- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
- المكتب السياسي للمقاومة يشارك احتفالات الجالية في امريكا بعيد ثورة ٢٦ سبتمبر
- 120 خبيرًا سعوديًا وعالميًا يناقشون مستقبل التعلم مدى الحياة في مؤتمر "LEARN" بالرياض
قد لا أكون ضليعاً في علوم الاقتصاد، والأكثر من هذا في القضايا المالية والمصرفية والنقدية، وكل واحدة من هذه القضايا لها علمها الخاص الذي يدرسه المتخصصون في سنوات.
بيد أن من أولى بديهيات السياسات المالية والنقدية في أي بلد ما يتعلق بمكانة العملية المحلية بين العملات الأجنبية، وما يعرف بالعملة الصعبة على وجه الخصوص، والأخيرة تشمل الدولار واليورو وبقية عملات الدول ذات الاقتصاديات القوية.
لكن ما الذي يحدد مكانة عملة أي بلد بين العملات العالمية الصعبة؟
ما يحدد هذه المكانة هو قدرة العملة المحلية على المنافسة مع هذه العملات الأجنبية في أسواق المال المحلية والعالمية، والمنافسة تتوقف على العديد من العوامل، أهمها صادرات البلد المعني من السلع والخدمات التي من خلالها يتم الحصول على أموال ترفد سوق المال المحلي بالعملة الصعبة وتسمح بتداول العملة الأجنبية بيسر وبوفرة وبسعر مستقر ومعقول بالنسبة للمتداولين وفي مقدمتهم مؤسسات الاستيراد والتصدير عموما، ورجال المال والأعمال عموماً لأن هؤلاء لا يستطيعون شراء البضائع الأجنبية بالعملة المحلية، خصوصا عند ما تكون هذه العملة متهاوية أمام العملات الأجنبية.
العملة هي سلعة، مثلها مثل المواد الغذائية والملابس وأي سلعة أخرى، بوفرتها تنخفض قيمتها وبندرتها ترتفع هذه القيمة وفقا للقانون الاقتصادي المعروف بقانون "العرض والطلب"، لكن العملة يمكن أن تكون متوفرة ومرتفعة السعر، أو لنقل مستقرة، وهذا يتوقف على عوامل عديدة أهمها: تدفق العملة الأجنبية نتيجة لارتفاع الصادرات من المنتجات المحلية إلى الأسوق الخارجية كما قلنا، وعامل آخر هو العامل النفسي، أي ثقة الناس باستقرار سعر العملة المحلية مما يخفف من اللهث لاستبدال مدخراتهم منها بالعملة الصعبة.
ولا بد من الإشارة إلى أن طباعة عشرات أو مئات المليارات من الأوراق النقدية المحلية بدون غطاء قانوني من الذهب أو من العملات الصعبة، يجعل هذه المطبوعات مجرد زيادة عددية في الأوراق التي لا قيمة لها إلا من حيث تحولها إلى وفرة ورقية زائفة، تؤدي إلى انخفاض قيمة الريال أمام العملات الأجنبية، وبالتالي فإن ماراثون (الطباعة ـ وانهيار سعر الريال) يمضي في تصاعد مستمر، أي أنه كلما تواصلت عمليات الطباعة فقد الريال من قيمته كثيرا، وليس غريبا أنه بعد كل طبعة جديدة نلاحظ ارتفاعا صاروخيا لأسعار العملات الأجنبية المتداولة محليا.
ويضاف إلى هذا عامل آخر هو عامل الفساد، فالكثيرون من القائمين على المؤسسات المصرفية والنقدية والمالية، وحتى الإدارية والتنفيذية يحولون الأموال المطبوعة لشراء المزيد من العملات الأجنبية في ظل غياب أي دور لأجهزة القضاء والرقابة والنيابة والمحاسبة، مما يؤدي إلى اختفاء العملة الصعبة من السوق وإغراق السوق بالريال الذي يفقد الكثير من قيمته في هذا (الحراج الكبير) وتستمر العجلة في الدوران ويستمر الريال في التهاوي، وتستمر معاناة المواطن في التصاعد وتتراجع قدرته الشرائية التي قد تبلغ لحظة يكون فيها أصحاب المرتبات الشهرية المرتفعة ثلاثمائة ألف مثلا، وهم قلة قليلة من السكان، غير قادرين على الإيفاء بمصاريف شهر لأسرة مكونة من أربعة أفراد، إذا ما أخذنا بالاعتبار إيجار المنزل ولوازم المدرسة للأطفال وتكاليف المواصلات والأدوية ومقابلة الطبيب في ظل الأوضاع الوبائية التي يشهدها البلد ويشهدها العالم، وأسطع مثال على ذلك، أن الأستاذ الجامعي الذي كان راتبه يساوي 300 ألف ريال يمني حينما كان سعر الدولار 250 ريالاً كان هذا الراتب يساوي حينها 1200 دولار، صار اليوم راتبه لا يساوي 370 دولارا، فكم كانت قدرته الشرائية عندما كان سعر الدولار 250 ريالاً وكم أصبحت حينما ارتفع سعر الدولار إلى ما فوق 820 ريالاً، ثم ماذا عمن رواتبهم لا تزيد عن خمسين ألفاً حينما تغدو أقل من 60 دولاراً وهو مبلغ يمكن أن يصرفه طالب في الجامعة في أسبوع واحد فقط ناهيك عمن لا دخل لهم وهم بمئات الآلاف؟
تواصل انهيار العملة يعني خطوات متواصلة على طريق انهيار الدولة (في اي بلد) أما عند ما يكون الحكام مغتربين اغترابا ابديا فإن الحديث عن الدولة يصبح أشبه بالحديث عن لبن العصفور.
هل من حلول؟
نعم هناك آلاف البدائل كحلول لهذه الأزمة، التي يتسبب بها غياب الدولة وسوء إدارة الموارد وتنامي الفساد والاستثمار في الحروب، ويأتي في مقدمتها محاربة الفساد، وهي مهمة معقدة ونضالية طويلة الأمد لا يمكن قيامها إلا في ظل دولة، ودولة تتبنى النزاهة كمعيار لعملها، ونحن ليس لدينا دولة، لا بنزاهة ولا حتى بلا نزاهة، لكن هناك إجراءات ممكنة ومتيسرة إذا ما جرى تشكيل حكومة كفاءات مهنية من المتخصصين وإذا ما كف السياسيون الفاسدون وأحزابهم الانتهازية عن التدخل في عملها وأهم هذه البدائل:
1. تحسين مستوى الموارد من العملة الصعبة، من خلال تعزيز الصادرات من المنتجات البترولية والغازية والزراعية والسمكية وسواها.
2. تهيئة بيئة استثمارية جاذبة وتشجيع الرأسمال المهاجر والأجنبي على فتح فرص جديدة لتشغيل الأيادي العاملة العاطلة، وخلق منتجات جديد تخفف من وطأة الاستيراد وما يشكله من أعباء على العملة المحلية.
3. تشجيع المشاريع الصغيرة لخلق فرص عمل قليلة الكلفة وتأهيل الشباب غير الماهر والمساعدة على تنمية الانتاج المحلي.
4. الاستخدام الأمثل للمساعدات والودائع المقدمة من الأشقاء وتحويلها إلى عامل استقرار لسوق العملة وفي العملية الاقتصادية ككل.
5. ومع تقديرنا العالي لكل أشكال العون الذي تقدمه الدول الشقيقة (وبالذات المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة) من خلال المنظمات الخيرية، فإنني أعتقد أنه آن الأوان إلى تحويل هذه الصدقات النبيلة إلى مشاريع بناء وإعمار، وإذا كان الصينيون القدامى قد قالوا "لا تعطني كل يوم سمكة ولكن علمني كيف أصطاد السمك" فإن ما نحتاجه اليوم هو مشاريع تنموية ولو صغيرة تساهم في تدوير العملية الانتاجية وتضمن مداخيل ثابتة بدلاً من انتظارهم الإعانة التي مهما كان نبل مقاصدها إلا أنها تظل محدودة ومقيدة بظروف الفقر والركود التي لا يبدو أنها ستزول بسهولة.
والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
من صفحة الكاتب على الفيس بوك
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر