الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
«سلمى» التونسية.. تحلم أن تسمع موسيقاها للعالم
سلمى التونسية
الساعة 18:05 (الرأي برس - وكالات)

تمتزج نغمات معزوفات الطلاب في أروقة المعهد العالي للموسيقى بتونس، في بروفات (تجارب أداء) متواصلة.. تخالطها موسيقى البيانو المتشنجة أحيانا والهادئة أحيانا أخرى، والتي تتسلل من غرفة التدريب في الطابق الأول، حيث تجلس "سلمى" برفقة مدربتها.

 سلمي الباروني، تونسية تتهادى في عامها الـ19.. تداعب حلم الصغر بين أنامل رقيقة لا تعرف دون البيانو رفيقا.. تحلم بأن "تسمع عزفها للعالم"، بالرغم من أنها بدأت العزف منذ 8 سنوات فقط، إلا أن الحلم مؤخرا قد أصبح ممكنا، بعد أن حصلت على مقعد دراسي في كل من معهد "ترينيتي لبنان للموسيقى والرقص" و" أكاديمية الموسيقى الملكية" (مقرهما لندن، ويصنفان من بين أولى مدارس الموسيقى في العالم)، كأول عازفة بيانو تونسية تجتاز اختبارات المؤسستين العريقتين.

تسرد حكايتها مع البيانو من البداية قائلة ''في سن الثانية اشترى لي والدي بمناسبة عيد ميلادي كمنجة، ولما بلغت الرابعة من العمر ألحقني بمعهد تعلم الموسيقى لأتقن عزف الكمنجة، إلا أنني رفضت ذلك وكنت أقضي ساعات التعلم بالبكاء، وبمناسبة عيد ميلادي الخامس أهداني والدي بيانو صغير الحجم سررت به كثيرا، وبدأت أقلد كل المقطوعات الموسيقية التي أسمعها".

 "لم أفهم سر الانجذاب للبيانو، هو اختارني، لم أختره، حتى دراستي الجامعية في العلوم الطبية لم تمنعني من ممارسة ما أرغب فيه حقا، الموسيقى كانت تجذبني أكثر"، تتابع العازفة الشابة.

عندما تعزف سلمى تبدو لك وكأنها في صراع جسدي مع البيانو بالرغم من جسدها النحيل، بدء من ساقيها اللتين لا تتوقفان عن الحركة، متابعة نسق الألحان، وصولا إلى عينيها اللتين لا تكترثان لحبات العرق المتساقطة من جبينها.

تستطرد ''البيانو آلة موسيقية تجتمع فيها كل الآلات الأخرى، عندما أعزف وكأن فرقة موسيقية كاملة تعزف معي، أرتاح نفسيا عندما أجلس للبيانو وأبدأ العزف، حين تعزف تشعر وكأن كل شيء يتغير حولك، كأنك تغني من أعماقك ولكن بأناملك، لذلك كل الجسد يتحرك ويتفاعل"، مضيفة "لا أستطيع تعريف علاقتي بالبيانو، هو حياتي باختصار، لا أستطيع أن أعيش بدونه".

''البيانو سيحملني للندن لأسمع عزفي للعالم، ولكي أصبح عازفة أوركيسترا"، عن حلمها تتحدث، مردفة "سبب رغبتي مغادرة تونس هو أن التعليم يرتكز كثيرا على الجانب النظري''.

تقول سلمى "أجريت اختبارا في كل من معهد ترينيتي والملكي ولم يكن الاختبار بالهين، لأن النجاح يتطلب الإقناع  في عزف مقطوعات غير مشهورة، وتمثل أنماط  وفترات زمنية كلاسيكية عديدة، إلى جانب حوارات مع لجنة التحكيم لم تكن متساهلة قط. وقد حصلت على منحة استثنائية للدراسة، وأنا اليوم أبحث عن ممولين لمصاريف المعيشة من سكن وتنقل، متمنية أن أتمكن من تحقيق حلمي وأن يعرف العالم بأنه يوجد في تونس عازفو بيانو متميزون".

مع كل معزوفة، ترقب المدربة "فوسون غوراي رقيق"، سلمى بانتباه شديد، وتستوقفها في كل مرة لتقدم ملاحظاتها الدقيقة.

توضح فوسون ''سلمى جاءت للصف منذ كان عمرها 13 عاما لتتعلم البيانو، وكانت فضلا عن ذلك تمتلك صوتا جيدا، وقلت في نفسي إنها لن تتمكن مواصلة تعلم البيانو بحكم أنها بدأت متأخرة، ويتطلب الأمر إعادة تعليمها الدروس من البداية، لأن تعليم البيانو يستوجب انضباطا ونفسا طويلا، ولم أكن متأكدة أنها تستطيع بالفعل إعادة كل هذا من جديد، لكنها أصرت على التدريب واتخذت قراري بتدريسها".

"كانت تتقن كل تمرين أقدمه لها، وكانت تنقصها الأساليب الفنية للتعبير، لأن الموسيقي الحق وعازف البيانو يجب أن يمتلك أنامل تقوم مقام الجنود المدربين، والتي تخول لها التعبير بطريقة جيدة" تضيف المدربة.

أيقنت الأستاذة نهائيا خلال 4 سنوات أنها  توصلت لنتيجة جيدة، مع سلمى وأصبحت تمتلك مهارة تخول لها المشاركة في المسابقات الدولية، التي تشكل فاصلة مهمة في مسيرة أي فنان، بحسب قولها.

وتكشف "كل المختصين والخبراء الدوليين في تعليم البيانو، واللذين استمعوا لها مرارا أكدوا أنها يجب أن تسافر للدراسة خارج تونس، ومن هذا المنطلق قررنا المشاركة في امتحانات الالتحاق بكل من معهد ترينيتي و أكاديمية الموسيقى الملكية بلندن، ونجحت في ذلك وتمكنت من نيل مقعد في كل من المعهدين، واختارت في النهاية معهد ترينيني لأنه قدم لها منحة استثنائية، علاوة على أنه يضم مجموعة جيدة من الأساتذة والمدربين".

 وتختم الأستاذة حديثها بالقول "نأمل أن تمثل سلمى تونس على أحسن شكل، وأن تكون المثال الجيد لبقية المتعلمين الصغار، لأن تونس تزخر بعازفين شباب جيدين".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً