الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مرويات المدن/ شعرية الأمكنة في ( بنات الخائبات) - عبد علي حسن
الساعة 14:58 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


استأثر المكان بمفهومه الفينومولوجي باهتمام القصصيين والروائيين العراقيين بعد التحول في البنية الاجتماسياسية العراقية في نيسان /2003 فظهرت إلى الوجود الأدبي جملة من الروايات التي كان موضوعها الأساس هو المدن العراقية وكيف تشكلت ديوغرافيا واجتماعيا وتاريخيا ، ومن الممكن ملاحظة ذلك من خلال الروايات التي صدرت من شمال الوطن إلى جنوبه حتى صار لكل مدينة عراقية مروياتها الراكزة في المخيال الجمعي الذي اكسب هذه المدن/ الأمكنة خصوصيتها . كل ذلك جرى بتخط للمفهوم الجغرافي والفيزيقي للمكان إلى المفهوم الفلسفي الذي يسبر غور الظاهرة المكانية ليكشف عن المسكوت عنه وغير المرئي في كيفية تشكل وتأسيس هذه المدن ارتباطا بالفعالية البشرية الخاصة بهذه المدينة او تلك ..وحقا فقد استطاعت الرواية والقصة العراقية من تأكيد وترسيخ هذا النمط السردي الذي عرف بسرديات السير مكانية .
 

وبهذا الصدد طرح القاص علي السباعي تجربته السير مكانية في كتابه القصصي ( بنات الخائبات) 2014 / دار ميزوبوتاميا/ الطبعة الأولى . وقد تضمن الكتاب قصتين قصيرتين فقط ، حاول فيها القاص السباعي توكيد صلته بالمكان / مدينته الناصرية التي تشكلت وفق خصوصية ارتبطت بالعديد من المرويات المتجاوزة لتفاصيل الواقع المكشوفة إلى ما وراء هذا التشكل الجغرافي ومن وجهة نظر تعكس الجوانب الإنسانية حتى لتغدو هذه المدينة كائنا حيا يتم التعامل معه كأنثى معرضة للاغتصاب والانتهاك بشكل دائم . 
 

ووفق أسلوب يحاول القاص السباعي تكريسه في مجمل قصصه القصيرة التي تنأى عن التفاصيل المكشوفة المحسوسة بالنسبة إلى المتلقي وبناء النص وفق عجائبية متشظية إلى اتجاهات عديدة متخيلة للكشف عن الغامض في مكونات التأسيس لهذه المدينة .معبرا عن مدى عشقه لهذه البئر الأولى في تكونها وتكون شخصيته غير متغافل عن استحضار رمز من رموز هذه المدينة المتمتع بحضور كامل في مخيال الفرد الناصري . وفي كلا القصتين/فرائس بثياب الفرح و سيوف خشبية ، نلمح هذا التوجه لإظهار المدينة ببعدها الحضاري والشعبي والقاص يعتم في ذلك على جملة من المرويات التاريخية والاجتماعية المجاورة لتشكلات المدينة في عهدها الأول والعهود اللاحقة . ويكشف هذا الأسلوب ألغرائبي والعجائبي قدرة القاص على بناء النص وفق مدخل ألعجائبي إلى الواقع . على أن اللجوء المستمر إلى طرح أمثلة محلية أو عربية أو عالمية كبديل موضوعي أو تشبيهي لتوصيف ما قد قطع عملية السرد .فهو يدخل في حدث ما يوصله بحدث جديد قد ينهي به سرده . إلا انه في المحصلة يدفع المتلقي إلى تجميع خيوط لعبته السردية للوصول إلى مبتغى النص في الكشف عن النص الجواني لتشكل المدينة الظاهري .ولعل اللجوء إلى هكذا أسلوب أو أمثلة تشبيهيه عديدة أراد منها القاص تحقيق صلة الماضي /المرويات بالواقع المعاصر/الأمثلة المعاصرة وان ابتعدت عن التأثير الايجابي في بعضها .
 

واجمالا فان ( بنات الخائبات) للقاص علي السباعي تعد اضافة نوعية لمنجزه القصصي الذي يحرص على ان يكون له فردانيته المختصة به مضمونا واسلوبا . ماذكرت ليس كل شيء ،اذ هنالك اكثر من مدخل لهذا الكتاب ولعل ماذكر هو واحدا منها .
 

حزيران/2017

 

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً