الجمعة 22 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
مقالة تحليلية | تداعيات قرارات هادي على الجنوب وتبعاتها على «التحالف»
الساعة 20:50 (الرأي برس - عربي )

لن يتمكن المحافظ من ممارسة مهامه من محافظة عدن، وهو ما ينطبق على هادي وحكومته، إلا في حال الوصول إلى تسوية ترعاها الرياض وأبو ظبي

وأخيراً أصدر هادي وهو الرئيس المعترف به على المستوى الدولي قراراته المتمثلة بإقالة محافظ عدن ووزير دولته المشرف على قوات «الحزام الأمني»، التي طالما أجلها لدواع كثيرة، ومنها الخشية من تأثير الرجلين في الداخل والمزيد من التصعيد مع دولة الإمارات العضو الرئيس في "التحالف" الذي يحاول استعادة شرعيته.


مطلع الأسبوع، أبلغ هادي مستشاريه خلال اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى عقد في الرياض نيته إصدار قرارات التغيير، وكان السبب الأهم الذي أبداه في الاجتماع يتمثل برفض عيدروس إعلان إقليم عدن، بل وأكثر من ذلك مطالبته بدلاً من ذلك بإعلان انفصال الجنوب.


هذا التلويح الذي كان يمكن التراجع عنه واجهه الزبيدي بتصعيد أكبر؛ اتخذ طابع المباشرة ووصل إلى حد اتهام رئيسه وحكومته في مؤتمر صحافي بعرقلة المشاريع، التي منها الكهرباء، مطالباً "التحالف" بتقديم المعونات إلى السلط المحلية بشكل مباشر. وأكثر من ذلك، فقد ساق اتهامات مباشرة بإشراف هادي شخصياً على تجنيد عدد من أفراد «القاعدة»، قبل أن يتطور الخلاف إلى حد منع قائد لواء الحماية الرئاسية، مهران القباطي، من دخول السعودية.


الرئاسة والحكومة لم تمتلك غير السلطة الإسمية في الجنوب، ولذا لم يجرؤ الوزراء المنحدرون من الشمال على ممارسة مهامهم من عدن، فضلاً على البقاء فيها، بما فيهم نائب هادي اللواء علي محسن الأحمر، الذي لم يتمكن من زيارة المحافظة رغم كونها «العاصمة المؤقتة».


إلا أنه، ومع ذلك، لا يمكن نزع مثل هذه القرارات عن الصراع الإماراتي السعودي على النفوذ في اليمن، وتحديداً في الجنوب، وبالذات عقب سقوط الطائرة العسكرية السعودية في مأرب، ومصرع 12 عسكرياً، والذي وعدت قيادة "التحالف" بالتحقيق في ملابساته، فيما لم يتبن الجيش أو اللجان الحوثية عملية إسقاطها، ما رجح أن إسقاطها تم بعملية فنية أو عسكرية من قبل الإمارت أو حلفائها.
منذ سيطرة «التحالف» على الجنوب، تقود أبو ظبي انقلاباً ناعماً على الرياض

 

إذ إنه، ومنذ سيطرة «التحالف» على الجنوب، فإن أبو ظبي تقود انقلاباً ناعماً على الرياض، وسعت إلى بسط كامل سيطرتها عليه من خلال أذرعها المتمثلة برئيسي السلطة المحلية والأمنية عيدروس الزبيدي وشلال شايع مدير الأمن العام، واللذين أضافت إليهما القائد السلفي، هاني بن بريك، الذي عينه هادي وزيراً للدولة، بينما منحه محمد بن زايد مهمة تشكيل ما سمي بلواء "الحزام الأمني" أولاً في عدن، قبل أن يتم استنساخه في عدد من محافظات الجنوب والإشراف عليه بغرض إحكام مزيد من السيطرة على الجنوب.


لقد ظل هادي وحكومته يتجرعون الإذلال أثناء بقائهم في «العاصمة المؤقتة»، حيث يظلون حبيسي قصر معاشيق لا يبارحونه إلا في زيارات رسمية محدودة، وبعد تنسيق مسبق مع السلطات الفعلية المدعومة إماراتياً، قبل أن يتطور الأمر إلى منع رأس السلطة «الشرعية» من دخول عدن وطرد رئيس حكومته، واللذين لم يعودا منذ مغادرتها قبل عدة أسابيع.


الزبيدي لم يعلق على إقالته، فيما بن بريك الذي تم عزله وإحالته أيضاً إلى التحقيق عاد إلى عدن متحدياً القرار، مسنوداً بقوات «الحزام الأمني» التي أغلبها تنتمي إلى التيار السلفي وتدين بالولاء له، فيما رجل الإمارات الثالث شلال شايع يتحسس رأسه، وهو يعلم أن مسألة استهدافه ليست أكثر من وقت، بعد أن تتم تسوية الأرض وامتصاص الغضب الناتج من القرارات السابقة، فيما توارى الغضب الإماراتي خلف تلميحات بعدم الرضى، عبر عنها بشكل رسمي وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الذي اتهم هادي ضمنياً بتغليب المصلحة الشخصية والأسرية على مصلحة الوطن، معتبراً أنها المشكلة الحقيقية، بينما كان اللواء ضاحي خلفان المعروف بفجاجته أكثر وضوحاً بالقول إن هادي «لم يعد مقبولاً في الشمال ولا في الجنوب».


والسؤال هل حل الرئيس «الشرعي» مشكلة ازدواج السلطة في الجنوب؟ والجواب سيكون بالنفي؛ إذ إن ما قام به هادي ليس أكثر من تعقيد المشكلة حين قام بإسقاط الرؤوس بينما لا زالت قوتها الفعلية على الأرض، بمقابل عدم امتلاكه أي قوة حقيقية موازية لا عسكرية ولا شعبية. كما أنه لم يسمح باستعادة الأجهزة الأمنية لقوتها الأصلية، أو ممارسة سلطاتها الفعلية بما هو متاح، مستعيضاً عنها بولاءات الأشخاص الذين يقوم بتنصيبهم مسؤولين عليها دون منحهم أي إمكانيات لتشغيلها، ومن هذه أجهزة الأمن القومي والسياسي والاستخبارات العسكرية التي هي ليست أكثر من مسميات رؤسائها في الخارج، والذين يقتصر دورهم على إرسال برقيات التأييد كما هو حاصل مع قرارات الإقالة.


ولهذا، لن يتمكن المحافظ من ممارسة مهامه من محافظة عدن، وهو ما ينطبق على هادي وحكومته، إلا في حال الوصول إلى تسوية ترعاها الرياض وأبو ظبي، ولن تكون واقعاً قبل أن يتم حسم اقتسام كعكة الجنوب، والتي ستكون سقطرى وحضرموت ضمنها، ولكن قبل ذلك كله ستدفع عدن ثمناً باهظاً من أمنها واستقرارها.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص