الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
كلكامش يغني لسليمة مراد - علي السباعي
الساعة 14:49 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


حلت الظلمة شعرها الناعم الفاحم الطويل فوق أكتاف بغداد البيض ، كلكامش ببذلته الأنيقة يسير على رصيف شارع أبي نواس مستمتعاً بهواء دجلة العذب يدندن بأغنية سليمة باشا مراد التي لحنها الفنان الراحل صالح الكويتي  :

" على شواطي دجلة مر . . ." ، أنعطف يساراً صوب الكرادة التي يحب ويسكن ، الكرادة فتاة بغدادية حلوة مغناج بضفائر سود وبعينين  تشبهان عيون المها .  
وصل مترنماً بأغنية الراحل ناظم الغزالي : " يم العيون السود . . " عند مفترق أحد الأزقة حيث مكان رمي القمامة ، احتشدت كلاب تحوم حولها ، داخلها ، تتشممها ، تلعقها ، علا نباحها يمزق سكون ليل بغداد ، إثر مروره .
القمر العراقي منير في عرشه ، تدغدغه غيمات بيضاوات رشيقات ، خطى كلكامش الأنيق تتعثر ، اخترقت أذنيه نباح كلاب القمامة ، أخذ يغني بصوت مرتبك أغنية : " هذا مو أنصاف منك . . . " ، مال يروم التقاط حجر يدفع به شر الكلاب ، فوجئ بالحجر عبارة عن : رأس كلب صغير ، بعينين حمراوين لامعتين كالجمر ، يظهر رأسه ورقبته من أسفلت الطريق ، طارت الرَّاحُ من رأسه ، شهق مرعوباً ، تردد صدى شهقته عريضاً ناصعاً حاداً في الزقاق الضيق المظلم المقوس ، أبتعد بِضْعَةِ خطواتٍ مرتبكةٍ ، أعوج على حجر آخر كبير فإذا بالحجر رأس كلب بفراء أبيض وخطم أسود وبنفس العينين الحمراوين اللامعتين ، أرتجف ، تضعضع ، تلفت حوله كعصفور تحاصره النيران ، دارت عيناه في محجريهما ، نظر إلى أعلى وجد القمر البغدادي يتكئ مسترخياً على وسادة من غيوم بيض.  
أرتفع صوت لهاثه عالياً ، والكلاب تنبح بشراسة ، عيناه عبثاً تبحثان في الظلمة عن حجر ، تقدمت الكلاب الجائعة بنباحها المخيف الممتد نحوه بلا توان ، أرتعب ، أنهار ، لهث ، وراح يشاركها عواءها . 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص