الجمعة 20 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
عراقيب - يحيى الحمادي
الساعة 12:07 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


لَقَد استَقَامَ العالَمُ المَقلُوبُ!
يا ذِئبُ..
يُوسُفُ أَنتَ؟
أَم يَعقُوبُ؟!
.
وأَشَرتُ لِلوَطَنِ البَعيدِ مُعاتِبًا:
ذَبُلَت مَحَاجِرُنا..
متى سَتَؤُوبُ؟!
.
وسَكَتُّ..
والشَّفَقُ استَدَارَ مُوَدِّعًا
كَدَمٍ عليهِ قَتِيلُهُ مَسحُوبُ
.
كَسَرَت عَصَايَ قصيدتِي..
وكَسَرتُها
فَأَنا إذا انكَسَرَت عصايَ غَضُوبُ
.
وَجَعُ الأَحِبَّةِ - يا أَحِبَّةُ - مُوجِعٌ
وأَنا بِكُم..
فَتَبَخَّروا..
أَو ذُوبُوا
.
ما بين أُغنِيةٍ تَمُوتُ.. ووَردَةٍ
سَتَمُوتُ، ثَمَّةَ شاعرٌ مَغلوبُ
.
إِني لَأَعجَبُ
كيف يَضحَكُ شاعرٌ
وأَسَاهُ بَين جُفُونِهِ مَصلوبُ؟!
.
لِلحُزنِ أَجنحةٌ، تَكاثَرَ رِيشُها
ولِكُلِّ مُحزِنَةٍ صَدًى وهُبُوبُ
.
وعَلَيَّ أَن أَضَعَ القصيدةَ كُلَّها
بِيَدَيهِ، فَهو الناهِبُ المَنهُوبُ
.
لا شِعرَ..
إِلَّا ما شَعَرتَ بأنّكَ ال
مَأكولُ بَين يَدَيهِ
والمَشرُوبُ
.
قُل لِي بربِّكَ كيفَ تَمنَعُ دَمعةً
أَن لا تَسِيلَ..
وقَلبُكَ المَثقوبُ؟!
.
هذي البلادُ مريضةٌ..
ومُصَابُها 
جَلَلٌ..
وأَصدَقُ أَهلِها عُرقُوبُ!
.
ماذا يَقولُ لِنفسِهِ الوَجَعُ الذي
بيني وبين قصائدي مَسكُوبُ؟!
.
أَيُّوبُ ناءَ بِجُرحِهِ مُتَضَرِّعًا
وأَنا بلادِي كُلُّها أَيُّوبُ
.
يا مَن أَمُرُّ عليهِ كُلَّ عَشِيَّةٍ
ولَهُ شمالٌ داخِلِي وجنوبُ
.
ما دامَ هذا اللَّيلُ يَزعُمُ أَنَّهُ
صُبحٌ، وتَشعُرُ أَنّهُ مَرغُوبُ
.
فَإِلامَ يَنتَظِرُ الحَبيبُ صَباحَهُ
وعَلَامَ يُقلِقُ لَيلَهُ المَحبُوبُ؟!
.
وَدِّع مُوَدِّعَكَ الأَخِيرَ، وقُل لُهُ:
إِنَّ الحَنِينَ إلى الذُّنُوبِ ذُنُوبُ
***
لِلحُزنِ في وطني "السّعيدِ" مَنازلٌ
مُقَلِي نوافِذُها، ووَجهِي الطُّوبُ
.
أَنا إن صَمَتُّ.. فَلِلتُّرابِ تَنَهُّدٌ
وإذا نَطَقتُ.. فَلِلصُّخورِ كُرُوبُ
.
كالنَّهرِ.. يَروِي غَيرَهُ، ويَظَلُّ ما
بَين القَرَارَةِ والضّفافِ يَلُوبُ
.
لا بُدَّ مِن سَفَرٍ أَعُودُ به إلى
نَفسِي.. أُحِسُّ بأنني مَسلوبُ
.
صارَعتُ مُنفَردًا أَسايَ، كأنني
رُغمَ الضَّيَاعِ قَبائلٌ وشُعُوبُ
.
لا المَوتُ أَنصَفَنِي، ولا الوَطَنُ الذي
كَمَدًا يَموتُ بِحُبِّهِ المَوهُوبُ
.
لا بَأسَ يا قَلَقِي.. سَيَندَمُ كُلُّ مَن
غَدَرُوا، فَغَالِبُ أَهلِهِ مَغلُوبُ
.
مِنّي إِليَّ الآنَ أَهربُ.. تاركًا
كُلَّ الذين لَهم إليَّ هُروبُ
.
قالوا:  سَتَقتُلُكَ القصيدةُ، أَنتَ في
وطنٍ يَكادُ عن الجحيمِ يَنُوبُ
.
فَكَذَبتُ.. إِذ صَدَّقتُ أَنّي كاذبٌ
إِنَّ المُصَدِّقَ لِلكَذُوبِ كَذوبُ
.
وقُتِلتُ.. لكني صَحَوتُ، نِكايَةً
بالقاتِلِينَ، وما أَزالُ أَجُوبُ
.
ما زِلتُ "يحيا" رُغمَ كُلِّ قصيدةٍ
عُمرُ الشَّقِيِّ على اسمِهِ مَحسُوبُ
.
قَلِقٌ عَلَيَّ المَوتُ…  يَفرُكُ عَينَهُ
وأَنا أُحاوِلُ طَعنَهُ.. وأَتُوبُ
.
لا شَيءَ يُقنِعُني بأني مَيِّتٌ
لا شَيءَ يُقنِعُهُ مَن المَطلوبُ!
***
بَينِي وبَينَكِ -يا أَنَايَ- غَرَابَةٌ
وتَرَغُّبٌ، وتَغَرُّبٌ، وغُرُوبُ
.
بَين التَّغَرُّبِ والتَّرَغُّبِ واقِفًا
سَفَرٌ   يُلِحُّ.. وما إِليهِ  دُرُوبُ!
.
ويَدٌ تُطِلُّ من الدُّخَانِ جَريحَةً
ولها إِليَّ   تَراجُعٌ..  ووُثُوبُ
.
وأَنا أُتابِعُ ما   يَدُورُ   كَعَادَتِي
وأَدُورُ مِثلَ دُوَارِهِ..    وأَثُوبُ
.
وعَلَيَّ أَن أَعِدَ الكِنايَةَ قَبل أَن
يَصِلَ الكَلامُ، ويُجزَمَ المَنصُوبُ
.
وعَلَيَّ أَن أَئِدَ التَّوَقُّعَ قَبلَ أَن
تُلقَى عَليهِ حَقائِقٌ وغُيُوبُ
.
وعَلَيَّ أَن أَصِلَ النهايَةَ.. إِنّما
دُونَ البدايةِ فِتنةٌ وحُرُوبُ
.
دُون البدايَةِ والنّهايَةِ مَوطِنٌ
غَدُهُ بِأَمْسِ ضَيَاعِهِ مَضرُوبُ
.
الجُوعُ فيهِ فَريضةٌ مَكتوبةٌ
والخَوفُ -رُغمَ رَوَاجِهِ- مَجلُوبُ
.
والقَتلُ أَسهَلُ مِن "سَلامِ تَحِيّةٍ"
والعَيبُ أَنَّكَ ليس فِيكَ عُيُوبُ
.
والنّاسُ بَينَ ضَحِيَّةٍ، أَو قاتِلٍ
لِلعَيشِ فيه خَصَاصَةٌ ولُغُوبُ
.
يَتَنهَّدُون على مَوَائِدِهِم كَما
يَتنهّدُ المُتسوِّلُ المَنكُوبُ
.
فَمَتى سَتُثمِرُ بالحَنِينِ  وُعُودُهُم
ومَتى سَتُخلَقُ لِلقُلوبِ قُلوبُ؟!
.
أَعَلَى القِيامَةِ أَن تَقُومَ؟! : لَقَد مَضَى
زَمَنُ القيامَةِ أَيُّها المَجذُوبُ
.
فَأَعِد عَصَاكَ إِلى يَمِينِكَ.. رَيثَما
يَمضِي الذين وُجُودُهُم مَشطُوبُ
.
ويَجِيءُ -مِن أَقصَى المَدِينةِ- مَوطِنٌ
وعليهِ مِن أَثَرِ الرَّسُولِ نُدُوبُ
.***
وسَكَتُّ.. وانتَهَتِ الحِكايَةُ، وانزَوى
خَلفَ الرُّهابِ سِلاحُنا المَعطُوبُ
.
وعَلَيَّ أَن أَقِفَ الهُنَيهَةَ.. كي أُوَدِّعَهُ
ورَأسِي بِاللَّظَى مَعصُوبُ
.
وعلى القصيدةِ أَن تَظَلَّ قَصِيَّةً
ولِكُلِّ رَبِّ قصيدةٍ أُسلُوبُ

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً