- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- بينونة للعقارات تتواجد في معرض الشارقة العقاري "إيكرس" 2025
- وثائق رسمية تكشف اختلاس مسؤولي هيئة الأدوية بصنعاء أكثر من 128 ألف دولار وأمانات رواتب الموظّفين
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن تكشف عن قائمة جديدة لشركات الحوثيين
- وكيل مصلحة الهجرة والجوازات: نسعى لتسهيل إجراءات الحجاج بالتعاون مع وزارة الأوقاف لإنجاح موسم حج 1446 هـ
- الأوقاف تمدد فترة تسجيل الحجاج حتى الـ 10 من فبراير
- جامعة عدن تستضيف ندوة علمية حول «الوعل في تاريخ اليمن»
- الاتحاد العام للإعلاميين اليمنيين يتضامن مع الإعلامي أحمد حسين الفرحان
- مصر.. الاتحاد العربي للتطوير والتنمية يعلن عن بروتوكول تعاون مع المركز القومي للبحوث
- منصة (P.T.O.C) تكشف استراتيجية إيران السرية لتمويل الحوثيين عبر تجارة الأدوية (تفاصيل خطيرة)
- جريمة شنيعة في تعز: مشرف حوثي يقتل شقيقته ويصيب ابنها والمليشيا ترفض تقديمه للمحاكمة
قرأت مؤخراً رواية كتبها أحد الأصدقاء، ورغم جمال فكرتها ولغتها المصقولة فإنني شعرتُ بالانزعاج من شيء ما.. عاودتُ قراءتها فاستنتجتُ أن السبب يعود إلى الإيقاع.
حين تقابلنا – وكان متلهفاً لمعرفة رأيي في الرواية- أخبرته إن الصفحة الوحيدة في كتابه التي تنتمي حقاً لفن الرواية هي الصفحة الأولى، ولكن بدءاً من الصفحة الثانية يتغير الإيقاع، ويمر البطل بثلاثة تحولات قبل أن ندلف إلى الصفحة الثالثة، فأخبرتُ صديقي الروائي أن هذا التسارع في تطوير شخصية البطل حَرَفَ إيقاع الكتابة من الإيقاع الروائي إلى الإيقاع القصصي.
لم ينبس بحرف، ولعلنا لن نتبادل الكلام بعد تلك المحادثة أبداً.
من مبادئ الكتابة أن لكل نوع من أنواع السرد إيقاعه الخاص. وحتى القارئ العادي يمكنه الإحساس بهذا الإيقاع بصورة مبهمة، ومن ثم التعبير عن انسحاره بالعمل الأدبي ورغبته في قراءته مرة أخرى، أو العكس يعبر عن أسفه لضياع وقته.
إحدى معضلات الكتابة هي عدم العثور على الإيقاع الصحيح؛ ومن ذلك مثلاً كتابة الرواية بإيقاع قصصي.
تشبه القصة القصيرة الأرنب، وتشبه الرواية السلحفاة، وهما في سباق، ليس أحدهما مع الآخر، ولكن كل منهما في سباق مع نفسه، وكلاهما – أيّ الأرنب والسلحفاة- سينجحان حتماً في الوصول إلى نقطة النهاية. وهذا التشبيه يعني أن إيقاع القصة القصيرة يتميز بالسرعة، وإيقاع الرواية يتميز بالبطء.
القارئ الذواقة للأدب سوف يستمتع بالإيقاع البطيء المتمهل للرواية، كقدر استمتاعه بالقصة القصيرة ذات الإيقاع السريع اللاهث.
يبدو أن رواية "الحاج مراد" للروائي الروسي ليف تولستوي التي كتبها في أواخر حياته بعد أن نضجتْ تجربته الروائية تماماً هي الأنموذج الأكثر كمالاً فيما يتعلق بضبط الإيقاع الروائي.
يبدأ تولستوي روايته بمقدمة قصيرة من ثلاث صفحات، يخصصها للحديث عن قطف الزهور! وبعد ذلك يفتتح الرواية بهذا المقطع: " حدث هذا في أواخر عام 1851. في مساء بارد من مساءات شهر تشرين الثاني وصل الحاج مراد إلى قرية محكت الشيشانية الملفعة بدخان الروث الخانق".
يتصرف تولسوي روائياً وكأنه سلحفاة، ويزحف ببطء محسوب نحو هدفه. هذا التمهل للتأمل هو فن بحد ذاته، وقليلون من يتمكنون من إجادته.
حتى عندما يذهب (الحاج مراد) للبيات عند أحد أصدقائه فإن تولستوي يكتب ببطء سلحفاة، ويصف بدقة محتويات الحجرة وأثاثها وكذلك يرسم متأنياً شخصيات كل من يدخل ويخرج إلى هذه الحجرة. وفيما بعد سوف يتبين لنا أن هذا المسح السردي للمكان وللوجوه له دور مركزي في الرواية، فهو يُهيئنا لفهم من هم الشيشانيون وكيف هي معيشتهم ولماذا يتصرفون في الرواية على ذلك النحو.
قد يحتج البعض ويقول إن الروائي المعاصر لم يعد بحاجة لتكديس هذا الكم من التفاصيل.. والجواب هو إن فعلتَ ذلك وعَبَرْتَ الحقل بسرعة الأرنب ولم تلفتْ نظركَ الزهور، وجعلت (الحاج مراد) يرتمي على فراشه يشخر نائماً دون أن يلم بشيء مما حوله، فأنت تكتب قصة طويلة، وهذا ليس عيباً، فالقصة لها أيضاً عظمتها وجمالياتها، ولكن الرواية فن مختلف تماماً، وله أصوله، وعلى وجه الدقة: إيقاع بطيء يشبه الإيقاع المستخدم في الموسيقى الهادئة التي يمكنك أن تستمتع بها لساعات دون تمل.
كاتب يمني.
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر