الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
مَرَّتَيْنِ أُهَاجِر - محمَّد المهدِّي
الساعة 13:59 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


 

أُرَاهِنُ مِنْ أَجْلِ مَنْ وَأَقُوْلُ الكَلامَا

لا تَعِبْتُ، وَلا يَئسَ المَهْرَجَانُ مِن الرَّكْضِ 
فِيْ لَيْلِ أطْلالِهِمْ كُلَّمَا جِئتُ أُلقِيْ السَّلامَا

لَنْ أُلامَ إِذَا قُلْتُ: يَا مَغْرِبَ الشَّمْسِ 
خُذْ مُدُنِيْ -من بَصِيْرَتِهَا- وَقُرَايَ.. 
وَيَا غَابَةُ احْتَكِرِيْ عائلاتِ الشَّغَبْ 
وَاطْمَئنِّيْ إِلَى حِكْمَتِيْ فِيْ الكَمَالِ، 
أُوْلَئكَ يَنْتَهِكُوْنَ الجَمَالَ، ويُؤذُوْنَهُ، 
يَشْرَبُوْنَ النُّحَاسَ بِآنِيَةٍ مِنْ خَشَبْ 
يَقْذِفُوْنَ سَنَابِلَ حُرِّيَّتِيْ فِيْ اللَّهَبْ 
وَلَقَدْ عَقَرُوْا فِيْ دَمِيْ جَمَلَ الصَّبْرِ 
يَوْمَ أَضَأتُ المَدَى وَنَصَبْتُ الخِيَامَا

يَا أَبِيْ لا أُحِبُّ الظَّلامَا

خَذَلُوْنِيْ وَنَامُوْا 
وَمَا زِلْتُ أَحْرسُهُمْ مُنْذُ سِتِّيْنَ عَامَا 
وَهُمْ يَكْذِبُوْنَ عَلَى حَارِسِ الوَقْتِ 
يَبْتَكِرُوْنَ حَيَاةً طَبِيْعِيَّةً للنُّعَاسِ 
وَيَنْسوْنَ مَا بَعْدَ غَيْبُوْبَةِ الرَّمْلِ، 
حَتَّى مَتَى سَيَظَلُّ الجَمِيْعُ نِيَامَا!

لَيْتَهُمْ يَحْلُمُوَنَ بِشَيءٍ مِن الفَجْرِ، 
إِنَّ الدُّجَى مِلءَ أَعْمَاقِهِمْ يَتَنَامَى.. 
وَأَنَا فِيْ صَقِيْعِ الزَّمَانِ، أُرَبِّيْ النَّدَى 
أُرْضِعُ العَازِفِيْنَ، حَلِيْبَ النَّشِيْدِ السَّمَاوِيِّ 
لَكِنَّهُمْ لَمْ يَكُوْنُوْا عَصَافِيْرَ أُغْنِيَةٍ أَوْ حَمَامَا

طَارَ قَلْبِيْ وَحَطَّ عَلَى أَنْفِ سُنْبُلَةٍ 
علَّهُمْ يُدْرِكُوْنَ وَصَايَا الرَّغِيْفِ 
وَلا يَجْرَحُوْنَ الطَّعَامَا

الطَّعَامُ طَعَامُ السَّكِيْنَةِ خُبُزُ السَّلامَةِ قَمْحُ الهَوَى
زَادُ مَنْ لا يَخُوْنُ التَّشَهِّيْ وَنَفْسِيَّةَ الخَلْقِ 
مَنْ لا يُحِيْلُ دُرُوْبَ الأَمَانِيْ حُطَامَا.. 
إِنَّمَا يَأكُلُوْنَ خَرَائطَ أَرْوَاحِهِمْ 
وَيَقِيْسُونَ شَهْوَةَ أيَّامِهِمْ 
بِقُبُوْرِ القُدَامَى

كُلَّمَا أَحْرَقُوْا العُشْبَ، أَوْ كُلَّمَا جَاعَتِ الحَرْبُ 
قَالُوْا: دَمٌ فَائضٌ، وَمَشَوا تَحْتَ أَحْذِيَةِ الهَوْلِ 
مِلءَ الرَّدَى يَضْحَكُوْنَ عَلَى بَعْضِهِمْ كَالقُرُوْدِ، 
يَكنُّوْنَ لِلَّهِ كُفْرًا بَوَاحًا، وَلِلْمُوْبِقَاتِ احْتِرَامَا

آهِ مِنْ بَشَرٍ 
يَنْكِحُوَنَ العَذَابَ 
وَفِيْ كُلِّ فَزَّاعَةٍ 
يُنْجِبُوْنَ انْتِقَامَا

عِنْدَ مُنْحَدَرِ الدِّيْنِ سَوْفَ تُقَابِلُ عَائلَةً هَارِبَةْ 
مِنْ رَصَاصِ المَنَابِرِ/ مِنْ تُهَمِ الخُطَبِ الكَاذِبَةْ 
لا تُضَيِّقْ عَلَى رُوْحِهَا بِالحَدِيْثِ عَن الحَرْبِ 
أَوْ بِالسُّؤالِ الفُضُوْلِيِّ عَنْ حَجْمِ تَارِيْخِهَا،
هِيَ أَكْبَرُ مِنْ سُوَرَةِ العَبْقَرِيَّةِ وَالمَجْدِ، 
لا تَمْتَحِنْهَا بِمَعْرَكَةِ القِبْلَتَيْنِ هُنَا 
أَوْ بِجدْوَلِ ضَرْبِ السُّلالَةِ بِالإرْثِ 
لا تَمْتَحِنْهَا بِرِحْلَتِكَ النَّاهِبَةْ 
فَالضَّرُوْرِيُّ لَيْسَ بِأَنْ تَدَّعِيْ 
وَطَنًا فِيْ إِقَامَتِهِ الذَّاهِبَةْ 
أَوْ سَبِيْلاً عَلَى وَزْنِ مَنْفَى 
يُصَفِّقُ لِلعَرَبِ العَارِبَةْ.

خُذْ يَدَ اللَّهِ وَاضْرِبْ بِهَا 
حَجَرًا عَثْرَةً فِيْ طَرِيْق البَشَرْ 
سَيَقُولُوْنَ شُكْرًا لِمَنْ فِيْ الجِهَاتِ 
كَفَى العَابِرِيْنَ إِلَى المَاءِ شَرَّ الحَجَرْ

يَا أَبِيْ: عُقْدَةُ البَشَرِيَّةِ تَحْمِلُهَا امْرَأَةٌ أَمْ رَجُلْ؟! 
مَنْ سَيَحْمِلُنِيْ -كَائنًا فِيْ العَقِيْدَةِ مَنْ كُنْتُ- 
أُمِّيَّةُ الغَيْبِ أَمْ شَارِدَاتُ الرُّسُلْ؟!

لَمْ أَقُلْ يَا أَبِيْ لَمْ أَقُلْ: 
تَعِبَتْ قَدَمَايَ وَقَلْبِيْ، 
وَضَاقَتْ بِرُوْحِيْ 
جَمِيْعُ السُّبُلْ..

مَرَّتَيْنِ أُهَاجِرُ؛ كَيْ لا أُجَرِّحَ فِيْ بَلَدٍ خِنْجَرٍ، 
مَرَّتَيْنِ أُعلِّقُ صُوْرَةَ قَلْبِيْ عَلَى عُنُقِ المَلَكُوْتِ، 
هِيَ الصُّوْرَةُ المُشْتَهَاةُ/ هِيَ الصُّوْرَةُ النَّاطِقَةْ 
غَيْرَ أَنَّ الهَلاكَ بِلا أَعْيُنٍ 
وَالنَّجَاةَ بِلا رُؤيَةٍ صَادِقَةْ.

____________ـ 
 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص