الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
العلامـات السيميائية في المجموعة القصصية "لسان الأخرس" للكاتب المغربي عبدالله المتقي- علي أحمد عبده قاسم
الساعة 12:02 (الرأي برس - أدب وثقافة)


 
     إذا كانت السيمياء تدرس وتبحث عن العلامات والرموز بمختلف أنواعها " عينية ، اجتماعية ، ثقافية " ما دامت وسط المجتمع كرموز، فإن المتأمل لأي نص يرغب بدراسته من خلال العلامات بوصفها دلالات ملفتة في النص المقروء، خاصة وأن اللغة هي مجموعة من العلامات كما يقول : دي سوسير لذلك يتحول النص إلى مجموعة من العلامات والرموز التي لها حالاتها فتنتقل دراسة النص اجتماعية ولغوية ودلالية كما يقول  بنكراد، وتبحث السيمياء عن المعنى من خلال البنية اللغوية المختلفة للغة والشكل والدلالة ، فتنتج عن ذلك دراسة لمختلف العلامات سواءً كانت علامة أيقونة كصورة ،أو ما يماثلها أو دراسة العلامة الإشارية التي يكتشفها القارئ من خلال دلالة اللغة، أو قد يلجأ القارئ لتأويل وتفسير المعاني الظاهرة والخفية من خلال تلك العلامات سندرس المجموعة القصصية " لسان الأخرس " وهي للقاص المغربي المتميز عبد الله المتقي  وهو قاص متمكن من النص القصير جداً  صدرت له أربع مجموعات هي(الكرسي الأزرق ، قليل من الملائكة ، مطعم هالة ، ولسان الأخرس  التي هي موضوع دراستنا  صدرت المجموعات عن مؤسسة النايا للنشر والتوزيع في سورية .
 

 

العنونـة
 

    تشكل العنونة علامة سيميائية تختزل النص ومضمونه وتتميز بالدقة المكثفة والتي تدل على كونها ذاكرة للنص وتتحكم بالنسيج الداخلي كونها مختارة بعناية لتتناسب مع جنس الخطاب المسرود لتعكس جمالية ودليلاً مركباً للنص وعلامة داخلية تتكون من الاستمرارية التي يخلقها المضمون في المتلقي وفي الإشارات التي يرغب بعكسها المبدع ويشكل العنوان علامة خارجية من خلال المرجعية اللغوية للقاموس وما يعكس من دلالات تتعانق مع النص لتعطي مضامين داخلية وخارجية تشكل ترابطاً وتكاملاً يعكس قدرات المبدع ومضمون النص والرؤية التي يقصدها في مسكوتة عموماً . 
والعنوان يشهر النص ويميزه ليكون علامة تجديد وعلامة اقتدار في التماسك والاتساق والمقصدية من الموقف الإبداعي، لذلك فهو يطلع المتلقي على الشفرات المختارة في النص، والتي ترسم بناءً متماسكاً من بداية النص حتى نهايته . 

 

 

وإذا تأمل القارئ في عنونة المجموعة القصصية " لسان الأخرس " فإن المؤلف عمد إلى عنونة النصوص بالمفردة الواحدة النكرة كمثل ( حب ، مقام ، سبابة ، انسلاخ ، ألم ، مائدة ، خصومة ، شيخوخة ، ندف ، نهاية ، ثلج ... إلخ ) . 
 

     ولعل استعمال هذا الأسلوب في العنونة يعكس قدرة المبدع ،ويتناسب مع النص القصير جداً من حيث الاختزال والتكثيف خاصة وأن دلالة تلك العنونة جاءت متعددة تعطي إشارات سيميائية وظيفة اتصالية في نقل مضمون النص ونقل رؤية المبدع، ويعكس خطاباً موازياً كمتن للنص فضلاً عن مواكبة السرعة في هذا العصر وتماشياً مع التحول الجمالي الإبداعي المتسارع في تجديد النص، وسيراً مع معايير النص القصير جداً واستخدام المصدر والأسماء دلالة في ثبات المضمون وثبات الخطاب وربما ثبات ورتابة وجمود العصر . 
 

ويمكن الاستدلال أيضاً بمحذوف في العنونة المستخدمة يقدر باسم الإشارة ( هذا  ، هذه ) فتقول  : ( هذا ألم وهذه شيخوخة وهذا ثلج ... إلخ ) . 
 

      بوصف هذا الحذف خاصية من خصائص النص القصير جداً، ويعطي إيحاءات وتلميحات وإشارات وصور هي دوال سيميائية جديرة بالتأويل والقراءة، خاصة والنكرة تتناسب مع الخطاب الصادم سواءً في البنى والتراكيب أثناء السرد أو من خلال الجرأة والمفارقة في نهاية القصة ليكون علاقة متشابكة في خطاب القصة عموماً واستخدم النص العنوان المركب " حرب باردة  ، سينما أطفال ، سرير السرد ، لذة السرد ، قبر الأحلام ... إلخ " .
 

 

      هذا العنوان المركب الإضافي فيه تحديد وفيه قرب من النفس والذات وأيضاً هو تنويع في فضاء الخطاب ،  سواءً من ناحية الدلالة أو من ناحية الرمز ويعطي تعالقاً ما بين العنوان والنص ليخترق النص بكامله وهذا العنوان الإضافي يزيد من استقلالية العنوان، وبذلك ينقل دلالته المستقلة إلى الدلالة المترابطة مع النص والمتكاملة معه فكان التنوع ما بين الدالة الرمزية مثل ( حرب باردة ) الذي ترمز إلى السرعة والتلهي ووسائل الاتصال وتحول الإنسان إلى كائن مستلب وسلبي تجاه نفسه وأسرته ويعطي هذا العنوان الإضافي شاعرية كمثل ( سرير السرد ، أريكة السرد ) وهذه الدالة الشاعرية ممزوجة بالرمز بوصف الجزء الأول من العنوان ويرمز للمتعة والمرأة وصفاء الحياة وتسامي الروح والجزء الثاني قد يرمز للمبدع وللسرد نفسه وللنص أيضا. وفيه إعلاء من شأن السرد مما يجعل العنوان وحدة مترابطة وجزءاً لا يتجزأ من نسيج النص وقد ندر في عنونة المجموعة العنوان المتعاطف لأنه يعكس شيئاً من الضعف وإن كانت المقصدية والرؤية لا تقل عن تلك العنونة المفردة والمضافة . 
 

 

     خاصة وأن العنوان بناء مدروس ومرسوم بتقنية عالية بالنصوص بلا اعتباطية ليعكس احترافية متقنة. وإذا ما تدارسنا العنوان للمجموعة كاملة " لسان الأخرس " عنوان مركبٌ إضافي من " لسان + الأخرس " فاللسان آلة الكلام وهو وسيلة التخاطب والتحاور والتفاهم ونقل الإرادات والرغبات يتم عن طريقه وإظهار العميق المخزون المترسب في النفس واللسان معجزة وآية من آيات الله قال تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ }الروم22 .
 

    وبهذا الخطاب القرآني دعوة للتأمل في اختلاف الألسن ولغاتها خاصة وأن ثمة فروق ما بين الكلام وهو : ما يجري بين أشخاص أو مجموعة من الأشخاص. ويكون غير مرتب وتلقائي وعلى عواهنه وغير ملتزم بالقواعد لذلك قال تعالى في القرآن الكريم : {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ }الشعراء195
 

     فوصف اللسان بالعربية والإبانة دليل على الوضوح للسان خاصة وأن اللسان يخص أمة بعينها وله مميزاته وخصائصه وأصوله وقواعده وقوانينه وتلك الدلالات تعكس على العنوان مباشرة في الميزات والخصائص والأصول والقواعد وتعكس على النص القصير واستخدم الكاتب اللسان فوسم مجموعته " لسان الأخرس " ولم يقل " لغة الأخرس " بوصف اللغة عامة تتفرع منها الألسن المتفرقة والمتعددة والأخرس هو ( من لا يفهم عنك ولا يتكلم ). ليشكل العنوان جدلية ومفارقة مدهشة ما بين الخرس واللسان. 
 

    لذلك يتصف اللسان بالحدة قال تعالى : { سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً }الأحزاب19
 

    فإن العنوان يحيل إلى إشارات رمزية سيميائية بوصف الأخرس لا يتكلم ولا يفهم ممن يتكلم إليه فأفتقد اللسان الملاسنة التي تكون بين أطراف مما يعمق رمزية العنوان " لسان الأخرس " يحيل إلى : 
 

• القلم والكتابة بوصف القلم لسان أخرس متكلم والكتابة مقروء لسان ويمتد ويستمر ما امتدت الحياة واستمرت وقد يكون اللسان معادل . 
 

• ويحيل اللسان إلى الرمز فهو معادل رمزي للنص فقط والأخرس للكاتب الذي قد يعاني من كهنوت معين أو استبداد ولا يفصح عما في نفسه وعما يختلج في صدره إلا عن طريق اللسان النص . 
 

ولسان الأخرس لسان رامز ذو إشارة عميقة يستطيع أن يدرك الحياة ويعبر عن مضامينه بإشارة ورموز ليحيل العنوان إلى المجموعة بكاملها، وإلى رؤى المبدع ورؤى النص والمبدع ولإعجاز اللغة والنص السري . 
 

 

الســـريــــر
 

تكرر السرير في النص السردي وجاء متحولاً في الدلالات والمعاني ليشير إلى إحالة وعلامات من خلال سياقات النص ففي نص " انسلاخ "، جاء لفظ السرير علامة للخوف والرعب وانسلاخ من الطبيعة المستقرة إلى طبيعة وسجية مرعوبة مشحونة بالخيال المخيف ( في بيت النعاس كان هو نفسه يرقد على السرير، عيناه مثبتتان في السقف أستيقظ من نومه وهو يشعر برعب فظيع ) صــ183 .
 

     والمتأمل في النص من خلال عبارة " هو نفسه " فهو ليس المروي له بل ذلك المقتول الذي أزهقت روحه الذي جاء في أول النص لتكون العبارة منسجمة مع العنوان " انسلاخ " أي انسلاخ من الحياة الإنسانية إلى حياة متوحشة مرعوبة ملاحقة في أماكنها وهو السرير لذلك تولد منه إنتاج دلالة الرعب والخوف والانتقام والتأمل في الشفرات التي أعطاها النص " هو نفسه , رعب فظيع ، بيت النعاس ، مثبتتان في السقف " فتثبيت العينين في السقف علامة إشارية للموت خاصة ودلالة تلك الشفرات كلها عموماً تعكس دلالة الرعب والانسلاخ من الطمأنينة ، لكن إذا تأمل القارئ نص " سرير السرد "  
" كانت الثلوج تدثر المداخن من السقوف 
بمحض الصدفة يزغ رجل شتوي 
كان كل شيء أبيض بالثلج 
حيث تبدو امرأة بمعطف بنفسجي 
وبين أصابعها سيجارة منطفئة 
ويفكران في زجاجة نبيذ 
وسرير من السرد "  صـ185 .

 

     من خلال المشهد السردي يمكن للقارئ أن يطلق على النص نص الدفء وسط البرود، خاصة وإن السرد تحول إلى معادل رمزي للدفء الروحي والإنساني ،ومن ذلك تحول السرير إلى علامة للدفء وعلامة لرغبة الروح خاصة إذا ما قطع القارئ الخطاب إلى شيفرات " بزغ رجل ، معطف بنفسجي ، زجاجة نبيذ " وتلك الشفرات أو الشفرات علامة للدفء في وسط كثافة البرود " رجل شتوي ، كل شيء أبيض بالثلج – سجارة منطفئة تبدد امرأة بمعطف " هذه إشارات لكثافة الجمود والبرود في المحيط المادي والروحي لذلك كان رسم المشهد بصور مشهدية سردية لتعكس حالة من التأزم بلحظة تنوير " سرير السرد " لذلك كان سرير السرد علامة مناقضة للبرود وعلامة للتوافق والتواؤم والتسامي الروحي والتآلف والتوهج فهو بديل للثلج والشتاء والمعطف والإنطفاء فالنص  مترع بالعلامات الإشارية التي تعكس الدفء والبرود وعلاقة الرجل بالمرأة  . 
 

 

        بهذا فإن نصوص عبد الله المتقي ترسم السرد وتضيفه للجمال ، فمن عناوينه " أريكة السرد " ليعكس علامة للمزاوجة ما بين الاعتلاء والتجدد والتوهج بوصف السيمياء تعطي تصورات تأويلية ودلالية واشارية وأيقونات بصرية فجمع النص السردي هذه المضامين السيميائية بأسلوب متميز وعميق حتى تشكل إثارة ذهنية وتأويلية لدى المتلقي ولأن السرير علامة للطمأنينة والاستقرار  والتآلف فإنه أيضاً علامة للرحيل وعلامة للوحشة والوحدة . 
 

 

      ففي نص " بيت العناكب " ومن خلال العنوان بوصفه علامة وأيقونة فإنه يحيل للوحشة والخواء . حيث يقول النص " في أحلامها رأت سريراً من نسيج العنكبوت  ، مخدتين كالقوقعتين ( لم تكن نائمة ، ظلمة وضوء أصفر يتحرك على الأرض ) ،  فالسرير يحيل إلى غياب الرجل الذي هجره مدة طويلة حتى نسجت عليه خيوط العنكبوت فهي سرير واهن ضعيف موحش لذلك اللغة تعكس جدلية في العلامات " في أحلامها " إشارة إلى السرير الخيال ولكن تأتي " رأت سريراً " على وجه الحقيقة " من نسيج العنكبوت " موحش مهجور خال من الألفة والدفء ليعكس أيقونة الرجل المهاجر مما يفضي إلى حضور الوحشة والضعف والوهن العاطفي وغياب الرجل والمرأة معاً فألمح النص للمرأة روحياً خاصة والشفرات اللونية تعكس نفسية الشخصية " سرير من نسيج العنكبوت , مخدتين كالقوقعتين , ظلمة وضوء أصفر " إنها ألوان الوحشة والموت والخوف والوحشية والعدمية التي تنتج عنها حياة ميتة يخيم عليها الفراق والمعاناة والاغتراب الروحي والأحلام التي لا تتحقق فتحولت الحياة كابوساً . 
 

      وإذا كان السرير علامة للشوق وللرجل والمرأة ،فإن المرأة كانت معادلاً رمزياً للسرير الميت ومعادلاً للبرود والإهمال واللامبالاة وانعدام الإنسانية والقيم الإنسانية – من المرأة تجاه حياتها "  يداها تلعبان بضفيرتها الشقراء السماء حزينة والشارع تخلص من أحذية المارة " . في الوقت نفسه  كان زوجها يحتضر في سريره وموسيقى ناصعة الساخن تنصت لموسيقى السراب . في العاشرة صباحاً . كان هناك موت بشقه باردة لم يحترمه أحد ". 
 

    فكان السرير معادلاً رمزياً سيميائياً لعلاقة الرجل والمرأة المتناقضة " تفك ضفيرتها ، تنصت لموسيقى الراب ، ويحتضر في سريره . 
 

      فمن خلال تلك العلامات اللغوية في الخطاب السردي عكست الإشارات انعدام القيم الأخلاقية والإنسانية عند المرأة، وعلاقتها بزوجها قائمة على الخيانة فهي " تفك ضفيرتها  والشارع تخلص من أحذية المارة " ليعطي إشارات العودة المتأخرة وصارت تنصت للموسيقى فكشفت اللغة بإشاراتها السيميائية تلك العلاقة من " تفك ضفيرتها ، تنصت للموسيقى " " زوجها يحتضر " ليدل على عدم اكتراث بالرجل وبالأخلاق وبالقيم ليفضي الخطاب رسم صورة للمرأة . فهي تتميز باللامبالاة وتعدد العلاقة في حياة المرأة  تفضي إلى أنها تضرب بالقيم والأخلاق والمسؤولية عرض الحائط . 
 

 

الألـــوان
 

     تشكل الألوان علامات سيميائية في الخطاب السردي والشعري والأدبي عموماً بوصفها تولد معرفة تأويلية وتفسيراً يعكس مضمون النص، ويرسم شفرات ورموزاً تحيل إلى حقائق ومضامين في ضوء خطاب النص والألوان تعكس عالم النص والمواقف التي وقع الخطاب تحت تأثيراتها ، وفي مجموعة عبد الله المتقي " لسان الأخرس " حاولت القراءة أن تقرأ إحالات لكل الألوان بوصفها خطاباً كثيفاً ومتردداً في ثنايا النصوص المسرودة . 
 

" لملم حقيبته الحمراء ، ضحك ملء فمه لزوجته وأطفاله ثم أغلق الباب خلفه ... التحف برد الرابعة صباحاً وحلماً بالغربة في عاصمة لا تشبهه . 
مضى ........ لا شيء يدعو للقلق عاد بعد شتائين عاد في تابوت أحمر ويثقب في جبهته من مسدس متمرن " صـ 219 .

 

 

     من خلال اللغة فإن النص رسم أيقونات لونية في الحقيبة رمز للسفر خاصة بإضافة الفعل " لملم " فضلاً أن اللون تحول من الرقة والحب إلى لون الاغتراب والموت ورمزاً معادلاً لضياع الروح بالبحث عن الحلم , فالنص يرسم من خلال اللون ضياع الحياة بالغربة والاغتراب مما ترتب أن اللون الأحمر معادل رمزي للموت وفيه ناقش السرد ظاهرة اجتماعية هي الغربة التي تميت الحياة فأصبح اللون الأحمر تابوت الموت بالاغتراب " بعد شتائين عاد في تابوت أحمر " ومن خلال اللون أيضاً رسم صورة للأخر من خلال المسدس المتمرس الذي يقضي على الحياة ومن خلال اللغة يتضح جمود الروح وبرودتها " التحف يرد ، بعد شتائين " كل هذه الأيقونات رسمت الضياع والتيه بالاغتراب فهو استلاب للحياة بالبحث عن الحلم . 
 

 

    أما اللون البني في نص " شراهة " فقد أعطى مدلولات الشبق الجنسي والتأثر بثقافة الآخر والحياة المتعة " تخلص من معطفه البني الذي يشبه ملامحه ، ثم جلس أمام التلفاز يحتسي بيرة ويدخن أميركا . 
 

هكذا فجأة  سمع زئيراً صاخباً وبعيداً في داخله  ليس معطفه ثم نزل السلم متوتراً . 
" بداخله لبؤة تلتهم شخصاً يعرفه . وبالملامح نفسها التي نزلت قبل قليل " صـ 210 .
 فإن كانت الألوان لها مدلولات تدعم الموقف السردي فإن القارئ يلحظ هيمنة اللون البني " معطفه البني  تشبه ملامحه ، بيرة ، لبؤة " مما يعكس أن هذا اللون هو لون المتعة والشراهة الجنسية اللامحدودة وهو لون التأثر بالأخر " يحتسي بيرة ، يدخن أميركا "  ولذلك لون المعطف ولون الملامح تناسب مع تفسير نوعية المرأة التي قالت " أنا جائعة ، قالت وهي تتلمظ وأغلقت الهاتف " صـ 210 . 

 

 

     ومن السرد تتضح شخصية الرجل وثقافته  وعالمه ونوعية المرأة اللبؤة ليعكس رسماً نفسياً للموقف، ونوعية الشخصيات والعلاقات والذي اختزل كل ذلك العنوان " شراهة " الذي يحول دلالة اللون من المتعة والدافع الفطري الذي تحول إلى تجاوز وصل حـد الشراهة التي تساوي الالتهام للأكل بنهم ووحشية وشبقية . أما اللون الأسود فإني فجاء مختلطا باللون الأبيض " غدت أيامها كالحداد ..... وحتى تكسب قليلاً من الماء على حياتها . 
 

 

 أمسكت بفرشاة ملطخة ،ورسمت عصفوراً يطل من الشباك وما يزال الحزن يخدش الأعماق . 
تترك لوحتها وفرشاتها .. تمشي من مكان إلى آخر .... تستنثر قليلاً من الألم الذي يتفاقم . 
تنظر إلى اللوحة بحلم . 
تتخيل الطائر الذي يحلق بعيداً عن الشباك 
تتنفس بهدوء وعمق حدادها الكثيف " صـ 211 .

 

إذا أخذ القارئ الشفرات " أيامها كالحداد ، فرشاة ملطخة ، الحزن يخدش ، قليلاً من الألم ، عمق حدادها " كل هذه الإشارات تدل على اللون الأسود الذي تعبر عنه سوداوية الحياة بضياع وغياب الحلم فالفرشاة معادل رمزي للمرأة والرسم معادل رمزي لغياب الحلم واللوحة معادل للحياة والحلم معاً ومن الألفاظ جاء الألم مساوياً للإحباط ولغياب الحلم . 
 

    أما إذا أخذ القارئ ما يدل على اللون الأبيض " تسكب قليلاً من الماء عصفوراً تستنثر , رسمت عصفوراً ، بحلم ، تتخيل الطائر ،الشباك ".فاللون الأبيض لون الحياة ومحاولة خلق الحلم والخصوبة بعيداً عن الجدب والسواد والماء يعادل رمزياً الرجل والعصفور معادل رمزي للرجل ، والشباك معادل رمزي للانطلاق وللابتعاد عن الألم والبحث عن الانطلاق والتجدد . 
 

 

    فكان اختلاط اللونين يشير سيميائياً للصراع النفسي ما بين الحلم والغياب وما بين الجدب وخلق الخصوبة، وما بين الحياة الملونة باستقرار وما بين الحياة العمياء المكبوتة في جدران ومرسومة في لوحة الخيال بطريقة لم تتحقق واقعياً فكان اللون لون الخصوبة والنعومة والجمال . 
وجاءت ألوان متعددة في المجموعة القصصية كالليل حيث كان الليل له دلالات يرسم عالم المتعة والسهر للبحث عن الذات أدانه ليل الأحلام والألآم والحزن أو ليل الإغراء والجمال والأنوثة. 
• " ضوء أعشى ، رائحة العطر         
    وأغاني سيلين ديون تنسكب على الموبايل .
• حكى لها أسطورة الملك الذي له قرنان . 
• همست بغنج : 
" لا أحد انتبه إلى عطري سواك " 
خلل ضفائرها بأصابعه التي تشبه عازف بيانو. 
• هـ  م  س   ت   ثانية باشتعال 
" لا أحد استفز أنوثتي غيرك " 
• وكان الذي كان ، وسيكون "  صـ 121 .

 

 

من خلال " ضوء أمشى "  إشارة سيميائية للضوء الخافت وفيها إشارة إلى قصيدة الأعشى " إذا تقوم يفوح المسك أصورة ... والزنبق الورد من أردائها ثمل " فكان لون الضوء ورائحة العطر ولونه يعكس مضمون التفرد من " لا أحد أنتبه لعطري سواك " " لا أحد استفز أنوثتي غيرك " فهذا اللون لون التفرد والتميز والجمال " همست بغنج ، همست باشتعال " وهو لون التدرج والتمرحل للوصول للغاية " وكان الذي كان " ليشكل النص صورة للإثارة والتميز والدلال . 
 

 

 

دخان وقهوة
 

     يتكرر في النص السردي القصير في هذه القهوة والدخان يشكل علامات سيميائية مثيرة وجديرة بالتأويل والقراءة مما يحول النص السردي إلى مجموعة من العلامات التي تعكس رؤى ومواقف للشخصيات والزمان والمكان وتكثف الدلالات مما يخلق آفاقاً تأويلياً متعددة " أرملة على شرفة شقة تحتسى الشاي ، وتطل على الشارع من خلف زجاج مبلل ، تتأمل حبيبات المطر. 
فجأة يطأ شتاءها منظر شاب وفتاة ملتصقين تحت مظلة سوداء ويسرعا في الخطو 
تنهد الأرملة ، وتختفي في مراهقتها كي تتذكرها والمرحوم يسيران تحت المطر بلا مظلة في انتظار الأوتوبيس . 
كانا يعيشان الحب بكل تفاصيله دون التفات للآخرين . 
يختفي الشاب والفتاة من الشارع ، تختفي الأرملة من الشرفة ووحدها حبيبات المطر  تبلل النافذة وسقف المظلة " صـ 220 
   

 

 إذا تأمل القارئ " تحتسي الشاي " فالاحتساء عكس علامة البحث عن الدفء، وأعطى دلالة الوحدة والوحشة وتذكر دفء الماضي لاسيما أن تأمل القارئ سياقات النص " يطأ شتاءها " في حالة من الجدب والقحط والتشبع بالخصوبة مع اتساق البنية بـ " أرملة " خاصة والمظلة شكلت علامة للتوافق دون الوصول للخصوبة والاخضرار وممارسة الحياة تبين ثمة دفء روحي " ملتصقين " فضلاً أن المظلة عكست علامات خاصة بالمرأة " يسيران تحت المطر بلا مظلة " ثمة ارتواء وتشبع بالحياة فكانت المظلة علامة اشارية وأيقونة سيميائية تصور بعمق حالة خاصة للمرأة " ووحدها حبيبات المطر تبلل النافذة وسقف المظلة " ثمة اشتهاء فكان " الاحتساء " فيه علامات لفقدان الدفء والشعور بالوحدة والظمأ والقحط لذلك كان الماء كثيفاً " تحت مظلة سوداء , يسيران تحت المطر وحدها حبيبات المطر تبلل النافذة وسقف المظلة " أنه صراع الدفء والخصوبة مع القحط والجدب وفقدان الحب، فكانت المظلة معادلاً رمزياً سيميائياً للرجل والحب والخصوبة والدفء فانداحت كل هذه العلامات من خلال " تحتسي الشاي " 
إذا حاول المتلقي أن يقرأ نص " حب " الذي يقول : 
• يجلسان بمقهى كورنيش بسيط 
يدخنان 
يرتشفان قهوة مرة 
ويتابعان نشرة الأخبار 
• حيث لاحظت استغرابه ودهشته 
من هذا الموت الذي يملأ الشاشة 
• قالت بصوت بدأ عليه الارتياح 
" الحب هو الحل " 
تأملها ملياً و ..... لا شيء سوى 
أصوات النوارس تأتي من بعيد " صـ 179

 

 

    هذا نص المغايرة والمخالفة للواقع من علامات " المقهى " يدخنان ، يرتشفان قهوة مرة " فكانت " القهوة المرة " هي علامة سيميائية إشارية لمرارة الواقع والحياة التي ملأتها السياسة موتاً " يتابعان  نشرة الأخبار (هذا الموت يملأ الشاشة ) يشير بالعلامات اللغوية ودلالاتها إلى استفحال وتوغل الكراهية في الحياة فكانت مما أفضى إلى الاستغراب والدهشة والحل " الحب هو الحل " خاصة وأن الأعلام جذر الكراهية فكانت صورة الجلوس في المقهى البسيط دلالة أن السياسة والاختلاقات ضحيتها البسطاء مما أفضى إلى اتخاذ القرار بمغايرة الواقع بواقع حلمي يتجسد بالواقع " أصوات لنوارس يأتي من بعيد " دلالة خلق الحب ومغايرة واقع الكراهية فكانت " المقهى  يدخنان ، يرتشفان " علامة لاتخاذ القرار والتخلص والبراءة من واقع الموت إلى واقع الحياة التي يملأها الحب ولو نأمل الترقيم والمساحات الفارغة في النص تعكس فراغ الحياة من الحب وثمة فوارق ما بين الحب والكراهية , وكانت الشاشة أيقونة سيميائية للتضخيم وتجسيد واقع أسود لا يعرف الحب والحياة المترعة بالألفة والانطلاق .  
 

 

القــــطــار : -
 

     شكـل الارتحال والألم  والغياب علامات كثيفة من خلال وسائل المواصلات والعلامات  سيميائية عكست دلالات ذهنية ودلالات حياتية في النص السردي وتطلب تكراراً ملفتاً سواءً كان " القطار + الأتوبيس ، المطار " فكان القطار علامة لحركة الحياة وتحركها أو جمودها وعلامة للاغتراب والارتحال . ففي نص " سبابة " في محطة القطار ، التحف برد الرابعة صباحاً وحلماً بالغربة في مدينة لا تشبهه . 
صفر القطار...  ومضى " صـ 219 .

 

    كانت محطة القطار علامة للجمود والارتحال " التحف برد الرابعة " وعلامة للارتحال بحثاً عن الحلم بالاغتراب وعلامة للتيه والضياع، والانفصال عن حقيقة الروح " بالغربة في مدينة لا تشبهه " وهو علامة للحركة وللألم والحزن بالفراق خاصة وإن نصاً آخر يقول " عازف الأكورديون الأعمى، مشى إلى أقرب كرسي في محطة القطار مقعد . قريباً منه عجوز متعب وينتظر اللاشيء . الأعمى رسم ابتسامة حزينة على وجهه ، وراح يعزف مقطوعة تعلمها بسبب غياب القطار على الأرجح . حدث الذي حدث بسبب يوم كان عمال المحطة مضربين عن العمل ولا أحد يسمع صفير القطار " صـ186 .
 

من ذلك " أعمى ، عجوز ، متعب ، غياب " " ينتظر اللاشيء ، ابتسامة حزينة ، لا يسمع صفير القطار " تجمعت علامات التيه والضلال والامتناع والجمود فكان المحطة متحولة من الحركة والانطلاق إلى الثبات والحزن والضياع وغياب الهدف وكان صفير القطار في كلتا الحالتين علامة لجمود وثبات الروح ورتابة الحياة والشعور بالانفصال عن الروح فلم يعد الصفير علامة للحضور بل علامة للغياب والتبدد والفراق فإن هذه علامة لإلغاء العودة والشتت والضياع في زحام الحياة. 
• " هبط من القطار ...  استقل بتي طاكسي , وفي الغرفة خلع ملابسه . 
• نسي الموعد وكان البن يغلي في الابريق . 
• في المحطة نزلت أنيقة وأنتظرته في المقهى . 
• في غرفة الفندق  نامت بملابسها ونسيت الشباك مفتوحاً . 
• بحثت عنها كثيراً وحيث فقدها في الزحام . 
• بحثت عنه كثيراً وحين عثرت عليه ، كان رجلاً آخر في رصيف أعمى " صـ 217 .

 

هذه الوسائل كانت علامات للألم واللقاء الذي ينتهي بالضياع والاختلاف وكان القطار وعلامة للرتابة والزيف والخداع والقلق " في المحطة لا شيء غير صفير القطارات القادمة من بعيد وسكة حديد , ... الرجل تعصف بعظامه حمى الانتظار في الحقيبة ملابس داخلية لا غير وقناع لممثل اسمه " غودو " ويبدو لوكان يمزق تذكرة سفره " صـ 196 وكانت هذه علامة للاشتعال والتوهج الروحي والجسدي وللحب ولقاء الحبيب الذي يقابله برود،  وجمود وانطفاء جسدي روحي في حقيقة واقع الحياة " قبل أن تغادر بالترامواي ثم بالحافلة عائدة إلى شقتها طلبت منه باقة ورد ..... وهي تتطلع بارجاء الغرفة كان هناك شخص ضرير في أنفه أنبوب طبي  في غرفتها كتبت على الورود " لو كان ناثان هناك لقرب الورد من أنفه وبدا مرحاً ، منتشياً سعيداً وأشعل الضوء في جسدي " صـ 225 .
لذلك كانت هذه تشكل جدلية ما بين الحلم المرسوم بالتوهج والسعادة والاشتعال، إلى نوع من الانطفاء في الواقع الحياتي، ومكابدة ومعاناة الحلم وجدلية ما بين الاستمتاع والحرمان فأعطت هذه العلامات دالاً يؤدي إلى مدلولين متناقضين في مفارقات سردية في مشاهد يرسمها المتلقي في ذهنه لتعكس دلالات الشخصيات والواقع الاجتماعي والعاقات المتعددة لتشكل رؤية عصرية تجاه أحداث بطريقة صادمة ملفتة وعميقة مما يعكس حالة من الصراع وعدم التصالح مع الذات والوقع بطريقة مختزلة ترسم من الخاص العام ومن الواحدية إلى التعدد. 

 

 

الثـلج : -
 

أما إذا تأمل القارئ " الثلج " فإنه علامة للرجل والمرأة معاً في حالة من غياب الحلم والأنس والدفء وغياب فارس الأحلام والمرأة الحلم " .
جاء إلى والدته يعدو مندهشاً ليقول لها : 
• ماما رأيت رجل الثلج 
• قالت له أين ؟ 
• وركضت خلفه لتراه 
• " من وراء النافذة كان رجل الثلج 
يتقدم على حصان أبيض  يتقدم موكباً أبيض  
ثم ترجل ليحتل منصة قلبها " صـ 195 .

 

يلاحظ المتلقي كثافة اللون الأبيض " رجل الثلج , حصان أبيض يتقدم موكباً أبيض " هذا الصفاء والنقاء والهذيان يعكس صفاء الروح، وعلامة ابتهاج في الروح والعمر الفتى، لكن إضافة الرجل إلى الثلج يعكس برود الرجل وإهماله للمرأة وأيضاً نقائه وصفائه وفي الوقت نفسه تعكس شفرات التركيب اللغوي حلم المرأة بالرجل " يتقدم حصان أبيض ، يتقدم موكب أبيض " وتشير إلى دلالة مكانة الرجل وأنه فارس الأحلام " ترجل ليحتل منصة قلبها " إشارة أنه الحبيب الأوحد ليشير هذه الدلالات إلى علاقة غير متصالحة ما بين الرجل والمرأة فالثلج رمز للرجل البارد الذي يحتجب عن المرأة " تتأمل تلك الشجرة التي صبغها الثلج وخال البرد الذي يخدش المسام . 
 

 

 

ثم تغلق النافذة 
 

تبحث في غرفتها المبعثرة فلا تجد غير قصائده في حقبيتها ، في جيوب معاطفها ، بين ثديها " صـ 212 كان الثلج  رمزاً للرجل الحلم وللمرأة التي يغيب عنها الحلم الرجل " تتأمل تلك الشجرة التي صبغها الثلج " فالشجرة رمز للمرأة المهملة على الرغم من قوتها لذلك كان البرد مغاير للثلج فالبرد تعبير مباشر لبرودة الحياة، فكان الرجل رمز التوهج والاشتعال " فلا تجد غير قصائده " تشير بعلاقة تشير إلى أن علاقة الاشتعال غائبة ولكنه راسخة وكثيفة " في حقيبتها ، في جيوب معاطفها , بين ثدييها " لتعكس دلالات عميقة للحب  والشوق المشتعل وحالة من البرود الواقعي في الحياة لكن " ندف الثلج " كانت رمزاً لجمال المرأة ونعومة المرأة الباردة " بارداً ويقلب صفحات ثلج لأورهان باموك دون أن يقرأ حرفاً واحداً".
 

 

في الوقت الذي تدرس فيه نص / عبد الله المتقي " فإنك ستجد أنه يختار لغة خطابة بعناية فائقة وكل لفظ وإشارة له دلالة بعيدة وعميقة فضلاً أنه يرسم صورة ورموزه بأسلوب يتم على تمكن واقتدار خاصة والعنونة العنونة كثيفة تختزل مضمون النص وبطريقة تتناسب مع خصائص النص القصير جداً فيتحول العنوان والنص جسداً وروحاً يشكل مجموعة من العلامات والرموز ويمكن أن يختزل مضمون بفكرة سيميائي تنعكس في ذهن المتلقي ليس فحسب فاللفظ يتحول من دلالة إلى أخرى ليشكل أفاقاً تأويلية رحبة . وقد حاولت هذه القراءة أن تختار مجموعة من العلامات وتحاول دراستها في ضوء الرؤية التي انطبعت في ذهن الدارس وحاولت أن ترسم تأويلاً لبعض النصوص التي قامت بدراستها ليتعرف القارئ على الأبعاد العميقة لنص المبدع لذلك كانت النصوص زاخرة بالعلامات والإشارات الملفتة والتي شدت انتباه الدراسة للتشابك معها وعلى العموم فالمتأمل في النصوص التي اختيرت للقراءة  فإنه سيلحظ أنها تعطي مضاميناً وشفراتٍ ورموزاً متعددة قد تُقرأ بآفاق مختلفة وكانت هذه القراءة تعريجة في نص عميق حري بالقراءة ،بوصفه في كثير من الأحيان صادماً ولافتاً خاصة والقاص عبد الله المتقي من القاصين المتميزين على المستوى العربي في هذا الجنس الأدبي السردي . 
 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً