الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
في رحاب عامر! - ثابت الأحمدي
الساعة 09:00 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

عامر.. بحر يتماوج من سطحه حتى قاعه، متطلعا أن يجعل من يراعه مئذنة تصدح بالنفير نحو شعب ران النعاس على عينيه زمنا، ولا يزال!
ثائر بيقين صوفي، محلقا في مدارات البهاء والسطوع. ينثال عطرا ربيعيا من سَبَحات الروح وأنداء القلب. وهو مع ذاك عاصفة من قلق الفطرة الإنسانية، يذرع الآفاق للتسامي وعبادة القيم المطلقة بفكر رواقي، رافضا أن تُصلب الغصونُ النضرة.

 

عامر.. غيمة حب تنداح غيمات بلا حدود.. خلاصة ضوء تشكل من أضواء كل الصباحات.. قلب تبرعم من أرغد المواسم، وأهنأ السنابل، وأذكى الأزاهير، فتعنقد آيات شعر تنثُّها مهجة فؤاده ورودا نيسانية. تعانقت مع الوجدان كتعانق الكأس بالشفاه، والربابة بالمبسم، واللحن بالوَتَر! 
 

نجمة الضوء المجنِّحة بكلماته العابرة للأرواح.. بهدير شلالاته المتدفقة نغما سرمديا لا ينضب.
عامر.. على رسلك يا فتى. لمحتُك يوما ما طيفا يتخاطر كالنورس بين "تراتيل أيوب وقرآن الفضول"! 

 

شِمْتُك إنجيليا ترتل صبح مزمورك المقدس في "محاريب أيلول"! على شرفة الجوزاء تناغي أنجم الوطن الوسنى، بروح يمانية الهوى والمهوى.
صديقي.. ما أعظم وطنيتك! ما أبهى يمنيتك!
إن كان للشعر نبي فأنت نبيه بحق. معجزتك الصورة، وآياتك الكلمات!

 

في يراعك زهو حسان بيثرب، حب عمارة اليمني بقاهرة المعز، عزة أعشى همدان بالكوفة، نزعة وضاح اليمن بدمشق، شوفينية يزيد بن المفرغ الحميري بالبصرة، وكلهم يمنيون، تغنوا باليمن مجدا وحضارة وتاريخا. والثلاثة الآخيرون طالتهم سيوف بني أمية ليمنيتهم!
 

في يراعك شجى الزبيري، موزعا روحه أشلاء على تربة وطنه.. نظرات البردوني مستغورا فلسفة التاريخ وعظمة الجغرافيا.. عمق مطهر الإرياني باعثا الروح من أجداثها.. آمال وتطلعات المقالح برؤاه القرمزية، مثالية خالد الرويشان بِسَمْتِه المتأنق، حماسة عبدالله معجب، داعيا كل وطني أن يقدم لوطنه ماء القلب قربانا..
 

عامر.. إن كان للمخالب الحمئات سلاحهم التقليدي برائحة البارود، فإن سلاحك الكلمة بعبق الورود.. إن كان لأسلحتهم القاتلة خاتمة الموت، فلسلاحك بداية الحياة.. إن كان لها دوي الانفجار فلكلماتك رنين القُبلات!
 

تعزف نايات الروح، ويشعلون رهج الحرائق.. تسرج خيل الكلمات إلى معارج الذات الإنسانية بسموقها وشموخها، ويشحذون غول الأذى إلى معاريش الفناء.. تتموسق بين حقولك فراشات الضحى على أوراق الصفصاف وأنغام الشحرور، وتصفر بين أرواحهم ريح الأبدية، كما ينعق بين جنباتهم غراب البين!
 

ما أبهاك يمنيا وأنت تبعث الروح من مرقدها، وقد ثوت طويلا، ولا تزال تشيم صُبحها المرتقب!.. سبئيا، تستنطق مجدا خبا مشعلُه.. حميريا، تنفض غبار الزمن عن لبد الغضنفر الرئبال!
خلف المرئي من تجلياتك عوالمُ غير مرئية من نظرات الشعرية المتدفقة التي سمت فوق معنى العبارة أو رمزية الإشارة.. حشود أنوار لازوردية تَسنْبلت عناقيدَ ضوء؛ ذلك أن نقاء ابن الريف الذي يسكن قلبك الأخضر ـ باخضرار الريف ذاته ـ قد قلّم فيك أظافر الوحش الذي يسكن الإنسان، أي إنسان؛ فكنت الضوء بلا لهب، وكنت النسمة والبسمة معا! ابن كُشر.. أو "شُكر" كما صحح الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأجدادك الاسم يوما ما. تبدع لا لإثبات الوجود كما يحاول البعض؛ لكن لإثبات التفوق، فكنت الدهشة والإدهاش.. المبنى والمعنى معا..

 

عزيزي عامرالسعيدي.. هل قلت فيك ما يوافيك حقك؟! لا أظن.. معذرة اليراع.. معذرة القلم..

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً