الاثنين 30 سبتمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 26 سبتمبر 2024
الكشف عن 185 مقبرة جماعية ضمن آثار مجازر الأرمن ضد الأتراك
مقابر جماعية
الساعة 18:45 (الرأي برس - الأناضول)
تمكن العلماء من خلال الحفريات التي أجروها في منطقة الأناضول الشرقية، من الكشف عن المجازر التي ارتكبتها العصابات الأرمنية في المنطقة، أواخر القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين.

وتمكن مركز دراسات العلاقات التركية الأرمنية، التابع لجامعة أتاتورك، من خلال الأبحاث التي أجراها بهذا الشأن، من العثور على 185  مقبرة جماعية، تعود للمدنيين الذين تعرضوا للقتل على يد العصابات الأرمنية.

وأظهرت الأبحاث العلمية والفحوصات التي أجراها العلماء والمتخصصون، على الرفات التي تم العثور عليها في المقبرة الجماعية الخامسة عشر، أن الرفات يعود لمسلمين أتراك، حيث قام مركز دراسات العلاقات التركية الأرمينية بأول حفريات، عام 1986، في مدينة "زيفة" بولاية وان شرقي الأناضول، وقرية "ألاجا"، بولاية أرضروم شمال شرق تركيا، ومنذ ذلك الحين استمرت الحفريات، في عدد من الولايات بينها أرضروم، وبتليس، وغيراسون، وأرضاهان، وقارص، واغدير، وتم من خلالها العثور على رفات 5 آلاف مسلم تركي.

إلى ذلك قال البروفيسور "كورتشو أوغلو"، في حديثه للأناضول، إن المدنيين العزل من المسلمين الأتراك الذين ظلوا خلف الجبهة، تعرضوا لمجازر اقترفتها العصابات الأرمنية، وأنهم كشفوا عن تلك المجازر من خلال الحفريات التي قاموا بها.

وأوضح كورتشو أوغلو، أن أولى الحفريات جرت في قرية زيفة بولاية وان، وعثر فيها على رفات 370 شهيداً،  وفي قرية ألاجا بولاية أرضروم، والتي عثر فيها على رفات 278 شهيداً، مبيناً أن حفريات أخرى جرت في ولايات الشرق، وجنوب الشرق، منها ديار بكر، وبتليس، وأرضاهان، وموش، وأرضروم، ووان، وتم إكتشاف المزيد من المقابر الجماعية فيها.

ولفت كورتشو أوغلو أن 15 مقبرة تم اكتشافها بواسطة الأساليب العلمية، وأنه تم التحقق بالفحوصات أن الرفات تعود لمسلمين أتراك كانوا يعيشون في القرى والبلدات ذاتها، وأنهم قتلوا على أيدي العصابات الأرمنية، مبيناً أنهم كانوا من المدنيين العزل، من المسنين والأطفال، كما أشار أنهم (المركز) اكتشفوا مكاناً جديداً في قرية "بوريكلي"، بولاية أرضروم، قتل فيه عدد من النساء والرجال.

بدورها أفادت المسنة "فاديما فاطمة قره كاش" 85 عاماً، التي تعيش في قرية بوريكلي، أن أقاربها تعرضوا للقتل على أيدي العصابات الأرمنية، مشيرةً أنهم قاموا بجمع النساء في مكان، والرجال والأطفال في نساء آخر، وحرقهم جميعاً.

ما الذي حدث في 1915؟

 تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.

وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.

وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق امدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلوها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.

وسعيا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمنية" المزعومة، في كل عام.

وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو/ آيار، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.

ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الانسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.

وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم  تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى إعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها.

وعقب انسحاب روسيا من الحرب جراء الثورة البلشفية عام 1917 تركت المنطقة للعصابات الأرمنية، التي حصلت على الأسلحة والعتاد الذي خلفه الجيش الروسي وراءه، واستخدمتها في احتلال العديد من التجمعات السكنية العثمانية.

وبموجب معاهدة سيفر التي اضطرت الدولة العثمانية على توقيعها، تم فرض تأسيس دولة أرمنية شرقي الأناضول، إلا أن المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ، ما دفع الوحدات الأرمنية إلى إعادة احتلال شرقي الأناضول، وفي كانون الأول/ديسمبر 1920 جرى دحر تلك الوحدات، ورسم الحدود الحالية بين تركيا وأرمينيا لاحقًا، بموجب معاهدة غومرو، إلا أنه تعذر تطبيق المعاهدة بسبب كون أرمينيا جزءًا من روسيا في تلك الفترة، ومن ثم جرى قبول المواد الواردة في المعاهدة عبر معاهدة موسكو الموقعة 1921، واتفاقية  قارص الموقعة مع أذربيجان وأرمينيا، وجورجيا، لكن أرمينيا أعلنت عدم اعترافها باتفاقية قارص، عقب استقلالها عن الاتحاد السوفييتي، عام 1991.

الحاجة إلى ذاكرة عادلة والتفهم المتبادل

 وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بأن ما جرى خلال عملية التهجير على أنه "إبادة عرقية"، وبالتالي دفع تعويضات.

وبحسب اتفاقية 1948، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص منع جريمة الإبادة العرقية والمعاقبة عليها، فإن مصطلح الإبادة العرقية، يعني التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.

وتؤكد تركيا عدم إمكانية اطلاق صفة الإبادة العرقية على أحداث 1915، بل تصفها بـ"المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدًا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة" الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف.

كما تقترح تركيا القيام بأبحاث حول أحداث 1915 في أرشيفات الدول الأخرى، إضافة إلى الأرشيفات التركية والأرمنية، وإنشاء لجنة تاريخية مشتركة تضم مؤرخين أتراك وأرمن، وخبراء دوليين.  

يريفان لم تنتهز فرصة تطبيع العلاقات

شهد عام 2009 أهم تطور من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، حيث وقع الجانبان بروتوكولين من أجل إعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية، وتطوير العلاقات الثنائية، في تشرين الأول/أكتوبر، بمدينة زيورخ السويسرية.

ويقضي البروتوكولان، بإجراء دراسة علمية محايدة للمراجع التاريخية والأرشيفات، من أجل بناء الثقة المتبادلة وحل المشاكل الراهنة، فضلًا عن الاعتراف المتبادل بحدود البلدين، وفتح الحدود المشتركة.

كما نصّ البروتوكولان على التعاون في مجالات السياحة والتجارة، والاقتصاد، والمواصلات، والاتصالات، والطاقة والبيئة، والإقدام على خطوات من أجل تطبيع العلاقات انطلاقًا من المشاورات السياسية رفيعة المستوى وصولًا إلى برامج التبادل الطلابي.

وأرسلت الحكومة التركية، البروتوكلين إلى البرلمان مباشرة من أجل المصادقة عليهما، فيما أرسلت الحكومة الأرمنية، نصيهما إلى المحكمة الدستورية من أجل دراستهما، وحكمت المحكمة أن البروتوكلين لا يتماشيان مع نص الدستور وروحه.

وبررت المحكمة قرارها بإعلان الاستقلال الذي ينص على "مواصلة الجهود من أجل القبول بالإبادة العرقية في الساحة الدولية"، والذي يعتبر شرقي تركيا جزءًا من الوطن الأرمني، تحت مسمى "أرمينيا الغربية".

وأعلنت أرمينيا تجميد عملية المصادقة على البروتوكلين، في كانون الثاني/يناير عام 2010، وبعد 5 أعوام سحبتهما من أجندة البرلمان، في شباط/ فبراير المنصرم.

وكان رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو"، زار أرمينيا عام في كانون الأول/ديسمبر 2013 بصفته وزيرًا للخارجية في تلك الفترة، وأكد في تصريح صحفي، عقب الزيارة، ضرورة حل القضية عبر تبني موقف عادل وإنساني، بعيدًا عن المقاربات أحادية الجانب، والتقييمات الظرفية، منوهًا أنه لا يمكن صياغة التاريخ إلا عبر ذاكرة عادلة.

بدوره أعرب الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، عن تعازيه لكافة مواطني الدولة العثمانية الذي فقدوا حياتهم إبان الحرب العالمية الأولى، وعلى رأسهم الأرمن، ووجه دعوة من أجل السلام والتصالح، في رسالة بتاريخ 23 نيسان/ابريل 2014، عندما كان رئيسًا للوزراء.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص