الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
ر..قصة تحت المطر - محمد السقاف
الساعة 14:57 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


كان الرذاذ يبدو منعشا وهو ينهمر على أبنية المنازل التاريخية في صنعاء القديمة .. كان يبدو ساحرا مثل دمعة على خد أنثى مكتحلة .. وكان حزينا وهو يسيل على أبدانها الطينية ويعبر خلال نوافذها الزجاجية على هيئة قطرات مخضبة بالسواد.
كان الماء ينحدر عبر طرقات المدينة فيكنس غم الأزقة والشوارع.. قطراته بعد أن تتجمع ظلت تندفع راكضة مثل امرأة مجنونة كانت تنادي تلك الأحياء العتيقة بتوخي الحذر وتحرض أبنية الطين العجوز على الفرار
- لطفك يا رب
هكذا كان يردد العجوز بوجل وهو ينتفض .. عيناه كانتا مفتوحتين مثل سمكة سلمون في حين كانت العقارب تزحف على الجدار .. كانت الساعة في ذلك الآن تسير إلى الثانية عشرة إلا ربع .. تكاتها تصدر جرس إنذار ينبه بالخطر الآتي من البعيد.. أشبه ما يكون بقرصان أخلع الرجلين يسير بعكازين خشبيين فوق لجة من الظلام ..
قد تتعجب من هذا التشبيه .. لكنك لو كنت حقا هناك كنت اقتنعت صدقا بما أقول .. كنت رأيت بندول الساعة المستدير وهو يرتجف يمينا ويسارا من شدة الارتياع.. كنت أبصرت ذلك القرصان الذي ظل يسير بوضع مقلوب وراء زجاج الساعة باتجاه منتصف الليل.. كنت أبصرت العجوز أبا أحمد وهو مرعوب يتنصت صوت المطر من تحت نافذة الغرفة مثل فأر في الخزانة تخيفه صخب الأقدام .. إذ أنه لا يوجد هنا ما يضخ الرعب إلى قلب صنعاء القديمة أشر وأمكر من قطرات المطر التي تقسط دفعات الماء حالة السقوط
على هذا السياق المرعب كان الأطفال فقط هم الاستثناء .. ذلك لأنهم حتى الآن لم يسمعوا بعد حكاية القارب المتهرئ الذي لم يهجره البحارة رغم أنه لا يفتأ يهددهم عند كل مناسبة بالغرق ..وقبل أن يكبروا ستلقاهم وقت المطر يهطلون من كل زقاق للاحتفال على طريقتهم الغامرة بالبهجة والسرور وأصواتهم تتصاعد أكثر فأكثر حال ممارستهم طقوس المطر وهم يرددون أهازيجه المتعارفة والموروثة.
لكن الأمهات تحاول أن تغلق الأبواب وتقد قمصانهم من دبر خوفا عليهم من نزلات البرد وبقع الطين. لكن هيهات ..لا فائدة .. لا صوت يعلو فوق صوت المطر
وكالفراشات حين يجذبها اللهب.. يفعل المطر مفعول السحر لإخراج الأطفال للضحك والإنشاد
وعلى العكس تماما تنكمش أصوات الكبار وتقوم لديهم القيامة ولا تقعد إلا بعد أن يتلاشى تهديد المطر عن طينهم وسمائهم .. تستحيل قلوبهم إلى أجهزة إنذار مقلقة حال هطوله المستمر على نحو طفيف ..
أمام على غرار الصغار فإن البيوت فيما يبدو لحس لبها الخرف فنسيت الحكاية الشهيرة أو ربما تكون تناستها وأضحت تنسى نفسها كلية حين يدغدغ المطر بدنها كالحشرات بل وتفقد صوابها وصلابتها حال هطوله المتكرر على تلك الوتيرة ومتى ازدادت الجرعة عن اللزوم حلت بها العلل والأضرار وزادت المياه على الطحين.
وعلى النقيض ومقابل هذا النزيل الثقيل يبدو المطر الغزير ضيفا عزيزا على قلوب تلك الأبنية المرهفة وخفيف الظل بالنسبة إليها حيث تغسل به أجسادها كما ينبغي لتشربه الأرض بظمأ ثم يهرول الماء في مصارفه منحدرا عبر "السائلة" حتى يخرج نهائيا عن طوق صنعاء باتجاه الشمال والشمال الشرقي.
صنعاء القديمة كما يحدّثنا الآباء والأجداد شيدت عقب الطوفان العظيم بحقبة وجيزة والبيوت عطشى منذ ذلك الزمان
"رحماك بنا يا الله"
مضت مائة وعشرون دقيقة على ميقات نومه المعتاد .. انتصفت الليلة وها هو ما يزال ينوء عن إحراز غمضة واحدة في جفنيه جرّاء قلبه الذي كان ينبح بكل قوته.. كان يشعر أن كارثة وشيكة ستحدث عما قريب .. بقلبه البوليسي اللعين الذي لا يحسن سوى قبض الروائح المتسربة في الهواء النتنة منها فقط والزرقاء
لقد تعود أبو احمد جراء خبرته وكهولته كلما شعر بالنبض يعوي في قلبه بهذه الطريقة على ترقب مصيبة مقبلة على وجه التحقيق .. كان حدسه يقينه والغريب أنه كان مثابرا على إشهار عداوته الشديدة لهذه الخصلة السادسة التي تفرزه عن سائر الناس .. لم يكدعندما يخلو بنفسه ويستحضر ماضيه سيصير غير قادر على إنكار معروفها وثمارها ليس هذا وحسب وإنما شديد امتنانه لها في العناية به وتجنيبه حوادث وأخطار كادت تحيق به أو بأحد أفراد عائلته لا عد لها ولا حصر.
والآن ماذا يا أبا أحمد ؟ هل يعقل أن تتحرر مخاوفك بعد كل هذه السنوات لتشكل اليوم حيزا في الفراغ؟!
هل يمكن أن تنخر قلب التاريخ ديدان المياه الآسنة ؟
"لطفك بعبيدك يا رحمان" ..
لم يكد يتم هذه العبارات حتى تمايل بندول الساعة وبدأ يرتجف أعنف من ذي قبل.. ثم في لمح البصر نط القرصان الأعرج منها بفعل الهزة العنيفة وبدأ يسير على الأرض بصورة مريعة حد الرعب.

انتفضت أم احمد مذعورة لا تستوعب ماذا يحدث للدار!..هل الحركة والغبار هذا حلم في المنام أم أنها الحقيقة ؟ .. أحست كما لو أنها أفاقت على متن سيارة تؤلب الرمل بسرعة جنونية
وبنفس السرعة اقتحم أبو احمد الغرفة مخترقا الغبار.. قبض على يدها بقوة وهو يقول: عجّلي يا امرأة ربما يحالفنا الحظ وننجو وربما إلى اللقاء في حياة أخرى
وسريعا تهاوى البناء العتيق من أساسه على الشكلية ذاتها التي انهار بها مركز التجارة العالمي ولم يتبق من قامته الفرعاء سوى كومة هائلة من الأتربة المتشربة بماء المطر معجونة بأثاث المنزل والزجاج والأخشاب.
في تلك الساعة الهادئة من الليل اكتظ الحي بالضجيج وتخالطت فيه أصوات المطر المنهمر مع استغاثات الرجال وصرخات النساء وعويل الأطفال مشكلة مع بعضها صوتا يعرفه الناس كافة لا يسمعونه سوى عند نزول المآسي والكوارث الضخام .. وبدأ أبو أحمد الخائر القوى يستفيق من غيبوبته ويستعيد جأشه .. تفقد أسرته واحدا وحدا وهو يلهث بتعب شديد ثم عاود الإظلام في وجهه من جديد .. ارتفع بقامته بكلالة ومضى يجرها ناحية الحطام والدموع تهل بغزارة من جفنيه
ثم بمقاساة بالغة كان يرفع التراب وينزع الأحجار وهو يصرخ بصوت مخنوق :
عماااااار

****
 

عمار آخر العنقود فتى وسيم لم يأخذ الدراسة مأخذ الجد كما أخذها أخويه الأكبرين من قبل احمد ومعاذ أو كما أخذه الطرب والشعر والأدب.. تفرغ أخيرا من دراسته الثانوية قبيل ثلاثة أعوام بمعدل مقبول وهو حقيقة مقبول حيثما حل وأينما اتجه في البيت والشارع وفي المدرسة ومحبوب كثيرا من مدرساته في الصف اللاتي افتقد لطفهن ومساهماتهن الكريمة وهو يتعارك مع شدائد اختبارات الشهادة العامة. وهذا من بين أخوته حصد أكبر شطر من دلال والدته ورعايتها ..إذ أنها أهدت إليه طفولة سعيدة مقارنة بأخوته فما عمار أراد شيئا إلا وناله ولو بذلت أم احمد في سبيل ذلك التضحيات.. فمن يجرؤ الآن على إخبار المرأة التي كانت تنوح وتلطم خدها بينما كانوا ينقبون عنه بين الأنقاض أن الفتى من البداية راح سببا لغنجها ودلالها الزائد ؟!

كانت الأم بطبيعة الموقف تنتحب وتشهق بحرقة عند هذا الشطر بالذات من النص وبعده بصفحة ونصف تقريبا وكان ذيل القصة الطويل يلعب وهو في منتهى المرح وقبلها بقليل كان قد سقط على قفاه وهو في غمرة الضحك من ذلك السؤال الذي سأله الراوي عن كون الفتى ضحية والدته .. كان بإمكانه متأثرا بحماسته الفائضة أن يتهور لإفشال الكمين في هذه القصة لكنه أخيرا امتلك عنان نفسه ولم يحطم للنص استرساله وتشويقه الموسوم ..
حسنا فعل وذلك خير له.. لأنه على أي حال كان حتما على هذه القصة مهما بلغت التحديات أن تعيش

*****
 

المطر يداهم المدينة القديمة منذ الصباح الباكر وحتى هذا الوقت المتأخر من الليل .. لا يخيف الظلام ويبدد الوحشة سوى الطرب والنغم .. سوى الموسيقى التي توقد في النفس السكينة والهدوء .. سوى الأنس والرقص والتصفيق.
كان وجه العريس يبدو مضيئا كالبدر والضيوف يؤججون السهر حماسا وتوهجا بالضحكات والرقصات الشعبية المحلية .. العرق ينزف من الجباه ويبرز بيناً في آباط الراقصين المبلولة من الحركة والنشوة .. الكل بلا استثناء يتصرف بتلقائية وكأنه لا يوجد مطر يتربص به في الخارج عند الرحيل.. 
الموسيقى على أي حال دعوة للهدوء والتوازن الوجداني مع الذات .. إنها كوخ يلتجأ إليه المحارب الصوفي كي يسترخي من الجراح التي خلفتها معركته الضارية مع الشقاء ..
كلنا محاربون.. كلنا لابد لديه معركته الخاصة مع الظروف.. حتى الصوفي الناسك محارب والرسام والفنان والكاتب كل فرد فيهم يقاتل تحت راية ويحمل في سبيل كفاحه الأسلحة والعتاد..
وعلى هذا المنوال يحتمي بخيمة هذا العرس شباب مثل الزهور متصوفون على طريقتهم ومقاتلون .. يشعلون ظلام الليالي الدامس كما يبدو بالطرب .. الاحتراف في الرقص خاصيتهم الأولى وسلاحهم المتاح بل ورمزهم الانتخابي في الصراع الأهوج على الخيل والليل والأشياء..
العود يشدو في أركان الخيمة والرعد يجأر خارجها وفي سائر الأرجاء .. كان يزأر قويا في السماء ليس أقوى منه سوى المحادثات الجانبية والضحكات المجلجلة والتصفيقات الإيقاعية التي تبدر عن الحضور لتحفيز الراقصين الذين تشابكت أذرعهم وراحوا يدورون في دوائر متماسكة مع أداء المطرب الذي كان يلعلع الأجواء بصوته العذب وقصائد المعذبين.
السهر إلى جوار معركة ماتعة ينافس فيها إيقاع الرقص والنغم- قعقعة الرعد والمطر .. حوار غير ودي بين الأرض والسماء وصراع أزلي فمن منهما يا ترى سيطفؤ الآخر؟!.. 
يالها من سهرة حبلى بالمفاجآت!.. صحيح أن التكلفة باهظة لأنه قدم في سبيل القدوم مغامرة متهورة وتضحية قد تقذف به إلى وهدة الجحيم .. صحيح أنه تسلل من نافذة حجرته إلى الخارج دون علم والده ودون استئذان من والدته الحبيبة غير أنه لن يعبئ بالعذاب المؤجل طالما أن روحه قد كسبت هذه الليلة من المتعة والطرب العاجل ما يعزي التأنيب والوعيد
الصباح رباح وأباه سينتفخ في وجهه مثل فرن الخبز القديم .. سيفتح عليه صنبور الموعظة الساخن وسيحصل على نصيبه المقسوم من اللوم والشتائم
من قال إن الآباء هذه الأيام أو تلك يهمهم مصلحة الأبناء وسعادتهم لعله حقا مغفل كبير .. كيف وهم لا يعيرون الموسيقى وأثرها على النفس أدنى اهتمام؟ .. 
ليت شعري من يجد لديه الشجاعة كي يقنع آباءنا إنهم يدندنون على الوتر الخاطئ؟ .. الحياة في أساسها معزوفة ملحنة ونحن بطريقة أو بأخرى مجرد إيقاعات ننتظر كي نأخذ دورنا في لحن الحياة الحزين حتى لا يبدو نشازا أو مزعجا ضمن سيمفونية المايسترو العظيم.
( كانت هذه العبارات التي كان يدندن "صاحبنا" بها في خاطره ذلك الحين)
رفع المطرب العود عائدا لإحياء السهرة بعد أن صفقت له أكف السمّارون وهي الطريقة المتبعة دوما في أعراس صنعاء وما حولها لتنبيه مطرب الحفل بأن يعاود النغم وتهافت نفر من الراقصين كي يهزوا أرضية المكان بأرجلهم وكأنها تهز الكرة الأرضية بأسرها
قبل هذا بسنوات كانت الموسيقى جنسا من الكبائر .. كانت مثل شرب "الخمرة" مسموحا بها فقط للغرباء .. عشاقها ظلوا ردحا من الحرمان تحت وطأة الشبهة والعار والاحتقار .. كانوا معتقلين بحزمة من التقاليد تحط من قيمة الفنان وقدره بين أهله وذويه .. لم يكن يدري المرء منهم كيف يهرب مع معشوقته ليعيش معها ويعاشرها كما يحب ويشتهي 
كان المجتمع عامة آنذاك لا يستقبل الفنان ومحبوبته المثيرة بالتصفيق كما هو حاصل هذه الأيام وإنما بالكلمات البذيئات والطين والأحجار .. 
صاحبنا ظل طيلة الوقت في منتصف المتعة يراقب كل هذا بنشوة عارمة تارة يأخذ دوره في الرقصة وأخرى يبرك على مقعده طلبا للراحة والماء.. إلا أنه ومثل أي صفاء وجيز قد يفوز به المرء في عمره تعكر الصفاء بعد دقائق معدودات واستحال إلى ثورة من الفزع والارتياب.
تحولت أبصار الجميع بمن فيهم الراقصون الذين كفوا عن الرقص وحتى العريس نحوه لتحملق فيه .. تلفت يمينا وشمالا ووجد نفسه محاصرا ضمن غابة من العيون بطريقة أثارت الهلع في كيانه .. حاول أن يتثبت فربما كانوا يطالعون أحدا بجواره .. من خلفه .. من أمامه .. ربااه ! .. ربما كانوا يبصرون ثعبانا أو فأرا يعبر من فوق رأسه .. لم يعثر على شيء ..لم يعد هنالك شك أنه بعينه وأنفه المقصود بالنظرات .. جال بصره في المكان محاكيا الكاميرا التي في المنتصف بدءا بمنصة العريس مرورا بالراقصين والجالسين المتكأين الذين بدورهم خرست أكفهم عن التصفيق .. الجميع يتأمل فيه كأنه هو العريس .. ما بال هؤلاء ؟ ماذا تريدون مني يا أوغاد ؟
ماذا يحدث هنا بحق الله ؟!!..
في نهاية المطاف وبعد أن كاد الروع يخلع فؤاده تسمرت عيناه عند باب الخيمة وحينها قصفت قلبه صاعقة كاسحة .. فز من مطرحه مثل طائر مذعور ..
يا الهي ! ما الذي جاء بأبي وأخوتي وأهل الحي إلى هنا في هذا الوقت؟ .. "يبدو أن وجبة دسمة ستلقاه قبل لقاء الصباح ويبدو أنه حتى الصباح لن ينفذ بجلده وسيأكل أخرى تشبهها إن لم تكن أدسم منها بقليل"..
اللعنة على كل شيء .. تحرك ناحية باب الخيمة فاتر الخطوات مطأطأ رأسه لم يكد يرفعه كرة ثانية حتى أحس بجسد بارد يلتصق به بحميمية ويحتضنه بحرارة ودفء ..

"أحمد لله على سلامتك يا بني" .. 
صمت الجميع في ذهول وسكون مطبق فقد كان من الصعوبة أن يستوعبوا بهذه السرعة ملابسات الحوار الغامض الذي يجول آنذاك بين الابن وأبيه .. جلسوا في حيرة دقائق معدودات ثم حين استردوا أنفاسهم بحثوا عمن يخبرهم بتفسير لما يحصل آنذاك أمام أنظارهم .. عمار كان أكثرهم ذهولا .. كان يحملق في الجموع التي توافدت لتهنئته مثل البليد .. ثم إنه مضى أمد طويل لم يحمله والده بالأحضان أو يضمه إلى صدره هكذا ويقبله بهذه القوة الجارفة ..
وبالترتيب أخذ كل من الوافدين دوره باحتضانه وتهنئته على السلامة بداية بأخويه وانتهاء برجل ربما من الحي وربما لا المهم أن وجهه غير مألوف بالمرة رغم أنه كان يشبهني كثيرا ومع ذلك أخذ نصيبه المجاني من القبلات والأحضان ..
حين انتهت التهاني لأبي أحمد على سلامة نجله خر على الأرض سجدة شكر لله تلا فيها بعض الأدعية أتمها بتقبيل أولاده واحتضانهم ثم انتهى به الأمر أن هتف للمطرب الذي كان مأخوذا بتفاصيل ما جرى لبيت أبي احمد راجيا منه أن يعاود الغناء .. ودب الانتعاش على السهرة من جديد بعد أن تسلل إلى جوفها رتل من البرد والريح بينما كان الجميع شاردا في قصة المأساة التي نغصت القلوب
وعلى خلاف المتوقع أوثق أبو احمد يد عمار بقبضته وسحبه بحماس وحيوية مقتحما به الساحة التي يتمايل فيها الراقصون وراح يجاري إيقاع العود والابتسامة لا تبرح محياه ثم تحركت أقدام عمار وسريعا انضم معاذ ثم أحمد وتهافت الكثير من الجيران وعدد من الجالسين حتى ازدحمت الساحة الصغيرة التي تكفي ثمانية راقصين بالكاد .. وتواصل الرقص والتصفيق رقص كل بالقدر المستطاع كان أبرعهم وأشدهم حماسة أبو أحمد وأبنائه الثلاثة .. وداخ الجميع في دوامة رقص جرارة كأنهم جيش من السكارى والمعتوهين ..
رقص الجميع حتى سقطوا أرضا متأثرين بالإعياء الشديد وبدأت أعداد الراقصين تتناقص تدريجيا مع مرور الساعات وتفرقوا بعد أن توقف المطر.. تعب منهم من تعب وغادر إلى بيته من غادر واستقر العدد نهائيا عند أربعة راقصين .. ولأن أولئك الأربعة الراقصين لم يكن لديهم بيت يأوون إليه في ذلك الوقت المتأخر رقصوا حتى الصباح.
حتى تمخضت الشمس معلنة ولادة يوم جديد.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً