- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- مجلس الأمن يرفع العقوبات عن الرئيس السوري ووزير الداخلية
- الحوثيون يحولون البيئة اليمنية إلى ضحية بالألغام والاستنزاف المائي
- الجبايات الحوثية تدفع 20 فندقاً للإغلاق في مدينة الحديدة اليمنية
- «حكومة الوحدة» الليبية تعلن إطلاق هانيبال القذافي
- مجلس حقوق الإنسان يعتزم عقد جلسة طارئة بشأن السودان
- الجيش الأميركي يعتزم تأسيس وجود عسكري في قاعدة جوية بدمشق
- عون: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان «جريمة مكتملة الأركان»
- صمت غامض من كريم عبدالعزيز ودينا الشربيني حول شائعات عودة علاقتهما
- الحوثيون يهاجمون «الصحة العالمية» و«اليونيسف» بعد تعليق أنشطتهما في اليمن
- الإعلامية الكويتية فجر السعيد تخضع لعملية جراحية عاجلة في ألمانيا
في صغري، وتلك حقيقة، كنت أستلذ النظر للمطر من خلف الشباك وأنا أتدثر بلحاف أمي.
كانت تلك حدود متعتي بحضرة المطر وبحضرة أمي، رغم أن متعة الطفولة لاحدود لها مع المطر.
كانت تلك الصورة هي كل مايُسمح لناظري استراقه من رفوف الذكريات. فربما كانت لي مغامرات جميلة مع المطر، ربما.
تسابقت سنوات الوجع والعناء فتجلّدَ ذلك المسمى أنا، فيما فصول المطر تتوالى كطبيبٍ يمر على قفارٍ في قريةٍ مهجورة؛ يضمد الكسور، يطبب نكأ الجروح، ويترك بعض الذكريات الجميلة أدويةًً تستعين بها الروح لترقيع أنفاسها الممزقة في شتات الطرق.
كُلٌّ منكم مرّتْ عليه الأحداثُ نفسُها أو مشابهة لها. أقصد هذه القصة المختصرة.
أما مَن لم يزره أحدُ أولئك الجلادين، أعني الوجع وزملاءه العشماويين، فلن يتعرف على هذا الطبيب المجاني.
المهم فُتِحَتْ أبوابُ المغامرات مع المطر، تلك المغامرات التي لم تعد تناسب مقاساتنا المتعرجة، وبالمقابل، لم يعد هذا الاسم يناسبها وذلك منذ أول صفعة تبدلت منها الهفوة كابوساً يسفك اللياليَ باحتراف، فصارت تلك المتعة أدوية، والمغامرات العفوية استراحات مقصودة، بل ضرورات تُعين على البقاء.
كلما تدرّجَ المطرُ نزولاً وتواضع وهو يمسح يُتْمَ الشوارع المجهولة والأزقة الحزينة، كانت أنا تصعد بعينيها لترى يديه وهي تغسل كل ذلك الوجع والحزن من تفاصيل التفاصيل، ومن مسامات المسافات.
لم أكن وحدي، فلي أتراب أشبههم قليلاً ويتفوقون كثيراً عليَّ بعدد النكوءات المحفورة على واجهاهات قلوبهم.
كنا نلتقي صدفةً في احتفالية ممطرة نتفقد أنفسنا، ونتلمس طفولتها المفقودة.
في كل صدفةٍ كنا نرى آهات بعضنا تغادرنا تحت زخات المطر، تتكور بين أقدامنا المغموسة في جداول المطر الصغيرة والمتسابقة في غسل الطرقات، بينما يراها أولئك المختبئون خلف زجاجاتهم أنفاساًً دافئة ترتسم وسط برودة المطر، فيسبتمون.
ولأننا بسطاء فقد كنا ونحن نقذف الوجع نرسم به ابتسامات غيرنا دون قصد، ثم نلوّح لهم بالسعادة قاصدين حين نرى تلك الابتسامات تقصدنا، دون أن نعير مقاصدها الخفية تفسيراً آخر.
هكذا باعتقادي هم البسطاء يفرحون لأبسط العطايا.
كنا نغتسل في كل مرة، تتبلل ملابسنا. ومن المفترض أن يصعب على أجسادنا حمل تلك الأسمال المحملة بالماء، لكننا في حقيقة الحال نكون أخف وأكثر رشاقة مما كنا عليه. نحن في واقع الأمر وليس الخيال كنا حينها قد استحممنا وطردنا الكثير من الحزن والوجع وربما أوساخاً من الشرور والأحقاد التي تلتصق بقلوبنا رغما عن التسامح الملازم لنبضاتنا.
نعود بعد تلك الصدفة أو الصدف ونحن كأجنحة الفراشات خفة وجمالاً ورشاقة.
ولأنَّا نعود كأجنحة الفراشات فيصبح من السهل هرسنا في الوجع مجدداً.
لاتزال هناك حكايات كثيرة.
صنعاء 2/8/2017
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر

