الاربعاء 25 سبتمبر 2024 آخر تحديث: الاربعاء 25 سبتمبر 2024
أزمنةٌ محنَّطة - فيصل عبدالله البريهي
الساعة 11:27 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


 

ما زالَ في ضِيقي وفي سُلواني
قلبي لِآلامِ الحياةِ يُعاني

 

يَمسي ويَغدو في الهمومِ مُتَاجِراً  
جَشِعاً بِلا كيلٍ ولا ميزانِ

 

فأضاعَ عُمْري وهو رأسُ المالِ في
ما ليسَ ربْحي فيهِ بلْ خُسْراني

 

وأذاقَني كُلَّ النكاياتِ التي
مِن بُؤسِها قد شابَ رأسُ زماني

* ** *

 

أمسَتْ تُساورُني الظُّنونُ بِمَن بِهم
أضحى يَقِيني مُثْبِتاً رُجْحاني

 

فقطعتُ بالشكِّ اليقينَ مُكاشِفاً
ما فيهِ مِن زورٍ ومِن بُهتانِ

 

ومِن العداوةِ كالصداقةِ قد أرى
نَصْري كَمَنْ فِيهم أرى خُذلاني

 

وأمَرُّ مِن أنْ يَشْمتَ الأعداءُ بي
بِرُّ العدوِّ إذا الصديقُ جفاني

 

ولَرُبَّ أعداءٍ نَعِمْتُ بخيرِهِم  
في حِينِ يأتي الشرُّ مِن إخواني

* ** *

 

فَكَفرْتُ في دَهْري بِكُلِّ علاقةٍ
فيها وجدتُ الكُفْرَ مِن إيماني

 

حتَّى ارْتَديتُ ملامحاً سِحْرِيَّةً  
لا تَحتَوي رَقْمي ولا عُنواني

 

ومبادئاً ناريَّةً ما خلَّفتْ
إلَّا رمادَ حقائِقي ودُخاني

 

وتركتُ فيها للرِّياحِ عواطفي
محروقةً في جَوفِ قلبي الحاني

 

وهَوِيَّتي مطمورةً مِن حيثُ لم
تُعرَفْ بها حُجَجِي ولا بُرهاني

 

أغلقتُ كُلَّ نوافذي كَي لا أرى  
خَوفي يُباغِتُ في ثيابِ أماني

* ** *

 

إنّي وليدُ الهمِّ في الدنيا كما
أنَّي رضيعُ اليأسِ والحرمانِ

 

في حضنِها كم عشتُ طفلاً مثلما  
عاشَ الأسى والحُزْنُ في أحضاني

 

ظلَّت تُهدْهِدُني على شوكٍ فكم
بالوَخْزِ آلـمَني وكم أدماني

 

لا اْسْمِي ولا تاريخُ ميلادي ولا
رِزْقِي ولا زَمَني بِها ومكاني  

 

إلاَّ بأني فُجأةً وافيتُ في
جيلٍ مِن الأكدارِ والأحزانِ

* ** *

 

أحْيا غريباً فوقَها مُسْتألِفاً
فيها الزمانَ بطبعِهِ العُدواني

 

أقضي الحياةَ مُدارياً كُلَّ الذي  
في العيش إنْ أضْحَكْتُهُ أبكاني

 

حاولتُ مُجتهِداً بكلِّ وسيلةٍ
أنْ أزرعَ الأفراحَ في الكُثْبانِ

 

فبعثتُ غيمَ محبَّتي ظِلّاً على  
ظمأِ السِّفوحِ ولهفةِ الوديانِ

 

وأمرتُ أنسامي بِنَشْرِ سَحائبي
في كُلِّ أفْقٍ مُهْمِياً أمزاني

 

وأحلتُ أحلامي ربيعاً ممطراً
في كلِّ قلبٍ غَيْثَ حُبٍّ هاني

* ** *

 

فَحَييتُ بالأحلامِ مُكْتَفياً بما
تَغشى النُّفوسَ بهِ مِن اطْمئنانِ

 

مُتحاشياً فيها حقيقةَ واقعٍ  
ترتادُ فيهِ بشاعةَ الشيطانِ

 

أذواقُهُ مُزجَتْ بكلِّ مرارةٍ
مِنها تَقِيءُ النَّفْسُ بالغَثَيانِ

* ** *

 

لكنَّ لي قلباً مُحبّاً إنْ شَدا  
رقصَ الرُّبى طرباً على ألحاني

 

وبأنَّ لي كالرَّوضِ مُهجةَ شاعرٍ
كُلُّ العطورِ تفوحُ مِن أفْناني

 

تَشْذو بِعَرْفِ خمائِلي وشَقائِقي
وأريجِ وَردي العابقِ الفتَّاني

 

تسري عبيراً في الوجودِ تبثُّ ما
تحويهِ مِن عطري ومِن ريحاني

* ** *

 

كَم في دروبِ المستحيلِ قهرتُ مِن
ما لم يَكُنْ مِن قَبلُ في إمكاني

 

وظَلَلْتُ لاجدبُ القلوبِ أماتني
ظمأً ولا قَطْرُ النَّدى أحياني

 

لا فرْقَ فيما في الحياةِ أراحني  
ممَّا أكابدُهُ وما أشقاني

 

وكأنَّ عمري واحةٌ لا شيءَ فيـ
ـها منهُ أدناني ولا أقصاني

* ** *

 

للوَجْدِ أزمنةٌ مُحنَّطةٌ بِلا  
أجَلٍ....فهل للوصلِ وعدٌ آني ؟

 

والعمرُ فيها واحدٌ لكنْ لِـمَنْ
هُمْ مِن نسيج الغيمِ عمرٌ ثانِ

 

سأعيشُ دُنيا النَّاسِ رغم تغرُّبي
فيها....بِرُوحِ الطَّامحِ الـمُتَفَاني

 

أطوي مساراتِ المحبَّةِ مُطْلِقاً  
في العيشِ كالفَرسِ الجَمُوحِ عِناني

 

والنَّاسُ أسرارٌ معقَّدةٌ بِهم  
كَمْ ضاقَتِ الدُّنيا عَن الكتمانِ

 

والحبُّ صَمْتٌ ناطقٌ في القلبِ لم
يَطْرَأْ صَداهُ فوقَ أيِّ لِسانِ

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص