الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
تجنيد الشباب .. حل لأزمة الجيش اليمني «الجهوي» أم حروب أهلية بـ«أدوات الدولة»؟
لجان شعبية في عدن
الساعة 16:28 (الرأي برس - الأناضول)

بدأ الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، خطوات عملية لاستعادة توازن بناء الجيش اليمني المكوّن في غالبيته من محافظات شمالية، وذلك بإصدار قرار بتجنيد 20 ألف شخص في الجيش من أبناء المحافظات الجنوبية التي انتقل إليها أواخر الشهر الماضي، بعد إفلاته من إقامة جبرية فرضتها عليه جماعة "أنصار الله"، المعروفة بـ"الحوثي".

وظل الجيش اليمني، "لغزا محيرا"، في الأزمة التي شهدتها البلاد منذ منتصف العام الماضي، حيث تخلت ألويته عن العاصمة ومقار رئاسية من ضمنها سكن الرئيس، وسلمتها لمسلحي جماعة الحوثي، دون مقاومة، بسبب تركيبته التي يغلب عليها حضور أبناء محافظات الشمال الموالية لجماعة الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح (90% تقريبا من عناصر الجيش تنتمي لمحافظات شمالية بحسب إحصاءات غير رسمية).

وفشل الرئيس هادي خلال 3 سنوات من الحكم في هيكلة الجيش على أسس وطنية، بعد أن كرّس الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي حكم البلاد 3 عقود، لتكوين جيش جهوي من المحافظات الشمالية، يدين بالولاء له فقط، في مقابل إقصاء العسكريين الجنوبيين من وظائفهم، عقب حرب صيف 94 التي شنها ضد الجنوب اليمني المطالب بالانفصال.

وأرسل "صالح"، الأسبوع الماضي، تهديدات صريحة لهادي، الذي فشل في تنفيذ قرار جمهوري يقضي بإقالة قائد القوات الخاصة الموالي للحوثيين واستبداله بشخصية جنوبية، بأنه لن يكون في مأمن، وليس أمامه سوى البحر كمنفذ وحيد للهرب.

 

فتح باب التجنيد

وفي خطوة استباقية لتحصين الجنوب من أي زحف حوثي مرتقب، أقرت السلطة المحلية بمحافظة عدن، الأحد الماضي، فتح باب التجنيد للشباب خلال الأسبوع المقبل، بناء على قرار أصدره هادي، يقضي بتجنيد 20 ألف شخص في الجيش من أبناء الجنوب، وإعادة المبعدين الجنوبيين منذ 20 عاما إلى الخدمة، كما قرر فتح باب التجنيد لأبناء محافظتي تعز وإب حسب مصادر أمنية للأناضول.

وفيما رأى مراقبون أن هذه الخطوة "مهمة" لاستعادة توازن الجيش الذي "تم تدميره" من قبل تحالف (الحوثي وصالح)، اعتبر آخرون أن عملية التجنيد في المؤسسة العسكرية والأمنية، ستفتح المجال أمام المليشيات المسلحة من قبل كل الأطراف المتصارعة على السلطة، وبنفس الأدوات التي فرضتها الجماعة الحوثية على الجميع.

وقال الكاتب والباحث السياسي نجيب غلاب: "الحوثي قلب الطاولة الوطنية، وما يقوم به الرئيس هادي فيما يخص إعادة بناء المؤسسة العسكرية بالاستناد على الجغرافيا ليس سوى انعكاسا للوعي الذي فرضته الجماعة الحوثية التي تريد الاستيلاء على القوة العسكرية والأمنية".

وأضاف غلاب في تصريحات لوكالة الأناضول: "لا نستغرب أن كل محافظة ستطالب بتجنيد آلاف من أبنائها، والأحزاب كذلك، ليغدو الجيش عصبيات بلا هوية وطنية وبلا عقائد موحدة".

وتابع: "إذا كانت صعدة (شمال) وما حولها تطالب بتجنيد عشرات الآلاف في الجيش والأمن وشرعنة مليشياتها التنظيمية في بنية الجيش رغم الموازين المختلة في تركيبة المؤسسة الأمنية والعسكرية، فغدا سنجد الحراك التهامي (مكون ثوري في المحافظات الغربية) يطالب بتجنيد أبناء تهامة، وكل جغرافيا ستطالب بوجودها في الجيش بناء على حجمها السكاني".

ورأى الباحث اليمني، أن "جماعة الحوثي فرضت على الجميع وعي البحث عن القوة من خلال الجيش والأمن، باعتبارها تابعة للميليشيات، وهذه الآلية كفيلة بجعل الحروب الأهلية تدار بأدوات الدولة ومؤسساتها، وهذا الأمر الخطير الذي يقود الى لبنة اليمن من خلال الاستراتيجية الإيرانية لن يقود إلى بناء توازنات وإنما إلى تفكيك ونشوء دويلات في دولة موحدة".

 

معالجة جروح

وخلافا للرأي السابق ، رأى الصحفي عبدالعزيز المجيدي، أنه "يجب النظر لخطوة الرئيس هادي بإعادة العسكريين الجنوبيين باعتباره تنفيذا لما تم الاتفاق عليه مع الجميع في مؤتمر الحوار، وخطوة في طريق معالجة جروح حرب 94، ورد الاعتبار للجيش وليس بهدف مواجهة الحوثيين فقط".

وقال المجيدي، وهو رئيس تحرير صحيفة "الشاهد" الأسبوعية، في تصريحات للأناضول "الضمان الأهم لخطوات هادي، هو شمول أبناء المحافظات الأخرى غير الواقعة تحت سيطرة الحوثي والمقصية أصلا من الجيش، بحيث يشكل ذلك رد اعتبار للجيش الوطني، لأن تجنيد الجنوبيين فقط ، سيكون رد فعل جزء منه يبدو جهويا".

ومنذ مزاولة الرئيس هادي إدارة البلاد من عدن، باتت قوات من اللجان الشعبية الموالية له، هي من تسيطر على زمام الأمور في المحافظة وعدد من المدن الجنوبية، بالتوازي مع سيطرة لجان شعبية تابعة لجماعة الحوثيين المسلحة على أجزاء في المحافظات اليمنية الشمالية على رأسها العاصمة صنعاء .

ويشن حزب صالح وجماعة الحوثي، هجوما شديدا على خطوة الرئيس هادي بتجنيد جنوبيين في الجيش، ويصفونه في إعلامهم الخاص بـ "الجيش المناطقي" ويعترونه "غير مبني على أسس وطنية".

 

وتساءل الصحفي المجيدي في تعليقه على موقف صالح والحوثيين: "ما هو الوطن الذي يريده صالح ونجله وتحالفهم الانقلابي؟ 120 ألفا من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية جرى إبعادهم قسرا عام 1994 من الجيش والأجهزة الأمنية، وحكاية تمرد عبد الواسع السقاف (قائد القوات الخاصة في عدن) دليل على نوعية الجيش والأمن الذي بني على أسس وطنية خالصة".

وبدأت جماعة الحوثي بإدماج ميليشياتها في الجيش اليمني بقرارات من اللجنة الأمنية العليا التي تسيطر عليها، حيث يتواجد 7 من قادة الجماعة الميدانيين في أرفع جهة أمنية في البلد، دون امتلاكهم رتبا عسكرية، رغم أن اللوائح العسكرية تنص ألا يقل رتبة أعضائها عن "لواء ركن".

وكانت حركة "مد" الشبابية، قد اقترحت جملة معالجات لأزمة الجيش اليمني، منها "إخضاع جميع وحدات الجيش وكافة الأجهزة الأمنية والمعسكرات والألوية، لهيكلة ودمج فعلية، تقوم على أسس عسكرية صارمة، وبطريقة تعكس الوحدة الوطنية في تركيبتها وقوامها، وتمنع أي تركيز لمنطقة أو جغرافيا أو قبيلة أو فئة في هذه البنى والهياكل".

ودعت الحركة التي ترفع شعار "مواطن من أجل الدولة" إلى حظر تعيين أي مسؤولين أو أفراد فيها لاعتبارات فئوية أو حزبية أو عنصرية، واعتبار كل سلوك فردي أو جماعي ينطوي على ازدراء مناطقي أو جهوي أو مذهبي، سببا للفصل النهائي من الخدمة العسكرية.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص