السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
حبّ للسماء - عبدالعزيز المقالح
الساعة 16:05 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


له المجدُ 
   والشِّعرُ
لا أحدٌ غيرُهُ يستحقُّ القصيدةَ
      ساعةَ يحملُها الضوءُ منتشياً
      تكتسي الكلماتُ عبيرَ الصّلاةِ
      وتخرجُ منْ مَلَكوتِ الكلامِ
      لتصعدَ حافيةً نحوَهُ..
           نحوَ عرشِ الإلهْ. 

*  *  *
كم فصولٍ منَ العمرِ مرَّتْ
    وقلبي يفتِّشُ في نفقٍ مطفَأٍ
     عنْ بقايا القصيدةِ
    عنْ جَمْرِها،
تتحاملُ روحي على الكلماتِ
ويغضبُ منْ لغتي جسدي
كلُّ معنىً يصادفُني لا حياةَ لهُ
   نهشتْهُ الحداثاتُ
   واسْتَلَّ عصرُ المماليكِ جوهرَهُ.
شعراءُ كثيرونَ جاءُوا منَ الموتِ
  عادوا إلى الموتِ..
يا سيّدَ الحَرْفِ،
 والعُشْبِ واللَّيلِ
 هَبْ لي بقايا حروفٍ مُبَرَّأةٍ
       منْ غبارِ الكلامْ.

*  *  *
لَكَ الحَمْدُ..
ها أنتَ أطعمتَني
وسقيتَ فمي منْ حليبِ النُّجومِ،
أعدْتَ إلى القلبِ بهجتَهُ
       وإلى العينِ دهشتَها..
أيُّ فيضٍ منَ النورِ
       والحُلْمِ هذا الذي يحتويني؟
وأيُّ شذاً فاتنٍ يغمرُ الكونَ
        يغسلُ باللَّونِ آفاقَ لا تنتهي
   وحدائقَ لا تنتهي؟
كيفَ تغترفُ الرُّوحُ
منْ نبعِ هذا الشَّذا العَذْبِ،
 منْ ضوءِ هذا المدى الرَّحْبِ؟
إني أرى بدمي
    وأشُمُّ بكفّي
    وأشعرُ أنَّ السَّماءَ تناولُني
                مفرداتِ القصيدةْ.

*  *  *
بمشيئتِهِ تفتحُ الأرضُ نافذةً
  ترتقي الرُّوحُ منها
 إلى عالَمٍ لا جهاتَ لهُ،
         تتنسَّمُ منْ عطرِهِ
         وتعيشُ صفاءَ بهاءاتِهِ
           عندَ مدخلِهِ تتساقطُ أحزانُها
                  ويجفُّ بريقُ المراثي.
ومنْ شُرفةٍ في الأعالي
     ترى مدناً
          وحقولاً ملوَّنَةً
   وبحيراتِ زرقاءَ.
منْ فِضّةٍ كلُّ هذي البيوتِ
ومنْ ذهبٍ كلُّ هذي التِّلالِ
تركْتُ مفاتيحَ قلبي
 تنامُ على جسدٍ ناصعٍ
         رَيْثَما يستريحُ الفضاءُ منَ الانكسارْ.

*  *  *
سيّدي،
أتقدَّمُ والكفُّ مرتعشٌ والفؤادُ
       إليكَ بهذا البكاءِ،
وأشكو إليكَ خطيئةَ روحي،
أوزِّعُ كفّارةَ الجسدِ المتهدِّمِ،
أبكي على أضلعٍ لا تنامُ
      على حُلُمٍ ليسَ يأتي
      على زمنٍ لا يجيءُ.
ويا سيّدي،
أَنا في عالَمِ الناسِ مرتهنٌ للمخاوفِ
     والحقدِ،
أمشي على قلقٍ بأصابعِ روحي،
وأدنو على حذرٍ منْ جراحِ بلاديَ
لستُ الطبيبَ، ولا صاحبَ الأمرِ
لكنّني أتعذَّبُ 
      حينَ أرى طفلةً ترتمي عندَ بابِ المدينةِ
 باحثةً عنْ بقايا طعامٍ،
           أوِ امرأةً تتسوَّلُ خبزاً لأطفالِها،
           وأرى الموسرينَ وقد جمعوا منْ دماءِ البلادِ
    ومنْ بؤسِها
           وأقاموا قلاعاً منَ المرمرِ الآدميِّ،
           وأعمدةً منْ عظامِ البشرْ.

*  *  *
جسدي لا تخفْ، 
سوفَ تصعدُ روحي
       لكيما ترى كلَّ ما خَبَّأ اللَّهُ منْ بهجةٍ
 منْ جداولَ رقراقةٍ،
             وتعودَ إليكَ على غيمةٍ منْ غناءِ الحَمامْ.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص