الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
النِّداءُ الأَخِيرُ - يحيى الحمادي
الساعة 17:44 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

النِّداءُ الأَخِيرُ يَجُوبُ المَدى.. 
والحَقائبُ مُبتَلَّةٌ بِالدّموعِ، العَقارِبُ مُنسَلَّةٌ في الضُّلوعِ، الكَواكبُ تبدو عِدائيَّةً في عيونِ الشُّموعِ.. 
والنِّداءُ الأَخِيرُ يَجُوبُ المَدى.. 
"حان وَقتُ الرَّحِيلِ"
يُعِيدُ الصَّدى: 
"حان وَقتُ الرُّجوعِ"
والمَدينةُ تَجتَرُّ أَنفاسَها بين خَوفٍ وجُوعِ..

*****
المَدِينةُ في البابِ مَحشُورَةٌ 
والصَّدى مُحرِقُ..
والنُّجومُ التي أَحصَنَت فَجرَها 
لَيلُها مُعـرِقُ..
والتَّآوِيلُ مَتروكةٌ كُلُّها لِلسَّماواتِ..
والجِنُّ لا تَسرِقُ..
والمَصابيحُ في الغَربِ تَستَشرِقُ..
أَيُّها المُطرِقُ..
أَيُّها الضَّارِبُ الآنَ في تِيهِهِ
حيثُ لا شَيءَ يَحتاجُهُ المَنطِقُ..
مَن تُرى يَحرُسُ الماءَ في عُودِهِ
مَن تُرى يَحبِسُ النَّارَ في مَهدِها
مَن تُرى يُطلِقُ..
مَن تُرى يَفتَحُ البَابَ أَو يُغلِقُ؟!
المَدينةُ في البابِ مَحشُورةٌ..
والنِّدَاءُ الأَخِيرُ يَجُوبُ المَدَى..
والمَدَى مُطبِقُ..
والصُّعُودُ الذي يَنبَغِي مُرهِـقٌ
صَدرُهُ ضَيِّقُ..
والبِلادُ التي لا تُرَى.. تُـقـلِقُ..

*****
أُسوَةً بِالبِلادِ التي لن تَرى.. 
والدّماءِ التي أَصبَحَت أَغزَرَا..
والكَلامِ الذي كان غَيبُوبَةً 
قَبلَ أَن يُفتَرى..
والسَّماءِ التي أَصبَحَت خطوَةً
والسَّرابِ الذي ضَمَّ أَغصَانَهُ 
خِنجَرًا خِنجَرا.. 
والغَريبِ الذي شَكَّ قُمصَانَهُ 
خَيمَةً لِلعَـرَا..
لا تَمُت أَصفَرا.. 
أَتبِــعِ الذَّنبَ بِالذَّنبِ كي يُغفَرا
واكشِفِ العَيبَ إِن شِئتَ أَن يُستَرا
واقرَأِ الأَمسَ إِن كُنتَ تَخشَى غدًا 
كُلُّ ما سوف تَلقاهُ ماضٍ جَرَى
فَاحذَرِ الجَمرَ مِن قبل أَن يُكسَرا
آنَ أَن تَحذَرا.. 
آنَ أَن تَحرسُ النَّهرَ مِن مائِهِ كُلَّما استَنهَرا
لا تُفَضِّل على القَيلِ مَولاتَهُ
أَو تُحالِف أُسَيدًا على الشَّنفَرَى
لستَ مَن يُشتَرَى..
مُصحَفًا لِلسَّماواتِ مُستَلهَمًا كُنتَ.. 
لا دَفتَرَا..
أَو مَشَاعًا، ومَن حَرَّرَ استَعمَرا..
آنَ أَن تُحشَرا
آنَ لِلإِنسِ والجِنِّ أَن تَثأَرا..
فَالمَدينةُ في البابِ مَحشُورةٌ
والنِّدَاءُ الأَخِيرُ يَجُوبُ المَدَى..
والثُّرَيَّا على مَوعِدٍ  بِالثَّرَى..

*****
الثَّرَى والثُّرَيَّا على مَوعِدٍ دائِمٍ في الهَبَا..
آنَ أَن تَصنَعَ الفُلكَ..
أَن تَملَأَ الرِّيحَ بِالماءِ والنَّارِ..
أَن تَغضَبا.. 
هذه الدَّارُ ذِكراكَ..
لا تَلتَفِت نَحوَها هائمًا..
أَو تَقِف حول أَطلالِها مُعجَبا..
آنَ أَن تُسمِعَ الصَّمتَ ما قالَهُ..
آنَ أَن تَضرِبَ الخَوفَ كي يُركَبا.. 
آنَ بِاللَّاعِبِ الآنَ أَن تَلعَبا.. 
آبِيًا مَن أَبَى..
أَنتَ بِالرِّيشِ والشَّعرِ لن تُرهَبا.. 
شارِدًا لن تَرى الذِّئبَ والثَّعلَبا
مُغمَضَ الكَفِّ لن تَأمَنَ العَقرَبا
لا تَمُت أَرنَبا.. 
غالِبِ الخَوفَ إِن خِفتَ أَن تُغلَبا
وامنَحِ الماءَ كَفَّيكَ كي يَشرَبا.. 
قَبلَ أَن يَرغَبا.. 
أَنتَ مَن أَلهَمَ القَحطَ أَن يُشتَهَى
أَنتَ مَن حَبَّبا.. 
كم سَرابًا تَوَلَّيتَ..
كم وَالِيًا خارجًا عن وَصَاياكَ
كم مَذهَبا! 
كم سَلِيبًا تَوَسَّلتَ 
كم خائِنًا.. 
كلهم باعَ واختانَ واستَذأَبا
كلهم كان مِن كُلِّهِم أَكذَبا
والذي ناحَ.. مَن ذُلَّهُ استَعذَبا
لا تَقُل مَرحبا..  
فَالنِّدَاءُ الأَخِيرُ يَجُوبُ المَدَى..
والمَدينةُ في البابِ مَحشُورةٌ
والثُّرَيَّا على مَوعِدٍ بِالثَّرَى..
والثَّرى أَجدَبا
آنَ أَن تَذهَبا.. 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص