الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
التحالف الاستراتيجي الأمريكي - السعودي ومخاطر تداعيات مشكلة اليمن
السلاح في اليمن
الساعة 14:37 (الرأي برس - الأناضول)

إذا كانت اليمن تشكل "الحديقة الخلفية" للسعودية، فان الأمن في اليمن هو جزء من الأمن الوطني لدول مجلس التعاون الخليجي، وما يحصل حالياً من انقلاب على السلطة الشرعية واعتداءات متعددة وسيطرة على مؤسسات الدولة ومرافقها، من قبل الحوثيين هو تهديد خطير للمنطقة بكاملها.

 ولذلك أعلنت هذه الدول في الاجتماع الاستثنائي الأخير لوزراء خارجيتها "انها ستتخذ الإجراءات المطلوبة لحماية أمنها واستقرارها ومصالحها الحيوية في اليمن"، وهي رسالة واضحة الى الفرقاء اليمنيين وخصوصاً الحوثيين بانها لن تقف متفرجة على ما يحصل من تطورات خطيرة ، رغم مخاوفها من محاولات ايران استثمار تحالفها مع الحوثيين لتحقيق طموحاتها في المنطقة.

 وسبق لقمة دول مجلس التعاون في دورتها الخامسة والثلاثين المنعقدة في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2014 بالدوحة أن أكدت دعمها للرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي" في تحقيق الأمن والاستقرار، وبسط سيطرة الدولة في اليمن الشقيق، وفي قيادة عملية الانتقال السلمي للسلطة، من خلال الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لتلبية طموحات وتطلعات كافة ابناء الشعب اليمني".

وأدانت القمة الخليجية كل أعمال العنف لتحقيق أهداف سياسية، وطالبت "بالانسحاب الفوري للميليشيات الحوثية من جميع  المناطق التي احتلتها، وإعادة جميع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية لسلطة الدولة، وتسليم ما استولت عليه من أسلحة ومعدات".

 ومع سيطرة الحوثيين، ازدادت خطورة النفوذ الايراني في المنطقة في سياق "صراع المصالح" وجمع أوراق الضغط السياسي والاقتصادي.

وبدأت طهران تتحدث عن قوة نفوذها في السيطرة على المياه بعد احتلال الحوثيين مدينة صنعاء، وقال يومها محمد صادق الحسيني" صرنا سلاطين المتوسط والخليج، والمحيط الهندي والبحر الأحمر"، وفي 17 يناير/ كانون الثاني 2015، نشر موقع "تسنيم" المقرب من خامنئي تصريحات ليد الله شيرمردي (من مكتب خامنئي) جاء فيها "إن صبر إيران تجاه أنظمة في المنطقة له حدود، السعودية تلجأ إلى سلاح النفط لمحاربة إيران، وبهذا ترتكب انتحاراً سياسياً، إن التصرف السعودي سيفرض تغييراً على كل دول الخليج وأنظمته"، مشيراً إلى أن "كل طرق مرور النفط بدءاً من باب المندب والسويس حتى مضيق هرمز تحت سيطرة ايران".

 تحالف استراتيجي من هنا، كانت خطورة تطورات انقلاب الحوثيين في اليمن وسيطرة نفوذ ايران الذي يمتد عبر العراق وسوريا ولبنان وغزة والبحرين، أساس محادثات الأربع ساعات بين الرئيس باراك اوباما وخادم الحرمين الشريفين في 27 يناير/ كانون الثاني بالرياض، وجرى التركيز على تحديات تهدد الأمن الوطني السعودي بشكل مباشر، مثل الانهيار الأمني في اليمن والعراق وسوريا، ومخاوف كبيرة من تزايد النفوذ الإيراني فيها وتداعياته الخطيرة على المنطقة بكاملها.

 أراد أوباما أن يزور المملكة على رأس وفد كبير ومتنوع من سياسيين جمهوريين وديموقراطيين فضلاً عن خبراء عسكريين وأمنيين، للتأكيد على متانة العلاقات الثنائية وأهميتها، وحتمية التوافق على التحديات المشتركة التي تتطلب معالجتها التعاون والتنسيق الثنائي، ولذلك وصف بعض أعضاء الوفد أن الاهتمام الأميركي يشكل اعلاناً سياسياً صريحاً على حرص أوباما على العودة إلى القواعد التي تضمن استمرارية التحالف الاستراتيجي بين البلدين ومستلزماته.

 ووصف السناتور جون ماكين السعودية بأنها "تمثل حصناً رئيسياً ضد التوسع الايراني". أما وزير الخارجية السابق جيمس بيكر فقد أشاد بالمملكة على أنها "تنعم بالاستقرار" لكنه استطرد قائلا : إذا نظرت حولك، خصوصاً ما حصل خلال الأيام القليلة الماضية في اليمن، سترى السعودية محاطة من كل الجوانب تقريباً بدول تعاني مشاكل صعبة بشكل غير عادي، إذا لم تكن دولاً فاشلة".

ووصف نائب مستشارة الأمن القومي الأمريكي بنجامين رودز الزيارة بأنها: فرصة للتأكد من أننا نصطف بشكل جيد للمضي إلى الأمام، حيث تكون لنا مصالح متقاطعه"، وشدد رودز على أن "القمة السعودية – الأميركية تطرقت إلى القضايا الرئيسية التي يوجد فيها تعاون بين البلدين، ومنها الحملة ضد داعش والوضع في اليمن". وفي اطار المصالح، يلاحظ أن علاقة الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية بخاصة ودول الخليج عامة، تحكمها العلاقات الإستراتيجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، وقد جعل مزيج مصالحها الاقتصادية والسياسية في المنطقة إحدى أهم الأولويات في استراتيجيتها، وبما أن الاهتمام الأميركي يتمحور حول النفط، فان الأهمية المركزية لدول الخليج في سوق النفط العالمية، هي التي تفسر متانة وديمومة عمق الانغماس الأميركي في شؤون المنطقة على امتداد السبعين عاماً الماضية.

 وعلى الرغم من أن أزمة النفط وتراجع الأسعار قد تضررت منها الولايات المتحدة جراء خفض انتاجها وخصوصاً من النفط الصخري، فان بعض المراقبين يرون أن التمسك بسقف إنتاج اوبك قد تم باتفاق سعودي – أميركي، وهدفه ضرب الاقتصاد الروسي وتضييق الخناق الاقتصادي على إيران.

 أما بالنسبة لسيطرة النفوذ الإيراني على طرق نقل النفط بين مضيق هرمز وباب المندب، فقد اعتبره المراقبون نوعاً من عرض القوة والتهديد بها، ولكن الجميع يعلم بما فيها ايران، بأن أي إقفال في وجه ناقلات النفط، يحمل مخاطر حرب في المنطقة سبق أن هددت بها الولايات المتحدة، وهي تأتي ضمن إستراتيجيتها العسكرية في ضمان حرية المرور في الممرات الدولية، خصوصاً وأن أساطيلها البحرية موجوده في المنطقة وبحاجة إلى حركة مرور متواصلة، مع التأكيد على أن إيران التي تفاوض الدول الست على مشروعها النووي، هي بغنى في الظروف الراهنة عن اندلاع الحرب في المنطقة.

 وفي هذا المجال تبرز أهمية الرسالة في مستوى وفد الولايات المتحدة الكبير وتنوعه، وهي أنه مهما كانت واشنطن مصرة على نقلة نوعية في العلاقة مع إيران، إلا أن علاقتها مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج تبقى نقطة الانطلاق للمصلحة الأمريكية البعيدة المدى. خسائر اقتصادية قدر وزير الصناعة والتجارة اليمني سعد الدين بن طالب الخسائر التي لحقت بالاقتصاد بأكثر من 10.5 مليار دولار، وتعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وهي ناتجة عن الخراب والدمار الذين تعرضت لهما مرافق الدولة من أنابيب النفط والغاز وأبراج الكهرباء والمؤسسات الرسمية، إضافة إلى اللجوء لاستيراد 60% من حاجة اليمن من المشتقات النفطية، مع العلم أن البنك المركزي قد غطى قيمتها من احتياطه من العملات الأجنبية والتي تقل حالياً عن خمسة مليارات دولار، رغم دعم الدول المانحة ولا سيما المملكة العربية السعودية، والذي توقف مؤخراً بعد سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة ومرافقها.

 ومع غياب الإنقاذ الكامل لمبدأ سيادة القانون، تعيش اليمن تدهوراً كبيراً في الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، ما أدى إلى هروب رؤوس الأموال، وخروج 34 شركة نفطية بعد وقف نشاطها وصرف موظفيها، مع التراجع الكبير لإنتاج النفط، الأمر الذي فاقم عجز المالية العامة التي يشكل فيها النفط 70% من موارد الموازنة، كما تمثل عائداته 90% من موارد النقد الأجنبي، حتى إن المملكة العربية السعودية جمدت تنفيذ أكثر من 100 مشروع استثماري في اليمن، بسبب الصراع الدائر وغياب الأمن وعدم الاستقرار السياسي.

ساهمت " المبادرة الخليجية " التي انطلقت منذ نحو أربع سنوات في عقد مؤتمر الحوار الوطني الذي نتج عنه وثيقة تعالج الأوضاع اليمنية كافة، وتتوافق على وضع دستور جديد للبلاد، والتوصل إلى " وثيقة الضمانات " التي نصت على تشكيل حكومة وطنية ومجلس شورى لإدخال المكونات اليمنية، لكن مبادئ وثيقة الضمانات لم يحصل فيها أي التزام حقيقي، بما في ذلك مبادئ الشراكة الوطنية، والتوافق، والحكم الرشيد ، والتقييم الدائم، كذلك لم يكتب النجاح لإحداث تغيير حقيقي وتعزيز المواطنة، والخطاب الايجابي على صعيد وسائل الاعلام.

أما بالنسبة للانتخابات، فانه لا يمكن أن تجري في ضوء النزاعات الانفصالية في الشمال والجنوب، والحرب الطائفية الفتاكة بين الحوثيين وتنظيمات القاعدة ، في ظل الانقسام الحاصل في جيش السلطة.

وتشير الأرقام إلى أن حجم خسائر الاقتصاد اليمني تفوق أرقام المساعدات التي تعهدت بها الدول والمؤسسات المانحة والبالغة نحو 7.8 مليار دولار، وقد حول منها نحو 6.7 مليار دولار أو ما يعادل 85.1%، ولكن لم يخصص سوى 3.9 مليار دولار، فيما بلغ الانفاق الفعلي فقط 2.07 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 26%، وذلك يعود عدم قدرة الحكومة على استيعاب الأموال المخصصة، فضلاً عن بطء الخطوات التنفيذية.

 وتبرز حصة دول الخليج وخصوصاً السعودية في الدعم المالي والتي تزيد عن 60% من مجموع المبالغ التي تعهد بها المانحون، ومن الطبيعي أن يستمر هذا الدعم بعد توفير الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، واستئناف تنفيذ مبادرة مجلس التعاون، باعتماد آلية تشمل ثلاثة مجالات أساسية: عملية الانتقال السياسي، والإصلاح الاقتصادي والتنمية، وإصلاح قطاع الأمن والقضاء.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص