رحل بعضهم. مع هذه المعلمة، تم العبور من المتحفية الإثنوغرافية إلى المتحفية المعاصرة التي نتمنى أن تتحقق بالوجه المطلوب لاحقا، مع توفير المجموعات والقطع الفنية المملوكة للمتحف الذي من المفروض أن يعرض تحفا بمعنى الكلمة وليس أي "أعمال" كما حال بعضها والمدعوة بـ"المعاصرة" على شكل منشآت، والمعروضة حاليا بالطابق تحت أرضي، علما أن مفهوم "التحفة" لا يقوم على البعدين الإبداعي والجمالي فحسب، بل على الامتداد في الزمان أيضا.
 

من جهة أخرى، أغتنم الفرصة لإبداء ملاحظتين: الأولى تتعلق بارتياحي للسيد مدير المتحف السيد عبد العزيز الإدريسي، ليس لكفاءته وتجربته كمحافظ، بل لكونه يتحدث بلغة وطنية (العربية) ويتواصل بها، وهذا أمر في غاية الأهمية في الحين الذي يمثل فيه قيادة مؤسسة وطنية، علما أن مجال الفنون التشكيلية عندنا يُدار بذوق وعقلية إفرنجيتَيْن. فأما الثانية تتعلق بتساؤلي عن جدوى صور الأعمال المكبرة والمعلقة على جدران الواجهات الخارجية لبناية المتحف،إذ لا يمكن رؤيتها لأنها تحتاج إلى المسافة، كما أن الأقواس والأعمدة تحجبها عن الرؤية. إن تغليف الجدران يعتبر تحقيرا للبناية ككيان معماري له جماليته المرهونة باجتهاد المهندس المعماري مُوَقِّع التصميم. ذلك أن عرض الأعمال موكول للفضاء الداخلي كما هو الشأن في متاحف العالم. فالأمر هنا شبيه بإشهار "السلعة" على باب الحانوت. 
بنيونس عميروش
فنان تشكيلي وناقد

عن صحيفة الزمان الطبعة العراقية.

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً