- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
كانت قبائل العرب في العصر الجاهلي تتقاتل بعنف وشراسة على مصادر العيش كالماء والكلاء، وكان ذلك قبل الإسلام الذي وحّد مشاعرها وأنهى كل ما كان يرهقها ويثقل كاهلها من خصومات وضغائن، وهي اليوم تتقاتل على السلطة والاستئثار بها بوصفها مصدراً للعيش والثراء والنفوذ.
الاختلاف بين الامس البعيد جداً واليوم هو في الوسيلة والأسلوب لا في الهدف والغاية وكأن الزمن الطويل والرحلة التي استغرقت من الزمن ما يقرب من ألف وخمسمائة عام وما ورثته تلك القبائل عن الإسلام من قيم ومعارف وحضارة وما حققته من إنجازات أسهمت في الانتقال بالبشرية من طور إلى طور، كأن ذلك كله لم يكن سوى حملة إعتراضية كبيرة عادت بعدها إلى دورها التقليدي في الإغارات وتأجيج الأحقاد تحت مسميات عصرية كالحزب والمذهب والطائفة، وليس هناك قطر عربي واحد يستطيع أن يدعي أنه يبرأ من هذه الآفات أو أنه لا يعاني الكثير من ويلاتها، وإن تكن أثارها الفادحة مقتصرة حتى الآن على أقطار بعينها.
ليس لهذه القبائل العربية المتقاتلة أية رسالة تبلغها من خلال صراعها المحموم والدامي سوى الاستيلاء على السلطة، او بالاحرى مصادر العيش الجديد والنفوذ شأن الجاهلية، فلا الدين، ولا المذهب ولا الطائفة، تعني شيئاً للمتقاتلين على السلطة، وما يرافق الاقتتال من هدم لكل المقومات الدينية والأخلاقية والإنسانية وتجاهل لكل القيم التي نشأت عليها الأجيال، وتفتّح عليها وعيها، وصار لا حديث للناس في الأقطار العربية سوى من سيتغلب في الحرب الدائرة ويستولي على السلطة البائسة المفرغة من كل ما يستحق الاحترام بعد أن نجح الطامعون بها في إنهاك جسد الوطن العربي وتمزيق كيانه العظيم وتحويل أقطاره المدمرة إلى جزر متناحرة وإلى قبائل متوحشة يأكل بعضها بعضا تحت شمس العصر وعلى مرأى ومسمع من العوالم التي قطعت صلتها بالحروب واتخذت لها نهجاً في بناء الحياة وإسعاد إنسانها الذي لم يعد يعاني من الجهل، فقط بل وما هو أسوا من الجهل وهو غياب الولاء للوطن ، وهو ما يقود إلى ضعف الإنتماء للمعنى الكلي للوطن.
يقول عدد من الباحثين الاجتماعيين أن ما يحدث في الوطن العربي من صراع متخلف ومريض لا يحتاج إلى قدر من الوعي والتحليل للتعرف على أسبابه ودوافعه فهو على درجة عالية من الوضوح، فقد استيقظت النعرات الجاهلية في ربوعه متجاوزة روح الدين والقيم وعادت إلى موروثها الاقتتالي التنافسي، ولم تعد تعنى بشيء من مهام الحياة كالتعليم والصحة والارتقاء بوعي الناس والعمل على الارتفاع بمستوى معيشتهم، تلك أشياء منسية أو يجري تجاهلها في سلوك وعرف المتقاتلين الذين لم يترك لهم فجور الخصومة دقائق من الوقت ينظرون خلالها إلى نتائج ما يحدث وما يترتب عليه من مصاير الأجيال وعبء التركة الملقاة على عاتق المستقبل المتطور. وكان من الواضح أن تعريف الواقع وتوصيفه لم يكن في حسبان أحد من قادة الحروب والموت، ولو كان شيء من ذك قد حصل قبل الإقدام على إشعال الحرائق المتلاحقة لاختلف الحال عما هو عليه، ولوجد المتصارعون طرائق أخرى لتصفية حساباتهم مع بعضهم بعيداً عن الملايين من الأبرياء والذين لا ناقة لهم ولا جمل في المعارك الدائرة.
وتبدو الطامة الكبرى مهما حدث ويحدث في أن كثيراً من النخب السياسية والفكرية العربية ضالعة في الإعداد لما جرى ويجري، وهي حتى الآن مباركة ومؤيدة لما جرى ويجري، وفي هذه النخب من الكفاءات والقدرات ما يجعلها رُباء بنفسها من الوقوع في هذا الإثم الوطني والسياسي والأخلاقي.
ومن الثابت أن هذه النخب كانت بفضل الثقافة وما حصلت عليه من تعليم قد خرجت من دائرة القبلية الجديدة، قبلية الطائفة والمذهب إلى رحاب أوسع وإنتماء أشمل لكن الأيام أثبتت أن تلك لم تكن سوى قشرة ما أن سقطت حتى ظهر المثقف المتعصب الأكثر إندفاعاً وراء المؤثرات العصبوية المتخلفة، وهذه الصورة صورة المثقف المتخلي عن وعيه وانتمائه الإنساني ليست وقفاً على بلد عربي دون آخر بل هي شائعة وشاملة لكل الأقطار العربية دون استثناء، وهي قد تكون في الأقطار التي كانت تسمى بالحديثة والمتطورة أفدح وأمسى في الأقطار التي كانت ما تزال تحبو نحو الخطوات الأولى من التغيير.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر