السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أنا بلبل ارسم للعالم أفاقاً سومرية
حوار مع علي السباعي - حاوره عمار كشيش
الساعة 16:46 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)
 
 
 
 
فرات أحدى شخصيات القاص علي السباعي ,تطالع هذا الحوار  وفي نفس الوقت تعد شاي  النعناع , نافذتها تطل على نهر الفرات ورموشها ينزلق عليها الماء وينساب نورا مبارك يمضي نحو قلوب القرّاء
ـــ نبدأ بالقراءة , أنت من مدمنيها وتحب العالمَ أن يقرأ ، أنت قارئ تصنع إنساناً مثقفاً, وبما انك تكتب قصصاً قصيرة ما هي نوعية الكتب التي تأخذ منك  الأهمية، أهي كتب القصة القصيرة ؟ أم الرواية؟أم كتب أخرى؟
في إحدى الصباحات الجنوبية
 
 
((ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1 (- القلم )) ، والآية ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ   خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ   اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ   الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ   عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ   - العلق )) ،  والنهر لا يستمر بالجريان ، ولا ينمو ، ولا يستقيم إلاَّ بروافده ، فإِن نضبت ، جفَّ ومات . وهكذا كل أنواع الكتب روافدي ، ولا خيار لي لنوعٍ منها على آخر . فأن نقصت ضعفت ، وإن زادت أينعت . 
 
 
 
*
الولادة
الصباح :ربما كان هذا الصباح مجموعة ذبذبات تتصاعد من نهر الفرات , ذهب التلميذ نحو المدرسة,
كان لصدى الولادة بل لاً نهر يا في دفاتره
الخميس : دون التلميذ تاريخ الولادة في طريقه من المدرسة نحو الشجرة والغداء
ــ عمو في أيوم نحن من الشهر
ــ اليوم هو العاشر من الشهر السادس
*
 
ــ في قصصك كم هائل من المعلومات والأسماء، أسماء علماء ،أو فنانين، وأسماء تسحبها من أعماق  التأريخ , وأسماء أماكن . منذ متى اخترت توظيف هذه المعلومات ؟لماذا اخترت أن تُقدم قصصك هكذاُ ؟
 
القصُ هو : تاريخ . وأعمدته الأسماء التي سميتها ، وأسماء أخرى لم تسميها ؟ مثل الزمان . وإن أردت أن أعدد  ك :- (( الأرض والسماوات والأقمار والنجوم والشموس والهواء والماء والنار والنبات والحيوان والإنسان . . . )) . فأن لم تتعلمها ، فلا تفهم " التاريخ " . أي (( القص )) . وكما يُقال التعلم في الصغر كالنقش على الحجر ، فلولا الأخطاء الكثيرة ، صغيرها وكبيرها التي ارتكبتها لما تعلمت  ، ولما اهتديت ، ولما اتعظت ، ولما اخترت أن أقدم " التاريخ " . أي قصصي بالصورة التي ذكرتها يا سيدي . ((نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3( - يوسف )) . و ((نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ . . . (13 (– الكهف )) .
 
*
قالت فرات تصفُ المتألق :
ــ وجه اسمر, قلب اسمر أيضا
عطر الابتسامة ينساب من غيمة الروح التي لا تفنى
ابتسامته تكاد لا ترى ,رشيقةٌ.
مثلما  هنالك تماثيل للمتألقين يتحجرُ الهواء في شارع ألحبوبي راسماً قامته .
كل قصة يكتبها تشبه منطاداً . يحلق القارئ
ويشعر بقلقٍ ابيض
 
*
 
ــ أنت تؤمن بأن القارئ لم يعد يقرأ القصص الطويلة ،وهذا ما ذكرته في حوار متلفزلك , في حين هنالك كتّاب اشتهروا بكتابة  الرواية حالياً علي بدر مثلا, ما قولك ؟ ثمة أمر آخر هو أن لديك مشروع رواية هل هو مجرد تجربة أم انك تستمر بالكتابة روائياً ؟
 
أَقولُ :- كما قال الأستاذ " محمد فاضل المشلب " في كتابه الموسوم  : - (( الإنتلجينسيا العراقيّة  في عالم عليّ بَدر الرّوائي . . .  دراسة في الرُؤى والتمثّلات )) ، حيث كتب :- ( لا يقف منجز الروائي علي بدر في طليعة المنجز السردي العراقي فحسب ، بل والمنجز السردي العربي المعاصر دون مبالغة ، إذ يشكل ظاهرة غير مألوفةٍ في السردِ العراقي من ناحية غزارة النتاج ، وأهمية الموضوعات والمضامين التي يطرحها في رواياته . فروايات علي بدر تعد وثيقة أدبية ذات صلةٍ وشيجةٍ بالطبقة الوسطى من المجتمع العراقي من جانب ، وتأخذ على عاتقها إعادة قراءة التاريخ المعاصر للعراق لاسيما الثقافي منه من المنظور السردي ، ومناقشة الكثير من قضاياه واجتهاده في طرح تصورات ورؤى شديدة الأهمية عن التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي على لسان الإنتلجينسيا الروائية من جانب آخر ، كل هذه الموضوعات تم تمثلها روائياً عبر الإنتلجينسيا أو الطبقة المثقفة في العراق . . . )) . هذا من جانب ، ومن جانب آخر ما قلته :- (( بأَن القارئ لم يعد يقرأ القصص الطويلة ... ))، مؤكداً هذه المقولة أو الهاوي أو حتى الوسطي دون المحترف أو المتخصص اللذين قد تستثنيهما تلك المقولة بدرجةٍ أو أُخرى ، فهذا عصر السرعة واختصار الزمان والمكان فالعالم أصبح قرية واحدة كما يصفون ، ودليلك عالم الإلكترونيات . أما بشأن :- ( تجربة رواية . . . ) أو ( مشروع رواية ) ، فأني خضت وأخوض (( تجربة رواية )) عازماً ! ! ! ولا أدري هل أنجح أو أُخفق في (( مشروع رواية )) متردداً ؟!!!
 
*
الكتابة
تستطردُ فرات :
ــ يكتب على جدران المدينة قصصه
تطالعها الطيور المهاجرة وترسلها مثل الرسائل للمساجين والعشاق 
*
 
ــ أنت قارئ مثابر ..... هل تفضل الكتب الالكترونية على الورقية  ؟ أم العكس ؟ ولا تقرأ الكتب الالكترونية إلا مضطراً ؟
نعم . إن شاء الله تعالى قارئ مثابر . يقولون الحاجة أُم الاختراع ، وأنا شرهٌ ورقياً ، ومفرطٌ إليكترونياً ، وحسب  إِشباع الحاجة عندي من غذاء الروح .
 
*
من الإصدارات :
إيقاعات الزمن الراقص / مجموعة قصصية / عن :- اتحاد الأدباء والكتاب العرب / سوريا / دمشق / سنة 2002 م.
صرخة قبل البكم / مجموعة قصصية / حصدت الجائزة الثالثة في الدورة الثالثة لمسابقة دبي الثقافية عام 2003/2004 م.
*
 
ــ في قصصك تطيلُ الوصف وتعيد نفس الكلمات بين الحين والآخر مثال في : قصة (  كاكا . . . عبد الحليم ) ,هل هذا  تفسيره كي تأخذ قصتك حجماً اكبر ؟ وأنت الذي تحدثت عن وضع  القارئ الراهن (لم يعد يقرأ كتبا كبيرة الحجم) !!!
 
نعم . الإطالة مملة ؛ ولكن لو دققت المكررات بإمعان ، لوجدتها تختلف في تصويب الهدف ، فتارةً من فوق ، وأخرى من أسفل ، وثالثةً شمالاً ، وأخيرة يميناً ؛ وفي كل منها صورةٌ تختلف عن الأُخرى في الشكل والاتجاه والوضوح ، كما أن تكرارها يوحي للمتلقي مدى عمق الهيام في فؤاد البطل ، وكأنها تكرارات المجنون المختلف عن الإنسان الطبيعي السوي . يا سيدي التكرار : تكرار الكلمات لخلق نغمة موسيقية داخلية أثناء القراءة ، خلق إيقاعٍ خاصٍ بتلك القصة يوائم سير أحداثها حيث يتصاعد تكرار نغمة الكلمة مع تنامي دراما القصة ، وتلك بصمتي ، وتلك ضرورة فنية تحتمها موضوعة القصة التي أدوزن كلماتها حسب سلم موسيقي روحي أراه أنا ويحس به الآخرون .
 
ـ هنالك من يشجع على قراءة الكتب ولكنه يرى أن قراءة القصص والروايات والشعر مضيّعة للوقت ما الذي تقدمه القصة من فائدة للمجتمع للعائلة  ؟ هكذا يقولون :- ما الذي قدمه شكسبير بالقياس لتوماس أديسون ؟  وما الذي قدمه نجيب محفوظ بالنسبة لعالِم ما اكتشف علاجاً لمرض عضال؟ ما ردك؟
 
أُحيلكَّ باحترام إلى الحوار رقم اثنين آنفاً ، للآية الثالثة من سورة يوسف ؛ والآية الثالثة عشر من سورة الكهف ، ومئات الآيات من الذكر الحكيم في القرآن المجيد التي تخبرنا وتقصُّ علينا أخبار وأحوال ومعايش ومدائن وحضارات ومستقبلاً وحياةً ومماتاً وجنةً وناراً . . . ماذا تظن بهذا ( القص) أي ( التاريخ ) ؟ هل قال ربنا تعالى هذا عبثاً – حاشى لله – أترك لجنابك الكريم التحليل وباحترام يا سيدي . حضرتك تقيس ( القص ) بمنظار ( مادي ) صرف . فقط . وتنسى مزدوج ( المادة والروح ) صنوان لا يفترقان . أسألك بالله كيف يخفق قلبك عندما تقول لك حبيبتك : (( أُحبك )) ؟!!! هل أَخفقه العبقري أَديسون ؟!!! ولماذا يقولون مجازاً للحبيبة : " حبيبة الروح " ؟ يا سيدي النبيل ؛ القص غذاء الروح .
*
فرات مسترخية تحتسي النعناع  وتستلذ بكل قطرة  من هذا الشراب , وبكل كلمة من مجموعة (صرخةٌ قبل البكم) الجائزة الثالثة  في الدورة الثالثة لمسابقة دبي  الثقافية
قالت فرات وجمع غفير في الشرفة يصغي اليها:
(نال السباعي الجائزة الأولى في الأمل القصصي)
 
*
ـــ هل تشعر أن هنالك أفكاراً لديك, صرخات مكتومة,حرارة عالية لا يمكن أن تستوعبها كتابة القصة ،فتحتار كيف تطرح ما لديك ، وأنت لست سينمائياً , لست مسرحياً ,لست تشكيلياً؟ هل ثمة منافذ أخرى فنية غير القصة القصيرة؟
نعم ؟ أَصبت ، وكأنك تناغمني فثمة أفكاراً وصرخات مكبوتةً لا يمكن لكتابة القصة ولا للمسرح ولا للسينما ولا للتشكيل استيعابها ، وذلك لأنه يتعذر بي البوح بها . إنها : أُمنيات الروح . ومنفذها الوحيد : الذهاب إلى الله ربي فالق الحَبَّ والنوى .
 
ــ كيف تروّج  لقصصك ,هل تطلب من النقّاد أن يكتبوا حول تجربتك  أم عليك أن تبدع فقط ؟ ما رأيك بالشهرة؟ تتلهف لها أم مشغول بتطوير كتابتك القصصية  بصبر؟
 
تمتاز مدينتي ، مدينة الناصرية بكثرة البلابل النادرة المغردة التي تناولت تمر نخيلنا الجنوبي الطيب ، وارتوت من ماء فراته العذب ؛ فالبلابل الغريدة لها صيادوها طمعاً بتغريداتها الشجية كل صباح لتبدد في نفوسهم عتمة نهارات الويل والحزن العراقيين ، والبلابل لا تروج لشدوها ، البلابل تغرد . فقط ، و( علي السباعي ) بلبل مغرد من بلابل مدينة الناصرية المغردة بحب الناس ؛ وعلي السباعي لا يجيد غير التغريد وبصبر . 
 
 
ــ كل كتباتك راض عنها ؟ هل هنالك قصص ندمت على كتابتها؟
 
نعم . كل كتاباتي راضٍ عنها ، ولست بنادم عن بعضها . قط . لأنها خرجت من أعماق الروح بصدق عال ونقاء قل نضيره ؛ كأفكار متجانسة مع " الإنسان " الذي هو صيرورتها ونماؤها . لكن . هل كتاباتي متكاملة ؟ الجواب :- كلا . لأن الكمال لله وحده . وهل أنها متكاملة بقرينة الكتاب الآخرين ؟ الجواب : كلا . لأنني من الخطائين ، و (( خير الخطائين التوابون )) . الخلاصة يا سيدي : كلنا نُكمل بقصنا بعضنا ببعض ، لعلنا نتكامل ، وذلك محال ، والكمال لله . 
 
*
 
 
ـــ هل تعتبر أن سيد القصة العراقية كما يذكر غالبية الأدباء في العراق  هو ( محمد خضيّر ) أم إن هنالك أدباء هم سادة أيضا من هم  برأيك اقصد على مستوى القصة القصيرة؟
 
مطر . . مطر . . مطر ، ومطر السياب أَينع ( إقحوانة ) :- " محمد خضير " ، فأزهرت وأثمرت للآكلين والشاربين سلوى وشهداً ومملكة سوداء وفي 54 مئوية ورؤيا خريف وتحنيط وحدائق الوجوه وسيرة مدينة بصرياثا وكراسة  كانون وأحلام باصورا والرجل والفسيل والحكاية الجديدة والسرد والكتابة . والعراق مهد الحضارات ، والعراق ولود بالمبدعين والأسماء اللامعة التي تجاوزت حدود المحلية  إلى العالمية .
 
ـ متى تطورت القصة القصيرة في ذي قار وأصبحت  قصة متكاملة  فنياً من هي الأسماء التي لها الريادة ؟
 
علي السباعي ، كاتب القصة القصيرة ، لا زال هاوياً لهذا الفن الصعب ، وما زلت أسير حثيثاً في خطواتي الأولى في هذا الدرب اللاحب ؛ درب القصة القصيرة . فقل لي بربك يا سيدي الكريم :- كيف لمن يخطو خطواته الأولى أن يقيِّم من أفنوا أعمارهم في السيرِ كتابةً في طريقِ كتابةِ القصةِ القصيرةِ المؤدي إلى مدينة الناصرية ؟ صعب . أترك هذا لأهل الفصاحة والبلاغة وأهل البحث العلمي الرصين وموثقي الأدب لأنني لست منهم ، واعتذر .
 
*
بعد أن أطلعت فرات على زليخات يوسف ,ثم احتراق مملكة الزاماما , ثم مدونات أرملة جندي مجهول 
صنعت قيثارة ً من هذه الكلمات وراحت تعزف 
ظلت تعزف ,وتصلي 
وقصص السباعي تتطاير .........تلاشى حبر القلم لكن ظلت النكهة الأبدية لحبر الروح.
 
ــ نود  أقصوصة  لك نتوّج بها الحوار ، أقصوصة تلمع  دائما في جسدك  ، في العمل, في السوق، وأنت تعبر الجسر نحو فكرة ما طينية.
 
قصة بكماء : (( شــابةٌ حلوةٌ بكماء ، تقدم لخطبتِها شــابٌ اخرس، رفضـت الاقترانَ به،مخافة أن يبكي طفلهُما وهما نائمـين )) .
 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً