الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
حفلة القنبلة للانجليزي غراهام غرين. - مصطفى لغتيري
الساعة 15:20 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


تصور هذه الرواية الجميلة بشخوصها المحدودة والمنتقاة بعناية شديدة الإذلال الذي يتعرض له البشر باستمرار بسبب لوثة الجشع التي تستوطن النفوس. وقد نجح الكاتب من خلال هذه الرواية في تصوير مأساة إنسانية تعني كل فرد منا مهما اختلفت ظروفه. 
 

يسافر السيد جونز" إلى سويسرا ليشتغل هناك في أحد مصانع الشوكولاطة، كمترجم للطلبات التي تصل من بلدان مختلفة، وقد قنع جونز بحياة بسيطة تضمنها وظيفته وهو الكهل الذي تجاوز الخمسين من عمره، خاصة بعد موت زوجته، وفقدان أحدى يديه إثر غارة حربية، شنتها ألمانيا على لندن إبان الحرب العالمية الثانية، فكان ضمن فرقة الإنقاذ فأصيب إصابة بليغة، بترت معها يده. 
 

في سويسرا يتعرف جونز على شابة اسمها أنا- لويز، قبلت الزواج منه رغم فارق السن الكبير بينهما، فكان لزاما عليه أن يتعرف على أبيها الرجل الثري غريب الأطوار، الذي يملك نوعا خاصا من معاجين الأسنان، الذي يبرر ثروته الطائلة، لكن علاقته بابنته لم تكن طيبة، فقد كانت البنت تكرهه، لأنها تعتبره سببا في موت أمها المبكر، بعد أن اكتشف علاقة عاطفية بينها وبين شخص يعمل كاتبا لدى محام، فدمرهما معا، رغم العلاقة البريئة بين الاثنين.
 

كان الأب السيد فيشر منخرطا في نزواته الغريبة ومن بينها قياس جشع البشر ليعرف  إلى أي حد يمكنه أن يصل، فكان يقيم حفلات خاصة يدعو لها بعض الأثرياء من معارفه، فيخضعهم لأنواع من الإذلال مقابل منحهم هدايا غالية الثمن، وكانت ابنته تطلق على جماعته هاته الضفادع. فأخبرت جونز عنهم، خاصة حين توصل من أبيها بدعوة لحضور إحدى هذه الحفلات.
 

وبعد تردد حضر جونز لحفلة السيد فيشر لكنه أبدى مقاومة تجاه مغرياته، حتى لا يصبح ضفدعا إضافيا، بل شعر بكره تجاه فيشر، الذي بدا له رجلا مريضا وساديا، يتلذذ بإذلال الآخرين، حينها يصاب السيد فيشر بكثير من الامتعاض بسبب ذلك، فيصر أكثر مما مضى على إخضاع جونز. لأنه لا يتصور وجود شخص بعيد عن لوثة الجشع.
 

في تطور درامي تصاب أنا لويز بحادث مأساوي على إثر ممارستها لرياضة التزحلق على الجليد، فتفقد حياتها، يصيب السيد جونز كثير من اليأس بسبب ذلك، فيقرر وضع حد لحياته ، لكنه في تلك الفترة وهو يتقلب على جمر الوجع تأتيه دعوة لحضور حفلة السيد فيشر الذي تعامل بلا مبالاة مع حادث وفاة ابنته، فيتخذ جونز من هذه الحفلة فرصة لإذلال السيد فيشر، وبالفعل كانت حفل مشهودة وصل فيها الجشع حدوده القصوى، ضمن مشاهد غريبة ومستفزة وغير إنسانية تنتهي بمشهد درامي يتمثل في انتحار السيد فيشر.
 

فعلا تستحق هذه الرواية أن تقرأ بكثير من التأمل، وهي كباقي كتابات غراهام غرين التي تتميز بوجود" حقيقة غير محسوسة، تستثير نوعا من السرنمة الإرشادية حسب الناقد بول ويست. فقد كان يكتب مستخدما عقله بامتياز، عن المشكلات التي لا يستطيع العقل حلها أبدا، وهي المشكلات التي يخلقها العقل ذاته باستمرار كي يبقى إنسانيا". 
 

تقع الرواية في 116 صفحة من الحجم المتوسط  وهي صادرة عن أزمة عام 1999 بترجمة بتول الخضيري.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً