الجمعة 29 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 28 نوفمبر 2024
نزوح أبي - عبدالله الإرياني
الساعة 21:55 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


يسكن والدي، تجاوز عمره التسعين عاما، في شارع الجزائر، لا يفصل منزله عن مقر اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، السابق، إلا عشرة أمتار هو عرض الشارع الجانبي؛ ويقال أن جوار المقر مكتب لنجل الرئيس السابق، وهناك من يصفه بالمخلوع. وفي يوم الأربعاء الموافق 27مايو من هذا العام، قام التحالف بقصفه بصاروخ، ويقال اثنين. لم يتأثر بيت الوالد، إلا أن دوي الانفجار كان قد أفزع الوالد فزعا شديدا مما دفعه للهروب إلى منزلي الكائن في حي حدة، سبق أن رفض أن يغادر منزله قبل وقوع القصف. أثقلت السنوات التسعون كاهل الوالد، لم يعد قادرا على الحركة إلا بمساعدة الآخرين، إلا أنه مازال متمتعا بحواسه الخمس، وعلى أبداء استياءه إذا أخطأت في النحو وقواعده، وكما كانت عادته الحبيبة. وبعد أن اخذ أنفاسه في منزله الثاني، أمرني بفتح القاموس باحثا عن كلمة ( نزح )؛ فتحت مختار الصحاح، بحثت، ثم قلت للوالد:
 

( نزح ) البئر استقى ماءه كله وبابه قطع..و( نَزَحت ) الدّار بعدت وبابه خضع..انتهى.
مرر أصابعه الخمس على رأسه، ثم قال:
- وأنا اسمي نازح.
- أبدا يا أبي، أنت في دارك وبين أهلك.
- ( متجاهلا ) وهل بعدت داري عني، وبابه خضع خلاص ؟
- أبدا، لن تبعد ولن يخضع.
- أذاً فأنا أريد أن أعود إلى منزلي.

 

أحرجني رد الوالد، لكني لم أيأس، مستعينا بالأولاد ووالدتهم؛ على الأقل البقاء معنا لبضعة أيام حتى نتأكد من أنهم لن يعودوا ثانية لقصف ما سبق قصفه. أقتنع على مضض، ولا أدري ماذا سيقرر غدا، أو بعد غد؟
 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص